الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا يكرهوننا؟

لماذا يكرهوننا؟
لماذا يكرهوننا؟




د. على الشامى يكتب:

سؤال طالما يتردد فى الغرب فى مواجهة الشرق، والعكس صحيح، وقد بات متأججا وملتهبا لدرجة مرعبة، والسؤال هنا فى الحقيقة محاولة لتفسير أو فهم النزعة العدائية تجاه آخر مفترض ربما لا يكون شارك بنفسه فى أى فعل عدائى أو ربما كان متحمسا لقضايا الجانب الآخر من العالم ضد موطنه.
منذ عشرات السنين وضع كارل جوستاف يونج، عالم النفس السويسرى الشهير، يده على الإجابة، ونتلمس هنا إجابة أخرى تصلح لأحداث زمننا المعاصر.
كارل جوستاف يونج عالم سويسرى اشترك مع مجايله سيجموند فرويد فى وضع الأسس العلمية لنظرية التحليل النفسى إلا أن الشريكين والصديقين اختلفا وصارا متنافسين، وأسس كل منهما لنظريته البعيدة تماما عن معاصره، وعاصر يونج النازية وصدمته الجرائم التى ارتكبتها ألمانيا فى حق العالم، وكتب الكثير من المقالات فى ذم النازية فى صحوة ضمير أطلقها مفكرون غربيون بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبعد أن خلفت دمارا هائلا وستين مليون قتيل حول العالم، وذهولا رهيبا وأسئلة عن هذا الكم من العنف والهوس الذى أودى بالإنسان إلى هذا الخراب.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأ العالم يلتقط أنفاسه، وينظر إلى ملايين القتلى فى كل مكان، والخراب الذى عم كل شيء ويشعر بالخزى، بدأ ضمير العالم يتحرك ويتساءل: ما هذا الجنون المطبق، الذى أصاب الإنسان ليقتل و يسفك دماء ملايين البشر من أجل ترهات وأوهام ليست إلا فى أدمغة بعض المخابيل؟
ويونج، كمواطن سويسرى ألمانى، يقول إن الأمة الالمانية بشكل خاص وأوروبا بشكل عام، يجب أن تشعر بما أسماه الذنب الجماعي، وهو مصطلح يتماهى مع الوعى الجماعى الذى أسس له يونج، وهو بمعنى أننا نحمل داخلنا موروث جماعتنا البشرية، وهذا الموروث يؤثر فى سلوكنا، وكذلك الذنب هو ذنب جماعى تشعر به أوروبا تجاه ما أحدثته فى العالم من خراب، والسؤال المضاد الذى يلقى به «يونج» على نفسه كان: وما ذنبى كسويسرى أو فرنسى فيما اقترفه النازى أو الدوتشى أو غيرهما من الطغاة؟ فيجيب: لو أن أحدا فى مدينة هندية قام بعمل إرهابى ما، وجاء إلى أوروبا مسافرا من الهند من مدينة أخرى تماما، ما رد الفعل الأوروبي؟ بالتاكيد سيكون النفور من الهندى الإرهابي، إننا نرى الهند على انها كتلة واحدة وكذلك ترانا الهند، وكذلك يرانا العالم كله نحن إذن قارة تدعى الحضارة بمنتهى العجرفة و نمارس أقسى وأحط أنواع الهمجية والبربرية.
إلى هنا انتهى كلام «يونج»، وأعود لسؤال المقدمة، ماذا لو أن أحد الجهال من شاربى عصارة الوهابية ذهب إلى سوريا تحت ستار داعش، وقرر ذبح إنسانا ما، بغض النظر عن دينه أو شكله أو توجهه السياسي، وسافر أحد العرب المتفتحين إلى بلاد الغرب للدراسة أو العمل مثلا، ما الذى يجبر الغرب على تقبل هذا الهمجى القادم من الشرق الأوسط وإذا سأل سائل لكن هذا من مكان وخلفية ثقافية وتجارب وربما دين مختلف تماما، لماذا تلك النظرة العدائية إذن؟ اجيب متقمصا روح «يونج» ولكنها أوروبا واحدة وهند واحدة يا سيدى الكريم وثمة رجل ما قادم من عندهم وفى المقابل نجد أن القوى الاستعمارية القديمة منها أو الحديثة التى تعج بأسلحتها وعتادها بلاد المشرق دائمة الاعتداء والانتهاك لتلك البلاد ونجد عداء متراكما تجاه هؤلاء حتى ربما يظهر فى صورة اعتداء على مراسل أجنبى أو التحرش بأجنبية تعمل فى الشارع العربي، هذه الروح العدائية تجاه الكل الغربى الاستعمارى، فالمواطن الأمريكى الناشط المدافع عن السلام فى وعينا الجمعى يمثل الجيوش الأمريكية المحتلة لترابنا العربى فى العراق و غيره حتى لو استطاع وعينا الفردى المواءمة إلا أن إرثا ضخما داخلنا يصرخ ما فيش حاجة تيجى من الغرب تسر القلب وصوت يصرخ هناك كلهم فى الهم شرق.