الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روزاليوسف» ترصد معاناة سكان العقارات المنكوبة بالساحل

«روزاليوسف» ترصد معاناة سكان العقارات المنكوبة بالساحل
«روزاليوسف» ترصد معاناة سكان العقارات المنكوبة بالساحل




تحقيق وتصوير- محمود ضاحى

أرواح كتب عليها أن تزهق تحت الأنقاض .. تدفن أحياء .. أغلبهم  بسطاء.. أسر فقيرة .. لا تجد ملجأ غير تلك العقارات الآيلة للسقوط بدلا من الشارع.. لكن الفاجعة عندما تقع عليهم الأسقف بما حمّلت .. ثم يفارقون الحياة ووراؤهم عيون تذرف الدمع قهرًا على فراقهم.


منذ أيام استيقظ  أهالى منطقة الساحل على انهيار جزئى لأحد العقارات الآيلة للسقوط والتى تمثل خطورة داهمة على أرواح سكانها، ما أسفر عن وفاة 7 أشخاص بيهم 4 أطفال، وإصابة 2 آخرين، وهو أمر يتعرض له آلاف الأسر كل لحظة ممن يعيشون فى مثل تلك العقارات المنتشرة داخل القاهرة الكبرى والأقاليم .. «روزاليوسف» زارت تلك المنطقة ورصدت واقع العقارات ونقلت آراء جيران الأسر المنكوبة تحت العقار.
وصلنا شارع «صلاح رضا» من شارع الورشة فى حى الساحل عمارة  رقم 61  بمنطقة شبرا، وفقًا لما قاله الأهالى بنى العقار منذ 30 سنة على مساحة لا تتعدى 60 مترًا ومكونة من طابقين وأرضي، وطابق مخالف، حال العقار أصبح  خاويًا على عروشه،  حيث سقط على أسرتين، وأسفر عن وفاة 7 أشخاص بينهم 4 أطفال وإصابة 2 آخرين.
وفى شارع طوله 50 مترا، وعرضه 3 أمتار عاشت الأسرتان المنكوبتان، وأخرى رحلت قبل شهور لإدراكها أن العقار أوشك على الانهيار.
محل تجارى فى الدور الأرضى يحتوى على أجهزة «دى جي»، للأفراح  يملكها عبد الجليل عبدالرحمن مستأجره من سيد توفيق مالك المنزل، والدور الأول تسكنه عائلة الحاج مجدي، وفى الثالث أسرة «سيد فاروق» 51 عامًا، صاحب المنزل، ولديه 4 أولاد هم «لوجى وفاروق» منهم توأم عمره شهران هما «محمد ومحمود»،  وأمهم  وأخته التى قدمت له فى زيارة مفاجئة عند أخيها لتلقى ربها فى منزل شقيقها  بأولادها الاثنين عمر وشيماء.
 العقار من 4 طوابق وأسقفه ألواح خشبية، ووجدنا أمامه كمية من الطوب والزلط والرمل والأسمنت استعدادًا لترميمه بعد إزالة الأخشاب القديمة وتركيب أخرى جديدة مكانها وتغطيتها بالأسمنت، وفى الطابق الرابع والأخير يظهر المنزل جاثمًُا بدائرة حلزونية فى سقوطه ولم يتبق إلا جدران أركانه يوجد عليها 40 طن أسمنت  تعجل  بسقوط ما تبقى منه.
وروى الأهالى مشهد انهيار أجزاء من العقار والتى أودت بحياة أرواح بريئة، فى أحداث مأساوية، فقال «رضا محمد» أحد الجيران: وصلت أمام العقار فوجدت كمية كبيرة من الأتربة تخرج منه وهناك صراخ، وأشخاص يطرقون باب «الدكان» لأن هناك من هو محبوس بداخله، ومجموعة من الشباب كسروا الباب وصعدت مجموعة أخرى للطابق الثانى لدخول المحل من السقف لكى ننقذ السكان، وبالفعل أنقذنا طفلة تبلغ من العمر 4 سنوات، هى ابنة صاحب العقار، وتبعها بقية أفراد الأسرة جثثًا حتى تم  إخراجهم إلى الشارع لحين وصول سيارات الإسعاف.
أسرة  الحاج مجدى القاطنة فى الطابق الأول مكونة من 3 شباب وبنتين إحداهن مطلقة والأخرى أرملة وأم عملها بيع ذرة مشوى فى  شبرا، لا ملجأ لهم ولا مأوى إلا منزلهم الصغير الذى استأجروه منذ زمن بعيد مقابل دفع 50 جنيهًا شهريا.
«سامية عبدالشافى» زوجة الحاج مجدى، وضعت يدها على خديها وذرفت دموعًا كثيرة فور سؤالها عن مصيرها وأسباب الحادث، وقالت: بدأ فى الساعة 9 مساء 3 أكتوبر فكنا نتناول العشاء، وفوجئنا بهزة قوية وانهيار بالمنزل، فهرولت إلى زوجى الذى كان نائما وأيقظته وخرجنا مسرعين من العقار، ووقتها زاد الانهيار، مضيفة: «أنها لا تريد سوى مكان تستتر فيه هى وبناتها بعد أن أصبح الشارع مسكنهم، وحمدت ربها على نجاة أولادها، لكنه اظلت حائرة وهى تتساءل: أين سأعيش؟، وأن حالتها المادية لا تسمح باستئجار شقة إيجار جديد، فهى تبيع الذرة المشوى على الناصية ورزقها يوماً بيوم، وزوجها مريض على فراشه وبناتها وأولادها الصغار فى مسئوليتها.
ويضيف محمد مجدى النجل الأكبر لسامية عبدالشافى «كنت بره البيت شغال على توك توك، وبعد خروجى من البيت بساعة عدت عليه فوجدته منهارا، واستطرد بأن صاحب المنزل كان يخرج ألواح الخشب القديم ويبدلها بأخرى جديدة بطريقة خاطئة من الأساس، ونصحه كثيرون بعدم  ترميم المنزل بهذه الطريقة لأنه لن يتحمل ذلك ولم يستجب للنصح.
وتابع : «4 أولاده ماتوا  منهم 2 توأم عمرهم  شهور، وأخته كانت فى زيارة عنده معاها أولادها اتنين، بخلاف أنها حامل، وواصل: صاحب المنزل كان فى الخارج وعندما عاد ورأى الكارثة، صعد للدور الثالث ورمى بنفسه وسط الأنقاض، لكن الإسعاف وصلت واصطحبت الجثث لمستشفى الساحل ، ثم وصلت النيابة وعربات الشرطة ولا زال هو فى المستشفى.
عبدالجليل عبدالرحمن - صاحب المحل بالدور الأرضى - تحدث عن أجهزته التى هلكت، وقيمتها 30 ألف جنيه وهى عبارة عن أجهزة كمبيوترات ومكسرات صوت ووحدات ليزر، وهى مصدر رزقه وأولاده الأربعة، واستأجر الدكان من صاحب العقار المنهار بموجب الإيجار القديم.
وقال المهندس جمال مندور - مساعد رئيس حى الساحل - أن العقار المنهار مملوك لشخص يدعى سيد فاروق، وأنه محبوس على ذمة القضية وسيطبق قرار إزالة لعقاره، وأشار إلى أنه جار حصر العقارات التى صدر قرار بإزالتها لتنفيذه.