الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«وجع الأغانى» وحدة تهب الدفء والمحبة

«وجع الأغانى» وحدة تهب الدفء والمحبة
«وجع الأغانى» وحدة تهب الدفء والمحبة




كتب - إسلام أنور
تلعب الوحدة دور البطولة فى مجموعة نصوص «وجع الأغانى فى يوميات الوحدة لأميرة الحكايات» للكاتبة سهى زكي،  الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ورغم ما تحمله مشاعر الوحدة من قلق وحزن وخوف، لكن على الجانب الآخر تحمل هذه الوحدة أيضاً الدفء والحنين والمحبة والتأمل، وهذا ما يميز نصوص الكاتبة سهى زكي، التى تأخذ القارئ رويداً رويداً وتبتعد به عن ضوضاء وزحمة الحياة والروتين الملل، وتجعله  شريكًا فى وحدتها التى تنسج من خيوطها نصوصها وحكاياتها، بلغة ممتعة مجدولة بجزالة السرد وثورة الشعر، تخترق حجب القلب وتسكن فى سماءه السابعة.
النصوص التى تعدت العشرين نصاً تنوعت أحجامها ما بين نصف صفحة وثلاث صفحات، وتميزت عناوينها بالجرأة والتدفق والحركة بحرية كطائر متمرس على السباحة فى الهواء دون خوف: «دماء مخمورة، ورعشة، وعندما تضاجع، والشمس الرياح، ولماذا أحب الموتى»، بجانب مشاعر الوحدة، يستحوذ الحنين لذكريات الطفولة ومرحلة المراهقة على مساحة كبيرة من النصوص، ويظهر هذا بوضوح فى  أكثر من نص مثل «يوميات الوحدة» و«ألم الرغبة» و«كأنه حزن» و«بلاهة رومانسية» و«من سيطرد الشبح» و«استغاثة».
الأحلام أيضاَ حاضرة بقوة فى العديد من النصوص، لكنها ليست أحلام المنام، إنها أبسط حقوق النساء التى تحولت للأسف لأحلام بعيدة المنال فى ظل ثقافة ذكورية تحكم العالم، وفى هذا السياق تقول سهى فى نص «رعشة»،  متحدثًا بلسان كل امرأة عما تريده وتحتاجه من حبيبها: «تريد من يضمها بحنان لصدره وهو يشعر بذراعيه لا بلمسة مراوغة منها على كتفيه ،الحب لا يستجلب حتى لو اتحدت كل تعاويذ السحرة لجلبه ،يظل كذبة صغيرة إلى أن ينفك السحر ويفيق المسحور ،لذلك لا تريد المرأة حبيبا مرتبكا يراها بعين مسحورة ، تريده هادئا قرر بكامل إرادته أن ينعم باحتضانها للأبد».
وفى نص «نص ميت» الذى أهدته لروح أبيها. زكى مصطفى، تتذكر سهى نصيحة والدها، لكى تجد الطريق الى الراحة النفسية والداخلية المنشودة فى هذه الحياة، «أنا ثائرة بما يكفى لأن أحرك الحجر من مكانه ،لكنى لا أستطيع أن القى به على رأس أى مخلوق، ثائرة فى كشف تلك النفوس الغبية المختلة ،ثائرة فى جعل أيامى أجمل بأن أذهب لمكان عمل ليس به صراعات على صفحة، أو صراع على مكتب شيك. أو آخر عادى، أن أجلس فى هدوء على كنبتى أكتب وأكتب ما يرضينى ولا يؤذى ابنتى هى فقط ما تهمنى فى هذا العالم، عاش أبى عاش أبى عاش أبى».
بجانب هذا الاهتمام بالمشاعر والتفاصيل الصغيرة فى حياتنا، ترصد سهى أيضاً فى قصصها التغيرات التى حدثت فى نمط حياة الشعب المصرى وعاداته وتقاليده وما طرأ عليه من تغيرات مشيرة إلى ظهور العديد من الأمراض المجتمعية مثل التحرش والعنصرية والطائفية، نتيجة هذه التغيرات التى بدأت مع سياسة الرئيس الراحل أنور السادات، هذه السياسات التى روجت للفساد والانتهازية واحتفت باللصوص والقتلة ودعمت التيارات الدينية وخلقت طبقة جديدة من أغنياء الانفتاح الذين يتاجرون فى أرواح البشر.
تختتم سهى نصوصها بيومياتها فى الإسكندرية الممتلئة بالرغبة فى الحياة والأمل رغم كل هذه الأوجاع، وتمتزج كلماتها  التى تختتم بها نصوصها، بأغنية إن مقدرتش تضحك.. متدمعش ولا تبكيش وإن مفضلش معاك غير قلبك.. أوعى تخاف مش هتموت.. هتعيش.