الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السياحة فى مصر والحاجة للتوجه شرقاً

السياحة فى مصر والحاجة للتوجه شرقاً
السياحة فى مصر والحاجة للتوجه شرقاً




أحمد عبده طرابيك  يكتب:
يشكل قطاع السياحة أهمية كبيرة لمصر، ليس على المستوى الاقتصادى باعتباره أحد أهم مصادر الدخل القومى من العملات الأجنبية، ولكن على المستوى الاجتماعى لما يستوعبه ذلك القطاع الحيوى على نحو ثلاثة ملايين من الأيدى العاملة سواء بشكل مباشر للعاملين فى قطاع السياحة، أو بشكل غير مباشر للعاملين فى مجال الخدمات والمرافق التى ترتبط بالنشاط السياحى.
تمتلك مصر كل مقومات الجذب السياحى التى تجعلها تتبوأ مكانة متقدمة على قائمة الدول الجاذبة للسياحة فى العالم، وظلت مقصداً للسياح القادمين من الدول الغربية لعقود طويلة، لولا وجود بعض الأسباب التى أدت إلى كساد قطاع السياحة المهم، تأتى فى مقدمتها الأسباب المتعلقة بإدارة ذلك القطاع، بداية من تطوير التراث الهائل الذى تمتلكه مصر خلال عصورها التاريخية المختلفة، وصولاً إلى الترويج السياحى فى الأسواق التقليدية ومحاولة فتح أسواق جديدة، مروراً بالبنية التحتية المتعلقة بقطاع السياحة من فنادق ومتنزهات ووسائل مواصلات والنظافة وغيرها من الأمور التى تعتبر من العوامل الأساسية فى جذب السياح.
 أثناء بعض الفترات التى شهدت مصر خلالها بعض التوترات الأمنية خلال عقد التسعينيات من القرن الماضى، لم يشهد السوق السياحى فى مصر ركوداً مثلما يشهده قطاع السياحة فى تلك الفترة، الأمر الذى يدعونا إلى دراسة تلك الظاهرة من كل جوانبها، خاصة فى ظل تحول السياح إلى أسواق أقل بكثير فى امكانياتها عما تمتلكه السوق المصرية من عوامل للجذب السياحي.
تعتبر دول آسيا الوسطى والقوقاز من المناطق التى ليست لديها معرفة كافية عن سوق السياحة المصرية، فعلى مدار ما يقارب ربع قرن من الزمان هو عمر استقلال تلك الدول عن الاتحاد السوفيتى لم تنل تلك الدول اهتماماً كافياً من المسئولين عن قطاع السياحة فى مصر، ولم تتعد المعرفة لدى سكان تلك البلاد عن السياحة فى مصر إلا من خلال المعلومات التى يرجع بها الطلاب الذين يأتون للدراسة فى الأزهر الشريف وبعض الجامعات المصرية الأخرى.
 تنظر دول آسيا الوسطى والقوقاز إلى مصر على أنها من أهم الدول فى المنطقة العربية والعالم الإسلامى، وذلك لما بينها وبين مصر من علاقات تاريخية عريقة، إضافة إلى ما يربط بين الشعب المصرى وشعوب تلك الدول من روابط تتعلق بالعقيدة والعادات والتقاليد والقيم المشتركة، إضافة إلى أن مناخ تلك الدول الذى يمتد فى فصل الشتاء لأكثر من نصف شهور السنة، يتخلله انخفاض درجات الحرارة إلى ما يصل فى كثير من مناطقها إلى 30 تحت الصفر، وكل تلك العوامل تجعل من مصر جهة مفضلة للسياح من دول آسيا الوسطى الخمس ودول القوقاز وخاصة أذربيجان، خاصة مع حلول فصل الشتاء الذى يسعى فيه السياح من تلك الدول للبحث عن مناطق دافئة وبها عوامل الجذب السياحى والتى تتميز بها مصر عن دونها من دول المنطقة التى يتوجه إليها هؤلاء السياح.
 توجد الكثير من العقبات فى سبيل جعل مصر من أهم أسواق السياحة لدول آسيا الوسطى والقوقاز، فى مقدمتها عدم وجود رحلات طيران مباشرة بين مصر وأى من عواصم تلك الدول، بالإضافة إلى عدم وجود عوامل الترويج الكافى لسوق السياحة التى تتميز بها مصر عن غيرها من الجهات التى تستقطب هؤلاء السياح، وفى هذا الصدد أشير إلى تجربة بسيطة رأيتها خلال زيارتى للمركز الثافى المصرى فى باكو عاصمة أذربيجان، حيث يقيم مدير المركز الدكتور أحمد سامى العايدي، معرضاً متواضعاً مكوناً من عدد محدود من النماذج لبعض المعالم المصرية، ويتجول به بين الحين والآخر فى الجامعات والمراكز الثقافية والتجمعات الشبابية، الأمر الذى يلقى اهتماماً كبيرا لدى الشباب، ومن ثم يمكن تطوير تلك الفكرة من خلال معارض أو مؤتمرات سياحية أو غيرها من أساليب الترويج للسياحة المصرية خاصة وأن فصل الشتاء قد بدأ بالفعل فى هذه الدول، وبدأ السياح فى البحث عن المناطق الدافئة لقضاء عطلاتهم الشتوية بها.
بعد فقدان سوق السياحة المصرية لشريحة كبيرة من السياح الغربيين، أعتقد أنه قد حان الوقت للتوجه نحو الشرق واستقطاب السياح الآسيويين وخاصة من الدول الإسلامية فى آسيا الوسطى والقوقاز والتى تحظى مصر فى ذاكرة شعوبها بسمعة طيبة، الأمر الذى يعنى أن قليلا من الجهد المنظم فى هذا المجال سوف يأتى بثمار طيبة فى المستقبل القريب، ويسهم فى انعاش قطاع السياحة الحيوى اقتصاديا واجتماعياً.