الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

افتتاح مؤتمر «المستشرقون الروس والثقافة العربية»

افتتاح مؤتمر «المستشرقون الروس والثقافة العربية»
افتتاح مؤتمر «المستشرقون الروس والثقافة العربية»




كتب - خالد بيومي
نظمت وكالة أنباء روسيا والمؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم بالتعاون مع دار الكتب المؤتمر الدولى الثانى تحت عنوان «المستشرقون الروس والثقافة العربية».
وقد افتتح المؤتمر حلمى النمنم وزير الثقافة، حيث أشار «النمنم» إلى أن الاستشراق ذو وجهان أحدهما حسن يهدف إلى التواصل العلمى والتعاون الحضارى بين الشعوب والآخر قبيح يمهد للاستعمار ويقدم معلومات خطيرة عن الدول المزمع احتلالها، لكن الاستشراق الروسى عكس الاستعمار الغربى فى التوجه حيث يسعى إلى بناء حسور التواصل بين روسيا والعرب ومصر بصفة خاصة.
من جانبه أعلن الدكتور حسين الشافعى رئيس تحرير وكالة أنباء روسيا عن انطلاق مشروع للترجمة بين مصر وروسيا يقوم على ترجمة مائة كتاب عربى إلى الروسية وترجمة مائة كتاب روسى إلى العربية ودعا الشافعى الحضور إلى إعداد قائمة بالكتب المقترحة من الجانبين المصرى والروسي.
واستعرض الدكتور محمد الجبالى أستاذ مشارك اللغة الروسية بكلية الألسن جامعة عين شمس جهود الشيخ محمد عياد الطنطاوى فى نشر اللغة العربية وآدابها فى روسيا فى فترة حكم محمد على وبناء على طلب القيصر الروسى آنذاك.كما تناول جهود شيخ المستشرقين إغناطيوس كراتشكوفسكى (1883- 1951) والتى تعكس كتاباته صورة الشرق المعاصر المهتم بالأدب والفكر والثقافة حيث ترجم معانى القرآن الكريم إلى الروسية ترجمة دقيقة، كما ترجم عيون الشعر العربى ومختارات للمتنبى والمعرى وأبى العتاهية.
المستشرق باريس دولجوف الأستاذ بمعهد الاستشراق بأكاديمية بطرسبورج أشار إلى دور العلماء الروس فى تطوير الدراسات  التاريخية للحضارات الشرقية وخاصة تاريخ مصر القديم «المصرولوجية» على وجه التحديد  أمثال باريس توارييف، وإغناطيوس كراتشكوفسكي، وواسيلى تروفى، فكتب «تواريف»: (الأدب المصري)، ( ومصر القديمة)، ويعد المستشرق فلاديمير جولونيتشيف ( 1856 – 1947 ) مؤسس الدراسات المصرولوجية فى مصر وكان يجيد 14 لغة اجنبية وكان شغوفاً بحب مصر وكرس حياته لدراسة الحضارة المصرية وعندما انتقل للعمل فى متحف الأرميتاج فى روسيا قام بإعادة ترتيب التحف والآثار المصرية هناك وأعد كاتالوجا خاصا بها.
أما المستشرق الروسى جينادى جارياتشكين أستاذ التاريخ العربى الحديث والمعاصر بجامعة موسكو فتناول فى بحثه التقاليد الطبية الروسية فى مصر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين حيث وفدت البعثات الطبية الروسية فى عهد محمد على باشا إلى ضفاف النيل بحثاُ عن بؤر الحمى والكوليرا ومعرفة طرق تسللها إلى روسيا وعمل الأطباء الروس فى القصور الخديوية المصرية فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر حتى أوائل القرن العشرين.ونظرا لتدهور الأوضاع فى روسيا قبل اندلاع الثورة البلشفية عام 1917 وفد إلى مصر رائد الطب الروسى الشهير «فاجنر» مدير عيادة جامعة موسكو، وأسس العيادة الطبية الروسية فى مصر عام 1920، وتوهجت سمعة الأطباء الروس عقب ثورة يوليو 1952 واشتهر الطب الرياضى السوفيتى لاسيما بعد أوليمبياد 1956، وتخرج نخبة من الأطباء المصريين المتميزين من المعاهد الطبية الروسية وعلى رأسهم الدكتور مسعد عويس.
وتحدثت المستشرقة (إلمرا الى زاده) الأستاذة بمعهد الاستشراق فى موسكو عن كتابها الصادر حديثاً تحت عنوان «الأدب الروسى والعالم العربي» وترصد تطلع المبدعين العرب وتشوقهم إلى القيم الثقافية الروسية وترصد انتشار التراث الثقافى الروسى الثرى فى العالم العربى حيث ازدهر الأدب الروسى فى بلاد الشام والعراق فى النصف الأول من القرن العشرين، بينما انتشر فى مصر وسوريا فى خمسينيات القرن العشرين وذكرت علمين أسهما فى نقل كنوز الثقافة الروسية إلى العربية وهما الدكتورة سمية عفيفى التى ترجمت القرآن الكريم إلى الروسية ترجمة بديعة ودقيقة والدكتورة مكارم الغمرى العميد الأسبق لكلية الألسن.
أما الدكتور ديمترى ميكولسكى الأستاذ بمعهد الاستشراق بالأكاديمية الروسية الذى أكد أن الحضارة المصرية أكثر حضارات العالم عراقة وقد أسهمت فى تطور الشرق والغرب على السواء فكانت حجر الأساس للحضارتين اليونانية والرومانية وقد ورثت دولة الروم البيزنطية الحضارة اليونانية والرومانية التى استوعبتها روسيا بدورها وورثتها ويخلص ميكولسكى أن الثقافة المصرية القديمة هى الجدة الكبرى للحضارة الروسية.
أما المستشرق فلاديمير بلوندن فأشار إلى اعتماد الاستشراق الروسى على أسس فريدة موضوعية ميزته عن باقى مدارس الاستشراق الغربية، فعلى الرغم من اعتماد الاستعراب الروسى فى تكوينه على مصادر غربية فإنه قد تجاوزها إلى مفاهيم عدة منها أن فهم هوية الشرق تتم من داخله وليس من خارجها، وكانت البداية من خلال التبادل الثقافى فى السفارات والقنصليات، ثم المعايشة للموظفين العسكريين الروس فى القوقاز ونهر الفولجا والبحر الأسود وآسيا الوسطى، إضافة إلى قدوم العديد من رجالات الفكر فى الشرق، مما أضفى على مدرسة الاستشراق الروسى طابعا مميزاً فى التواصل والتفاهم مع الآخر واحترام ثقافته.
وقد نأى كراتشكوفسكى فى أعماله الخالدة عن نظرة الاحتقار التى كان ينظر بها الغرب إلى الشرق نتيجة إحساسه بالتفوق المادى، واستطاع الغربيون أن يدعوا لأنفسهم التفوق الروحى والثقافى على الشعوب الأخرى، ولم يكونوا ملزمين بتخفيف عدائهم تجاه الشرق لأن الشرق كان يعانى حالة من الضعف فى حين كان يمتلك الغرب القوة والتفوق.
وتحدثت الدكتورة دينا محمد عبده مدرس الأدب الروسى بكلية الألسن جامعة عين شمس عن حركة الترجمة بين العربية والروسية وأثرها الحضارى والتى أرخت لبداية الاحتكاك الثقافى بين العرب والروس فى القرن الثامن عشر الميلادى فى عهد القيصر الروسى بطرس الأول الذى أعطى توجيهاته بنسخ الكتابات العربية وترجمتها وتم إنشاء المعهد الآسيوى فى القرن التاسع عشر والذى تحول بدوره إلى معهد الاستشراق التايع لأكاديمية العلوم السوفيتية وتأسيس كلية اللغات الشرقية فى جامعة بطرسبورج عام 1854 والتى تضم قسماً للغة العربية وآدابها، ولفتت إلى الدور المهم الذى لعبه المترجمون الرب فى نقل كنوز الأدب الروسى إلى العربية وفى مقدمتهم المترجم السورى سامى الدروبى والمصرى أبو بكر يوسف والدكتور محمد نصر الجبالي، ومن الجانب الروسى هناك مترجمون نقلوا نماذج من الأدب العربى إلى الروسية مثل المستشرقة الراحلة فاليريا كاربيتشينكا التى رحلت مؤخراً والدكتورة فكتوريا زار أوتوفسكايا.
وأشارت «محمد عبده» إلى الشراكة القائمة بين روسيا والعرب فى المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية خاصة مصر حيث شهدت العلاقات تناميا كبيراً خلال الحقبة الناصرية ثم هبوطاً فى مرحلة السادات، وفى عهد مبارك طبقت سياسة «الباب الموارب» ويتوقع الخبراء أن تشهد العلاقات المصرية الروسية تناميا وازدهارا عقب اللقاءات المستمرة والزيارات المتبادلة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والروسى فلاديمير بوتين فى الفترة الأخيرة.
وتطرقت إلى الصعوبات التى تواجه الترجمة اليوم بين العربية والروسية وفى مقدمتها إغلاق عدد من دور النشر الروسية التى كانت تهتم بترجمة الأدب الروسى إلى العربية والأدب العربى إلى الروسية بالإضافة إلى غياب التمويل وسيطرة النزعة الفردية.
وتحدث الناقد التونسى محمد الباردى عن الأخطاء والأغاليط التى وقع فيها المستشرق الروسى «إفيم ريزفان»
 فى كتابه الصادر مؤخراً تحت عنوان «القرآن وتفسيره» حى ثيرى المستشرق أن القرآن أثر بشرى من ابتكار محمد وبذلك ينزع عنه صفة القداسة. كما يعتبر رحلة الإسراء والمعراج مجرد حلم وليس حقيقة، وتحدثت المستشرقة «يافعة يوسفنا» عن جهود المستشرق بيليايف فى حركة الاستعراب فقد كان تلميذا نجيباً لكراتشكوفسكى وقد خلفه فى رئاسة جمعية المستعربين فى ليننجراد واصبح رئيساً لقسم اللغة العربية وآدابها فى جامعة ليننجراد ( 1951 – 1975 ) وعمل مراسلا للمجمع اللغوى فى مصر عام 1961 ورحل عن عالمنا عام 1976عن عمر يناهز الثالثة والسبعين عاماً.
وتساءلت الكاتبة سلوى بكر عن مصير إنجيل سانت كاترين والدراسات التى كتبت عنه بعد انتقاله من سيناء إلى روسيا وانتقاله إلى ألمانيا. واستفسرت عن وجود ببلوجرافيا بالمخطوطات العربية الموجودة فى مكتبات ومعاهد البحوث العلمية فى جمهوريات آسيا الوسطى والاتحاد السوفيتى سابقاً.