الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التكفيريون يعظون.. ويهددون

التكفيريون يعظون.. ويهددون
التكفيريون يعظون.. ويهددون




 عاطف بشاى يكتب:

ما زال «ياسر برهامى» يواصل رسالته التكفيرية العظيمة مصحوبة بتهديدات صفيقة ضد السلم الاجتماعى والدولة المدنية فى أعقاب السقوط المدوى لحزب النور فى انتخابات البرلمان، فقال بتبجح سافر أن المتدينين والسلفيين سيتجهون إلى الانخراط فى التنظيمات الإرهابية المسلحة لشعورهم باليأس والإحباط بسبب ما يراه صمتا من جانب الدولة عن فشل مرشحى حزب النور فى المرحلة الأولى من الانتخابات.
كما تبعه رئيس الحزب بتصريح فحواه أن قبولهم وجود المسيحيين على قوائم الحزب ليس إلا رضوخا للدستور.. لإقناعه بأنهم مواطنون من الدرجة الأولى.
وإذا كان علينا أن نعود إلى الماضى القريب لنتذكر رحلة هذا البرهامى العتيد من الخطابة والفتوى حتى تكوين الحزب ودخول الانتخابات.
فقد كان فى يقيننا قبل ثور (30) يونيو أن «مصر» قد انقسمت، وأصبح الصراع يتركز على السلطة بين الإسلاميين والمدنيين، حتى كان الطوفان البشرى الكاسح الذى تدفق نحو ميدان التحرير فى احتشاد هائل ومسيرات ضخمة ضمن فعاليات «للثورة شعب يحميها» التى دعت إليها «جبهة الإنقاذ الوطنى» وقادها ممثلو القوى الثورية تحت شعار «يا بلدنا يا ثورى، ثورى، ضد الإعلان الدستورى» للمطالبة بحل ذلك الإعلان، وحل الجمعية التأسيسية والهتافات الهادرة التى تدعو إلى إسقاط حكم المرشد، تؤيدها مظاهرات ضخمة فى معظم محافظات «مصر».
كان ذلك يؤكد أن الإرادة الشعبية بملايينها الهائلة التى لا تمثل تيارا محددا أو حركات ذات توجهات جزئية، توحدت هذه الإرادة بالقوى السياسية الوطنية التى كنا ننتقد تشرذمها واختلافها وتضارب توجهاتها ومصالحها توحدا عضويا قويا فى التحام وطنى حقيقى يؤكد أن الميدان قد استرد شرعيته وهويته، وأن عقارب الساعة عادت إلى أيام الثورة الأولى لترسم ملامح الثورة الثانية.
لقد كانت مليونيات الغضب تلك ليس هدفها الأساسى، وليس محركها الرئيسى هو فقط إسقاط الإعلان الدستورى، لكنه كان مجرد ذريعة أو عود ثقاب أو مثيرا محركا للأحداث لتحقيق أهداف الثورة التى لم تتحقق، وإنما استبدلت بسعى الإخوان إلى تنفيذ مشروعهم الخاص فى إقامة دولة دينية، وتنفيذ الحدود وتطبيق الشريعة وقد كان، وقامت ثورة 30 يونيو، وأدت حكومة الببلاوى اليمين.. وبدأ العمل فى ظل مناخ عاصف وظروف مرتبكة لمرحلة حساسة ودقيقة فى تاريخ الوطن.. فأصبح ما يثير الدهشة أسئلة تظل بلا إجابة عن حجم تأثير وقيمة وأهمية ووزن السلفيين الذى يجعل من تدخلهم فى أمور الحكم رغم قيام الثورة بالإطاحة بالقيادات الدينية المتطرفة والسعى إلى استعادة «مصر» من خلال مواجهة جماعة «الإخوان» التى اغتصبت السلطة وتاجرت بالدين.. ونهبت خزائن الدولة.. وفرطت فى الوطن واستباحت الدماء.. وأشعلت الفتنة.. وانتهكت حقوق المرأة وحاولت تغيير هوية «مصر».
وقد بدأ هذا الخطر يطل برأسه بمفاجأة «حزب النور» بالاهتمام الغريب بضرورة تواجده كحزب سياسى دينى فى المجلس الرئاسى للمرحلة الانتقالية.. وهو حزب لم يكن فى وقت من الأوقات حزبا سياسيا.. ولم يشارك فى الثورة لكنه يطرح نفسه كبديل للإخوان ووريث لها.. لقد انتظر حتى أطاح الشعب والجيش بالإخوان فانقضوا ليجمعوا الغنائم.
والغريب فى الأمر أن شباب «تمرد» وافقوا على التحاور مع حزب «سياسى دينى».. وهم الذين كانوا يدعون إلى حل جماعة الإخوان المسلمين.. فما الذى جعلهم يتجهون إلى الانزلاق إلى التفاوض مع «حزب النور»؟! وهل يتفاوض الثوار؟! وما هذا التناقض وهم يعلمون أن السلفيين لم يشاركوا فى الثورة.. ثم هم الذين أدركوا أن هناك مؤامرة إخوانية بمشاركة مع «النور» لإجهاض ثورة (يونيو)
إن التبرير أن حملة تمرد حينما رحبت بالتحاور مع «حزب النور» رغبة منها فى عدم إقصاء التيار الإسلامي، وأن السفينة لابد أن تبحر وإلا سيغرق الجميع، وأن هذا الوقت ليس وقت خلاف (وكأنه خلاف على أشياء هامشية أو ثانوية)
لكن ما حدث بعد ذلك أوضح إلى أى جانب يقف (حزب النور) وهو يجلس إلى جانب الشباب فى المفاوضات، وفى نفس الوقت يعمل شبابه داخل ميدان «رابعة العدوية» جنبا إلى جنب مع الإخوان.
ثم وبينما انشغلت النخبة بالإجابة عن الأسئلة (العويصة): هل 30 يونيو ثورة؟! هل تجرى انتخابات الرئاسة أولا أم البرلمان؟! هل يجوز إقصاء التيارات الدينية من المشهد تماما أم لا يجوز، تتوالى المبادرات والاشتباكات الجدلية حول كيف يفض الاعتصام سلميا أم دمويا، هل يتم التصالح والوفاق أم يظل الخصام فلا تسامح مع الدم ولا سلام مع الإرهاب.
بينما تم ذلك، وبعد فض الاعتصام يقتحم السلفيون الكادر وتسمح لهم الحكومة بالتواجد فى لجنة الـ50 لم تر الحكومة الانتقالية وقتها غضاضة إذا فى وجودهم، كما رحبت بهم بعد قيام ثورة 25 يناير، ورحبت بتكوين أحزاب على مرجعية دينية، وهى فرصة ما كانت تحدث لولا سماحة الليبراليين والقوى الوطنية والسياسية من «النخب» التى لم تقاوم هذا الالتفاف والخلط المعيب.. مواطنة، طائفية، ديمقراطية، أعداء للديمقراطية وعلمانيون يؤمنون بالمنهج العلمى ودينيون يرفعون شعار مناصرة شرع الله.
وتأتى حكومة «محلب» ومن بعدها الحكومة الحالية لتظل الدولة متجاهلة لتفعيل الدستور الذى يمنع قيام أحزاب على أساس دينى، ويواصل برهامى فتاواه الشاذة ونشاطه التكفيرى وتهديده باللجوء إلى العنف بعد السقوط فى الانتخابات، وسيظل الظلاميون فى مواصلة إشاعة مناخ من التطرف والتخلف والاتجار بالدين، طالما أنه لم يحل «حزب النور» ولم تعلن الدعوة السلفية كمنظمة محظورة شأنها شأن الإخوان.. أليس كذلك؟!