الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أزمة «النقاب» بين القبول والرفض

أزمة «النقاب» بين القبول والرفض
أزمة «النقاب» بين القبول والرفض




تحقيق- دعاء محمد

 بين شَقى الرحى يقف النقاب حائرا بين تأييد ارتدائه داخل الجامعة دون الإجبار على خلعه، وبين القرار الإدارى الذى اتخذه رئيس جامعة القاهرة د. جابر نصار الذى قرر خلعه أثناء المحاضرات، لكونه يَعيق العملية التعليمية والتواصل بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب، فى حين أصدرت عضوات هيئة التدريس من المنقبات بيانا رفضن فيه القرار، ووصفن القرار بالمعيب كما أن به تمييزاً وعنصرية، مستندين على 8 نصوص بالدستور موضحين من خلالهما أسباب رفضهن القرار، وأن التواصل مع الطلبة لا يعتمد فقط على تعبيرات الوجه، لكن هناك اتصالا لفظيا وإرسال واستقبال رسائل بدون كلمات بين الأشخاص.
«روزاليوسف» استطلعت رأى طلبة الجامعة وأساتذتها وقانونيين وفقهاء فقال أسامة سعيد - طالب بكلية الآداب - إن ارتداء النقاب داخل الجامعة حرية شخصية، وأن الدكتورة المنتقبة ستكون أكثر جدية وشفافية أكثر من الآخرين الذين يسمحون للطلاب بأعمال التهريج داخل المحاضرة، ولكن لابد من التأكد من الشخصية التى ترتدى النقاب حتى لا يختبئ أحد وراءه ويثير العديد من المشاكل داخل الجامعة.
وترى هدير ماهر - طالبة بكلية التجارة - أنه ليس من الضرورى خلع النقاب أثناء المحاضرات، فأهم شىء وضوح الصوت وطريقة شرح عضو هيئة التدريس بغض النظر عن كونها منتقبة أو غير ذلك، وليس من الأهمية كشف الوجه بأكمله.
محمد محمود - طالب بكلية الحقوق - أيد لبس النقاب داخل المحاضرات، لأنه حرية شخصية، كما أنها بهذا لا تثير نظرات الشباب مثل أى من عضوات هيئات التدريس اللائى يلبسن ملابس لافتة للنظر بسبب قصرها، وقد تتسبب فى حدوث تصرفات غير أخلاقية.
د. أحمد مهران - مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية - المكلف بالدفاع عن عضوات هيئة التدريس المنقبات، قال إنه سيقدم تظلما ثم القيام بإجراءات الطعن أمام المحكمة الإدارية، وسوف يجمع بين أعضاء هيئات التدريس منتقبات وغير منتقبات ورجال متضررين بشكل غير مباشر، لزيادة أعباء المحاضرات عليهم بعد وقف أعضاء هيئات التدريس المنقبات، وعلق على قرار الجامعة بأنه غير دستورى وغير قانونى لكونه يخل بمبدأ المساواة، لأنه لا يجوز التمييز بين المواطنين على أساس اللون أو العرق أو الجنس أوالطائفة أو الملبس، كما أن الدستور يجرم التمييز ويعتبره جريمة.
ويذكر فى عهد د. حسام كامل رئيس جامعة القاهرة السابق حيث أصدر قرارا بنفس المضمون وطُعن عليه أمام مجلس الدولة وقضى المجلس بإلغاء القرار فامتنع رئيس الجامعة عن التنفيذ، فرفع دعوى قضائية أخرى لعدم تنفيذ الحكم القضائي، وصدر حكم من محكمة الجنح بحبس رئيس الجامعة لمدة عام وعزله من وظيفته.
د. توفيق نور الدين - نائب رئيس جامعة الأزهر - يؤيد قرار رئيس جامعة القاهرة، ويرى أن جميع القرارات الإدارية لابد من احترامها طالما لا تخالف الشريعة ولا الدين، فإذا رأت أن النقاب يسبب صعوبة التواصل مع الطلاب ويعيق العملية التعليمية، فيجب الاستماع إليها وخلع النقاب أثناء المحاضرة، وفى حالة عدم الرغبة فى تنفيذ ذلك فمن حق عضوة هيئة التدريس الاعتذار عن المحاضرة، أو خلع النقاب قبل إلقاء المحاضرة وهو جائز شرعا.
د. على ليلة - رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة عين شمس - يرى أن هناك فرقا بين ارتداء الطلبة للنقاب وأعضاء هيئة التدريس داخل الجامعة، فمن أجل إلقاء محاضرة ملائمة للطلبة لابد من وجود تعبيرات الوجه، فهى جزء من العملية التعليمية، بالإضافة إلى إعاقته التواصل مع الطلبة، فالنقاب داخل الحرم الجامعى مرفوض.
وقال د. عبد المقصود باشا - عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - إن النقاب يعتبر عادة مستحدثة فى مصر، وقام بعض الباحثين بإبراز حقيقة النقاب الدينية، وتوصلوا فى بعض الآراء إلى تحريمه وأن كشف الوجه والأيدى فريضة، وقال بعض المفكرين إنه فضيلة، ولكنه يرى أن النقاب جريمة تستحق من ترتديه العقاب، فالطالبة الجامعية الذى ترتدى هذا الثوب المنفر داخل قاعة الدراسة - حسب وصفه - يكون أمرا مثيرا للاشمئزاز، فهل أصبح مجتمعنا مجتمع ذئاب بشرية، لا يربط الفتى بالفتاة سوى الجنس فقط، علما بأن المرأة رغم نقابها ترى كل شىء فى الشباب وتلتقط بأعينها كل صغيرة وكبيرة.
لذلك يجب أن تصدر الدولة قرارا بمنعه سواء داخل أو خارج الجامعة، فالنقاب أصبح ذريعة لارتكاب الجرائم والدخول على الأعراض تحت ستار، وكثيرا من الرجال يخدعون من بيوتهم بسببه، فالنساء كن يحضرن مجالس رسول الله وكن يقاتلن بجانبه وهن مكشوفات الوجوه، وكن يستضفنه وصحابته مع أزواجهن كذلك، وتساءل: هل نساء اليوم أشرف وأكثر تدينا من الصاحبات الجليلات؟ أم أنه مجرد نوع من أنواع الخداع الدينى والأخلاقى؟
وأوضح د. سعد الهلالى - أستاذ الفقه بجامعة الأزهر - أن القرارات الإدارية التى تصدر من أماكن تخضع لكلمة رئيس لابد من الخضوع إليها واحترامها، فيجب الالتزام بقرارات أولى الأمر فى سياق الحرية، وأن رئيس جامعة القاهرة يقوم بواجبه من خلال هذا القرار الذى أصدره، فالدين سهل ورحيم، ولا يوجد دليل صحيح يؤيد ارتداء النقاب، فقال بعض فقهاء المالكية المتأخرين أن النقاب مكروه لأنه تشديد به فى الدين، وأكثر الفقهاء قالوا إنه عادة وليس عبادة، وعن الإمام أحمد بن حنبل وبعض الشافعية قالوا النقاب واجب، ومن حق كل إنسان أن يختار بين تلك الآراء، مشيرا إلى أن رئيس جامعة القاهرة اختار رأى أكثر الفقهاء بأنه عادة.
د. أحمد كريمة - أستاذ الفقة المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر - أكد أن منع المنتقبات من عضوات هيئة التدريس ومعاونيهن من ارتداء النقاب أثناء المحاضرات قرار صحيح وسليم من الناحية الشرعية، لأنه لم يكن هناك دليل شرعى معتمد على سنية وفريضة النقاب، فهو من قانون العادات وليس العبادات، وأن العملية التعليمية تحتاج إلى تواصل بين الشارح والمتلقي، فقد حرم الرسول الكريم صلى الله وعليه وسلم على المرأة المحرمة فى الحج أو العمرة ارتداء النقاب والقفازين حال الإحرام، فلو كان النقاب واجبا ما نهى النبى عنه.
وأشار إلى أن آراء مدعى السلفية لا يعتد بها، لأنهم يريدون فرض الآراء الشاذة فى المجتمع، ومن الغريب أن المتسلفة الوهابية يريدون تصدير العادات البدوية إلى بلاد الحضارة، مع أن مواطن النشأة عربية.
أما القانون فعبر عنه المستشار محمد حامد الجمل - الرئيس الأسبق لمجلس الدولة - ويرى أن قرار رئيس جامعة القاهرة له أساس من النظام والآداب العامة، علما بأن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ينص على حرية الملبس، ولكن الحرية تتوقف عند حرية الآخرين والمجتمع، فالمنتقبة لا يستطيع أحد التعرف عليها، ومن قواعد العملية التعليمية حدوث تواصل بين الطلبة، والنقاب يعيق هذا التواصل.
وعن تحليل لغة الجسد للتواصل بين الأفراد قالت د. رغداء السعيد - الخبيرة فى لغة الجسد - إن ارتداء النقاب يعيق العملية التعليمية فالرسالة لكى تصل100% فالوجه يستحوذ على تعبيرات بنسبة 55%، و نبرة الصوت 38%، ومحتوى الكلام 7% فقط، وبارتداء النقاب نكون فقدنا 55% لتوصيل الرسالة، ولابد أيضا من الاهتمام بالاتصال المباشر بالعين بقدر توزيعها على الفصل بالكامل حتى لا يشعر الطالب الذى يجلس أمام عضو هيئة التدريس بالملل وقلة الاهتمام، وأشارت إلى أن إحدى عوائق عملية الاتصال هما النقاب والنظارةالسوداء.