الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الأسر المصرية تنفق 22 مليار جنيه سنويا على الدروس الخصوصية









أيام قليلة تفصلنا عن بدء الموسم الدراسى الجديد ومثلما تستعد الأسر المصرية بشراء مستلزمات الدراسة من الزى المدرسى والمستلزمات الأخرى، على الجانب الآخر تجد استعداد مدرسى الدروس الخصوصية والمراكز الخاصة والمكتبات التى تتداول الكتب الخارجية مبكرًا من أجل مزيد من الربح.
 
حاولنا رصد بيزنس تجارة مربحة تظهر مع بدء العام الدراسى كل عام وهى تجارة الكتب الخارجية علاوة على مراكز الدروس الخصوصية والموسم الدراسى.
 
يقول حسين مدير أحد المراكز بحى شبرا الخيمة يوجد بالحى قرابة عشرة مراكز للدروس الخصوصية بعضها يتبع الجمعيات الشرعية وآخر يتبع الجمعيات الخيرية وتشرف عليها وزارة الشئون الاجتماعية لكونها تتبع قطاع الجمعيات الأهلية، بينما هناك نوع آخر لا يتبع أى جهة وهى المراكز الخاصة المملوكة لأشخاص لديهم أماكن فسيحة يتم تحويلها لمركز للدروس ويتعاقد معها مجموعة من المدرسين اللامعين لجذب الطلاب للتدريس بها.
 
ويعترف «حسن» أن بعض تلك المراكز يعمل بها من لا يحملون مؤهلات دراسية عليا ولا ينتمون للعملية التعليمية بصلة ولكن لهم صيت بالحى نتيجة الإعلانات المعلقة بالشوارع ومع ذلك فأسعار حصصهم مرتفعة فقد يصل سعر تدريس المادة الواحدة إلى مائة وخمسون جنيهًا شهريًا بواقع 6 حصص وداخل مركز يضم أكثر من 60 طالبًا وطالبة على الأقل.
 
ويقول أن الاستعدادات للعام الدراسى داخل المراكز تبدأ من منتصف شهر أغسطس للمرحلة الإعدادية والثانوية حيث يتم الإعلان عن جداول العمل بالمراكز والأسعار وأسماء المدرسين، وكل مركز يضم فى المتوسط حوالى سبعة مدرسين للمرحلة الابتدائية ومثلهم للإعدادية واثنى عشر مدرسًا للصف الأول الثانوى ومثلهم للثانى والثالث معًا لأنه ربما يكون هناك أكثر من مدرس للمادة الواحدة حتى تكون هناك فرصة أمام الطالب للاختيار بين أكثر من مدرس وبالنسبة للأسعار داخل المراكز الملحقة بالمساجد فهى 30 جنيهًا شهريًا للمرحلة الإعدادية و40 جنيهًا للمرحلة الثانوية وعشرون للابتدائية، ومن لا يرغب فى الاشتراك الشهرى فسعر المحاضرة عشرة جنيهات.
 
ويفسر هشام صاحب مركز خاص بمنطقة بولاق الدكرور التفاوت فى الأسعار قائلا: هناك مراكز خاصة لا تتبع لجمعيات شرعية ولا توجد رقابة عليها وبالتالى قد يصل سعر المحاضرة بها لعشرين جنيهًا إضافة لأسعار الملخصات الدراسية التى يصممها ويعدها مدرسو المركز، وعند قرب الامتحانات قد تصل لأربعين جنيهًا ويقبل عليها الطلاب عندما يكون المعلم لامعًا وتوقعاته بالعام الماضى قد جاءت بالامتحانات ويصل الحضور بالآلاف وتنظم القاعات بأكثر من دور من أجل استيعاب الأعداد الوافدة وهى إجراءات معتادة فى أيام الامتحانات لأن المدرسين يسعون لدمج مجموعات الدروس الخصوصية مع طلاب المدارس من أجل مزيد من المراجعات واختصار الوقت.
 
ويضيف أن أسعار مراكز الدروس الخصوصية بالأحياء الراقية كحى مدينة نصر ومصر الجديدة تختلف تمامًا عن الأحياء الشعبية فهى تعمل بنظام المحاضرة ويصل سعرها لخمسين جنيهًا ويقبل عليها العشرات هروبًا من نار أسعار الدروس الخصوصية التى يصل فى بعض الأحيان لـ500 جنيه وربما ألف جنيه فى مواد الفيزياء والرياضيات والأحياء، وتقدم تلك المراكز خدمة «فايف ستار» لطلابها حيث التكييفات والكراسى الفاخرة والمشروبات وهذا الأمر غير متاح بمراكز الأحياء الشعبية.
 
وفى هذا الإطار يقول محمد عبدالله، طالب ثانوية عامة، أنه يقوم بالتعاقد مع مدرسى الفيزياء والأحياء من بداية شهر أغسطس وإذا تأخر لن يجد له مكانًا لدى المدرس الذى ذاع صيته بأن لديه القدرة على التوقع والتنبؤ بالامتحانات، وبالنسبة لأسعار الدروس الخصوصية فهى 120 جنيهًا للفيزياء ومائة للأحياء ومثلها الكيمياء والمواد الأدبية، وبالنسبة للغات فهى لا تتجاوز الـ75 جنيهًا شهريًا، وبقية المواد أيضًا لا تتجاوز المائة جنيه.
 
ويضيف: رغم أن كل مدرس يحرص على بيع الملخصات التابعة له إلا أن هذا لا يغنيه عن طلب الكتب الخارجية والتى لا يقل سعرها عن عشرين جنيهًا وقد تصل لـ30 جنيهًا فى بعض المواد كالفيزياء.
 
وتتحدث نور محمد طالبة بالمرحلة الإعدادية، قائلة أقبل على المراكز الخاصة من أجل حضور مواد اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والعلوم ولكن اضطر للتعاقد مع مدرسى اللغات لأن المراكز لا تمكن المدرسين من متابعة عمليات التحصيل والمذاكرة وللأسف المدرسة لا توفر لنا هذا، وتصل سعر المادة إلى خمسين جنيهًا شهريًا مقابل 8 حصص، وغالبًا ما يكون مدرس الدرس الخصوصى هو معلم الفصل حتى نتمكن من الحصول على درجات أعمال السنة، وأحيانًا ما نتغيب عن المدرسة مقابل الذهاب للدروس الخصوصية.
 
أما محمد فتحى طالب ثانوى، فيؤكد أن الأسعار بالحى العاشر بمدينة نصر مرتفعة فسعر الدرس الخصوصى يصل إلى 400 جنيه بمواد الفيزياء و200 جنيه للرياضيات والكيمياء ومثلهما لبقية المواد، لهذا فالمركز رغم زيادة أعداد الطلاب المدرج حيث يتراوح ما بين 100 و200 طالب، ألا أن سعر المحاضرة خمسين جنيهًا للفيزياء وخمسة عشرين لبقية المواد وهو ما يوفر لنا كثيرًا المقارنة بالدروس الخصوصية، خاصة مع غياب دور المدرسة والمعلمين بها، لأن أغلب طلاب المرحلة الثانوية لا يذهبون للمدرسة خلال العام الدراسى وربما تجد بعض مواعيد الدروس فى نفس مواعيد اليوم الدراسى.
 
ولا يتوقف بيزنس العملية التعليمية عن سوق المراكز الخاصة ومدرسى الدروس الخصوصية، فالكتب الخارجية هى الأخرى تمثل تجارة مربحة فى موسم المدارس فهناك قرابة 245 كتابًا خارجى قد وافقت الوزارة على منحها الترخيص لعام 2011 - 2012، ويبدأ تداولها بكبرى المكاتب بالفجالة وغيرها مع بداية شهر أغسطس بالتزامن مع بدء الدروس الخصوصية والعمل بالمركز الخاصة.
 
ويتحدث أحمدشلتوت صاحب إحدى المكتبات بحى شبرا قائلا: أغلب الكتب تتواجد بشوارع الفجالة بجميع أنواعها وسلاسلها وأحيانا ما تنفذ قبل بدء الموسم الدراسى ليضطر الناشر لطبعها مرة أخري، وحول أسعارها فهى مثل العام الماضى لم تشهد تجاوزا فسعر الكتاب للمرحلة الابتدائية ما بين ثمانية جنيهات وأثنى عشر جنيها، ويقبل الأهالى على شراء السلاسل الشهيرة وللمرحلة الإعدادية لا يتعدى العشرين جنيها أم المرحلة الثانوية فقد يصل سعر الكتاب ليتعدى خمسة وعشرين جنيها فى بعض الأحيان وبالأخص فى المواد العلمية، ويختلف هذا الوضع عن ما كان يحدث حينما منعت تراخيص الكتب الخارجية فقد تضاعفت أسعارها وأصبحت تباع بالسوق السوداء.
 
وفى هذا الإطار يقول الدكتور كمال مغيث مدير مركز البحوث التربوية قائلا: لم يتطرق برنامج الرئيس مرسى لأى من مشاكل التعليم المتعلقة بتحويله لوسيلة للربح المادى فقد كان حديثه وبرنامجه عبارة عن خطوط عريضة فقط واهتم بالمشروعية الإسلامية ولم يركز على أهم مبادى وأهداف التعليم وهى المواطنة، وبالنسبة لعمليات الربح غير الشرعى من وراء العملية التعليمية فأن حلها يكمن فى رفع أجور المعلمين وتحسين المستوى الاقتصادى لهم ومن ثم تتمكن الوزارة من عقاب وملاحقة من يثبت تورطه فى العمل بالدروس الخصوصية أو المراكز الخاصة، فلدينا قرابة مليون و200 ألف معلم و250 معلم بالأجر و18 مليون طالب و46 ألف مدرسة وميزانية التعليم هى 50 مليار جنيه فقط 80٪ منها ينفق على أجور المعلمين ليبقى الباقى للعملية التعليمية ويصبح نصيب الطالب منها 500 جنيه فقط رغم أن نصيب الطالب بدولة كإسرائيل 3 آلاف دولار، لهذا نحن بحاجة لزيادة الميزانية المخصصة للتعليم لتصل إلى 150 مليار جنيه، ولابد من تفعيل دور النقابة لكى تقوم بدور رقابى وتربوى حيث يتم شطب وفصل أى معلم يثبت تورطه فى أعطاء دروس إذا مما تم رفع الأجور وزيادة الميزانية.
 
ويضيف أن القضاء على الدروس الخصوصية والمراكز الخاصة يأتى من تحويل شعار التعليم من «أحفظ وتذكر وأسمع» إلى «لاحظ وأبحث وعبر» وبالتالى نتخلص أيضا من الكتب الخارجية القائمة على الحفظ والتلقين، ولن تكون المنع أو الحظر لها مجدية ولكن العمل على تطوير الكتاب المدرسى سيكون أفضل وسيلة للقضاء على التشريعات المتعلقة بالعملية التعليمية والقيادات التعليمية جعلنا لا نركز على مسار العملية التعليمية.
 
ويرى دكتور مجدى القاسم رئيس الهيئة العامة لضمان الاعتماد والجودة، أنه رغم وجود مصادر غير تربوية وغير شرعية للعملية كالمراكز الخاصة والدروس الخصوصية إلا أنه من الصعب تجريمها لأنها  تعد مصادر بديلة لغياب دور المدرسة، وعلينا فى البداية إعادة دور المعلم والمدرسة والاهتمام بجودة العملية التعليمية فيكفى أننا لم نعتمد سوى 2600 مدرسة منذ بداية العمل عام 2005 من إجمالى 40 ألف مدرسة، وذلك للظروف التى مرت بها البلاد وآن الأوان للدولة ولوزارة التربية والتعليم الاهتمام وإعداد المدارس لنظام الجودة من حيث المناهج والمعلم والمدرسة ومن ثم ارضاء العملاء من الطلاب وأولياء الأمور والمجتمع ولابد من زيادة الميزانية حتى تتمكن الوزارة من تأهيل المدارس لنظام الجودة ونأمل أن تتعاون الوزارة الحالية معنا من أجل الارتقاء بالعملية التعليمية.
 
ويتحدث أيمن البيلي، وكيل نقابة المعلمين قائلا: «إن الدروس الخصوصية والكتب الخارجية والمراكز الخاصة هى نتيجة مباشرة لضعف أجور المعلمين وبالتالى لجأوا لأساليب أخرى للربح ولكن لو سعت الوزارة لرفع الأجور سيتم تجريم تلك الممارسات فيكفى أن الأسر المصرية تنفق 22 مليار جنيه سنويا على الدروس الخصوصية».
 
ويكمل: «لابد من ربط تجريم تلك الممارسات بزيادة الأجور للمعلمين لأن فى تلك الممارسات إنهاء لدور المدرسة وتقليل لشأن المعلم وتحويل الطالب إلى مشتر ومن ثم هناك خلل عام بالعملية التعليمية التى يجب أن تكون قضية أمن وطنى وقومى، وعلى الوزارة تحديد دورها فى مكافحة هذا النوع من التعليم الذى ربما يقدمه أشخاص ليس لهم علاقة بالعملية التربوية ولا يحملون مؤهلات عليا وأغلب العاملين بها «هواة» ويهدفون للربح المادى فقط ولا يراعون النظم التعليمية».
 
وطالب بإن تكون هناك زيادة فى ميزانية التعليم 25٪ من إجمالى الموازنة العام.