الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المراكز الثقافية فى الخارج وقوة مصر الناعمة

المراكز الثقافية فى الخارج وقوة مصر الناعمة
المراكز الثقافية فى الخارج وقوة مصر الناعمة




كتب: أحمد عبده طرابيك

للثقافة والفنون والآداب دور كبير فى صناعة القوة الناعمة للدول، فالتبادل والتواصل الثقافى بين الشعوب ينعكس أثره بشكل كبير على أداء العمل الدبلوماسى، ومن ثم على مختلف الأنشطة والعلاقات بين الدول السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية أيضاً، فالقوة الناعمة لها دور كبير فى توجيه القرار السياسي، والتعريف بمواطن القوة والجذب، ومن ثم لفت أنظار المواطنين فى الخارج بالتوجه نحو الدولة للاستثمار أو التجارة أو السياحة أو العلاج أو الدراسة، وغيرها من الأمور التى عرضتها وبيّنتها القوة الناعمة التى أصبح دورها أكثر فاعيلة فى مجال الدعاية والترويج للدول فى الخارج وتقوم المراكز الثقافية المصرية فى الخارج بدور هام فى دعم قوة مصر الناعمة، من خلال ما تقوم به من علاقات ثقافية بين المؤسسات العلمية والثقافية المصرية ومثيلاتها فى الدول الأخري، إلى جانب الوصول بالثقافة المصرية من فنون وآداب إلى شرائح مختلفة من الشعوب الأخري، عن طريق عرض الأفلام المصرية وعروض فرق الفنون الشعبية، والمشاركة فى معارض الكتب، والمعارض الفنية، وتنظيم المعارض فى مختلف المناسبات الدينية والقومية حول الحضارة المصرية فى عصورها المختلفة الفرعونية والقبطية والإسلامية.
لكن يبقى دور المراكز الثقافية فى تعليم أبناء الدول الأجنبية اللغة العربية من أهم الأدوار التى تقوم بها المراكز الثقافية فى الخارج، وذلك لأهمية هذا الدور الذى تقوم به اللغة العربية فى التواصل ومد جسور الصداقة والتعاون بين الشعوب العربية كافة ومصر بصفة خاصة باعتبارها مركز الاشعاع الثقافى والحضارى فى العالم العربى من جهة وبين أبناء تلك الدول، ومدى تأثير ذلك فى صناعة القوة الناعمة لمصر.   
تعرفت عن قرب على الدور الذى يقوم به المركز الثقافى المصرى فى باكو، وهو المركز الثقافى العربى الوحيد فى أذربيجان، رغم وجود سفارات لدول عربية أخرى خليجية وغير خليجية، لديها إمكانات مادية كبيرة، لكنها لم تهتم بافتتاح مراكز ثقافية لها، ومن هنا يمكن ملاحظة أهمية ودور المركز الثقافى فى صناعة القوة الناعمة، فما تتمتع به مصر من مكانة فى نفوس شعب أذربيجان، وخاصة الشباب الذين يدرسون اللغة العربية فى المركز، أو ممن شاهدوا وشاركوا فى بعض المناسبات والفعاليات أو المعارض التى ينظمها المركز الثقافي.   
ولا يمكن الحديث عن دور المركز الثقافى المصرى فى باكو، دون الإشادة بجهود مديره، الملحق الثقافى الدكتور أحمد سامى العايدي، ووزارة التعليم العالى التى اتبعت معايير المهنية والكفاءة فى اختيارها، فالدكتور أحمد سامى هو أول شخصية عربية تحصل على الدكتوراة فى مصر والعالم العربى فى اللغة الأذربيجانية من جامعة باكو، فهو يتحدث لغة البلاد كأهلها، وله علاقات واسعة بالمؤسسات والعديد من الشخصيات الأكاديمية والعلمية والثقافية، وقد ساعده ذلك على التحرك والتواصل بسهولة، الأمر الذى كان له أثر كبير فيما حققه المركز من علاقات ثقافية وتعليمية بين مصر وأذربيجان.
المعرض المصرى «المتجول» للحضارة والتراث المصري، هى فكرة بسيطة يقدمها المركز للتعريف بالحضارة والآثار المصرية، ويضم مجموعة من النماذج للآثار المصرية الفرعونية والإسلامية، ويتجول بها بين الجامعات والمؤسسات فى مختلف أنحاء أذربيجان لتعريف الطلاب والأساتذة والشعب الأذربيجانى على التاريخ والحضارة والثقافة المصرية، مما كان له أثر كبير فى زيادة اقبال الشباب على دراسة اللغة العربية فى المركز الثقافى، الذى يدرس به نحو ستين دارساً، فى دولة يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة، ومن ثم فقد زاد توجه الشباب إلى الاهتمام نحو استكمال دراستهم فى الجامعات المصرية فى مختلف التخصصات، سواء عن طريق المنح التى تقدمها بلادهم، أو على نفقاتهم الخاصة، هذا بالإضافة إلى اهتمام قطاع كبير من شعب أذربيجان بزيارة مصر سواء بغرض السياحة أو الاستثمار والتجارة.   
شاركت مصر ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب فى معرض باكو الدولى للكتاب خلال شهر سبتمبر 2015، من خلال اتفاقية تم توقيعها بين الجانبين، تسمح باعطاء مصر مساحة فى معرض باكو للكتاب، على أن يتم إعطاء أذربيجان مساحة مماثلة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وكل هذا الحراك والتفاعل الثقافى والعلمى بين البلدين يوجد أرضية خصبة لنمو العلاقات بين البلدين فى مختلف المجالات الأخرى وخاصة فى قطاعى السياحة والاستثمار التى تحتاج مصر لتنميتهما فى تلك المرحلة.