السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العلماء يحذرون من استغلال الجماعات لمفهوم الهجرة النبوية.. ويجيزون الاحتفال بها

العلماء يحذرون من استغلال الجماعات لمفهوم الهجرة النبوية.. ويجيزون الاحتفال بها
العلماء يحذرون من استغلال الجماعات لمفهوم الهجرة النبوية.. ويجيزون الاحتفال بها




كتبت - هايدى حمدى
يحتفل المسلمون فى أنحاء العالم كل عام بحدث جلل فى تاريخهم الإسلامى ألا وهو الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، إلا أن هناك فتاوى متشددة تظهر علينا كل عام لتحرم الاحتفال بالهجرة النبوية.
كما يظهر أيضا دعاوى من الجماعات المتشددة بالقول بأن الهجرة النبوية تتحقق بهجرة الدول لنصرة الدين.
وفى البداية يوضح الدكتور طاهر محمد الفخراني، أستاذ الفقه الشافعى بكلية الشريعة والقانون بطنطا، أن هذا اليوم حدث فيه تاريخ كبير للأمة الإسلامية غيرت مجراه وهو الهجرة النبوية وكانت بأمر إلهى للنبى (صلى الله عليه وسلم)، فهو يوم من أيام الله المشهودة.
وأكد أنه لا يوجد مانع أن نتذكره كل عام ونستفيد من أحداثه فى حياتنا، كما أنه لا يعتبر عيدًا شرعيًا كعيد الفطر والأضحى فهى أعياد لها عباداتها وطبيعتها الخاصة، إنما هو عيد بمعناه اللغوى أى الذى يعود مرة بعد أخرى ويدخل الفرح والسرور فى النفس.
وأشار الفخرانى إلى وجود اعتراضات حول هذه الاحتفالات، لكنه اعترض على ذلك قائلا: أعتقد أن الاعتراضات الموجهة للاحتفال بهذا اليوم هى بسبب اعتباره أحد الأعياد الإسلامية بجانب عيدى الفطر والأضحى وهو فهم خاطئ للمسمى.
وتابع: يمكن الاحتفال به من خلال التفكير فى الحدث ذاته والعبر التى امتلأ بها ونتذكر أنه فى هذا اليوم تم وضع أسس وبناء الدولة الإسلامية، كما أن الرسول ضحى فيه بكل شىء فى سبيل نشر دعوته، ونتذكر كيف أنه نجح فى تأليف القلوب وجمعهم على كلمة واحدة وهناك دروس أخرى فى هذا اليوم مليئة بالعبر والأحداث علينا نقلها إلى الناس ليتدبروا ويفخروا بها ويقلدوها، فالاحتفال لا يكون بالأغانى بل نحتاج إلى بعث أفكار ودروس الهجرة فى نفوس الناس من الجد والاجتهاد والتضحية فى سبيل البلاد، والإعلام عليه دور كبير فى إحياء هذه الذكرى العطرة.
ويرى الفخرانى أن الذين يتركون بلادهم وينتمون لجماعات ما بادعاء أنها هجرة لله ورسوله أو نصرة للدين هى قضية خطيرة فلا فصال بين حب الدين وحب الوطن، فحب الوطن من صلب الدين وقد علمنا هذا سيدنا إبراهيم (عليه السلام) حينما أسكن ولده وزوجه فى مكة ودعا الله عزوجل أن يكون هذا البلد آمنًا، فقد قال تعالى فى سورة البقرة: «رب اجعل هذا البلد آمنًا» فى إشارة إلى مكة، كذلك الحال بالنسبة لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) عندما هاجر إلى المدينة المنورة حنّ إلى موطنه فى مكة، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة وأشد».
وشدد على أنه يجب على كل إنسان أن ينتمى للبلد التى يعيش فيها، فحب الوطن عبادة نتقرب بها من الله، والانتماء لجماعة متطرفة بحجة نصرة الدين لا يسمى انتماء بل هو عدم فهم صحيح للقضية وتطرف فى الفهم وهذا ما تعانى منه الطائفيات والجماعات.
من جهته يوضح الشيخ محمود دراز، أستاذ بجامعة الأزهر والداعية بالأوقاف، أن الإسلام لم يحرم أو يمنع أى احتفال بأى مناسبة دينية سواء الهجرة النبوية أو المولد النبوى الشريف أو الإسراء والمعراج وغيرها، فهذه الأيام إن لم نتذكرها كأننا نمحى تاريخ أجدادنا وآبائنا، ويجب على الدولة كلها أن تحتفل بيوم الهجرة فهو أمر عظيم ما لم يكن فيه مخالفة دينية أو تبذير أو القيام بمنكر.
وشرح دراز أن هذا اليوم طرق الاحتفال به تتمثل فى العبادات التى أخذناها من النبى (عليه الصلاة والسلام) كالصلاة والصيام وقيام الليل، فهذه المناسبة ليس لها عبادة خاصة بها نقوم بأدائها وقت حلولها، بل هو يوم نتذكر فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم) وخطاه حتى يرجع من منّا شذ عن الطريق الصحيح، والاحتفال يكون على قدر المحتفى به، فما بالك بالاحتفال بيوم هجرة سيد الخلق الذى قال عنه الله عزوجل: «وإنك لعلى خلق عظيم»، فأقل مظاهر الاحتفال فيه هو جعل الرسول قدوتنا فى معاملاتنا والعودة إلى الطريق الصحيح.
وقال الداعية بالأوقاف إن الإعلام له دور مؤثر على الشعب المصرى فى أغلبه، فقد أصبح يمثل القوة الأولى التى يسير خلفها كثير من المصريين، لذا نتمنى أن يكون لدينا إعلام هادف، فنحن نفتقد القدوة فى الوقت الحالى والتى يجب نقلها من خلال سيرة النبى (صلى الله عليه وسلم) فى أجمل وأبسط صورها إلى الطفل والشاب.
واختتم قائلا: يجب أن نعلم أنه لا هجرة بعد الفتح، فقد منّ الله علينا بفتح مكة واستقرار الدولة ووضع أسسها، فلا نعانى من مضايقات خلال أداء إحدى المناسك الدينية وأصبحنا نؤديها بطريقة عالمية دون خوف من أى خطر قد يحيق بنا أثناء أدائها، أما إذا وجد المانع من إقامتها وجبت الهجرة.
واتفق معهما الدكتور أحمد خليفة شرقاوي، مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بطنطا، فى أن أى احتفال يدعو إلى فضيلة وجمع الناس أمر مشروع لا يخالف الإسلام بل يحث عليه، فالاحتفال بهجرة النبى (صلى الله عليه وسلم) نتذكر فيه أيام النبى وما تعرض له من متاعب لإيصال الرسالة إلى أصحابها من بنى الإنسان، وفى هذه المناسبة مطلوب منّا أن نعرف قدر نبينا الذى صبر وتحمل فى سبيل دعوته، كذلك نتذكر ما أنعم الله عزوجل به على البشر من دين جاء لإسعاد الإنسانية ونمائها وجمالها مهما ادعى المخطئون والمدلسون ما يلصقون به الإسلام.
واستطرد شرقاوى قائلا: من العبادات التى يمكن أن نقوم بها بنية الاحتفال بهذا اليوم الكريم صوم يومى الاثنين والخميس، ونجتهد فى تذكرة سيرة النبى التى تظهر لنا فيها القدوة الحسنة، حيث من خلالها نتذكر صبره على إيذاء المشركين له وطرده من منشأه، ورغم ذلك فقد عاد إليه وهذا يرسخ فى نفوسنا مفهوم الانتماء، والعبرة فى الاحتفال ألا تأتى مكروهًا أو محرمًا بل بما كان يحب أن يراه فينا من الأمل والمباهاة.
وأبدى مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بطنطا استياءه من الحوادث التى تفشت فى العالم الإسلامي، فقال: تمر البلاد الإسلامية ببعض الأحداث التى تتقطع لها القلوب كأن يبيع الفرد منه وطنه أو أهله فى سبيل مصلحته وهذا نقيض لما كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يفعله فقد كاد أن يقتل فى سبيل دعوته فى موطنه، لذا فى هذه الأيام العصيبة التى تتأجج بالفتن نحتاج إلى تصحيح المفاهيم التى تخالف الإسلام وروح الإنسانية، وكل من ادعى بهتانًا أن هناك تطوعًا ليمنى أو سورى لهو باطل ولا يخدم الدين، فبعد أن تم تشريع القوانين وإقامة الأقاليم أصبح لكل بلد إقليمها وقانونها، فيجب على الناس أن نحترم التطورات التى يقرها الشرع، فالإسلام أو أى ديانة سماوية لا يدعو إلى قتل أو سفك للدماء أو هتك للأعراض ولا ذهاب للعقول.
وفى النهاية طالب كل صاحب قلم ورسالة إعلامية أن يتق الله فى نفسه ودينه ووطنه، فعليه أن يركز على ما ينفع البشرية ويزيد من درجة اليقظة فى يوم مثل هذا اليوم المبارك.