الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شومان يفند تساؤلات رئيس الحزب المسيحى بفرنسا ويثبت براءة الإسلام من جماعات التشدد

شومان يفند تساؤلات رئيس الحزب المسيحى بفرنسا ويثبت براءة الإسلام من جماعات التشدد
شومان يفند تساؤلات رئيس الحزب المسيحى بفرنسا ويثبت براءة الإسلام من جماعات التشدد




أكد د. عباس شومان وكيل الأزهر، خلال لقاءه جان فريدريك بواسون نائب رئيس لجنة القانون فى المجلس الوطنى الفرنسى ورئيس الحزب المسيحى الديمقراطى أن الأزهر الشريف يمتلك رسالة إنسانية مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تهدف إلى خدمة البشرية جمعاء.
وشدد على أن هناك معالجة خاطئة من كثير من الدول ومن بينها فرنسا فى مواجهة أفكار المتشددين، تكمن فى إفساحها المجال لأصحاب الخطاب المتشدد للتصدى للدعوة وعدم الاستعانة بالمؤهلين الحقيقيين على توجيه الخطاب الصحيح وهم علماء الأزهر، فكم داعية أزهريا فى فرنسا مقارنة بعشرات وربما مئات من المتشددين الذين يتصدون للخطاب الدعوى فى أوروبا؟ فلن يتوقف العنف مادامت هذه الأفكار موجودة، وخير دليل على ذلك أن التحالف الذى شكل لمواجهة تنظيم «داعش» لم يصل إلى النتائج المرجوة من القضاء على هذا التنظيم بل وجدناه يزداد قوة، بل تناقلت بعض وسائل الإعلام أخبارا تؤكد أن هجمات التحالف زودت داعش بالسلاح!
وعن علاقة الأديان بالعنف قال د. عباس شومان إن الأديان السماوية تقف جميعها صفا واحد فى مواجهة التطرف والإرهاب والعنف، لكن المشكلة الحقيقية التى نعانى منها هى فهم النصوص والتفرقة بين مصطلح العنف ورد العدوان أو الدفاع عن النفس ومعاقبة المعتدى، ففى جميع الأديان فإن الدفاع عن النفس ورد العدوان أمر مشروع، لكن وفق ضوابط وشروط.
واستطرد: «بعض الناس يفهمون النصوص التى ذكر فيها القتال فى الإسلام على أنها نصوص تدعو للعنف، لكنها ليست كذلك، فجميع النصوص التى وردت فى القرآن الكريم جاءت فى إطار رد العدوان والدفاع عن النفس وهذا حق مقرر فى كل الشرائع والقوانين، فالأديان كلها تدعو لتجنب العنف ودعم السلام بين البشر جميعا.
وعن موقف الأزهر من الجماعات المتشددة قال وكيل الأزهر إن الأزهر الشريف يحرص دائما على قطع الصلة بين الفهم الصحيح للإسلام والجماعات التى تتبنى العنف والإرهاب منهجا، ونبين للجميع أن أفعال هؤلاء لا علاقة لها بالدين الصحيح وإنما ترجع لأهداف سياسية.
واستطرد: وإذا أراد المجتمع الدولى التصدى لتلك الجماعات فيجب أن يتم التعامل بشفافية ووضوح والتوقف عن نسبة أفعالها للأديان، ويجب أن تعلم الدول التى تساند تلك الجماعات وتدعمها أنها ليست بمأمن من خطرها، لذا يجب التوقف عن دعمها والتغطية على أفعالها والتصدى الحقيقى لجرائمها.
وقال وكيل الأزهر : «إننا ننظر فى الأزهر لبعض تلك الجماعات على أنها جنحت لاستخدام العنف من أجل أهداف سياسية، أما داعش فقد صنعت من قبل أجهزة لا نعلمها ولكننا متأكدون أنها تضمر العداء للمنطقة، وخير دليل على ذلك احتلال مدينة تدمر السورية التى تقع فى قلب الصحراء، فكيف تحركت أساطيل سيارات داعش دون أن تراها الأقمار الصناعية التى تراقب المنطقة ليل نهار؟! وكيف وصلت داعش لهذا التطور الخطير تكنولوجيا؟! ومن أين تأتى بالأموال والملابس والساعات الفاخرة والسلاح النوعى المتقدم؟!
ولفت إلى أن النصوص التى تستخدمها داعش فى الحرق والقتل فهى نصوص إما مدسوسة ولا علاقة للشريعة الإسلامية بها، وإما أنهم يؤولونها وفقا لأهوائهم.
وفى رد على سؤال لرئيس الحزب المسيحى الفرنسى: هل ترى أننى كمسيحى كافر تستحل قتلى وأخذ مالي؟.قال وكيل الأزهر: لاتجيز شريعتنا قتلك ولا أخذ مالك، بل تراك وغيرك من المسيحيين واليهود وغيرهم غير المعادين للمسلمين «بمعنى أنهم ليسوا فى حالة حرب»، إن دماء​كم وأموا​لكم ​حرام ​​كدماء وأموال المسلمين، وأن المعتدى ​عليكم​​​ كالمعتدى على المسلم يعاقب بنفس العقوبة المقررة فى حال اعتدائه على دم أو مال مسلم، ويكفى أن أخبرك بحديث واحد عن رسولنا يجيب على سؤالك وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين خريفا» والمعاهد هو غير المسلم الذى بينه وبين المسلمين أمان، وقد أمرنا رسولنا بحسن معاملة غير المسلمين وأوصانا كمصريين بأقباط مصر، ولعل فى التواصل والتعاون بين الأزهر والكنائس فى الداخل والخارج رد عملى على تساؤلك، ولدينا فى شريعتنا نظام كامل يحدد العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين لا أظن ​أن له ​وجود ​و​مثيل فى النظم الوضعية وهو أسبق وأكثر منها تقدما ورقيا بمراحل كثيرة ولا أظنها قادرة على ملاحقته.
تطبيق الشريعة
وفى سؤال له حول تطبيق الشريعة الإسلامية أكد د. عباس شومان أن كثيرا من الناس يفهم تطبيق الشريعة فهما خاطئا وأظنك تقصد تطبيق عقوبات الحدود، وفى الحقيقة الشريعة الإسلامية أعم وأشمل من ذلك بكثير فهى نظام متكامل يشمل العبادات والمعاملات بين الناس ويضبط سلوكيات البشر ليعيش الناس فى سلام وأمان، ومعظم مايتعلق بالشريعة الإسلامية مطبق فى الدول الإسلامية فى العبادات والمعاملات، وفى العقوبات يمكن أن تعتبر العقوبات المنصوص عليها فى القوانين الوضعية عقوبات تعزيرية وهى قسم من العقوبات فى الشريعة الإسلامية، وتبقى جرائم معدودة هى جرائم الحدود وهى التى يعنيها كثير من الناس حين يتحدثون عن تطبيق الشريعة الإسلامية وهو خطأ شائع فهى جزء من الشريعة وأحكامها قطعية لا تحتمل التبديل ولا التغيير والسعى لتطبيقها واجب شرعى على ولاة الأمور دون غيرهم متى تم ​تهيئة​​ المجتمعات وأمكن إثبات الجرائم على مرتكبيها بشكل قاطع.
وشدد أنه لايجوز تكفير المجتمعات ولا إسناد فسادها إلى عدم تطبيق هذا الجزء اليسير المهم من الشريعة، ففى ظل تطبيقه قد يفلت المجرم بجريمته من العقاب الدنيوى إذا لم تكتمل شروط معاقبته كعدم وجود الشهود أو الاعتراف على نفسه أو وجود شبهة تخل باكتمال أركان الجريمة، ولذا كان سيدنا عمر لايقطع آخذ مال غيره فى عام الرمادة لتمكن شبهة الاحتياج الشديد فى أخذ المال، والأصل فى العقوبات الردع عن المخالفة والردع لايقتصر عليها بل معرفة الحلال والحرام ومايجوز ومالايجوز يجب أن يكون هو الأردع، لأن مرتكب الجريمة إن أفلت من العقاب الدنيوى فلن يفلت من العقاب الأخروى وهو أشد إيلاما.
الدين والسياسة
وعن علاقة الدين بالسياسة قال وكيل الأزهر: إن الدين جاء لتحقيق مصالح الناس وهو مجموعة من القيم والأخلاق والسلوكيات التى يجب على الناس تطبيقها والالتزام بها، وإذا فهم الدين فهما صحيحا فلا تعارض بينه وبين السياسة التى وضعت أيضا لتحقيق مصالح الناس، والأزهر الشريف يرفض إقحام الدين فى السياسة بشكلها المعاصر فالدين لاينفك عن المعايير الخلقية والسياسة فى زماننا تتبع المصالح التى لاتراعى الضوابط الأخلاقية فى كثير من الأحيان، كما أن كثيرا من السياسات هو من الأمور الدنيوية التى تتغير وتتبدل كثيرا ومنها جوانب لاعلاقة له بالدين أصلا، وقد قال رسولنا ​فيما يتعلق بأمور الدنيا والخبرة: «أنتم أعلم بشئون دنياكم» فكل ماتتفتق عنه قرائح الساسة إن وافق مقاصد الشرع فلا تعارض بينه وبين الدين، وإن لم يجر على قواعد الدين وأصوله فلا علاقة للدين به، فليس فى شرعنا قوالب جامدة تلزم الساسة بتطبيقها تطبيقا حرفيا بل مجموعة من القيم والمبادئ الهادية يمكن للساسة الاستفادة منها فى كثير من أمور السياسة، والأزهر مؤسسة تنأى بنفسها عن السياسة ولايعترف بمسمى الدولة الدينية.
وفى ختام اللقاء قال نائب رئيس لجنة القانون فى المجلس الوطنى الفرنسى ورئيس الحزب المسيحى الديمقراطى إنه كبرلمانى فرنسى لا يمكن أن يوجه النقد للبرلمان خارج بلاده لكنه ليس سعيدا بالطريقة التى تتعامل بها الحكومة الفرنسية مع تنظيم داعش، وهناك قرارات كثيرة لم تتخذ لوقف تمدد داعش، ومنها فتح التحقيق فى قضية شراء البترول من داعش، وشكر وكيل الأزهر لتوضيحه لكثير من الأمور التى تخفى عليه وعلى زملائه فى البرلمان الفرنسى وتمنى أن يراه وغيره من علماء الأزهر فى باريس لتوضيح هذه الأمور.