الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أكتوبر بعد 42 سنة فى إسرائيل وثائق إسرائيلية تعترف بخداع السادات.. وهاآرتس: أخفقنا سياسيـًا واستخباراتيـًا

أكتوبر بعد 42 سنة فى إسرائيل  وثائق إسرائيلية تعترف بخداع السادات.. وهاآرتس: أخفقنا سياسيـًا واستخباراتيـًا
أكتوبر بعد 42 سنة فى إسرائيل وثائق إسرائيلية تعترف بخداع السادات.. وهاآرتس: أخفقنا سياسيـًا واستخباراتيـًا




الجنرال بينى بيليد قائد سلاح الطيران الإسرائيلى فى شهادته أمام لجنة أجرانات لتقصى الحقائق، فى أسباب الفشل الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر 1973، يقول  إن الطائرات المصرية والسورية كانت قادرة على قصف تل أبيب بعشرات القنابل خلال الحرب، وأن المصادفة لعبت دورًا فى تجنب تل أبيب مثل هذا القصف.
 وعندما تراجع أرشيف جيش الاحتلال الإسرائيلى  الذى نشر مؤخرا  والذى تضمن  وثائق سرية من محاضر جلسات لجنة تقصى الحقائق، التى شكلتها الحكومة الإسرائيلية والتى تضمنت  شهادات لـ18 ضابطا إسرائيليا من كبار قادة الجيش الذين شاركوا فى الحرب.
تلك الشهادات توضح  حالة الجيش الإسرائيلى قبل الحرب، وتزعم أن السبب فى الهزيمة كان حالة عدم الانضباط واللا مبالاة التى سادت بين أفراد الجيش، ولاسيما بين كبار القيادات، جراء الإحساس بالنشوة بعد يونيو 1967.
 وجاء فى شهادة الجنرال بيلد أن سلاح الجو الإسرائيلى لم تكن تنقصه أى صور مخابراتية عن انتشار القوات المصرية والسورية وصواريخ أرض ــ جو، لكن نهاية أغسطس وبداية سبتمبر 1973.
 وأوضح بيليد أن قيادة أركان الجيش كانت ترى عدم القيام بإجراءات يمكن أن تكون تهديدا للمصريين، ولهذا تحاشى الطيران الإسرائيلى القيام بطلعات جوية خوفا من رد الفعل المصرى. وأشار إلى أن التقديرات العامة كانت تفيد بأن استعدادات المصريين ومخاوفهم من الطلعات الإسرائيلية كانت كبيرة، بحيث تمنع أى طلعة جوية تزيد من استفزاز المصريين، وكان من المستحسن عدم إثارة غضبهم.
وعندما سأل رئيس لجنة أجرانات، القاضى شمعون أجرانات، الجنرال بيليد عما إذا كان قد اشترك فى التقديرات التى قالت إن ما سيقوم بها الجيش المصرى ليس سوى مناورة، وليست استعدادا لشن الحرب، أجاب: لم يكن ذلك تقديرا بل كانت معلومات عن أنها مناورة.. كان تقديرى أنها مناورة يمكن أن تتطور إلى هجوم.
وردا على سؤال لأعضاء اللجنة يتعلق بالتحذير الذى بعث به أحد عملاء جهاز المخابرات الخارجية الإسرئيلية (موساد) بداية أكتوبر 1973 بأن المناورة المصرية ستنتهى بالحرب، أجاب بيليد: لو أننى كنت أعرف هذا المصدر لصنعت فضيحة لشعبة المخابرات فى الجيش. لو كنت أعرف كل شىء وأعرف أنه مصدر جيد وتقديراته واضحة لما كنت جلست فى هدوء.
وأرجع بيليد الخسائر التى تعرضت لها الطائرات الإسرائيلية خلال الحرب إلى نقص كفاءة أطقم صيانة الطائرات على الأرض, ووصف الفجوة بين الطيارين والأطقم الأرضية بأنها عميقة..
وفيما يتعلق بفشل قادة أجهزة المخابرات الإسرائيلية فى تقدير استعدادات مصر وسوريا، وأنهما مقدمتان على القيام بمجرد مناورات عسكرية فقط، أوردت الوثائق شهادة المقدم شالوم جارين الذى تحدث عن حرق وثيقتين عرضتا عليه وكانتا تتحدثان عن تقديرات مختلفة تماما عن تلك التى تبنتها القيادة الإسرائيلية.
وقال جارين فى شهادته أمام لجنة التحقيق: بدا لى أن هاتين الوثيقتين خطيرتان. لا اذكر أن النتيجة التى توصلت إليها هاتان الوثيقتان كانت تقول إن احتمالات نشوب الحرب كانت ضعيفة. ويبدو لى أن إحدى الوثيقتين كانت تتضمن مجموعة من الظواهر التى تقول إن ما يجرى ليس مجرد مناورة.
وكشفت الوثائق الإسرائيلية الجديدة أنه فى 2 تشرين الأول، تلقى ضابط المخابرات فى قيادة الجبهة الشمالية للجيش الإسرائيلى معلومة تفيد باحتمال شن هجوم سورى ضد إسرائيل، وأن الضابط أطلع حوفى على مضمون هذا الإنذار. وقال حوفى أمام «لجنة أجرانات»: «حاولنا استيضاح ذلك فى هيئة الأركان العامة ولم يكونوا هناك على علم بأى شيء حول الموضوع»، بينما «هو نفسه (أى ضابط المخابرات) حاول التحدث مع أفراد فى شعبة الاستخبارات واتضح أنهم موجودون فى بيوتهم، ولا أذكر الساعة حينها، لكن بعد ذلك كان هناك تقدير بأنه لا يوجد شىء».
وأضاف حوفى: أنه لم يعلم مصدر المعلومة التى تلقاها ضابط المخابرات حول هجوم سورى محتمل وشدد على أنه «وقع خلل معين فى نقل المعلومات داخل شعبة الاستخبارات ونتيجة لذلك فإن الشعبة لم تعرف (بالإنذار) ونام أفرادها بهدوء، ولم يعرف أحد منهم شيئا».
وعند اندلاع الحرب تواجد وزير الخارجية الإسرائيلية، آبا إيبان، فى نيويورك، وكان على اتصال دائم مع وزير الخارجية الأمريكية، هنرى كيسنجر.
وقال إيبان فى إفادته أمام «لجنة أجرانات» إن كيسنجر «رأى أننا مهتمون، نحن والولايات المتحدة أيضًا، بأن تكون هناك عدة أيام من دون وقف إطلاق نار كى نتمكن من صد هذا الهجوم [المصرى - السوري]. وقد اعتقدوا أنه مثلما حدث فى العام 1967 ستصد إسرائيل الهجوم بكل تأكيد خلال أيام معدودة».
وأضاف إيبان: أنه «من الجائز جدًا أننا لم نرد الحرب، ولكن إذا جاءت جهات مخولة وقالت إننا نريد الحرب فإن التفسير هو تفسير دفاعى أو تفسير سوداوي. ومن الجائز جدًا أن هذا كان نتيجة للأجواء. لكن عليّ أن أشير إلى أننا كنا نعمل طوال تلك المدة، وقبل ذلك بشهور كثيرة، انطلاقًا من فرضية أن قوة ردعنا كبيرة جدا، وأنها قوة ردع ساحقة تماما، إلى درجة أن السادات لن يحاول مهاجمتنا، إلا إذا فقد عقله. وكان الرد الذى تلقيناه من الأذرع العسكرية [أى شعبة الاستخبارات] هو أنه [أى السادات] لن يحاول حتى شن هجوم، وذلك لأن مصيره سيحسم بهزيمة سريعة وساحقة».
والجدير بالذكر فى هذا السياق أن جولدا مائير كانت قد أبعدت إيبان عن اتصالات إسرائيلية -مصرية بوساطة أمريكية، جرت فى الشهور التى سبقت حرب تشرين. ووفقا للمصادر الإسرائيلية، وبينها كتاب لزامير صدر فى العام قبل  الماضي، فإن السادات هدد بأنه فى حال لم ينتج شيء عن العملية السياسية، لإعادة سيناء إلى مصر، فإنه سيشن حربا.
وقالت صحيفة «هاآرتس» الاسرائيلية  فى افتتاحيتها  للتعليق على التقرير ، إنه «بسبب تقرير أجرانات [الأولى الذى تم نشره فى العام 1974] تحدد الانطباع وكأن الإخفاق الأساسى فى العام 1973 كان استخباراتيًا.
لكن الأبحاث، ونصوص الإفادات أمام لجنة أجرانات الآن، تثبت أن الإخفاق الأكبر كان سياسيا، إذ أن جولدا و[موشيه] دايان وشركاءهما لم يرغبوا فى السلام مع مصر.
ورأت الصحيفة أنه «تم حل لجنة أجرانات، التى تجاهلت الخلفية السياسية للحرب، فى نهاية عملها. والأسئلة التى لم تطرحها حينذاك عادت لتطرح اليوم، مع دروس واضحة للحكومات، ولحروب الحاضر».
من جانبه كتب محلل شئون الاستخبارات فى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رونين برجمان، أن أرشيف الجيش الإسرائيلى يكشف بين حين وآخر و«بالتقطير» الوثائق السرية لحرب تشرين. «اكتوبر » وشدد على أن بقاء هذه الوثائق سرية «ليس لأن ثمة سببًا لأن تبقى سرية، وإنما بسبب جهات سياسية، طلبت أن تبقى بعيدة عن أعيننا جميعًا».. وأشار برجمان إلى أن دائرة المتحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية نشرت، موخرا  بيانا قالت فيه إنه «فى إطار سياسة وزارة الدفاع بفتح مواد أرشيفية تنطوى على أهمية تاريخية، سمح أرشيف الجيش الإسرائيلى وجهاز الأمن، للمرة الأولى، بنشر إفادات شخصيات مهمة أدلت بها فى العام 1973 أمام لجنة أجرانات».
لكن برجمان رأى أن «ثمة حاجة لقدر كبير من الجرأة من أجل تعميم بيان كهذا، الذى يتعارض بشكل كبير جدًا مع الواقع. والحقيقة هى أن الغبار غطى البروتوكولات فى أرشيف الجيش الإسرائيلى من دون أن يمسها أحد على مدار سنوات طويلة، ومن دون وجود سبب يمنع النشر عنها. وفى العام 2005، على أثر ضغط شعبي، أمر رئيس الحكومة، أريئيل شارون، بتشكيل لجنة تدقق فى إمكانية النشر وعين القاضى إسحق إنجلرد رئيسا لها... ومنذ ذلك الحين يجرى عمل اللجنة ببطء، وبين حين وآخر تصادق على نشر جزء من الوثائق. وأحد أسباب التأخير فى الكشف عن الوثائق هو طلب مندوبى أرشيف الجيش الإسرائيلى وجهات أخرى فى أجهزة الاستخبارات، بإبقاء أجزاء من البروتوكولات قيد السرية».