الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحكومة الغائبة

الحكومة الغائبة
الحكومة الغائبة




على الشامى  يكتب:

عبر صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون تطالعنا العديد من التقارير اليومية عن نشاط بعض بؤر الإرهاب فى أنحاء البلد، وفى الحقيقة أنا لا أتحدث هنا عن العمليات التفجيرية ونحوها، بل أتحدث عن نشاط أعمق وهو التواجد المتعمق فى بعض المؤسسات الحكومية فى وزارات بعينها.
أيضا أتحدث عن ترك بعض تلك الجماعات ترتع فى الحياة العامة، وربما ظهرت على لسان مؤيديها من الطابور الخامس كل فترة دعوة إلى المصالحة معها!
يذكرنى ما يحدث الآن من عشوائية وانعدام الرؤية لدى الحكومة، بالذات فى مسألة مكافحة الإرهاب، وتحويل الأمر إلى صراع أمنى بحت وتنحية الصراع الفكرى أو المواجهة الفكرية جانبا، بل والسماح لهذه الكيانات بالتواجد ومباشرة أعمالها، والسجون الخمس نجوم لقيادات الجماعة، يذكرنى كل هذا العبث بمقولة «من أمن العقوبة أساء الأدب» والجماعة الارهابية فى الحقيقة تسىء الأدب إلى مصر و شعبها.
يحيلنى هذا المشهد إلى باحثة صربية فى مجال علم النفس اشتهرت بالتجارب الغريبة والفريدة من نوعها، الباحثة هى مارينا ابراموفيتش، واحكى هنا تجربة مثيرة للجدل قامت بإجرائها على السلوك البشرى حيث أعلنت أنها ستتواجد فى إحدى القاعات وستقف متجمدة كتمثال لمدة ساعات تحت أى ظرف وبدأت التجربة المصورة والمسجلة فعليا فى البداية بدأ الناس – بدافع الفضول – يترقبون من بعيد مختبرين جدية الأمر ثم تجرأ البعض واقترب وبدأ البعض فى ملامستها دومنا استجابة مما شجعهم على دفعها أو ضربها بلطف ثم تطور الأمر للضرب العنيف والوخز بالأبر وتمزيق الملابس والتحرش بها حتى أن أحدهم أمسك بمسدس كانت تضعه أمامها وكاد أن يقتلها، فالمعتدى تيقن من أنها لن تتحرك فزادت وحشية الهجوم وبعد انتهاء التجربة تحركت الباحثة الصربية حركة خفيفة فانفض الناس من حولها متفرقين.
المغزى هنا واضح عندما وجد الناس أنه ليست هناك استجابة أو عقوبة على الإيذاء تشجعوا للانطلاق لأبعد مدى، ربما لمدى لم يكن أحدهم يتصوره، فما بالنا أن المناخ العام يشجع هذه الممارسات، لكن بمجرد أن تعطى الحكومة إشارة على قوتها وتواجدها وحزمها ستجد أن أى خارج عن القانون سيلتزم بهذا القانون ويطبقه بحذافيره.
تجربه أخرى هى أحداث سجن أبوغريب بالعراق على يد قوات الاحتلال الأمريكى وأيضا معتقل جوانتانامو الأمريكى، الذى كانت به خروقات كثيرة للقانون الدولى نعلم جميعا تفاصيلها وغيرها من التجارب التى تؤدى بنا إلى نفس النتيجة.
العدوان جزء أصيل من تكوين النفس البشرية، وإن لم يكبت بشكل ناضج فى إطار الأخلاق والقيم لابد وأن يكبت فى إطار الردع وقوة القانون حتى ينعم المجتمع بالسلام، أو يكون على أقل تقدير أقرب إلى السلام فالحكومة الرخوة الهشة الغائبة تشجع البعض على التطاول والتجاوز إذا حدث هذا لن تجد – أو ستجد فى اطار ضيق ومسموح به – قضايا تحرش أو إرهاب أو بلطجة، فقط إذا استطاعت الحكومة أن يكون لها هيبة وأن تقوم بتنفيذ القانون فى الشارع فقط إذا استطاعت الحكومة أن تبسط يد القانون على الشارع لا أن تخرج فى خزى بفضائح فساد فى وزارة تلو الأخرى.