الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شاهين عبداللاييف سفير أذربيجان بالقاهرة لـ«روزاليوسف»: التعاون مع مصر من أولوياتنا والأمم المتحدة مصابة بازدواجية المعايير

شاهين عبداللاييف سفير أذربيجان بالقاهرة لـ«روزاليوسف»: التعاون مع مصر من أولوياتنا والأمم المتحدة مصابة بازدواجية المعايير
شاهين عبداللاييف سفير أذربيجان بالقاهرة لـ«روزاليوسف»: التعاون مع مصر من أولوياتنا والأمم المتحدة مصابة بازدواجية المعايير




حوار - أحمد الرومى

 

احتفلت جمهورية أذربيجان أمس بالعيد الـ 24 لاستقلالها عن الاتحاد السوفيتى، حيث كونت كثيرا من العلاقات مع دول العالم وقامت خلال تلك الفترة بالكثير من الإصلاحات الداخلية والخارجية، وأصبحت من الدول النشطة الغنية فى إقليمها، باستغلالها جميع ثرواتها من أجل النهوض باقتصادها ووضعها الدولى والمحلى.
لكن هناك أيضا قضايا سياسية توجعها وتمثل جرحا ممتدا منذ 20 عامًا، وهو نزاعها مع أرمينيا على إقليم «قره باغ»، التى تقول عنها أنها لا تريد الانصياع للمواثيق الدولية، ولا لقرارات مجلس الأمن التى قضت بوجوب انسحابها من الأراضى الاذربيجانية.
التقت «روزاليوسف» شاهين عبد اللاييف سفير جمهورية أذربيجان بالقاهرة، ناقشت معه هذه القضايا، وفتحت معه كثيرا من الملفات الإقليمية والدولية، والعربية، وتطرقنا بالتفسير والتحليل إلى العلاقات الاذربيجانية مع مصر، أين هى؟ وما مقصدها؟ كل هذه القضايا وأكثر فى نص الحوار التالى:

■ استطعتم، خلال عشر سنوات فقط، خفض معدل الفقر من 49% إلى 5%، كيف حققتم ذلك؟
- هذه المجهودات بدأت منذ منتصف التسعينيات، وقت أن وقّعت أذربيجان عقودا مع 13 شركة عالمية للاستثمار فى حقول البترول للتنقيب واستخراجه ونقله إلى الأسواق العالمية، بمبلغ 50 مليار دولار، وكان ذلك عام 1994.
فبعد وصول الرئيس السابق حيدر علييف إلى الحكم، قام بمجموعة أصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، الوضع الاقتصادى كان صعبا فى البداية، لكن الاصلاحات الاقتصادية التى أجراها والمتمثلة فى توفير فرص العمل، وخلق عدد كبير من شركات متوسطة وصغيرة، ثم دعم الصناعات المختلفة فى البلد، بدأ الاقتصاد يتحسن بعد مجهودات جبارة، بدأت من 2005 إلى 2006.
وقد ارتفع الناتج المحلى السنوى فى الثلاث سنوات التى تلت هذه الفترة ليتراوح ما بين 34 و36%، وذلك نتيجة الطفرة التى حققها الاقتصاد المحلى، بعد ذلك وصلنا إلى مستوى معين من الناتج المحلى وصل إلى معدل 9%، وكان فى آخر نصف العام الجارى 5.7% بحسب آخر التقديرات التى وصلتنى، أكيد عندما أنخفضت أسعار البترول عالميًا أثرت على الاقتصاد الاذربيجانى، لأننا بلد منتج للبترول، لكن نحن فى آخر 10 سنوات عملنا على تنويع الاقتصاد، عن طريق خلق مجالات غير نفطية، باستغلال الموارد التى نحصل عليها من البترول ونوجهها إلى مجالات أخرى غير نفطية، فتوجه حكومتنا «يجب أن ننسى أن فى البلد بترول، فكروا فى مجالات أخرى من اجل خفض حصته فى الميزانية» لذلك تجد أن 60% من الناتج المحلى من قطاعات غير نفطية.
■ هناك نزاع على أرض (إقليم قره باغ) منذ عام 1988، ما الوضع حاليًا؟
- والله الوضع الحالى يتلخص فى أن أرمينيا ترفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن الاربعة (822، 853، 874، 884، الصادرة عام 1992) والتى تقضى بانسحاب أرمينيا الفورى بلا قيد أو شرط من الأراضى الأذربيجانية المحتلة من عام 1988، وترفض الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، والمجتمع الدولى يعترف بأن إقليم «قره باغ» جزء من أراضينا، لكن داخل منظمة الأمم المتحدة، مع شديد الأسف، لا توجد آلية لتنفيذ القرارات الصادرة عنها من مجلس الأمن أو من الجمعية العامة، بل التنفيذ فقط على الدول الكبيرة ومصالحها، فعندما تهتم دولة كبيرة فى مجلس الأمن بموضوع معين، بعد ساعات يتم اتخاذ قرارات واقعية، ويشرعون فى تنفيذها، وقد رأينا ذلك فى دول إفريقية فى الشرق الاوسط. وأحيانا يتصرفون ويتحركون بدون قرارات مجلس الأمن، وهذا يعبر عن ازدواجية المعايير.
■ قلت إن مجلس الأمن لا يتحرك إلا إذا اهتمت دولة كبيرة بتنفيذ قرارات الدولة التى تخصها، ألا يوجد لدى أذربيجان حليف من الدول الكبرى على المستوى السياسى؟
- شوف، لنا شراكة استراتيجية مع أمريكا، وروسيا، ولنا علاقات خاصة مع الاتحاد الأوروبى خصوصا فرنسا، حيث إن أمريكا وروسيا وفرنسا هى ثلاث دول يشكلون مجموعة «مينيسك» للوساطة من أجل حل مشكلة إقليم «قره باغ»، وهم على مدار 20 سنة يقدمون مقترحات جديدة، أحيانا تكون مقبولة وأحيانا لا نقبلها، وفى المجمل، دولتنا تدعم المقترحات والحلول التى تعتمد على احترام وتطبيق القانون الدولى، وميثاق الأمم المتحدة يعطينا الحق فى تحرير أراضينا، ونمتلك قوة عسكرية كبيرة، لكن نحن نريد أن نسوى القضية بطرق سلمية فى إطار المنظمات الدولية فشعبنا يطالب باسترداد أرضه المحتلة.
■ وأنتم على أعتاب ربع قرن من الاستقلال، ما خطة السياسة الخارجية لأذربيجان فى الفترة المقبلة؟
- لقد أعلنا فى أذربيجان فكرة «نظرة إلى 2020» فلدينا توجه لأن ندخل فى قائمة الدول المتطورة بعد العشرينيات، وهناك خطوات جدية حاسمة من الرئيس الاذربيجانى، فأذكر أنه كان يتكلم منذ أيام خلال اجتماعه مع الحكومة وقال بصراحة إن هناك بعض الاماكن بها فساد، وأحيانا احتكار، مع شديد الأسف، لكن أهم شىء أنه يوجد لدينا مكافحة، ولا يتم ترك ذلك حتى ينتشر. ونجنى ثمار ذلك بصراحة، مثلا هذه السنة نقترب من اكتفاء ذاتى بشكل عام من المواد الغذائية (95% اكتفاء ذاتى)، فالأمن الغذائى بالنسبة لنا شىء مهم.
فلدينا فكرة ورؤية للخروج من مصاف دول العالم الثالث للوصول إلى الدول المتطورة، ونحن نسعى فى هذا الاتجاه، عن طريق تنويع وتشبيك علاقاتنا مع الدول، إضافة إلى التركيز على التكنولوجيا الإعلامية، حيث إن أكثر من 70% من البلد مغطى بالانترنت، ولا يوجد أى قيود عليه.
■ أين مصر فى سياستكم الخارجية الفترة المقبلة؟
- مصر، مع دول العالم العربى والإسلامى، من أولويات سياستنا الخارجية، ومصر دولة مهمة وريادية وبلادنا تعير اهتماما كبيرا لتطوير العلاقات معها، وهناك دعم متبادل فى المحافل الدولية، الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامى، لكن فى السنوات الأخيرة نحن نركز على العلاقات الاقتصادية، فهناك تعاون كبير فى مجال البترول، يسير بشكل جيد، ونفكر أيضا فى بعض المشاريع المرتبطة بالبترول، إما بتروكيماويات، أو تكرير، وقد يسأل البعض لماذا تركيزنا منصب على التعاون فى مجال البترول؟ والإجابة أن مجال الوقود والطاقة دائما ما يفتح مداخل كثيرة للتعاون، ويأتى وراءها أعمال اقتصادية كثيرة، فرجال الأعمال عندما يجدون هناك تعاونا فى مجال البترول يعتبرونه مؤشرا على أن هناك ثقة.
نحن ندرس بعض المشاريع فى محور قناة السويس، ومؤخرا تم تأجيل اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة إلى يناير المقبل، نحن نعقد الأمل على اجتماع هذه اللجنة من خلال حضور عدد كبير من رجال الأعمال من كلا الطرفين ممكن أن نكشف إمكانيات كبيرة فى التعاون الاقتصادى، يعنى نشتغل فى عدة اتجاهات لتطوير علاقاتنا فى مجال الاقتصاد.
جانب آخر مهم فى علاقاتنا وهو السياحة، فمصر بلد سياحى، كذلك لدينا توجه أن نجعل من أذربيجان بلدا سياحيا، فعندنا فترة صيفية مدتها 3 أشهر، ويبقى 9 أشهر فى السنة تغطي الثلوج معظم البلاد، بالنسبة لنا مصر مكان مناسب، خصوصًا أماكن الاصطياف والمنتجعات السياحية فى سيناء، ونركز بالتحديد على شرم الشيخ.
نحن نرى أن الإمكانيات متوفرة، فلدينا عدد كبير من المواطنين الأذربيجانيين يخرجون من البلاد سنوياً للسياحة يقدر عددهم بنحو 4.5 مليون مواطن، عدد قليل منهم يأتى إلى مصر، هذا ما يستلزم بعض الخطوات من الجانب المصرى، فنحن من جانبنا بدأنا من السنة الماضية تحسين الوضع فى هذا المجال، وقد دخلت وزارة السياحة من جانب، ومن جانب آخر محافظة جنوب سيناء، خصوصًا المحافظة نفسها التى تشجع كثيرا من الأمور فى التعاون، وقد أرسلنا وفدا إعلاميا من وزارة السياحة الاذربيجانية من أجل تنشيط السياحة إلى مصر، ومن المتوقع فتح خط طيران مباشر قريبا بين «باكو» عاصمتنا وشرم الشيخ كذلك نفكر فى المستقبل أن يذهب السياح المصريون إلى أذربيجان، حيث لدينا أنواع من السياحة العلاجية لا توجد فى أى دولة فى العالم فنمتلك أنواعا من البترول - لا يوجد نظيرها فى أى دولة أخرى، حتى الدول البترولية - يعالج أمراضا معينة، باطنية وجلدية، ولدينا منتجعات أخرى متعددة فى هذا المجال.
عموما إمكانيات التعاون مع مصر موجودة، ولكن يستلزم حركة ثنائية وليست من اتجاه واحد فقط، هناك إمكانية أن يكون مستوى التعاون أكبر، مثلا نحن من الممكن أن نصدر بعض المنتجات الزراعية لمصر، ومن الممكن أن نستورد محاصيل أو مواد أخرى منكم.
■ وتيرة التعاون بين مصر وأذربيجان، هل هى سريعة أم متوسطة أم بطيئة؟
- فى رأيى أن وتيرة التعاون أقل من المتوسطة فى ظل إمكانيات متوفرة، نستطيع أن نعمل أكثر، لابد من تنشيط العلاقات، ولابد أن نسير على نفس قدر الإمكانيات المتاحة.
■ ننتقل إلى قضية أخرى، فمع تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين، ما هو موقف أذربيجان من الصراع العربى - الإسرائيلى؟      
- موقفنا ثابت وواضح منذ البداية، نحن ندعم القضية الفلسطينية، ولدينا سفارة فلسطينية فى اذربيجان منذ خمس سنوات أو أكثر، ونرى أن الأراضى المحتلة لابد أن ترد إلى أصحابها، فبلادنا تعيش نفس ظروف الاحتلال، كيف نأخذ موقفا آخر!، الفلسطينيون يطلبون حقهم، وبلادنا تدعم قرارات القمة العربية فى بيروت التى قدمت خلالها المملكة العربية السعودية مبادرتها، والتى طالبت بدولة فلسطينية على حدود 67 . لكنى دائما أؤكد أن أى تصعيد ليس فى مصلحة الطرفين. ولابد من تدخل دول كبرى من أجل إيقاف هذا التصعيد.
■ لقد قلت إن بلادكم تدعم القضية الفلسطينية، ما شكل هذا الدعم؟ وهل يوجد دعم للقيادة الفلسطينية أم لا؟   
- أولا دعمنا سياسى، فى الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى.
ثانيا بقدر الإمكان نخصص بعض الدعم المالى، فقبل 2013 عقد مؤتمر فى أذربيجان لدعم فلسطين، وخصصنا فى ذلك الوقت 5 ملايين دولار، هو مبلغ غير كبير لكن عملنا شيئا، قبلها كانت عدة مساعدات رمزية، آخر مرة فى مؤتمر إعمار غزة الذى عقد فى مصر خصصنا 650 ألف دولار لترميم خمس مدارس، وأنا أقول ذلك لأن هناك كثيرًا من الدول تعلن عن مبالغ كبيرة، وبحسب معلوماتى، أن كثيرا من هذه المبالغ التى يتم الإعلان عنها لا تقدم. لكن عندما أحدثك عن المبالغ الرمزية التى قدمناها دعما لفلسطين أؤكد لك أنها وصلت. وهناك أيضا دعم معنوى للشعب والقيادة الفلسطينية، فنحن نفرق بين التعاون الاقتصادى والتعاون السياسى، أهم شىء التعاون السياسى والمعنوى وهو مع فلسطين لأنهم من فقدوا حقوقهم.
■ منذ أيام احتفلت مصر بذكرى نصر أكتوبر، الذى سبقه دعم من الاتحاد السوفيتى كان قوامه 20 ألف خبير سوفيتى، هل شاركت أذربيجان بعسكريين ضمن هذا الدعم؟
- أكيد، أكيد، كان فى تعداد القوات السوفيتية بمصر أذربجانيون كثيرون، مترجمين وعسكريين ومهندسين، وأذكر أننا أيضا شاركنا فى بناء السد العالى، حيث إن المهندس إسلام إسلام زاده، كان عندنا نائب رئيس الوزراء، وكان يرأس فريقا هندسيا فى بناء السد العالى سنتين على ما أذكر، فمصر بالنسبة لنا دولة واضحة لنا منذ أن كنا فى إطار الاتحاد السوفيتى، فجمال عبدالناصر - رحمه الله - عندما جاء إلى موسكو عام 1957 زار «باكو» عاصمة أذربيجان، فهو قائد عربى ومسلم معروف، لذا قوبل بحفاوة من قبل الشعب الأذربيجانى وهناك ذكريات كثيرة كتبت عنه فى مقالات وقصص.