الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«دعوة الحق» تذكرة وبيان




 قال الله - عز وجل «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إننى من المسلمين ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم» - سورة فصلت -، وقال سيدنا محمد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) «من دعا إلى هدى كان له مثل أجر من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا» أخرجه مسلم -، والدعوة بين المسلمين مقاصدها تذكير الغافلين والعصاة، والعودة بالمنحرفين إلى الصراط المستقيم، وتقليل المفاسد فى المجتمع، وتكثير الملتزمين المتمسكين بتعاليم الإسلام، ويجب فى الداعية أن تكون أخلاقه منسجمة ومتفقة مع مضمون الدعوة من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية ومن ذلك: الرحمة واللين، والرفق بالمدعوين، والحنكة والفطنة فى التعامل مع من يدعون، ومراعاة ظروف المدعوين، قال المولى العظيم «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين» - سورة النحل -، «قل هذه سبيلى ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى، - سورة يوسف - ومن أساليب «دعوة الحق» التدرج والتريث، والبعد عن التشهير والذم لعصاة مسلمين، فما جاء فى حق غيرهم لا ينقل إليهم، فلكل ظروفه ومقتضياته، فما يقال بحق كافر أو منافق عقيدة لا يقال بحق مؤمن عاص، أو مسلم فاسق، والتودد والتلطف فى الدعوة، روى أنه - كان يقبل بوجهه وحديثه على شر القوم يتألفه بذلك - أخرجه الترمذى - ، وألا يخص أحدًا بعيب، روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان لا يواجه أحدًا فى وجهه بشيء يكرهه» - اخرجه أحمد وأبو داود والبخاري، في الأمر المفرد -، والتعريض والتعميم فى الذم كقوله - صلى الله عليه وسلم - « ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا..»  - أخرجه الشيخان -، والرفق، فعنه - صلي الله عليه وسلم - «إن الله رفيق يحب الرفق كله، ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف، وما لا يعطى على سواه» - أخرجه مسلم والحلم على الناس، والصبر الجميل الذى لا لوم معه ولا عتاب، قال الله - عز وجل «واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرًا جميلًا - سورة المزمل.
 
إن الدعوة الراشدة يجب معرفة فقه الوسائل والآداب والمقاصد، يجب التأسى الحقيقى بسيد الدعاة - صلي الله عليه وسلم - إن الهمز واللمز والتنابز بالألقاب وسوء الظن، والتشهير وروح الغل والحقد والـبغضـاء والشـحناء والـجدال العقــيـم و( هوى متبع، وإعجاب كل ذى رأى برأيه) وتفريق المجتمع إلى شيع متباغضة ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم فى شيء) - سورة الأنعام -، ومخالفة القول الفعل (لم تفعلون مالا تعقلون. كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» - سورة الصف - كلها وما يماثلها وما يناظرها وما يشابهها قواصم فى ذات الدعوة تعود سلبًا عليها، وبالتالى على سمعة الدين وجوهر رسالته ومقاصده.
 
آن الآوان لمنع أدعياء الدعوة من ممارسة الدعوة إلا بعد فقه الدعوة، فهى ليست كلأ مباحًا لمن يعقل ومن لا يعقل، ومراقبة جادة لما يقدم وينسبها إلى الدين، فما هو مشاهد وواقع من عوار يصيب الدعوة فى مقتل، ويسيء اساءات بالغة إلى جواهر ونفائس إسلامية مطمورة مهجورة بغبار الجهل وما لا يحسن ذكره، من خبث كثر، وطيب ندر!
 
إن الألسنة المنفلتة، والحناجر الزاعقة، ولغة الوعيد والترهيب، والمعايرة والمعايبة، والعصبية المنسوبة إلى الدين، وممارسات «خاطئة» تجمع ما ينفع - وهو أقله -، وما لا ينفع بل يضر - وهو أكثر من ممارسات تجافى وتناهض وتجهض دعوة الحق.
 
إن الاعتداء على سير الأولياء، والطعن فى العلماء، والتأويلات الفاسدة والمرويات المعلولة، والخلط والتدليس لترويج معتقد ما، يضاف إلى ما سلف من عوار وقواصم تنال من رسالة دعوة الحق.
 
 
والله غالب على أمره، وإليه المشتكي، وعنده تقف الخصوم وختامًا: تذكرة وبيانًا قرآنيًا «قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها واما أنا عليكم بوكيل واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين» - سورة يونس.