الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مصر رائدة فى فن العرائس ودول الخليج محرومة من هذه الفنون!

مصر رائدة فى فن العرائس ودول الخليج محرومة من هذه الفنون!
مصر رائدة فى فن العرائس ودول الخليج محرومة من هذه الفنون!




اختتمت الأربعاء أمس الأول، بمسرح الساحة بدار الأوبرا فعاليات الدورة الثالثة، للملتقى العربى لفنون الدمى وخيال الظل، والذى نظمته الهيئة العربية للمسرح، بمصر فى إطار محاولة إعادة إحياء ونشر فن العرائس، بالدول العربية، حيث سبق وأن نظم الملتقى بدولتى الشارقة وتونس، وهذا العام يؤكد رئيس الهيئة اسماعيل عبد الله، على أن هذه الدورة كانت مختلفة، بكل المقاييس، نظرا لما تتمتع به مصر من ريادة، فى هذا الفن وقال فى هذا الحوار:

■ لماذا لم تقم الدورة الأولى للملتقى بمصر من البداية؟
ــ فى مقدمة حديثى عن افتتاح الملتقى، ذكرت أنه كان من المفترض أن يبدأ الملتقى، فى مصر لكننا لم نكن، نريد أن نأتي، إلا ونحن على أرض ثابتة خاصة ومصر تعتبر عرين الأسد، وبالتالى يجب أن نأتى، ولدينا شىء، فأقمنا دورتين للملتقى، الأول فى الشارقة، والثانى بتونس، وكانا بمثابة تجربة، حتى يكون قد اشتد عوده، لأنه لا يصح أن نأتى مصر، وليس لدينا مادة نقدمها للجمهور المصرى، العاشق والتواق لهذا الفن وعلى ولاء واتصال به حتى اليوم، وهذا ما اثبتته التجربة، والحقيقة مصر قدمت الكثير، لدعم ورعاية هذه التجربة، حتى ننقلها إلى آفاق أرحب ومناطق أهم وأكبر، فى تنظيم الملتقيات المقبلة .
■ ما مدى التغيير والاختلاف الذى حدث فى ملتقى الدمى وخيال الظل هذه الدورة؟
ــ هذا العام كان بالتأكيد مختلفًا تماما، عن الدورات السابقة، سواء فى مدى الاحتفاء بالملتقى، على المستوى الرسمى، والمستوى الأهلى، أوعلى مستوى الجمهور، فالحضور الجماهيرى الكبير، أسعدنا للغاية، وهو ما يؤكد على أن هذا الفن مازال موجودا، بالرغم اعتقاد البعض أنه أخذ فى الاندثار، إلا أن الناس ما زالت تعشقه، كما أن الملتقى، نجح فى لم شمل العرائسيين، فى مصر، من خلال المعرض المهم الذى اقيم بقاعة الهناجر، فلأول مرة فى تاريخ تنظيمنا للملتقى، يحدث هذا الاحتفاء الكبير به .
■ وماذا عن دورة تونس العام الماضى؟
ـــ تونس دولة تحترم هذا النوع من الفنون، ولديهم مركز وطنى رسمى قائم يشرف على فن العرائس، وهم البلد الوحيد، الذى أدخل فن العرائس كمادة تدرس، فى المعهد العالى للفن المسرحى بتونس، فهى حالة مختلفة فى التعاطى مع هذه الفنون، لكن الإقبال من جيل الشباب فى ممارسة هذا الفن، أصبح محدودا، لذلك نريد أن نعيد هذه الفنون إلى الواجهة، من خلال الترويج لها، ومن خلال إقامة هذه الورش التأهيلية للشباب، حتى يجدوا ما يحفزهم، على ممارستها، لأنها فنون أساسية لها دور مهم، ويجب ألا نتركها تموت وتنقرض، لذلك أعتقد أن تونس ومصر، قوتان مهمتان لدعم هذه الفنون وتطويرها، وسمعنا خبرًا جيدًا أن هذه المادة، من المقرر أن تضاف للتدريس بكلية الطفل، فى مصر، فإذا استطعنا أن نقنع معهدًا آخر، فى دولة عربية أخرى مثل المغرب، ستتشكل قوة أخرى مهمة، لإعادة الروح وإحياء فن العرائس.
■ هل هناك خطة موضوعة لتنمية هذا الملتقى بالدول العربية السنوات المقبلة؟
ــ نحن نعمل بشكل استراتيجى، وعندما قمنا بعمل الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية، كانت واحدة من أهم توصياتها، هو الاهتمام بهذا النوع من الفنون، ونأمل أن يتوسع فى الأفكار، فعلى سبيل المثال، نخطط أن يقام بالتوازى مع هذا الملتقى سوق، تعتنى بإنتاج العرائس، كما نفكر أن نقيم سوقًا لبيع وشراء العرائس على هامش الملتقى، فى أبريل المقبل، فمن المقرر أن تعقد الدورة المقبلة بالشارقة، بالتوازى مع أيام الشارقة التراثية، والذى تمتد فعالياته ثلاثة أسابيع، وبدأنا التحضير مع إدارة التراث، التى تشرف على تنطيم هذه الفعالية، كى نقيم سوقًا موازية للدمى والعرائس بأيام الشارقة التراثية، كما سنقوم بضم أعداد أكبر من العرائسيين فى الوطن العربى، ونفتح باب التدريب والتأهيل خلال الملتقى بهذا المجال، فتم تدريب 65 شخصًا منهم 45 من دول عربية مختلفة خلال الملتقى بمصر.
■ لماذا اقتصر معرض العرائس على مصر، فلم نلحظ مشاركة أى دولة عربية أخرى؟
ـــ لأن مصر غنية فى هذا المجال، ومن السهل أن تقيم معرضًا بهذا الحجم، دون الحاجة لمشاركة دولة أخرى، فهى تحمل الريادة، سواء على مستوى تكنيك صناعة العروسة، أو على مستوى التحريك، وهى من الأساس رأس القاطرة، التى تقود الحركة، لكننا أتينا بعروض من الخارج؛ للمشاركة ضمن فعاليات الملتقى، من تونس وفلسطين، لكننا فى المعرض اكتفينا بمصر وحدها لأنها قادرة على إقامة معرض دولى بمفردها .  
■  وماذا عن دول الخليج العربى؟
ـــ  هناك دول عربية كثيرة محرومة، من هذا الفن، ففى الخليج يكاد يكون فن العرائس غير موجود، ومتراجع تماما، لذلك يحتاج إلى تنمية، رغم أنه فى فترة من الفترات، كان موجودا ومرتبطًا ببعض إدارات التربية والتعليم بالمدارس، لكن الآن لم يعد موجودا وظل هكذا لفترة طويلة، بسبب عدم وجود اقبال، على هذا النوع من الفنون، لعدم وجود تشجيع له، لذلك محاولة إحيائه، بهذا الزخم، سيؤسس ما يمكننا من البناء، لإعادة استنباط هذه الفنون من جديد فى دول عربية مختلفة .
■ ما الخطة الإستراتيجية التى تم وضعها لتغطية الوطن العربى بهذا الملتقى؟
 ـــ نحن نعمل على خطين متوازيين، الخط الأول مرتبط بهذا الملتقى، وتعاملنا مباشرة مع المؤسسات المعنية بصناعة العرائس، فى بعض الدول، والخط الثانى والأهم هو عمل استراتيجية عربية لتطوير المسرح المدرسى، وهذه الإستراتيجية طموحة جدا، على مدى عشر سنوات، لإعادة الحياة للمسرح المدرسى، من جديد كى يعود بالقوة التى كان عليها، فى السنوات الماضية، وأتصور أنها ستفتح مجالا جيدا، كى يكون هناك فنون للدمى والعرائس، بهذه المدارس، خاصة بالدول التى ليس بها فن الدمى، أما فيما يخص استراتيجية المسرح المدرسى، على مدار عشر سنوات، انتهينا منها وسترفع إلى وزراء التربية والتعليم العرب فى اجتماعهم المقبل، لاعتمادها، ونقوم بالتنسيق فى ذلك أيضًا، مع الألكسون، وبدأنا فى العشر سنوات الأولى، بخطة عاجلة لمدة عامين، أطلقنا عليها الإسعافات الأولية، لإعادة التنفس من جديد للمسرح المدرسى، ولن يأتى ذلك إلا من خلال، تدريب المشرفين على النشاط المسرحى بالمدارس، لأن المدرسين يحتاجون إلى تأهيل، وقمنا بتأهيل الفريق المحورى الأول على المستوى العربى، كمدربين حتى يعودوا دولهم، ويقوموا بتدريب المدرسين والمدرسات المشرفين على هذا النشاط بالمدارس، وانتهينا من هذه الورشة، وكان بها حوالى مائة متدرب عربى، والسنة المقبلة هناك ورش، سيتم إقامتها فى كل دولة على حدة ونأمل خلال الخمس سنوات، فى وصول عدد المتدريبن إلى 70 ألف مدرس ومدرسة بالدول العربية، كى يكونوا قادرين على الإشراف، على النشاط المسرحى المدرسى، بشكل مختلف ومتسلحين بالمعرفة، وفقا لما أسميناه دليل المسرح المدرسى، ولأول مرة يتم إصدار دليل، لطرق تأهيل المشرفين على المسرح المدرسى، ولكل سنوات الدراسة، وتم تصنيف كل مرحلة، بمعاييرها المختلفة، بها تمارين وإرشادات لتأهيل المدرسين.
■ فى رأيك هل العنف الذى شهدته المنطقة العربية السنوات الأخيرة دفعكم لوضع هذه الاستراتيجيات؟
ــ  بالتأكيد، لأنه عندما انحصرت الفنون، غاب وانحصر معها التحصين المجتمعى، لأن الفن عادة كان فى مواجهة، الفكر الظلامى، الذى لا ينمو إلا فى حاضنة أمينة، والمدارس بالنسبة لهم، كانت حاضنة أمينة، لأنهم يستطيعون ممارسة، كل شىء من خلالها، لذلك إذا اختفت الفنون وتلاشت من المدارس، يتسيد فى المقابل هذا الفكر، وهذا العنف الذى وصلنا إليه، لم يكن موجودا بهذا الشكل السنوات الماضية، لأنه كان دائما هناك حوائط صد بالمدارس، سواء من خلال الفنون أو الرياضة، وعندما اختفت كل هذه الفنون، نمى هذا الفكر، فإعادة الروح للمسرح المدرسى وأحياؤه، سيساهم فى بناء شخصية وذائقة فنية، لدى الطالب، لأن قضيتنا ليست، فى أن يصبح ممثلا ماهرا فيما بعد، لكن الأهم هو تأسيس شخصية مختلفة، قادرة على المواجهة وصناعة مستقبل بشكل مختلف، وتحمل فكر جديد منفتحا على العالم، ولا يمكن تحقيق ذلك، إلا من خلال هذه الفنون، وفى المدارس على وجه التحديد .
■ بعد تنظيم أكثر من دورة لمهرجان الهيئة العربية للمسرح كيف ترى الإنتاج المسرحى العربى اليوم؟
ــ مهرجان الهيئة العربية للمسرح أقيمت منه سبع دورات، والدورة المقبلة ستكون الثامنة، وهو يعتبر احتفاء بالإنتاج العربي، لكن الحقيقة أن هناك بعض التراجع، فى مستوى المنتج المسرحى العربى، وهذا التراجع أعتقد أنه نتيجة طبيعية لحالة الارتباك، والمتغيرات السريعة التى حدثت، وهذه الحالة انعكست على الإبداع الفنى بشكل عام، وعلى صنوف الثقافة، بما فيها المسرح، لذلك أصبح المؤلف مرتبكًا، لا يعرف ماذا يكتب، والمشتغلون بالمسرح مرتبكون، فالقراءة المسرحية أصبحت قاصرة، على أن تكون على تماس مباشر بهذا الواقع المعاش، ونحن نعذر الجميع، لأننا نريد الحفاظ على التواصل مع الجمهور، وأتصور أن هذه مجرد مرحلة انتقالية، لابد أن يستوعب فيها الجميع، كل ما حدث، لأن هناك أفراد لم تستوعب ما حدث، حتى الآن، وهناك من ينتظر النتائج التى لم تتحقق بعد، فالأوضاع السياسية اربكت الواقع كله اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، حتى مهرجان قرطاج هذه الدورة، كان به تراجع فى مستوى العروض، خاصة فيما يتعلق بالمسرح التونسى، الذى نعتبره أهم مسرح على مستوى الوطن العربي.
■ هل هناك مسابقة رسمية للعروض المشاركة بالمهرجان؟
ــ لدينا مسابقة واحدة، وهى اختيار افضل عرض مسرحى عربى، خلال سنة تتنافس فيها العروض، ونختار بعد عدة لجان العرض الذى سينال الجائزة، وعروض اخرى خارج التنافس، والجائزة تشترط ان يكون العمل عربيًا، أو مأخوذًا عن نص عربي، والتنافس عادة يكون عليه خلاف، ففى فترة كانوا يرون أنهم يقومون بتصميم عروض خاصة بالتنافس، والتسابق لنيل الجائزة، لكنها بعيدة عن الجمهور، لكن فى رأى الجائزة لها أيضًا مميزات، فبعد أن تسربت عناصر العمل المسرحى للتليفزيون والسينما، لابد من البحث عن شىء مغر أدبيًا، لإعادة المبدعين الذين هاجروا المسرح من أجل التليفزيون أو السينما، فهذه نوافذ مهمة للفنان تجعل لديه ولاء دائم للمسرح، وعلى سبيل المثال مهرجان دمشق المسرحى، كان من أقوى وأهم المهرجانات العربية، وهو بلا جوائز، لكنه كان فرصة يحرص كل العرب على التواجد فيها وكان حالة مسرحية مختلفة .
 ■ ماذا عن خطط الهيئة الفترة المقبلة؟
ــ نعمل حاليا على مستوى التوثيق، لأن لدينا مشكلة فى ذاكرة المسرح العربى، فلا توجد ذاكرة نبنى عليها، بسبب غياب الأرشيف، لذلك نحاول عمل توثيق، للحالة المسرحية العربية كلها، وهذا المشروع ضخم، يحتاج إلى مؤسسات ضخمة، لكن بعقد اتفاقيات مع المركز القومى للمسرح، فى مصر، وبعض الجهات، مثل المسرح الوطنى فى تونس، وغيرها واليوم انتهينا من توثيق خزانة المسرح الأردنى، لمهرجان الأردن المسرحى، من يوم انطلاقه حتى عام 2012، ولدينا 3600 وثيقة، بالإضافة إلى كل المسرحيات، التى كانت مصورة تليفزيونيا، على وسائط تقليدية قديمة، أعدنا نسخها وتنظيفها على سيدهات، وبإمكان أى شخص الإطلاع عليها، كما نعمل حاليا، على توثيق مهرجان قرطاج، وسيتم الانتهاء منه عام 2016، وانتهينا من مهرجان دمشق المسرحى، جمعناه بالكامل، بما فيه الأوراق البحثية، التى كانت تقدم فى الندوات الفكرية، كلها موجودة، وتم جمعها، أما اليوم، بدأنا فى رحلة البحث، عن المسرح التجريبى، بعد ذلك لدينا خط آخر جديد، وهو عقد ندوات بعنوان «همزة وصل»، وهى عبارة عن مجموعة ندوات للتوثيق، ولكن من منظور نقدى للتجربة المسرحية فى كل بلد، فقمنا بعمل ندوات ناجحة، فى هذا الإطار فى كل من المغرب، وأصبحت لدينا حصيلة توثيقية للحالة المسرحية، من وجهة نظر نقدية، وفى السودان، وتونس، والأردن، وقطر، والإمارات، وفى دول عديدة، ومن المقرر أن نبدأ سلسلة هذه الندوات بمصر، خلال 2016، فنحن نعمل على تأسيس، المركز العربى للتوثيق المسرحى، وسيكون مقره فى الشارقة وأعتقد أنه سيؤثر كثيرا، على الحالة المسرحية بالوطن العربى.