الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«العزوبية» تنافس «العنوسة» والحكومات تواجهها بمليارات الدولارات






 


أجرت مجلة الايكونوميست البريطانية تحقيقا عن انتشار «العزوبية» بشكل ملحوظ فى الغرب.واشارت المجلة الى الفيلم الأمريكى «الجنس والمدينة» حيث قالت إن بطلات هذا الفيلم لسن قدوة للنساء فى الشرق الأوسط حيث رفضت السلطات الإماراتية تصوير الجزء الثانى من الفيلم والذى يتناول أحداث حياة نساء فى الثلاثين من عمرهن فى نيويورك ومنعت عرض الجزء الأول على اراضيها.
 
وذكرت المجلة أنه وفقا  لأحدث إحصاءات صندوق الزواج فى دولة الإمارات العربية المتحدة حوالى 60%من النساء اللواتى تخطين الثلاثين عاما غير المتزوجات، وهى نسبة ارتفعت 20% منذ عام 1995.
 
واوضحت المجلة أن العزوبية آخذة فى الارتفاع فى البلاد كافة تقريبا، وتوقعت شركة أبحاث «يورومونيتور» أن عدد السكان المنفردين سيزيد 48 مليون شخص جديد بحلول عام 2020، بارتفاع يبلغ 20% ، ما يعنى أن حياة العزوبية ستكون المجموعة المنزلية الأسرع نموا فى معظم أنحاء العالم.
 
وقالت المجلة إن هذه الصيحة واضحة جدا فى الغرب الغني. نصف البالغين فى أمريكا غير متزوج، وهو ارتفاع بنسبة 22% من عام 1950. كذلك يعيش ما يقارب 15% من السكان لوحدهم، فى ارتفاع بنسبة 4%.
 
فى الاقتصادات الناشئة يتضاعف أيضا عدد العزاب، وهم يغيرون أنماط الاستهلاك. فى البرازيل، ارتفعت المبيعات السنوية لوجبات الطعام الجاهزة، التى يفضلها العزاب، أكثر من الضعف فى السنوات الخمس الماضية، لتبلغ 1.2 مليار دولار؛ أما مبيعات الخمر فتضاعفت ثلاث مرات.
 
على رغم من أن هذه الظاهرة أصبحت عالمية، تختلف العوامل التى تعززها. تقود رئيسة البرازيل العزباء ديلما روسيف بلدا حيث التصنيع السريع تأثر بوضع الأشخاص الذين يتزوجون فى وقت متأخر. أما النساء فى اليابان فيرفضن مقايضة حياتهن المهنية بقيود الزواج. حتى فى إيران الإسلامية، يفضل بعض النساء التعليم على الزواج، فيستغللن قوانين الطلاق الجديدة أو يلبسن خواتم الزفاف الوهمية لتأمين السكن الانفرادي.
 
تبدو الصورة أكثر إثارة للقلق فى الصين والهند، حيث التفنن فى اختيار الأطفال الرضع الذكور يعد بجيل من العزاب مع تضاؤل احتمالات الزواج. العكس صحيح بين الأمريكيين من أصل أفريقي، فنظام السجون فى أمريكا يمس واحدا من كل تسعة رجال سود تتراوح أعمارهم بين 19 و34، ما يضيق الخناق على السوداوات اللواتى لا يتزوجن غالبا من خارج مجموعتهن العرقية.
 
مع ذلك، ثمة ثلاثة تفسيرات لهذا الواقع. أولا، تتزوج المرأة غالبا فى وقت متأخر مع تحسن فرصها المهنية. ثانيا، بفضل زيادة معدل العمر، تعيش النساء اليوم أطول من شركائهن أكثر مما فعلت أرامل الأمس. ثالثا، بسبب تغير المواقف الاجتماعية فى بلدان كثيرة أصبحت مكافآت الزواج (الضمان المالى والعلاقات الجنسية والعلاقة مستقرة) متوافرة خارج السرير الزوجي.
 
يؤدى انتشار العزوبية إلى سلبيات كثيرة، فالأسرة المؤلفة من شخص لديها بصمة كربونية أكبر من المساكن المشتركة وتزيد من تكاليف السكن.. ويبدو أن الأعزب أكثر ضعفا من غيره، بالتالى أكثر تكلفة للمجتمع من أولئك الذين يحظون بشريك: أكدت دراسات كثيرة على الفوائد النفسية والصحية للعلاقات الرومانسية المستقرة.
 
مع ذلك، قد تكون هذه المخاوف مبالغا فيها، فمصطلح «أعزب» يجمع غير المتزوجين كلهم فى سلة واحدة، ما يجعل من الصعب التمييز بين المنعزلين الحقيقيين وأولئك الذين يتعايشون خارج إطار الزواج أو يعيشون مع الأصدقاء أو العائلة. حتى أولئك الذين يعيشون وحدهم ليسوا بالضرورة منعزلين. يقول إريك كلينينبيرج، عالم الاجتماع فى جامعة نيويورك ومؤلف كتاب صدر حديثا بعنوان «العيش وحيدا»: «عيش المرء بمفرده، والعيش وحيدا والشعور بالوحدة هى ثلاث حالات اجتماعية مختلفة».
 
بعيدا عن كونهم منعزلين، يقول كلينينبيرج، العزاب أكثر عرضة لتمضية بعض الوقت مع الأصدقاء والجيران، والتطوع فى المنظمات المدنية. يفسر هذا الواقع سبب تكاثر العزوبية فى الأماكن التى تتبلور فيها هذه الشبكات. بحلول عام 2020، تتوقع «يورومونيتور» أن ما يقارب نصف الأسر فى السويد سيتألف من شخص فقط.
 
وحملت بيلا دى باولو، طبيبة نفسية اجتماعية فى جامعة كاليفورنيا فى سانتا باربرا، واضعو السياسات ذنب ما تسميه «ممانعة العزوبية». من الإعفاءات الضريبية لترتيبات العطلة، عادة ما يتمتع الأزواج والزوجات بمجموعة من فوائد لا يتمتع بها العزاب.
 
يحاول بعض الحكومات الآن وقف هذه الموجة. أنفق صندوق الزواج فى الإمارات العربية المتحدة مثلا 16 مليون دولار تقريبا هذا العام على شكل منح لمرة واحدة لتشجيع الأزواج على عقد قرانهم. كذلك يرعى حفلات الزفاف الجماعية، ويصدر نشرة معلومات منتظمة بعنوان «مجلة العاطفة». فى أمريكا، واصلت إدارة أوباما تمويل «مبادرة الزواج الصحي»، وهو برنامج أطلقه جورج دبليو بوش، لتشجيع الأبوين غير المتزوجين على الارتباط، بتكلفة قدرها 150 مليون دولار سنويا.
 
قد لا تعمل الجهود المماثلة، أو قد تأتى حتى بنتائج عكسية. تشير الدراسات الأخيرة إلى أن تعزيز الزواج فى أمريكا غير مجد عند التوجه إلى الأسر غير البيضاء أو الفقيرة، التى تعتبر الأمن المالى أولوية أهم من تحسين العلاقات الحميمة. على نطاق أوسع، كثيرة هى الأمور التى تجعل الزواج اليوم أقل استقرارا، من بينها طبيعة النساء الطوعية ومعاييرهن الأعلى فى العلاقات، وتفسر لماذا، عندما تنجح الزيجات، يكن أكثر عدلا وأكثر حميمية من أى وقت مضى، بحسب مؤلفة كتاب «الزواج: لمحة تاريخية» ستيفانى كونتز.