الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رواد الفن المصرى الحديث يتألقون فى مزاد «كريستى» دبى

رواد الفن المصرى الحديث يتألقون فى مزاد «كريستى» دبى
رواد الفن المصرى الحديث يتألقون فى مزاد «كريستى» دبى




كتبت - سوزى شكري


من بين مجمل ما يعرض فى صالات المزادات الفنية فى العالم وتحديدا فى قاعات سوثبى وكريستى بمدينة دبى تحتل أعمال رواد الفن المصرى مركز الصدارة حتى أصبح من المتوقع مسبقاً ظهور لوحات لرواد الفن المصرى الحديث أمثال محمود سعيد وعبد الهادى الجزار وحامد ندا وتحية حليم وراغب عياد وحسين بيكار وحامد عويس وسيف وانلى محمود مختار وغيرهم، وعلى ما يبدو أن قاعات المزادات أعدت دراسة مسبقة عن رواد الفن المصرى وتاريخ الأعمال وقيمتها الجمالية والتاريخية، وتوصلت إلى أماكن وجود هذه الأعمال وبحثت عن عشاق الفن المصرى حتى تتواصل معهم وتشجعهم على طرح الأعمال للبيع فى المزاد لتحقق أعلى استثمار.
ارتفاع أسعار اللوحات فاقت توقعات الفنان صاحب العمل نفسه، وحقيقة لاندرى هل لمصلحه الفنانين المصريين أن تظل أعمال الرواد تطرح فى المزادات بينما لا تطرح أعمال أجيال أخرى؟ ولماذا الإصرار على أعمال الرواد! هل أصبحت متاحة وسهلة المنال، بالتأكيد سهلة ولم يواجه أصحاب المزادات أى عائق قانونى لبيعها، وماذا سوف يفعل أصحاب المزادات لو لم يجدوا أعمالا للرواد، أم أن أعمال الرواد متجددة لا تنتهى أبدا وتظهر «وقت اللزوم» !.
تسعة عشر عاما من التسويق العالمى للرواد الفن المصرى فى قاعة «كريستي»، تباع هناك أعمال روادنا سنوياً بما تمثله لنا ثروة قومية وتاريخية وتراثية،  بينما تمثل لقاعات المزادات استثمار لا يموت، والارتفاع فى أسعار الأعمال شجع المتطلعين للثراء السريع على القيام بعمليات مشبوهة فى الخفاء وتسهيل وتسريب الأعمال الفنية من مصر، وفى الغالب يستند التهريب إلى مستندات يطلق عليها «شهادة توثيق» وما أخطر هذه الأوراق التى كانت سببًا فى خروج الأعمال المميزة لسماسرة الخليج.
وفى قاعة «جولدفين» بفندق أبراج الإمارات بدبى عقدت فى 19 أكتوبر الماضى جلسة مزاد بقاعة كريستى بدبى حضره 500 مقتن للوحات من كل دول العالم ، وكانت المنافسة قوية بين أعمال رواد الفن المصرى ( محمود سعيد – عبد الهادى الجزار – حسين بيكار – تحية حليم – عمر النجدى  - محمود مختار  ) وبين  الفن الإيراني، وبلغت إجمالى مبيعات هذه  الدورة  7,162,375 دولار أمريكى مقابل 121 لوحة لفنانين عرب وإيرانيين وفنان فرنسى.
 قبل بدء المزاد تم سحب لوحتين للفنان التشكيلى فؤاد كامل دون توضيح أسباب رفع الأعمال من المزاد بالرغم من وجودهما فى الكتالوج، ولأن المزاد دائما ما يتعرض لصعود وهبوط وتخمينات فكان من المتوقع أن تحقق لوحة «الصبار» للفنان الفلسطينى عاصم أبو شقرا نفس القيمة التى قدرت للوحه الفنان محمود سعيد «الخلاخيل» إلا أن لوحة «الصبار» تراجعت وتصدرت لوحه محمود سعيد أعلى المبيعات مع أن مسئولى المزاد كانو قد اختاروا «الصبار» لتتصدر غلاف كتيب المزاد.  
لوحة الفنان محمود سعيد «الخلاخيل» التى أنتجها عام 1926 تصدرت المزاد كصاحبة أعلى سعر والتى كان قد وضع لبيعها رقم تقديرى يتراوح ما بين 200 إلى 250 ألف دولار، وفوجئ الحاضرون بالإقبال عليها حتى بيعت  بـ665 ألف دولار، وقد لفت الفنان التشكيلى عصمت دواستاشى : إلى أن اللوحة المبيعة لوحه أصلية ومسجلة وموثقة بكتابه برقم  42 ملك السيدة انجى ذو الفقار.
كما تم بيع لوحة «سعيد» الثانية «افتتاح القناة» والتى كان مقدرا لها ما بين 30 إلى 40 ألف دولار، ولكنها بيعت بـ81,250 دولار، وتضاعف المبلغ دليل على تميز أعمال محمود سعيد.
أما الفنان عبد الهادى الجزار فكانت لوحته «الرجل والميكانيكا» مقدرة من 8 إلى 12 ألف دولار وحققت  75000 ألف دولار، أيضا الفنانة التشكيلية تحية حليم ولوحتها «الدراويش» كانت مقدرة بـ 60 إلى 80 ألف دولار، وبيعت  بـ125,000 دولار، بينما بيعت لوحتها الثانية «الجيران فى سلام» التى قدرت من 35 إلى 40 ألف دولار و بيعت 40 ألف دولار.
لوحة الفنان التشكيلى الشهير حسين بيكار «الأشجار تموت واقفة» قدرت من 50 إلى 70 ألف دولار ارتفع سعرها إلى الضعف تقريبا وبيعت 125,000 دولار، كما  بيعت لوحته الثانية «الموعد» والتى قدرت من 30 إلى 40 ألف دولار بـ50,000 دولار.
وتنافس أيضا الفنان عمر النجدي، بلوحته «الفرعون» والتى قدرت ما بين 50 إلى 70 ألف دولار وتم بيعيها بـ 62,500 دولار، بينما بيعت لوحته الثانية بعنوان «الإنسان» والتى قدرت من 30 إلى 30 ألف دولار وبيعت بـ35.000 ألف دولار
وكان للمثال محمود مختار نصيب فقد بيع تمثال من الفضة والبرونز للنحات الكبير بعنوان «امرأة تحمل الجرة»  يقدر له من 60 على 80 ألف دولار حقق 62.500 ألف  دولار.
ورغم سعادتنا بتألق روادنا سنوياً فى مثل تلك المزادات إلا أننا بعد كل دورة نطرح عدة تساؤلات .. هل نسلم أن كل الإعمال المطروحة فى المزادات بصفة عامة أعمال أصلية ؟ كيف وصلت لوحات الرواد لقاعات المزادات ومتى خرجت من مصر ؟  من هم ملاك اللوحات ؟ وهل خرجت بطريقة شرعية أم هجرة غير شرعية ؟ هل ورثة الفنان هم من يقومون بطرحها فى المزادات للتربح منها، وهل يمكن أن تكون بعض الأعمال المطروحة فى المزاد أعمال متحفية من مقتنيات الدولة وسقطت سهوا من صفحات  المتاحف؟ هل يمكن أن تكون أعمال سرقت من مصر فى الماضى  ونحن فى غفلة.
هل نصمت ونكتفى بسعادتنا بتحقق روادنا اعلى المبيعات، أم نعود لتساؤلاتنا هل أصحاب الأعمال هم أفراد هواة الاستثمار فى الفن ولديهم إثبات ملكيتها وموثقة، ولكن إذا كانت إعمالا أصلية موثقة لماذا  تم تسريب وتهريب اللوحات للخارج سرا ولا تظهر إلا فى المزادات، والتوثيق  المتعارف عليه والمعتاد من سنوات فى التعامل بين المقتنى والفنان الذى اثبت فشله فى العديد فى اللوحات  وهو مستند «شهادة توثيق العمل الفنى» الموقعة من ناقد يطلق على نفسه لقب «خبير»  يوقع أن العمل أصلى، وكم طالبنا بتوقف هذه المهنة التى منحها البعض لنفسه لتحقيق مكاسب، كم تسببت هذه الشهادات فى ترويج العديد من اللوحات المشبوه والمشكوك فى أصالتها، حيث أن الموثق لا يسأل حتى المقتنى من أين حصل على هذا العمل والأخطر على أعمال روادنا  هو عدم وجود كتيب أو كتالوج يوثق ما تملكه وزارة الثقافة من أعمال الرواد، ولأننا لا نعرف مقتنياتنا فيساورنا الشك من باب الحرص على تراثنا، كلما سمعنا أن أعمال الرواد تباع فى المزادات، وحتى إن وجدت بعض الكتيبات فهى مجرد إصدارات قليلة متناقضة مع بعضها البعض، ويستغل التوثيق بالكتيب كل من يريد أن يوثق عملاً لديه غير معروف مصدره يدعى انه أصلى ويصدر كتيبا ليضمن بيع العمل فيما بعد كما فعل البعض .
هل نبقى فى حيرة دون إجابات حاسمة وتظل ثرواتنا القومية التشكيلية وتراثنا وتاريخينا مطروح للبيع الشرعى وغير الشرعى.