الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«طاجيكستان» تاريخ مشترك وآفاق لمستقبل مشرق

«طاجيكستان» تاريخ مشترك وآفاق لمستقبل مشرق
«طاجيكستان» تاريخ مشترك وآفاق لمستقبل مشرق




أحمد عبده طرابيك يكتب:

ترتبط طاجيكستان بعلاقات تاريخية مع العالم العربي، فقد جمعت فترات تاريخية طويلة الشعبين العربى والطاجيكى تحت راية دولة واحدة، منذ دخول الإسلام إلى منطقة آسيا الوسطى، فقد كانت حركة التجارة عاملًا مهمًا فى تنمية العلاقات بين طاجيكستان والعالم العربي، خاصة ما قدمه علماء آسيا الوسطى من ثراء كبير للحضارة والثقافة والفكر الإسلامي.
طاجيكستان إحدى جمهوريات آسيا الوسطى الخمس، يحدها من الشرق إقليم تركستان الشرقية، ومن الشمال قرغيزستان ومن الغرب والشمال أوزبكستان ومن الجنوب أفغانستان؛ حيث يفصل بينهما نهر أموداريا «جيحون»، ويشكل الطاجيك حوالى 58% والأوزبك 23% من جملة السكان، بينما يشكل التتار 2.5%؛ والروس والإيرانيون 15% من إجمالى عدد السكان، بالإضافة إلى أقلية من القرغيز.
تعتبر طاجيكستان من الدول الحبيسة التى لا تطل على أى من المسطحات المائية، ويغطى نحو 36 % من مساحتها الجبال والمرتفعات، ويوجد بالجبال الشرقية بحيرات ومناطق جليدية، حيث تعتبر منطقة فدشنكو التى تبلغ مساحتها 700 كيلو متر مربع أكبر منطقة جليدية غير قطبية فى العالم كما يوجد فى طاجيكستان شبكة واسعة من الأنهار، أكبرها نهرى سيرداريا «سيحون»، وأموداريا «جيحون»، بالإضافة إلى نهر فخش الذى يمثل مصدرا مهما للطاقة الكهرومائية.
يعتمد اقتصاد طاجيكستان على قطاع الزراعة الذى يساهم بنحو 22.7% من الدخل القومي، حيث تتميز بانتاج القطن والخضراوات والفواكة، كما تشغل الغابات نحو 5% من مساحة البلاد، وتربى الماشية والأغنام والخيول، كما يساهم قطاع الصناعة بنحو 28.5% من إجمالى الدخل المحلي، وتستحوذ صناعة المنسوجات على نحو 20% من محصول القطن الذى يتم إنتاجه، كما تنتج الفحم والزنك والرصاص والحديد والزئبق واليورانيوم والذهب والفضة والأحجار الكريمة، وتحتل البلاد المركز الثامن على مستوى العالم من حيث مخزونها من المياه، وتصل القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة من مخزونات الموارد المائية 527 مليار كيلووات / ساعة سنويا.
على مستوى العلاقات بين دول آسيا الوسطى والعالم العربي، فإن العلاقات المتواضعة التى أقامتها الدول العربية مع هذه الدول منذ استقلالها عام 1991، تمثل نموذجًا للفرص الضائعة على العالم العربى فى تبوأ مكانة مهمة على المستويين السياسى والاقتصادي، خاصة إذا ما تم الأُخذ فى الحسبان أن تلك الجمهوريات تمثل رباطًا تاريخيًا وعمقًا استراتيجيًا وسوقًا اقتصاديًا وحليفًا سياسيا مفترضا لم تلتفت الدول العربية إليه خلال ربع قرن من الزمان، فى حين أن دولًا أخرى عديدة فى مقدمتها إسرائيل سارعت إلى المنطقة فور سقوط الاتحاد السوفيتى وأقامت علاقات استراتيجية واسعة معها.
يمكن أن يكون التشابه فى البنية الاقتصادية عاملًا من عوامل التعاون والتكامل، أكثر من كونها حالة تنافس، فالتشابة فى القطاعات الاقتصادية يكون له دور فاعل فى التنسيق والتكامل بين دول المنطقتين العربية وآسيا الوسطى فى الإنتاج والتسويق، وتبادل الخبرات وتطوير عمليات الإنتاج، هذا بالإضافة إلى أن تبادل الاستثمارات فى القطاعات المختلفة يجعل من عملية التنمية أكثر فاعيلة.
يوجد فى العالم العربى دولا كبرى قادرة على قيادة العالم العربى فى التوجه نحو دول آسيا الوسطى التى تمثل عمقًا استراتيجيًا واقتصاديًا للعالم العربى مثل مصر ودول الخليج، كما أن دول آسيا الوسطى بما تملكه من تنوع اقتصادى تستطيع بناء شكبة من جسور التعاون وتنمية العلاقات، وخاصة أنه توجد بنية ثقافية وتاريخية مشتركة بين الشعوب العربية وشعب طاجيكستان وسائر شعوب آسيا الوسطي، تلك البنية من شأنها أن تسهم بشكل كبير فى تذليل العقابات التى تعترض عملية التعاون والتقارب فى المجالات السياسية والاقتصادية.
إن إقامة علاقات تعاون مع دول صغيرة مثل طاجيكستان يكون فى صالح مصر والدول العربية، فالدول الكبرى كالولايات المتحدة واليابان والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، عندما تقيم علاقات مع مصر والعالم العربى تكون هى الأكثر استفادة لما تملكه من مقومات اقتصادية وتجارية وتقنية يصعب علينا المنافسة فيها، لذلك فإنه من الأكثر فائدة مد جسور التعاون مع الدول الصغيرة وخاصة فى المجالات التى نستطيع المنافسة فيها ومن ثم فتح أسواق جديدة لمنتجاتنا، وكذلك التسويق لمنتجنا السياحي.