الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لكن ربنا ستر!

لكن ربنا ستر!
لكن ربنا ستر!




وليد طوغان  يكتب:
الخلط بين القوى التقليدية وبين نظام مبارك خطأ استراتيجى، القوى التقليدية هم أتباع الدولة، أو الداعون لصيانة الدولة وحفظ مؤسساتها، مع الدعوة الى مزيد من الإصلاح السياسى والعدالة الاجتماعية.
التماهى الذى حاول شباب يناير إحداثه، بين مفهوم القوى التقليدية، وبين نظام مبارك انطلق من نيات ليست خالصة. مثلا سموها «الدولة العميقة»، ورسخوا فى اعتقاد الكثير أن الدولة العميقة مرادف لفساد نظام مبارك، ورموز نظام مبارك وفلول نظام مبارك، أظهر شباب يناير أنفسهم فى مواجهة ضرورية، مع الدولة العميقة، والقوى التقليدية لانجاح «الثورة»، وصدروا معادلة تقول إن بقاء القوى التقليدية، على الارض، يعنى بالضرورة «سرقة الثورة».
تنامت تلك المعادلة، وانتشرت وتوغلت، إما عن قلة وعى، وإما عن نية ليست خالصة لوجه الله، الفترة الأخيرة عادت النغمة مع نتيجة المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية. فشل المحسوبين على تيار يناير علقوه على القوى التقليدية، سقوط رموز يناير فى الاختبار السادس، منذ 2011، احالوه على «الدولة العميقة» وقدرتها على السيطرة أو النفاذ فى الاستحقاقات. هى وجهة نظر.. لكنها ليست صحيحة.
نظام مبارك، سقط، وانتهى، ولم يعد له رجال ولا تكتلات، العداء المكتوم على الساحة بين قوى يناير والقوى التقليدية، ليس نزاعا بين رجال مبارك وبين شباب الحريات، على حد ما لا يزال شباب يناير يصدرونه.
رجال القوى التقليدية، هم الداعون لقوة الدولة، وسيطرتها، وإقامة مؤسساتها، وتعديل مسارها مع الوقت، وحسب الظروف والمواءمات، بينما أفكار «اليانايرجية» مثالية، تتكلم عن الفساد، ولا تستطيع تحديده، تتكلم عن الحريات وتخلط بينها وبين العنف ضد السلطة، وضد الرأى الآخر، تتحدث عن العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، بينما هى فى الواقع لا تمارس هذا داخل صفوفها، فلا عدالة فى أحزابها، ولا تكتلاتها ولا تكافؤ فرص، ولا مكان لديها للرأى الآخر.
واقع الأمر أن هبة 30 يونيو كانت بطولة مطلقة للقوى التقليدية. استهدفت القوى التقليدية فى يونيو جماعة الإخوان، وشباب يناير الذين تحالفوا مع الإخوان، وظلوا فى مكاتبهم، وتنسيق معهم، وبقى بعضهم فى برلمانهم حتى ساعات قليلة قبل 30 يونيو.
موقف القوى التقليدية، من 30 يونيو مختلف عن موقف شباب يناير منها. أغلب «الينايرجية» وشبابهم على الفضائيات كانوا «ضد حكم العسكر» حتى دعاهم الرئيس لقصر الاتحادية، فتحولوا إلى «حبايب العسكر»، بينما أتباع القوى التقليدية، لا يرون فى الجيش المصرى عسكر، ولا هم من كتبوا على الدبابات فى التحرير شعارات ضده وضد أفراده وجنوده.
شباب يناير هم الذين رشقوا ضباط الجيش بالطماطم، عام 2012. نظرة سريعة على يوتيوب تطلعك على رأى مرتزقة ما قبل يونيو الذى تغير بعد يونيو، خالد أبو بكر يطالب الجيش بحماية الحدود، ويوسف الحسينى يتكلم عن الحكم المدنى، وطهارة 6 أبريل. إبراهيم عيسى يتهم مؤسسات الدولة باغتيال شباب يناير فى ميدان التحرير، بأوامر من مبارك عام 2011، وفى 2014 ينفى اتهاماته للرئيس الأسبق امام المحكمة، ويشكك فى أن الشرطة، ومبارك هم الذين قتلوا المتظاهرين.
خطأ جسيم مساواة القوى التقليدية، برجال مبارك، تماما مثلما هو خطأ جسيم مساواة قوى يناير بقوى يونيو.
يونيو، رغم أى ملاحظات هى الطريق للدولة.. بينما يناير كانت الطريق لستين داهية، وربنا ستر.