الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ما الذى سيكشفه التاريخ أيضا؟

ما الذى سيكشفه التاريخ أيضا؟
ما الذى سيكشفه التاريخ أيضا؟




وليد طوغان يكتب:

قبل فترة، اكتشف عالم الآثار النمساوى هيلك ثيور الهيكل العظمى لأخت الملكة كليوباترا الصغرى وبعد الاكتشاف الذى رج العالم، قال ثيور إن كليوباترا لم تكن بيضاء، ولا كانت ممشوقة القوام.. ولا جميلة المحيا كما تقول الأساطير، وتظهرها الصور والنقوش على حوائط المعابد.
ما الذى جعل العالم النمساوى يقول إن التاريخ كثيرا ما يخدع؟
السبب أن أخت كليوباترا التى أخرجوا رفاتها من أفسوس التركية، كانت قصيرة مفطوسة الأنف.. سوداء البشرة.
كانت قرينة، أن الملكة كليوباترا، التى لم يعثروا على قبرها حتى الآن، ولا على رفاتها، لابد وأنها ورثت مع أختها ملامح أمهما الأفريقية. اغلب النظريات تقول إن ام كليوباترا كانت افريقية، لذلك ورثت البنت واختها سواد البشرة.
يرى هيلك ثيور أن اكتشافه الجديد سوف لا يفتح الباب أمام رؤية جديدة لتفاصيل عن أسرة كليوباترا فقط، إنما يضيف للتكهنات بسوء العلاقة بين كليوباترا وشقيقتها أرسينوى فالسيدة التى ملكت مصر، واخضعت المنطقة، فكانت تحكم وتتحكم فى مصر، تركت أختها تعيش وتموت.. فقيرة معوذة فى مكان آخر، بالقرب من أفسس التركية.
وتساءل هيلك ثيور عن الأسباب التى جعلت المصريين يصورون ملكتهم بيضاء البشرة، مع أنها لم تكن كذلك.
سؤال فى محله، ليس بالنسبة كليوباترا فقط، إنما بالنسبة للملكة حتشبسوت والملكة نفرتيتى أيضا. فالمصريون رسموا حتشبسوت هى الأخرى بوجه ناصع البياض فى ملابس الرجال، مع أنها لم تكن بيضاء.. ثم صنعوا تماثيلا كثيرة واقنعة للملكة نفرتيتى دون أن يبرزوا لونها الحقيقى.
«نفر - تى - تى» بالفرعونية يعنى «الجميلة القادمة»، وهو الاسم الذى اعتبره الأثريون وصفا للملكة لا مجرد اسم.
فقالوا: نوبية أو سودانية، فهى القادمة من أرض غير مصرية. اما عالم الاجتماع الدينى منباور، فيقول إن نفى السواد عن العظماء تراث فى الديانات الشرقية، بداية من مصر، مرورا بالعراق، وانتهاء بالصين والهند.
الأباطرة الصينيون مثلا، ظهروا فى النقوش القديمة، وفى الرسومات بخدود كستها مساحيق بيضاء.. تخفى ألوانهم القمحية. وفى فارس رسموا الإمام على (رضى الله عنه) عريض الوجه جميل الأنف، أبيض اللون، مع أن رجال الجزيرة العربية لم يكونوا كذلك، ولم تكن بشرتهم بيضاء، ولا شعرهم «سايح».
منباور قال: إن التراث نفسه اكتسح اليهود، فلما أمن بعضهم بالسيد المسيح، رسموه أبيض هو الآخر، فى الوقت الذى جاء فيه علماء كثيرون وقالوا إنه عليه السلام كان ذا ملامح سامية، والساميون لا هم بيض البشرة، ولا تقاطيعهم «مسمسمة» كما يظهر السيد المسيح فى اللوحات التى رسموا عليها شكله.
أغلب النظريات تقول ايضا إن السيد المسيح كان غامق البشرة، وان شعره عليه السلام كان مجعدا.. وجسده كان اضخم مما ظهر فى الصور وفى النقوش القبطية.
كثير من علماء الأثريات، يرون أن «عنصرية اللون» تراث شرقى. وهو رأى صحيح إلى حد كبير.
فالمصريون حتى الآن يصفون الجميلة بالقمر المنور، والبدر المدور، مع أن أحدا لم يقل ما الذى يراه جميلا فى شكل القمر، ولا ما الذى جعل شكله الدائرى سمة من سمات حسن المنظر، ولا ما الذى جعل القمر رمزا للجمال، الا لأنه فقط منور أو فاتح اللون.
مع الأيام، سوف يفصح تراث المجتمعات القديمة عن مزيد من الأسرار. ومزيد من النظريات، التى تقول إن التاريخ أحيانا يخدع.. وان كثيرا من الاساطير صدقناها وحولناها إلى مسلمات، وجاء الوقت الذى يجب أن نعيد فيه فحص الكثير من المسلمات.
مهم أيضا أن يكون لدينا المرونة للاقلاع عن الاعتقاد فى المسلمات، بعدما يتبين انها لم تكن صحيحة.
فهل نفعل؟!