الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مى عبد السلام: الكتابة الساخرة سلاحى لمقاومة السلبيات

مى عبد السلام: الكتابة الساخرة سلاحى لمقاومة السلبيات
مى عبد السلام: الكتابة الساخرة سلاحى لمقاومة السلبيات




حوار - خالد بيومى

 

مى عبد السلام كاتبة وطبيبة تجنح فى كتابتها إلى السخرية الممزوجة بلغة تربوية لمحاربة السلبيات وغياب الوعى فى البيئة والمجتمع الذى تعيش فيه .وكأنها تعيد ترتيب أوراق قيم الزمن الماضى .والساردة تراوح بين عالمها الذى تريد البوح به وسيرتها الذاتية، فى مجموعتها القصصية الأولى «مين اللى أكل الجبنة» تعالج قضايا وأمراض الواقع الاجتماعى من خلال ستين قصة قصيرة.
عن مجموعتها القصصية الأخيرة وعن أفكارها ورؤاها كان حوارنا معها فإلى نصه.

■ متى وكيف اكتشفت موهبة الكتابة لديك ؟
- تعتبر الكتابة بالنسبة لى مركب النجاة من هموم الحياة وملاذى من مشاغلها ودواماتها التى لا تنتهى، وقد بدأت الكتابة من عمر تسع سنوات، فهى هوايتى الثانية بعد القراءة، بهما أسافر وأبحر إلى عالم بعيد عن الواقع أحياناً ومفسر جيد للواقع الذى نعيشه ونتعجب من أحداثه أحياناً أخرى... فكثيراً ما كنت ألخص الأفكار المستوحية مما أقرؤه من الكتب فى صورة مقال، غير أنى أهوى الخلوة والبعد عن الضوضاء وهذا سبب أساسى للإبداع والبحث فى الذات الإنسانية واكتشاف دواخلها والتعبير عنها بذهنٍ صاف ونقى.
■ حدثينا عن محيطك ودوره فى صناعة خيالك الأدبي؟ وبمن تأثرت فى كتاباتك؟
- أنا من جيل نشأ على رؤية والديه شغوفين بالحصول على المعلومات المفيدة وتثقيف نفسهما وأبنائهما بمشاهدة البرامج التليفزيونية الغنية بالعلم الدينى أو الدنيوى مثل برنامج (العلم والإيمان) للدكتور مصطفى محمود و(خواطر الشعراوى)، وكان المنزل لا يخلو من الصحف اليومية بما فيها من مقالات سياسية وأدبية وأشعار، هذا غير بريد الجمعة فى جريدة الأهرام للكاتب (عبد الوهاب مطاوع)، فقد كان أفراد الأسرة يتناوبون فى قراءته ويقضون الوقت فى التحاور بخصوص ما يعرضه من مشاكل، فقد كانت القراءة وسيلة إمتاع وبالتالى الخيال الأدبى كان نتيجة طبيعية للشغف بالقراءة، أما عمن تأثرت بهم فى كتاباتى، فهم كتاب مختلفون تماما فى أساليب الكتابة، منهم الدكتور مصطفى محمود، فقد عشقت أسلوب عرضه لأفكاره بطريقة مبسطة ووسطيته وثراء عقله بالعلم والفنون، وأيضا الدكتور يوسف زيدان، فرواياته لم تكن وسيلة إمتاع وإثارة للدهشة حين متابعة أحداثها، بل استخدم أسلوبه الروائى وقدرته العجيبة على سرد الأحداث كوسيلة لعرض معلومات وأحداث تاريخيه لم يكن معظمنا على علم بها، أما فى الكتابة الساخرة فبالطبع جلال عامر كان أكثر من تأثرت بهم وشغفت ببساطة أسلوبه وخفة ظله، وكذلك عمر طاهر، فكتاباته كانت دافعًا قويًا لى للكتابة بطريقة ساخرة والتعبير عن شخصيتى وأسلوبى الفكاهى دون حرج .
■ «مين أكل الجبنة؟» هو باكورة أعمالك القصصية، لماذا اخترت هذا العنوان ؟
- لم يكن العنوان (مين اللى أكل الجبنة ؟) هو العنوان الأول الذى اخترته كعنوان لمجموعتى القصصية التى تحتوى على ستين قصة ساخرة، بل كان العنوان الأول هو (أم أربعة بأربعين)، ولكنى قمت باستفتاء بين صديقاتى على اسم بديل فأجمع معظمهن على العنوان (مين اللى أكل الجبنة؟)، استشهاداً بمشهد فى فيلم ( أبو علي) بين أم وأبنائها،حيث يتناسب المشهد الكوميدى مع أحداث المجموعة القصصية .
■ القصص تناقش مشكلات اجتماعية راهنة... فهل تؤمنين بالدور الاجتماعى للأدب؟
- أنا أرى أن الأدب أياً كان نوعه، سواء كان قصصًا أو روايات أو شعرًا قد يكون وسيلة للإمتاع والترفيه فقط إذا لم يكن محتواه أو هدفه الأساسى هو الإصلاح أو التغيير الفردى أو المجتمعى للأفضل، فمن الملاحظ أن أشهر أبيات الشعر الخالدة لكبار الشعراء كأحمد شوقى مثلا هى الأبيات الناصحة الواعظة المستشهد بها فى مواقفنا الحياتية والمعلقة فى لوحات فى مصالحنا الحكومية (هما أصلا مش محتاجين وعظ) ومدارسنا (لوحات ايه اللى انت جاى تقول عليها).
أما عن الأدب الساخر، فإذا لم يستغل الأديب هذا القالب الجذاب لعرض قضايا مجتمعيه ومناقشه سبل للتعامل معها، فقد يتحول بهذا الشكل إلى مهرج  يمتع الخلق بلا إضافة أو نفع.
■ السخرية حاضرة بقوة فى قصص المجموعة، فما مصدرها؟
- أنا شخصيه فكاهية واعشق الضحك والابتسامة مهما كانت الابتلاءات من حولى، بل إن السخرية سلاحى لمحاربة السلبيات والنظرة السوداوية للحاضر والمستقبل، وأرى أن الضحك وسيله فعاله للتفكير الايجابى ولتقبل رأى الآخر إذا عرض فكرته أو قضيته بأسلوب خفيف قريب للقلب.
■ هناك من يرى أن الكتاب سيرة ذاتية للكاتبة .. ماذا تقولين ؟
- بالفعل... معظم أحداث الكتاب هى أحداث واقعية وقد لونتها وزينتها ببعض التحوير الدرامى كى تصبح القصص أكثر جاذبية وإثارة، ومعظم القصص نهايتها مفتوحة كى أشعل تفكير القارئ وأترك له المجال لوضع نهاية تناسبه هو .
فالكتاب نتاج «بوستات» كنت أكتبها بشكل يومى فى «جروبات» للسيدات فقط فى مواقع التواصل الاجتماعى عن يومياتى مع أبنائى، ثم نصحنى بعضهن بتجميع هذه اليوميات وعرضها فى كتاب حتى لا تتعرض القصص للسرقة أو النسخ .
فقمت بتجميع ثلاثين قصة وسلمتها لدار النشر، وفى كل مرة كنت استرد فيها المجموعة من الدار للمراجعة اللغوية كنت أضيف مجموعة قصص أخرى حتى استردت الدار المجموعة القصصية دون رجعه تحسباً منهم أن استمر فى الكتابة وإضافة قصص إلى مالا نهاية.
■ لماذا استخدمت العامية فى كتابه المجموعة.. ألا يشكل ذلك عائقاً للانتشار فى العالم العربى متعدد اللهجات؟
- استخدمت العامية لأنها أقرب للقلب فى الأسلوب الساخر ولسهولة استخدام «الإفيهات»  وسرد الحوار بشكل يثير الضحك، فقد استخدمها أيضا جلال عامر وعمر طاهر وغادة عبد العال للتعبير بشكل ساخر ...اما اللغة العربيه فسأستخدمها فى كتابى القادم.
■ بدأت رحلتك مع القصة القصيرة.. برأيك هل القصة عتبه لكتابه الرواية مستقبلاً ؟
- تتميز القصة القصيرة بالوصول لنهايتها فى وقت قصير وبالتالى شعور القارئ بالإنجاز وحصوله على الخلاصة سريعاً فى زمن السرعة واللا صبر، أما ما يشغلنى بخصوص العمل القادم فسواء كان رواية أو مجموعه قصصيه أو مجموعه مقالات هو أن يكون العمل هادفاً ويشكل إضافة جيدة للقارئ .
■ أنت صيدلانية فى الأساس .. برأيك ما سر نزوع الأطباء إلى الأدب وكيف ترين العلاقة بين الطب والأدب ؟
من الملاحظ فعلاً نزوع بعض الأطباء إلى الأدب بل ونبوغهم فيه أيضاً، فهناك الشعراء مثل الدكتور إبراهيم ناجى والدكتور احمد تيمور، ومن كتاب القصة نجد الدكتور يوسف إدريس كما نجد الروائى علاء الأسوانى طبيب أسنان، وطبعا الدكتور مصطفى محمود والدكتور زكى مبارك .
وقد يكون الخيط المشترك بين الطب والأدب هو تشخيص الداء أو الألم ووصف الدواء المناسب له سواء كان الألم جسديًا أو نفسيًا أو داء مجتمعيًا.