الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأسعد الجاموسى مدير مهرجان قرطاج: لم نوجه دعوة رسمية سوى لعرض «زوايا» لفرقة الورشة!

الأسعد الجاموسى مدير مهرجان قرطاج: لم نوجه  دعوة رسمية سوى لعرض «زوايا» لفرقة الورشة!
الأسعد الجاموسى مدير مهرجان قرطاج: لم نوجه دعوة رسمية سوى لعرض «زوايا» لفرقة الورشة!




تونس-هند سلامة

اختار مدير مهرجان أيام قرطاج المسرحية، الأسعد الجاموسي، أن يكون عنوان دورة هذا العام، «المسرح وحقوق الإنسان»، وبالتالى قدمت العروض المشاركة، ضمن فعاليات المهرجان، على اختلافها وتنوعها حاملة لهذه التيمة، كما تعددت أشكال التغيير بالدورة السابعة عشرة لأيام قرطاج، والتى تمثلت فى نشر عروض المهرجان بجميع انحاء تونس، من قرى ومدن مجاورة، إلى جانب استحداث فكرة التسويق للعروض، بمهرجانات دولية، وعن دورة هذا العام وشكل التغيير بها، قال الجاموسى فى هذا الحوار:
■ لماذا اخترتم أن يكون عنوان هذه الدورة «المسرح وحقوق الإنسان»؟
ــ لأن العالم الذى نعيش فيه، يستوجب ضرورة عودة الوعى وعودة الاهتمام بإنسانية الإنسان، لأن الإنسان فى هذه السنوات الأخيرة، أصبح أسفل بضاعة، وأقل شأنا مما كان عليه الفترات السابقة، فما نراه حولنا اليوم من انتهاك للحرمات والشعوب والأفراد، ومضايقات واعتداءات وتعرض للمخاطر وتشريد، فى كثير من بلدان العالم، يستوجب الانتباه والوعي، إلى أن الفنان هو القلب النابض للثقافة للحضارة والإنسانية، فكيف يمكن أن نصمت على هذا، والمسرح منذ البداية، طرح علاقة الإنسان مع القدر، فى «انتيجون» وغيرها، من الأعمال العالمية، فالمسرح هو شكل من أشكال التحرر من قيود المعيشة اليومية، ومن هذا المنطلق، ومن منطلق ما لاحظناه من تراخى الوعي، بهذه القيمة الأساسية، التى تعيد العالم بأسره إلى بدائية جديدة، يأكل فيها الإنسان أخيه الإنسان، أصبح من الواجب على المثقف والمسرحي، أن يحافظ على هذه الحقوق والحريات.
■ لذلك أصدر المهرجان إعلان حماية المبدعين المعرضين للخطر؟
ــ بالتأكيد وكانت المرحلة الأولى فى حشد الدعم، بشكل عام وتلمس المؤسسات والشخصيات، حول إمكانية القيام بهذه المبادرة، والمرحلة الثانية كانت فى ضبط الصيغة، التى تتلاءم مع القانون الدولى ومع الإعلانات والتشريعات، التى تتبنها الأمم المتحدة، فى المرحلة الثالثة، تم ارسال هذه الصيغة الأولى، إلى مجموعة كبيرة من الشخصيات ومن المنظمات، ذات العلاقة بالفن وحقوق الإنسان لحشد الدعم المرحلة الأخيرة، وتتمثل فى تقديم هذا الإعلان إلى الحكومة التونسية، حتى تتبناه بدورها وتقدمه رسميا للأمم المتحدة، مطالبة أن يقع تبنيه وامضاء جميع الحكومات، بدول العالم، التى تلتزم به وتصبح ملزمة بمضامينه، والتى تتمثل فى حماية الفنان وتقديم جملة، من التسهيلات وتيسير الإقامة، والفيزا، والدعم المالي، إلى جانب الحماية القانونية للمبدع، من متابعة المجرمين فى حق الفنان، لدى المحاكم الدولية .
■ فى رأيك هل سيكون من السهل تطبيق هذا الإعلان؟
ــ يجب أن تتبنى الأمم المتحدة هذا الإعلان، لأن هناك إعلانات مماثلة، ونحن لم نخترع العجلة، فهناك نص دولي، لحماية الصحفيين والإعلاميين، وتيسير ممارسة عملهم، ونص أخر لحماية نشطاء حقوق الإنسان، وكنت من بين نشطاء حقوق الإنسان، الذين تمتعوا بهذه النصوص الدولية، التى تجعل من يد الديكتاتور أقل سطوة، فمثل هذه الإعلانات، ينبغى أن تشمل الفنان، وانطلاقنا من تعريف الفنان، إلى التعريف الدولى للفنان من هو وما هى مواصفاته، وما هو دوره فى المجتمع وفى التاريخ ودور الأساسى فى تحديث الإنسان .
■ هل استقرار الأوضاع السياسية بتونس انعكس بالإيجاب على دورة هذا العام؟
ـــ لا يمكن إلا أن اشد على أيدي، كل من سبقنى من المؤسسين، ومن الذين تداولوا على إدارة هذا المهرجان، وحرصوا جميعهم، أن يأتى كل منهم ببصمته الخاصة، بداية من المنصف السويسى إلى محمد إدريس، وهشام رستم، واخيرا قبل الدورات السابقة الصديق العزيز الدكتور وحيد السعفي، الذى وقف إلى جانبى وساعدنى ومدني، بكل المعلومات الضرورية، لإدارة المهرجان، وأحيه تحية خاصة، لأنه مر بظروف أصعب فى إدراة الدورات السابقة، واليوم ونحن بصدد التأسيس إلى مشروع حضارى أخر، وإلى نموذج ديمقراطى مختلف وغير معيد، لبقية النماذج، مما جعل تونس والشعب التونسى، يحظى بجائزة نوبل للسلام، عبر الرباعى الراعى للحوار، لأن الرباعى الراعى للحوار، والمتمثل فى الاتحاد العام التونسى للشغل، والرابطة التونسية فى الدفاع عن حقوق الإنسان، وهيئة المحامين، واتحاد الصناعة والتجارة، هذا الرباعى هو الناطق الأساسي، باسم المجتمع المدنى والذى نجد انفسنا فيه، فالنقابة الأساسية هى منظمة جماهيرية كبرى، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، هى منظمة اعتبارية ذات صيت وثقة كبرى، وأصبحت سياسة الدولة الناشئة بعد الاستقلال منذ أيام الحبيب بورقيبة، تتمتع بسياسة فريدة من نوعها فكانت ميزانية، وزارة الدفاع من اخفض الميزانيات، فى حين أن وزارة التربية هى أرفع ميزاينة، لأنه دائما كان الرهان على الإنسان والمعرفة، والرهان كان أيضا على وزارة الثقافة، التى لم تكن ميزانيتها قوية، وكانت ضعيفة جدا، لكن كان لها دور اعتبارى فى تنشأة المسرح والسينما والفنون الجميلة، وبين هذا وذاك وبالتعاون بين وزارة الثقافة والتربية، استعدنا هذه الديناميكة، من جديد من أجل تفعيل وإعادة الأمل، إلى إمكانية بناء الذات، وإمكانية صنع الحضارة بعيدا، فالمسرح والثقافة وكل الفنون الإبداعية، هى التى جعلت المجتمع المدنى ممكنا.
■ ماذا عن الإضافات الجديدة التى شهدتها  هذه الدورة؟    
ـــ تم نشر المهرجان فى 24 محافظة، فى المدراس والجامعات ومنذ برهة استقبلت هذه الباقة، من الورود، من أحد التليمذات التى انتفعت بهذا البرنامج، وتأثرت تأثرًا كبيرًا، إلى حد أن دموعى سالت، لأنه يجب أن يكون هناك شكل من أشكال التقدير والاحترام لهذا الجيل، الذى يطلب التقدير والاحترام، وأعتقد أننا لا نحترم الأطفال والشباب، كما ينبغى ولا نعيرهم الاعتبار، الذى يستحقونه فيردون الفعل بالتطرف أو بالانفجار، أو بالانبهار بما تزينه لهم بعض صفحات الفيس بوك، بأن الخلاص عند الدواعش، أو فى جهاد النكاح، وإعادة الأمل يكون عبر هذه البرامج، وهى قبل كل شىء ضرورة، أن نضع نصب أعيننا احترام وتقدير الطفل، وإعطاءه حقوقه كاملة، حتى ينضج ويقبل على الحياة، عبر آليات ووسائل حياة، من بينها الفنون، ونحن فى حاجة إلى العودة لأن هذه العودة تعطى التلميذ، والشاب حقه الكامل، فى النفاذ إلى الثقافة، فإشاعة هذا المهرجان، فى كل مكان، رافعا شعار مهرجان قرطاج فى كل مكان، ليس من باب التبجح، وإنما لأننا وجدنا أعدادًا واحصائيات من الأعداد الغفيرة للأطفال، من الجنوب إلى بنزرت، وإلى الشمال الغربى، وكل القرى فى تونس، تمتعوا ولو بنذر بسيط لتغطية كل تلميذ، وتوصلنا إلى الامتداد والانتشار لدى عشرات الآلاف، ووصلت إلى فوق المائة ألف، وهذا فى غاية الأهمية، حتى نعيد الأمل، ونستعيد الذات، وبناء شخصية الإنسان، يكون فى المعرفة والثقافة والوجدان.
■ كيف استطعت تغطية كل محافظات تونس وربوعها بعروض المهرجان؟
ــ سياسة الانتشار هذا العام هى سياسة ثلاثية الأبعاد، فبدأت بافتتاحات جهات مسبقة، للافتتاح الرسمى بمدينة «مطماطة»،  بعرض مبتدع عن المدينة، تم إعداده خصيصًا، وانطلق حتى من الكهوف إلى المعمار الأمازيغى، فى «مطماطة»، والمتمثل فى كهوف محفورة داخل البيوت، وهى أماكن ممتعة، تم انجاز العرض فى هذه البيوت المتفرعة، من خمس أو ستة بحات، يمكن دخولها والتواصل خلالها، من خلال انفاق جميلة جدا، فقمنا بتحويل بيت من البيوت إلى مسرح، وتم فيه إبداع عمل مسرحى لمدة الأسابيع الأولى، قبل المهرجان، وكان عملاً متفردًا وكتابة جديدة، انطلقت عن هرمين، من أهرام الأدب العالمي، هما «الكوميديا الألهية» لدانتي، و«رسالة الغفران» للمعري، فى ستة مشاهد منفصلة، داخل الكهوف، يقوم المتفرج بالتنقل بينها، فرقة بعد فرقة، كان بناء مختلف، وتم التجوال به،  فى أماكن مترادفة مثل القصور ببنين، أو الكهوف وفندق الحدادين، وحمامات انطونيوس فى ضاحية قرطاج، وكان عمل متميز جدا، وهذا الافتتاح المسبق للمهرجان خارج العاصمة، أكد على أن اللامركزية والانتشار، ليست مسألة منة، وكان هناك عمل أخر موسيقى سردى «قصص حكماء الصحراء»، وهو انتاج بلجيكى سابق تم تطعيمه، وإعادة انتاجه مع فريق تونسي، بمركز الفنون الدرامية ب«قفصة»، نفس الشيء تم بسوسة، إعادة انتاج عرض «خطيئة النجاح» برباعى من النساء اللاتى يطالبن، بالحقوق الأساسية للمرأة المبدعة، ومتكون من مغربيتن، ومشرقيتن تونسية ومغربية ومصرية وسورية، أصبح بالنسبة لنا عمل عربى تونسى مشترك، يعبر بقوة عن مطالبة المرأة العربية المبدعة بحقوقها كاملة، وتم الافتتاح المسبق بهذا العرض، قبل الإفتتاح الرسمى بسوسة، لأن فى سوسة جوهرة ينبغى أن تبقى، ولو كره المجرمون، فنحن نحاول العمل بهذا البعد اللامركزي، وقدمنا عرض تونسى فرنسى بإخراج مزدوج، بمدينة كاف بعد تقديمه، فى تونس، والحصيلة أن هناك 21 عرضًا مسرحيًا دوليًا، تم انتشارهم، داخل الجمهورية، فى أى مركز أو مسرح أو دار ثقافة مهمة، به التقنيات والتجهيزات اللازمة لتقديم عروض دولية.
■ برغم نجاح أيام قرطاج المسرحية دوليا إلا أنه يصر على إلغاء فكرة التسابق، لماذا؟
ــ لست مقتنعا بالتسابق، كما أعتقد أن مهرجان أيام قرطاج كبر على المسابقة، لأنه أصبح يقابله بالعالم مهرجان أفنيون، فى فرنسا، ومن بين المسوقين الذين تم استدعاؤهم، كان أحد ممثلى مهرجان أفنيون، وخرجت من قرطاج، محملة بمجموعة من العناوين، التى من الممكن أن يستقدمها أفنيون فى دورته المقبلة، ونفس الشىء حدث مع المهرجان الفرانكفوني، ومهرجان مسرح الترماك، ووترلو، وهانفور، والذى سيفتتح بعرض مسرحى سورى تونسى وآخر إفريقى، وهناك أعمال مرشحة للانتشار بهذه المهرجانات، فنحن سبق وأن تقدمنا بطلبات لاستدعاء حوالى 100 مسوق ومروج، جاء منهم ما لايقل عن 40 شخصًا، وهناك من رحل، وهناك من بقى حتى يوم الختام، وهؤلاء قدموا لانتقاء، ما يمكن أن يمثل المسرح العربى والإفريقى والتونسى بالمهرجانات الدولية، وأعتقد أن هذه الفكرة أفضل من ألف جائزة، أن يتم  ترشيح عرض مرة أوثلاث مرات لعمل، جولة بهذه المهرجانات الدولية الكبرى، فى العالم «أفضل كثيرا من أن أمنحه جائزة 20 الف دولار لاتسمن ولا تغنى من جوع.
■ ماذا عن استبعاد تمثيل مصر بعرض داخل المهرجان ؟
ــ حقيقية ما حدث بالنسبة للعرض المصرى، أننا ارسلنا عبر وزارة الثقافة المصرية، المراسلات التقليدية، التى ترسل من وزارة الثقافة التونسية، طلبت فيها من وزارة الثقافة فى مصر، أن تقوم بترشيح عرض للمشاركة، فى ايام قرطاج المسرحية، لكن وجدت أحد المرشحين يتصل بنا بشكل مباشر، وهو مدير فرقة «رجل بلا أجندة»، وكأنه أراد ان يوعز لنا بانه المرشح الرسمى من الوزارة، لكن الوزارة من جهتها ، لم تجب إلا قبل بدء فعاليات المهرجان بأسبوعين، واكتشفنا أن ترشيحاتها، كانت ليس لها لا علاقة بمسرحية «رجل بلا أجندة»، التى تلقينا ردا من مديرها، بإعلامه لنا بانه هو المرشح، وبقينا على تلك المبادلات، ولم نتلق أى إشارة رسمية من الدولة، ونحن لا نتعامل مع أفراد، لكننا نتعامل مع الدولة، إلا فيما ننتقيه مباشرة.
■ إذن ألم يرسل المهرجان دعوة خاصة لعرض «رجل بلا أجندة»؟!
ـــ نحن انتقينا عرضًا قمنا، بمشاهدته بشكل مباشر، هو عرض «زوايا» للمخرج حسن الجريتلى لفرقة الورشة، وطلبنا من الوزراة دعمه، لكن اكتشفنا أنهم فرقة مستقلة، ولا علاقة لهم  بالوزارة، لذلك قمنا بدعوتهم بشكل منفرد، لأننا شاهدنا العرض ومقتنعون بأهميته، وتم برمجته والاتفاق والتراضي، على جميع التفاصيل، أما بالنسبة للعرض الثانى «رجل بلا أجندة»،  فوجئت شخصيا بمراسلة من مدير الفرقة، يطلب فيها منا، أن نجد دعما لعشرة اشخاص، مابين ممثلين وراقصين، لأن هناك أزمة فى توفير تذاكر السفر، لكننى ارسلت ردا برفض هذا الطلب، وقلت أننا فى انتظار التأكيد الرسمى من الدولة، ولم نتلق تأكيدا رسميا أو حتى رد على اعتذرنا عن دعم الفرقة، لكن فى النهاية جاء رد الوزارة علينا متأخرا، واكتشفنا أن صاحب عرض «رجل بلا أجندة» ليس له علاقة بالدولة، كما أنه كان من الصعب، مشاركة العرضين الذى رشحتهم الوزارة لأن الرد جاء متأخرا للغاية، وكان لابد من وضع البرنامج بالمسارح، وحصر عدد الوافدين، فكان من الصعب وضعهم على الجدول،  لكن التزامتنا تجاه الجميع كانت واضحة، ونتعامل عادة مع مؤسسات الدولة، وليس مع الأفراد، وعلاقتنا مع المسرح المصرى وطيدة، وعميقة وجيدة، سواء فيما يتعلق بالمؤسسات الرسمية للدولة أو المؤسسات المستقلة، نحن نكن للجميع الاحترام الكامل.