الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

روسيا تعيد تأهيل الأسد وترفض تنحيه

روسيا تعيد تأهيل الأسد وترفض تنحيه
روسيا تعيد تأهيل الأسد وترفض تنحيه




الرياض: صبحى شبانة

 يمكن القول  بكل ثقة إن السياسة التى انتهجها الرئيس عبد الفتاح السيسي  تجاه الملف السورى قد حققت نجاحا كبيرا وملحوظا، وأن الرؤية المصرية قد سبقت الجميع، ووضعت قواعد صلبة  للحل انحازت لها حتى  بعض الدول التى كانت على عداء شديد مع نظام بشار الأسد، فلم يكن ظهور الرئيس السورى بشار الأسد فى موسكو إلا نتيجة مباشرة للموقف المصرى الذى أعلن منذ ٣٠ يونيو انحيازه للأمن القومى العربى، الذى تفرض أبجدياته ضرورة الحفاظ على الدولة السورية،  ووحدة شعبها، وعدم الانجرار خلف أيدلوجيات ثبت فشلها وولاءها المطلق للقوى الاستعمارية التى تسعى نحو الهيمنة على المنطقة تحت شعارات دينية مغرضة.
فى تقدير وامتنان للموقف المصرى الثابت والراسخ تجاه الازمة السورية  بادر الرئيس فلاديمير بوتين بالاتصال بالرئيس عبد الفتاح السيسى وأطلعه على جميع تفاصيل الزيارة، والخطوات التى تنتهجها روسيا لإعادة السلام إلى سوريا والمنطقة العربية التى عانت طويلا من السياسات الأمريكية المراهقة التى لا تراعى المصالح  العربية.
رئيس الحكومة الروسى دميترى مدفيديف  كان واضحا  فى  توصيف الاستراتيجية التى تنتهجها بلاده فى المرحلة الحالية،  حينما أكد أن القيادة الروسية تريد أن تنفذ رؤيتها للحل فى سوريا دون أن تفرض عليها جهة إقليمية أو دولية موعد تنحى الأسد، وأن الهدف من ذلك توجيه رسائل مفادها أن موسكو صارت اللاعب الوحيد فى الملف السورى، وأن دورها لن يقف عند سوريا وأنه قد يتوسع إلى ملفات أخرى مثل العراق على أمل الاستفادة القصوى من فشل استراتيجية الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى مواجهة داعش واستياء العراقيين منها.
وزير الخارجية السعودى  عادل الجبير أكد من جانبه  فى مؤتمر صحفى مشترك  عقده مع وزير الخارجية الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، فى الرياض الاسبوع الماضى  أقر  خلاله  ضمنيا  أن السعودية تقبل ببقاء الاسد لما بعد تشكيل الحكومة،  وفقا لمبادئ جنيف 1 التى تنص على إنشاء هيئة حكومية تراعى المؤسسات التابعة للدولة، و كتابة دستور جديد وقانون انتخابات جديدة، ويكون للهيئة سلطة حكومية حتى تبدأ إعادة البناء وعودة النازحين، وتستطيع الهيئة أن تشارك فى تشكيل الحكومة، وبعد تشكيل الحكومة على الأسد أن يتنحى، ولم يشر الجبير إلى مدة زمنية لانجاز كل هذه الاستحقاقات مما يدع الباب مفتوحًا أمام بشار الأسد لترتيب أوضاعه من جديد وفقًا للتطورات التى تمت على الارض بعد الاستحواذ الروسى الكامل على الملف السورى سياسيًا وعسكريًا، وهذا يعد تطورا لافتا فى السياسة السعودية  بعد أن ظلت على موقف ثابت طوال السنوات الماضية يدعو إلى  إبعاد الأسد عن السلطة فى سوريا، فبالتأكيد توجد حالة إدراك جديدة ألمت بالدول التى كانت تتمترس حتى الامس القريب خلف ضرورة رحيل وإبعاد الاسد  بفعل الصدمة الروسية التى أعادت صياغة وتشكيل توجهات الدول فى المنطقة وخارجها،  فروسيا لم تتدخل لتعلن رحيل الأسد بعد بضعة أشهر.
ظهور الرئيس بشار الأسد مع بوتين فى موسكو  فى  أول زيارة يقوم بها الأسد خارج  دمشق  منذ أن تفجرت الأزمة السورية عام 2011 وتجىء بعد ثلاثة أسابيع من شن روسيا حملة جوية فى سوريا فى 30 سبتمبر،  يشير إلى عدد من المكاسب  فى أكثر من اتجاه  منها إعادة تأهيل  الرئيس بشار الأسد فى محيطه الإقليمى وطمأنة خصومه فى المنطقة، خاصة المملكة العربية السعودية وتركيا إلى أن بقاءه سيكون مؤقتًا، وإلى حين بدء المرحلة الانتقالية التى يقترحها مؤتمر جنيف، لكن دون تحديد موعد لتنحى الأسد عن السلطة، كما أن زيارة الأسد إلى روسيا فى هذا التوقيت وقبل  اجتماع فيينا أمس الجمعة الذى حضره وزراء الخارجية الروسى سيرغى لافروف والأمريكى جون كيرى والسعودى عادل الجبير والتركى فريدون سنيرلى أوغلو، يهمش الموقف الأمريكى ويلقى به بعيدا فى سلة مهملات التاريخ.
كما أن دعوة بوتين للأسد لزيارة موسكو ، وتجاهل أى إشارة لدور أمريكى فى سوريا تفتح الباب واسعًا وتؤذن  بعودة روسيا إلى تصدر المشهد العالمى وتوارى أمريكا قهرًا،  وبدء انحسارها التدريجى لتتقوقع داخل حدودها، إذعانا لنظرية إنهيار الامبراطوريات، فلم يسجل التاريخ  على مداه لإمبراطورية خلودا، أو مدا زمنيًا أطول من  عمر الامبراطورية التى سبقتها، تلك صيرورة التاريخ وإحدى سننه الكونية.