الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الوردانى: «قانون» الشعب المصرى لم يكتشف بعد و«الثورة» حطمت حاجز الخوف






كشف الروائى محمود الوردانى فى أمسية الاحتفال بصدور روايته الجديدة “بيت النار” بدار ميريت الأربعاء الماضى أنه كان يحلم طوال حياته بكتابتها وكانت مشكلته هى الفصل بين الرواية ومنطقها ومنطق السيرة الذاتية، إلى أن انتصر منطق الرواية، فهناك شخصيات بروايته - كلها حقيقية - ماتت رغما عنه بفعل قانون السرد والأحداث لكنها لاتزال على قيد الحياة!... أحداث الراوية تدور فى ستينيات القرن الماضي، لكن “الورداني” لم يمنح “الزمن” السطوة أو المحرك للأحداث كما هو معروف عن هذه النوعية من الكتابة، بينما الحدث هو البطل، فشخصية “مصطفى” والتى تتشابه مع الكاتب نعيش معه طفولته ثم مراهقته، يتنقل فيها بين أعمال عدة، من موزّع للثلج إلى مكوجى إلى عامل بمحل عصير، وغيرها من الأعمال، وجعل لكل شخصية منها حقها فى تفاصيلها، مع الاهتمام بالخلفية الاجتماعية لمصر فى ذلك الوقت، من خلال أسرة تحت المتوسطة تعيش فى حى شبرا ترتقى ماديا، ويلمح القارئ شيئا عن شبكات العلاقات المتعددة بين الأسر وبعضها فى الأحياء الشعبية.. فعن روايته تلك وحال الثقافة والمثقفين كان لـ«روزاليوسف» هذا الحوار.


▪ كنت أحد الذين شاركوا فى الحركة الطلابية بالسبعينيات ما انعكاس ذلك على إبداعك؟
- بدءا من عام 1972 كنت مشتركًا بالحركة الطلابية المشتعلة آنذاك وكانت مطالبها متعلقة بالديمقراطية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى لسيناء وكانت الحركة اليسارية قوية آنذاك من حيث تنظيماتها السرية والمعلنة، لذا فإن جزءا أساسيا من تكوينى والتى منها الكتابة ينتمى لهذه الحركة، لكنى لا أعرف حقيقة تأثيرها على كتابتى وعلى نشاطى عموما وفى حياتى العامة حتى الآن.


▪ السياسة كان لها حضورًا كبيرًا فى أعمالك الإبداعية ألم تخش سيطرة أفكارك السياسية عليها؟
- أنا لا أخاف من الخلفية السياسية للكاتب واعتبرها جزءًا من تكوينه حتى لو كنت أختلف مع أيديولوجيته، ففكرة أن أى كاتب يكتب فى الفضاء ويدير ظهره لفكره السياسى بحجة أنها تفسد الفن بينما أن الفكر السياسى المباشر هو الذى يفسد الفن وتدفعك لخانات ضيقة، إنما غير المباشرة تمنح منهجًا للتفكير والإحساس ولا أراها سلبية فى كتاباتى.


▪ ما رأيك فى عزوف بعض المثقفين عن المشاركة بالحياة السياسية وليس لها مواقف واضحة مكتفين بعرض آرائهم فى كتاباتهم؟
- قد يكون هذا قد حدث قبل الثورة، كان هناك البعض يفضل عدم المشاركة بالعمل السياسى العام وكانت وجهة نظر تحترم، لكن بعد الثورة تغير الحال وأصبحت هناك مشاركة حقيقية على كل المستويات من حيث المشاركة بالمظاهرات والأحزاب السياسية وتشكيل ائتلافات ثورية أيضا، فالفنان التشكيلى صلاح عنانى حتى الآن يساند الثورة بالميادين، لكن باستثناء القليل منهم الذى لا يشارك ولا يزال على موقفه.
 
▪ تنوعت كتاباتك ما بين القصة القصيرة والرواية أيهما الأقرب إليك؟
- أنا بدأت ككاتب قصة قصيرة ولا أزال أحمل لهذا الفن إعزازًا خاصًا لأنه من أكثر الفنون حساسية واستجابة وإحكاما، لكن وجدت فيما بعد أن الرواية هى الأكثر على استيعاب ما أريد قوله، مع هذا لا أزال أعتبر نفسى قاصًا لأن أغلب الروايات التى كتبتها كانت عبارة عن مشاهد تنتهى للقصة القصيرة على نحو من الأنحاء، حتى الكتب التى تناولت فيها التاريخ مثل كتاب “حدتو” أو كتاب “على هامش الحرية” كانت كتبًا ذات طابع روائى وهو ما لفت نظرى بعد الانتهاء منها، ففى رأيى الشخصى اعتبر أن الجبرتى وابن إياس هم روائيون كبار فلقد تناولوا التاريخ على نحو ساحر وأرى أن كتاباتهم تنتمى للفن أكثر من التاريخ.


▪ كيف ترى مستقبل الكتابة والإبداع فى ظل صعود الإسلاميين؟
- لا أخفيك قلقى الشديد وأشعر أننا سنخسر الكثير من حريتنا، والفترة المقبلة فيها خسائر مؤكدة للكتابة والتنوير وللحرية، وسيكون هناك عدوان أيضا على الحريات الشخصية، لكن من أجمل ما فعلته الثورة أنها حطمت حاجز الخوف عند الناس وأصبحت لديهم القدرة على المواجهة طول الوقت، وستدور المعركة لعدة سنوات قبل أن يستقر وضع ديمقراطى متوازن، لأن الإخوان يريدون تكسير كل شيء وأخذ كل شيء، فاليوم صدر تصريح غريب جدا من أحد قيادات الإخوان بحزب الحرية والعدالة يقول فيه أنهم سينزلون الانتخابات البرلمانية المقبلة وسيفوزون بنسبة 100%، فهذه معركة كبرى بالتأكيد ستكون فيها خسارة، لكن لا أظن أنها على المدى البعيد ستظل خاسرة، فعلى سبيل المثال كنت من أكثر الناس الذين فوجئوا بحجم الأصوات التى حصدها صباحى دون أن يدفع الأموال أو أكياس الزيت والأرز وهو ما يجب أن نتوقف أمامها كثيرا لأنها توضح أن هذا الشعب له قانون خاص لم نكتشفه بعد، إنما فى النهاية ستظل هناك مقاومة وقلق دائم ولن يهنأوا بمحاولة تغيير الروح المصرية.


▪ كيف تتم هذه المواجهة والأدوات التى لا بد أن يمتلكها المثقف فى الفترة المقبلة؟
- على الجميع أن يركز فى عمله، حركات سياسية تنشأ طول الوقت فالفنانون والأدباء تنتج الائتلافات والحركات السياسية إضافة لجبهات حماية حرية الفكر والإبداع، أيضا مواقف اتحاد كتاب مصر حتى الآن جيدة، لأن المعركة كما ذكرت طويلة وبحاجة للنفس الطويل ولا يجب أن نكتفى بالوقفات الاحتجاجية فقط.


▪ لكن هناك بوادر لقمع الكتّاب ومنع البعض من الكتابة بالصحف ومنع مقالات أيضا، فما البدائل أو القنوات الأخرى المتاحة للمثقف؟
- أنا تم “تطفيشي” وقررت ألا اكتب، وللأسف أن هذا كان يحدث وقت مبارك أيضا ونشهده الآن فى ظل حكم الإخوان بعد الثورة، فهم اعتبروا أن الصحف القومية غنيمة وهذه “خيبة”، لكن يجب علينا أن نخلق أدواتنا الجديدة والبديلة فهناك العشرات من الأساليب بدءا من الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات والائتلافات والحركات السياسية والمبادرات الثقافية عبر أحزاب أخرى مدنية وهى تربة خصبة جدا الآن، كذلك الأحزاب بالمحافظات الأخرى خارج القاهرة مطالبة أن تثبت وجودها وتكون قادرة على أخذ حقها، فالثورة علمتنا القدرة على إثبات ذواتنا وأفكارنا وتوصيل صوتنا.
 
▪ هل لاتزال القاهرة هى المركز للإبداع على مستوى الأقاليم؟
- هذا الدور يتضاءل حاليا فالدور المركزى كان غاشما وفظيعا وبدأت تبرز أماكن بعيدة عن القاهرة مثل إسكندرية ودمياط وأسيوط والأقصر.
 
▪ ما تقييمك لتجربة العمل الثقافى الرسمى الآن؟
- لا يوجد عمل ثقافى رسمى الآن، فهو وهم وأشباه أفعال رسمية لكنها غير مؤثرة باستثناء الكتب التى صدرت هذا العام من الهيئة العامة للكتاب، فلا أمل فى العمل الثقافى الرسمى.. انتهى تماما، فالأمل فى العمل الأهلى الآن وهو الأكثر نشاطا وفعالية عن الرسمى بمراحل.