الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الشاعر محمد أبو زيد: أنا منحاز للكتابة أيا كان شكلها و«الشعر» تاريخى الحقيقى

الشاعر محمد أبو زيد: أنا منحاز للكتابة أيا كان شكلها و«الشعر» تاريخى الحقيقى
الشاعر محمد أبو زيد: أنا منحاز للكتابة أيا كان شكلها و«الشعر» تاريخى الحقيقى




حوار - خالد بيومى

محمد أبوزيد شاعر غزير الإنتاج، يستلهم التراث فى معظم أعماله، ويمتلك وعياً يمزج التمرد الوجودى والاجتماعى، وهو ينفتح على ثقافات العالم التى تفتح أبواب رغبة المساءلة للوعى الذى يتحمس لها، وهو يراهن على مستقبل الشعر، لأن قارئ الشعر ذو طراز خاص، كما يكتب الرواية، ويكتب للأطفال وينصح من يتصدى لكتابة الطفل بأن يكون الكاتب نفسه طفلاً، من أبرز دواوينه : مدهامتان، سوداء وجميلة، ثقب فى الهواء بطول قامتى، هنا حوار معه.


■ أنت شاعر وروائى وكاتب للأطفال وصحفى .. كيف توفق بين هذه الاهتمامات؟
- أعتبر نفسى شاعراً، ثم يأتى كل ذلك بعد ذلك، لذا كتبت للأطفال من هذا المنطلق، وأيضاً كتبت الرواية بحس الشاعر، أما الصحافة فهى مهنتى التى أعمل بها، لكن فى النهاية لا أعتبر أن ثمة صراعاً بين هذه الأنواع لدى الكاتب، فلكل شىء وقته، ربما أتضايق من أن كثرة العمل  لا تترك لى وقتاً كافياً للكتابة، لكن النص يفرض نفسه فى النهاية، وبالطريقة التى يجيء بها، سواء كانت شعراً أو رواية أو كتابة للأطفال.
■ هذا التعدد .. إثراء أم تشظ للموهبة؟
- لا أعتبر الأمر إثراء أو تشظيا للموهبة، أعتبره سيراً فى طريق الكتابة، أنا منحاز للكتابة أياً كان شكلها، أرفض التصنيف الذى يحبس الكتابة والكاتب فى بوتقة معينة ولا يدعه يغادرها. الكتابة الجديدة تعدت ذلك منذ زمن، حتى إن الحديث عن الكتابة عبر النوعية أصبح قديماً، يمكن القول إن أشكال الكتابة المعروفة هى قوالب معدة مسبقاً، فلنصنع قوالبنا الخاصة بنا بأنفسنا، أو فليصنع كل نص قالبه المناسب.
■ عناوين دواوينك مستقاة من عناصر الطبيعة .. ما علاقتك بها؟
- أهتم بالعناوين، ليس لأنها عتبة النص أو الديوان فحسب، بل لأنها يجب أن تكون نصاً موازياً للنص الأصلي، يضيف عليه أبعاداً جديدة، لذا قد تجد أحياناً عنواناً أطول من النص، وهذا هو المعنى الكامن وراء تقسيم الديوان الأخير «سوداء وجميلة»، إلى «متون» و«هوامش» مع الابتداء بالهوامش، التى أرى فيها أساساً يسبق المتن، عناوين الدواوين ليست مستقاة من الطبيعة بقدر ما هى مستقاة من التراث، يمكن القول إنها إعادة تقديم لهذا التراث بأشكاله المختلفة، فعنوان «مدهامتان»، هو آية من القرآن الكريم، و«سوداء وجميلة»، هو جزء من نشيد الإنشاد بالعهد القديم، و«قوم جلوس حولهم ماء» هو شطر بيت قديم كان يستشهد به فى البلاغة القديمة على ضعف الشعر، فأردت فى كل ما سبق أن أعيد تقديم ما تم تقديمه سابقاً بقراءة مختلفة، ودلالات مغايرة، ومحاولات أخرى للفهم.
■ الفقد.. الغياب.. الموت.. الرحلة تيمات أساسية فى تجربتك الشعرية.. لماذا؟
- أكتب ما أعرف، وأعتقد أن هذه عادة كل شاعر، مثل غيرى مررت بالفقد والغربة والموت، ربما أثرت فى بشكل كبير مما جعلها تظهر فى نصوصى بهذه الكثافة، أعتبر الشعر هو تاريخى الحقيقى، دعك من التواريخ الرسمية الموجودة فى الأوراق الحكومية، هذه القصائد هى التى تحكينى وتكتبني، وتقدمني، وتقدم مشاعري، هذه المشاعر والتيمات التى تتماس مع ملايين الناس فى جميع أنحاء الأرض، فهذه التيمات هى التى تجمعنا كبشر، لا يوجد من لم يمر بمثل هذه المشاعر، الفقد، والغياب والموت، وهذا هو عظمة الشعر، أن تقرأ قصيدة لشاعر من أقصى الأرض فتشعر بأنك أنت من كتبتها لأنه تحدث عن المشاعر التى تعتريك الآن، هذه هى القصيدة الحقيقية.  
■ رغم تميز دواوينك وتباينها.. ما الخيط الرفيع الذى يجمع بينها؟
- أعتقد أن كل ديوان تجربة مختلفة عن الذى سبقه أو يليه، أو هكذا أسعى أن يكون وأتمنى أن يكون ذلك قد حدث، لكن كل هذه الدواوين تصب فى طريق واحد، أتمنى أن يكون  يمثل ما أعتبره تجربة كاملة، أضع لبناتها ديواناً بعد الآخر، لذا أحرص فى كل ديوان أن يكون ثمة ما يربط بينه وبين الدواوين السابقة أو اللاحقة، لذا تجد أن الهوامش فى ديوان «مدهامتان»، تشير إلى داوين سابقة، وكذلك تجد شخصيات من الرواية تظهر فى الدواوين، أو العكس، وأيضاً فى الديوان الأخير «سوداء وجميلة»، أول نص يشير إلى عدم تحقق ما تحدثت عنه فى الديوان السابق، أما آخر نص فيشير إلى الديوان التالي. لا أكتب هذا فقط باعتباره لعباً شعرياً، وإنما باعتباره بناء على تجربتى الشعرية ديواناً بعد الآخر.
■ كيف تطورت تجربتك الشعرية من حيث الأسلوب وتجنيد اللغة وتسخيرها لتحقيق أهدافها؟
- ربما يستطيع النقاد أن يجيبوا عن هذا السؤال أفضل مني، لكن ما أستطيع أن أقوله فقط، هو أننى أحاول فى كل ديوان أن أقدم شيئاً مختلفاً عما قدمته من قبل، أن أطور أدواتي، سواء كانت اللغة أو الأسلوب أو البناء أو حتى على مستوى الفكرة، وربما من يقرأ أول ديوان «ثقب فى الهواء بطول قامتي»، ثم يقرأ الديوان الأخير «سوداء وجميلة»، يستطيع أن يلاحظ مدى التغير الذى حدث.
■ كتبت للأطفال ديواناً بعنوان (نعناعة مريم) .. ما شروط الكتابة للطفل؟
- كل الكتاب يعرفون أن الكتابة للأطفال، وكلهم يقولون هذا، لكن بالنسبة لى فديوان «نعناعة مريم»، كان تجربة فريدة فى حياتى منذ أكثر من 12 عاماً، لم أكررها، ولم أسع إلى تكرارها، ربما كنت وقتها مهيئاً لذلك. لا أستطيع أن أضع شروطاً لكتابة الطفل، سوى أن يكون الكاتب نفسه طفلاً، لا أن يقدم نصائح للطفل من مقعده كأب أو كشخص كبير، وإنما من مقعد الطفل الصديق الذى يروى الحكاية ويلعب معك، الأطفال يحبون اللعب، لذا يجب على الكتابة أن تكون لعبة ذكية تجذبهم.
■ الملاحظ أن القراء يتجهون لقراءة الرواية ويشيحون عن الشعر .. هل كتبت روايتك الأخيرة (أثر النبى) لهذا السب؟
- لم أكتبها بالتأكيد لهذا السبب، فأنا لا أبحث عن «البيست سيلر»، ولا أبحث عن الجماهيرية، وإن كنت أرى أن لكل نوع أدبى جمهوره، ربما يبدو قراء الشعر أقل لأن الشعر يحتاج إلى قارئ خاص، لكن فى النهاية أعتقد أن جمهور القراءة بشكل عام إذا ازداد سيزداد جمهور جميع أنواع الكتابة، لا نستطيع أن نقول إن القراء يشيحون عن الشعر، فالقارئ الجاد يعرف قيمة كل نوع أدبى حتى لو لم يكن يقرأه، ولا يمكن اعتبار أن بعض الروايات الشعبية أو الجماهيرية تحقق مبيعات كثيرة أن الرواية أفضل من الشعر، أو أن على الشاعر أن يتجه إلى كتابة الرواية، الكاتب ليس «ترزياً»، يخيط مرة قصة أو رواية أو قصيدة حسب حاجة «الزبون»، وإنما يقدم ما لديه، وجودة ما يقدمه هى التى ستفرض نفسها فى النهاية.
■ ما جديدك؟
- أعمل على رواية جديدة، وانتهيت أيضاً من كتاب بعنوان «الأرنب خارج القبعة»، وهو مقالات عن العلاقة بين الكتابة والسينما، لم أحدد بعد أين سيصدر.