الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«روزاليوسف» ترصد المؤامرة لغلق شركة «العبوات الدوائية» الوطنية

«روزاليوسف» ترصد المؤامرة لغلق شركة «العبوات الدوائية» الوطنية
«روزاليوسف» ترصد المؤامرة لغلق شركة «العبوات الدوائية» الوطنية




كتب: بشير عبدالرءوف

كارثة محققة حدثت بالفعل بشركة العبوات الدوائية، وهى الصرح المعاون الذى يخدم قطاع الدواء فى مصر، فهى المصنع الوحيد لإنتاج العبوات الدوائية لشركات الأدوية بعد أن تسبب قرار رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة بتعليق العمل بها فى إثارة العاملين والعملاء فى وقت واحد، حيث يتجمع منذ أيام المئات من العاملين أمام الشركة الواقعة فى شارع بورسعيد بمنطقة الوايلى الكبير، بحى حدائق القبة، كل ذلك بسبب رفض العاملين بالشركة العمل أيام السبت بدون أجر وطلب تقاضيهم أجرًا عن هذا اليوم.
جاء فى القرار الذى لصقته الإدارة على الجدران «إزاء إصرار غالبية العاملين بمصنع الشركة بمدينة 6 أكتوبر على إعاقة الإنتاج وإشاعة روح التمرد والإحباط، وأنه بلغ الأمر ذروته بتعمدهم الغياب أيام السبت ولمدة 3 أسابيع متتالية، بحيث وصلت الحصيلة الشهرية إلى 8.3 مليون جنيه بينما المخطط أن تصل لنحو 16 مليون جنيه مما يعنى زيادة خسائر الشركة للعام الثالث على التوالى، فى ظروف اقتصادية عامة تتطلب تكاتف الجميع للتغلب عليها» وإزاء عدم اكتراث هؤلاء العاملين بمصلحة ومستقبل شركتهم، فلم يعد أمام مجلس الإدارة إلا تعليق العمل بالشركة اعتبارا من الأحد 25 أكتوبر 2015، إلى أجل غير مسمى أو إشعار آخر، وتم توقيع القرار من رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب د. حافظ الغندور.
 وفى حين نظم قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 العمل فى قطاع الأعمال العام  بأنه لا يجوز تعديل نظام الشركة إلا بموافقة الجمعية العامة غير العادية وفقا لأحكام اللائحة التنفيذية حتى وإن بلغت خسائر الشركة نصف رأس المال المصدر  فقد وجب على مجلس الإدارة أن يبادر إلى دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر فى حل الشركة أو استمرارها قبل تعليق العمل بالشركة، كما نص القانون على أن أموال الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون فى حكم الأموال العامة، كما يعد القائمون على إدارتها والعاملون فيها فى حكم الموظفين العموميين.
وإن كان هذا القانون هو الباب الخلفى لتقنين عملية الخصخصة فى فترة من الفترات، إلا أنه فى الوقت ذاته  نجده يسعى لأن يضع حلا لكل شركة متعثرة  بإعادة هيكلتها وليس ببيعها، وهو ما تتجه إليه سياسة الدولة فى التعامل مع الأصول المملوك لها والتى لا يمكن لموظف عامل بالدولة أن يتحكم بها، وهو ما ضربت به شركة العبوات الدوائية عرض الحائط.
من جانبهم أكد العاملون المجتمعون أمام مقر الشركة أن القرار كان مفاجئا لهم ولم يتم إعلامهم به من قبل، وفوجئوا أثناء دخول الشركة بتعليق العمل دون سابق إنذار، وأن العمل بها يتم وفق نظام معين، حيث يقوم العمال- بحسب أقوالهم- بالحضور خلال يوم سبت واحد بالشهر دون أجر، وأنهم اتصلوا بالقائمين على خطوط سير أتوبيسات الشركة دون جدوى للنزول للعمل فى المواعيد الرسمية فى هذا اليوم، حيث تم إعلامهم بأن هناك تعليمات شفهية تلقوها من الإدارة بعدم الاستجابة للعاملين لنقلهم لمقر الشركة، كما أشار العاملون بالشركة إلى أنهم حاولوا التفاوض مع إدارة الشركة للعدول عن القرار أو العمل بأجر خلال الأيام التى ترغب الشركة فى العمل بها دون استجابة لهم، وصدر قرار تعليق العمل بها.
العاملون أكدوا أن توقف العمل بالشركة يهدد سوق تصنيع العبوات الدوائية فى مصر، حيث إنها المصنع الوحيد لإنتاج العبوات الدوائية لشركات الأدوية فى مصر، وأن الشركة تعد من الشركات التى تحقق أرباحًا، كما أنهم لم يتقاضوا رواتبهم حتى الآن.
فى حين جاء قرار الشركة بتعليق العمل لوجود خسائر، جاءت المكاتبات الصادرة عن الشركة نفسها فى أوائل مارس من العام الحالى من رئيس قطاع المشتريات إلى رئيس مجلس الإدارة بأنه بالإشارة إلى تعليماته الخاصة بشراء بعض الهدايا إلى أحد كبار عملاء الشركة فى حدود مبلغ 23 ألف جنيه، طلب الموافقة على اللجنة التى ضمت موظفًا من المشتريات المحلية وآخر من قطاع البيع وثالث من القطاع المالى، وتم تحديد أسمائهم، على أن تتم عملية الشراء وتسوية مستندات الشراء.
وطالب العمال برحيل رئيس مجلس الإدارة وتدخل وزير الصحة فى الأزمة بينهم وبين إدارة الشركة، وقال أحد العمال إن الشركة بها أحدث الماكينات منذ 5 سنوات، وبدأ العملاء فى الهروب من التعامل، مطالبين بالعمل يوم السبت ببدل راحة، وكان القرار فى البداية بأن يكون يومى الجمعة والسبت بدون أجر ووافق العاملون وتحول القرار بأن يكون يوم السبت يوم عمل عادى وفى الأسبوع الثالث أغلق الشركة تماما، على الرغم من أن الإدارة لم ينطبق ذلك عليها.
وأشار العمال إلى أن إدارة الشركة حررت محضرا بانقطاع العمال عن العمل، وأنه تم استقدام شركة أمن خاصة لمواجهة العمال، وكان معهم أسلحة بيضاء، وكانت المفاجأة - بحسب قول العاملين- أن الإدارة أثبتت أنهم عاملون بالشركة، على غير الواقع وأنهم لا يعرفونهم.
من جانبها تقدمت النقابة العامة للكيماويات بشكوى لرئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، يستغيثون فيها بأن وزير الصحة الأسبق د.عبده سلام، قام بتأسيس شركة أكديما عام 1976 برأسمال عربى بموجب اتفاقية دولية وقعت عليها جمهورية مصر العربية، وأن الشركة والشركات التابعة معفاة من الجمارك بهدف خدمة شركاتها والقطاع الصحى، وتوفير العملة الصعبة بعدم استيراد الخامات الدوائية من الخارج، وأضافت النقابة فى مذكرتها: إنه تم إنشاء صرح صناعى كبير فى مدينة السادس من أكتوبر من مصنع صغير فى الوايلى الكبير بحدائق القبة، وبتمويل ذاتى من صافى أرباح نشاط الشركة وتحمله العاملون بالاستقطاع من أرباحهم، وأن رئيس مجلس الإدارة الحالى منذ عام 2010 يتحدث عن الخسائر فى حين أن سببها الهالك والمرتجعات ويتحملها العاملون بالشركة، وأن مجلس الإدارة منذ عام 2001 برئاسة د. سمير ثابت كان يحقق أرباحًا مع أنه لم تكن تتوافر له خامات تتناسب مع متطلبات الإنتاج.
كما أكدت النقابة العامة للكيماويات أن الشركة تغطى 70% من احتياجات العبوات الدوائية لجميع شركات الدواء، مطالبين بإنقاذ الشركة.
وفيما جاء قرار مجلس إدارة الشركة بتعليق العمل بها والتأثير على الاقتصاد القومى أكدت الجمعية العامة العادية للشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الدوائية، فى وقت سابق وقبيل تشكيل الحكومة الجديدة، فى اجتماعها برئاسة وزير الاستثمار ورئيس الجمعية العامة أشرف سالمان، وبحضور ممثلى الجهاز المركزى للمحاسبات وأعضاء الجمعية العامة وأعضاء مجلس إدارة الشركة القابضة للأدوية، وممثلى وزارة الاستثمار، لمناقشة الموازنة التقديرية للشركة القابضة عن العام المالى 2015-2016، حيث تستهدف الشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الدوائية تحقيق إيرادات قيمتها 11.3 مليار جنيه خلال العام المالى 2015/2016 مقابل 9 مليارات جنيه فى العام المالى 2013/2014.
وأشار وزير الاستثمار السابق إلى أهمية الدور الذى تلعبه شركات قطاع الأعمال العام خاصة فى مجال صناعة وتوزيع الأدوية من خلال فروع شركاتها التابعة المنتشرة فى العديد من محافظات الجمهورية، وأكد أهمية الاستمرار فى عملية تطوير الشركات والدخول فى مشاركات مع القطاع الخاص لاكتساب خبرات وحقوق معركة جديدة تعود بالنفع على الشركات والمواطنين.
وعلى صعيد المؤشرات المالية للشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية خلال عام الموازنة فتستهدف الشركة تحقيق إجمالى إيرادات 241 مليون جنيه هذا العام 2015/2016 مقابل 238 مليون جنيه فى عام 2013/2014، كما تستهدف الشركة القابضة حصة فى أرباح الشركات التابعة 138 مليون جنيه تمثل 57.3% من إجمالى الايرادات، بينما تستهدف الشركة القابضة تحقيق ايرادات نشاط لأحد عشر شركة تابعة حوالى 11.3  مليار جنيه للعام 2015/2016 مقابل 9 مليارات جنيه فى العام المالى 2013/2014.
وتخطط الشركة القابضة تحقيق صافى ربح كوحدة مستقلة نحو 152 مليون جنيه للعام المالى 2015/2016 مقابل 142 مليون جنيه عن العام السابق، وتستهدف الشركات التابعة تحقيق صافى ربح 284 مليون جنيه هذا العام مقابل 210 ملايين جنيه فى العام المالى السابق بالإضافة إلى تحقيق صادرات مستهدفة بقيمة 252 ملايين جنيه مقابل 234 مليون جنيه للعام المالى السابق.
وشملت الموازنة تحقيق استثمارات مستهدفة للشركات التابعة تصل إلى 214 مليون جنيه، نتيجة ضخ الشركة القابضة استثمارات فى شركاتها التابعة لإقامة بعض المصانع الجديدة وإحلال وتجديد بعض خطوط الإنتاج.
كما استعرض رئيس مجلس إدارة الشركة، د.عادل عبدالحليم، جهود الشركة القابضة فى ضخ الاستثمارات وإعادة الهيكلة والتطوير فى الشركات التابعة، وأنه تمت مراعاة وضع تقديرات حصص الشركة القابضة فى أرباح الشركات التابعة موقف تنفيذ الخطط الاستثمارية الخاصة بتلك الشركات، وأضاف: إنه تم الأخذ فى الاعتبار، العمل على خفض نسب الفاقد بما يحقق وفرا فى التكاليف وحصر المخزون الراكد بالشركات وتصنيفه إلى مجموعات بيعية مع حساب التكلفة ووضع سياسة لتحفيز جهاز البيع بالشركات لتصريف تلك الأصناف، كما بلغت الاستثمارات المستهدفة فى الشركات التابعة 214 مليون جنيه وذلك نتيجة ضخ الشركة القابضة استثمارات فى شركاتها التابعة لإقامة بعض المصانع الجديدة وإحلال وتجديد بعض خطوط الإنتاج.
وأشار وزير الاستثمار السابق، إلى أهمية الدور الذى تلعبه شركات قطاع الأعمال العام خاصة فى مجال صناعة وتوزيع الأدوية من خلال فروع شركاتها التابعة المنتشرة فى العديد من محافظات الجمهورية، مؤكدا أهمية الاستمرار فى عملية تطوير الشركات والدخول فى مشاركات مع القطاع الخاص لاكتساب خبرات وحقوق جديدة تعود بالنفع على الشركات والمواطنين.
وعلى نفس المنوال جاءت الجمعية العمومية التى انعقدت فى مارس 2015 لاعتماد موازنة 2013/2014، أى قبلها بخمسة أشهر فقط والتى اتضح خلالها الفارق فى الأرباح الذى حققه قطاع الدواء فى مصر، والذى يتنافى مع ادعاءات خسارته، حيث عقدت أول مارس 2015 الجمعية العامة العادية للشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية عن نشاط الشركة القابضة ونتائج الأعمال عن العام المالى 2013/2014 والتى أسفرت عن إرتفاع إيرادات النشاط لتبلغ 238 مليون جنيه مقابل 231 مليون جنيه عام 2012/2013، كما بلغت قيمة مساهمات الشركة القابضة والشركات التابعة فى مجال المسئولية الاجتماعية نحو 122,6 مليون جنيه عام 2013/2014 مقابل 115.9 مليون جنيه عام 2012/ 2013 بارتفاع قيمته 6.7 مليون جنيه بنسبة 5.8%.
كما أشار رئيس مجلس إدارة الشركة إلى قيام الشركة القابضة بجميع الأعمال اللازمة لتصحيح الهياكل التمويلية ومسار الشركات التابعة المتعثرة، ومنها شركة العبوات الدوائية، بغرض تعظيم ربحيتها وترشيد التكاليف وتصويب المسار الاقتصادى لتلك الشركات.
كما أشارت الأرقام إلى ارتفاع إيرادات النشاط لجموع الشركات التابعة إلى نحو 9 مليارات جنيه عام 2013/2014 مقابل 8.3 مليار جنيه عام 2012/2013 بنسبة ارتفاع 7.2% وبلغ صافى أرباح النشاط لمجموع الشركات التابعة إلى 357 مليون جنيه عام 2013/2014 مقابل 335 مليون جنيه عام 2012/2013.
فى حين أكد د. على عبد الله - مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية - أننا أمام حالة من التخريب التى يتعرض لها قطاع الدواء فى مصر فى مؤامرة على الوطن والمواطن ومقدرات الدولة وواحدة من استثماراتها التى تجد السوق التى تعمل من أجله، حيث تفتح الطريق أمام واحد من اثنين إما لاستيراد الدواء لتحقيق مصالح شخصية أو هدم تلك الصناعة الرائدة فى مصر والتى حققت أرباحا كبيرة خلال السنوات الماضية ونافست بقوة المنتج الأجنبى.
وأشار عبد الله إلى أن قرار تعليق العمل بمصنع شركة العبوات الدوائية مخالف للقانون، فمن المنطقى أنه يتبع قطاع الأعمال وليس قطاعًا خاصًا، وأن المسئولين عن هذه الشركة يعملون لدى الدولة وليس لهم حق التصرف بهذا الشكل فى إدارتهم لإحدى قطاعات الدولة، وأبدى دهشته من الأرقام التى يعلن عنها كأرباح فى الاستثمار فى قطاع الدواء حيث تمكن مضاعفة هذه الأرقام فى ظل ريادة مصر لهذا القطاع الذى طالما حقق أرقاما أكبر من المعلن عنها فى أوقات سابقة.
وحول موقف رئيس مجلس إدارة شركة العبوات الدوائية فقد وصفه بالغريب وغير المنطقى، وأنه لا يمكن تشغيل العمال دون أجر، واصفا ما حدث من اختلاف فى وجهات النظر بين العاملين بالشركة والإدارة بأنه أمر داخلى ولا بد من بحثه بعيدا عن تعطيل العمل بمرفق من مرافق الدولة،  وإلا أغلقت جميع المؤسسات فى الدولة بقرار من القائمين عليها.
من جانبه وصف رئيس لجنة صناعة الدواء بالنقابة العامة للصيادلة، د. صبرى الطويلة، القرار بالكارثة وأن الشركة لها ارتباطات مع شركات الأدوية لتوريد العبوات المختلفة اللازمة لإنتاج الدواء وتعبئته وأن التعاقدات تصل لمدة عام كامل تلتزم خلاله بتوريد المطلوب لسوق الدواء، حيث إنها تغطى احتياجات السوق بنسبة تتعدى تلك المعلنة رسميا، وأن كارثة تنتظر المواطن لعدم توافر الأدوية فى السوق وتعطل إنتاج الدواء فى مصر.
وأشار الطويلة إلى أن النقابة سوف تتحرك حيال هذا الأمر الذى يهدد صناعة واستثمارات الدواء فى مصر، حيث يكون دور النقابة وسيطا بين العمال والإدارة لمنع توقف إنتاج الدواء المصرى واستمرار حصول المواطن على الدواء، ووفاء شركات الأدوية بالتعاقدات المبرمة مع الشركة، من خلال حل يرضى جميع الأطراف.
«روزاليوسف» حاولت مرارا وتكرارا التواصل مع المسئولين عن الأزمة للحصول على رد عنها، إلا أن د.محمد عوض تاج الدين وزير الصحة الأسبق ورئيس شركة أكديما، ومساعد وزير الصحة للشئون الصيدلية وكذلك معاون الوزير للشئون الصيدلية لم يستجيوا للاتصالات فى كل الأوقات. ش