الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أسأنا للإسلام أكثر من أصحاب الفيلم




موجة غضب أغرقت رصيف السفارة الأمريكية وميدان سيمون بوليفار بعد انتشار فيلم «محارب الصحراء» المسىء للرسول صلى الله عليه وسلم.
 
 
«روزاليوسف» تحاول فى هذا التقرير رصد المشهد العام وتحليل الرؤية لرد الفعل الشعبى والرسمى والإعلامى من خلال استطلاع رأى بعض المثقفين والمحللين السياسيين.
 
أوضح الناقد د.يسرى عبدالله أستاذ النقد والأدب الحديث بآداب حلوان وأحد مؤسسى «تيار الثقافة الوطنية» أن هناك طرقاً إيجابية كان لابد من اتخاذها حيال ما حدث، تبدأ بإعمال القانون وملاحقة صناع هذا الفيلم المسىء ومعرفة من يقف وراءه، مشيرا إلى أنه بذلك ننتقل من الحيز السلبى بردود فعله العنيفة إلى ذلك الإيجابى القائم على أسس يتوخاها العالم الحر من تسييد للقانون وجعله وجهة وحيدة للتعامل مع مثل هذه المواقف، كاشفا عن أن هذا هو ما افتقده رد الفعل العربى والإسلامى حين نزع إلى العنف غير المبرر فى أسوأ صورة يمكن أن تُمنح عن العرب والمسلمين، فهناك فارق جوهرى ما بين الغضب والعنف كما أن هناك فارقا شاسعا بين القانون المدنى وقانون الغاب ولذلك كان لابد بداية من تحرك دبلوماسى مصرى وفى اعتقادى أن الموقف الرسمى جاء متأخرا ولم يكن حازما إزاء أعمال العنف ومثلما يجب ملاحقة من صنعوا هذا الفيلم المسىء قضائيا يجب ايضا محاكمة من أسهموا فى إشعال الغضب الجماهيرى واستثماره من القوى الإسلامية التى دعت إلى التجمهر ثم انسحبت بعد ذلك وتركت وتيرة العنف تتصاعد بفعل عناصر باتت غريبة عن المشهد ككل، إن علينا وباختصار أن ننقد ذواتنا أولا وأن نجعل من نقد الذات ومساءلتها طريقا لعالم أكثر تقدما وعدلا وإنسانية.
 
فى المقابل تحدثت الكاتبة فريدة الشوباشى قائلة: للأسف هناك الكثيرون الذين يستغلون الموقف لأغراض وطموحات خاصة بهم، لكن الأخطر من ذلك أننا لانعبر عن غضبنا بالشكل الصحيح، فأنا أتساءل ما الذى قدمناه للإسلام حتى نهجم على السفارة الأمريكية؟!..أقول ذلك رغم تحفظى الشديد على أمريكا وموقفى منها المعروف والمعلن طوال حياتى لكن هذا سؤال واقعى لا بد من أن نسأله لأنفسنا، كما أنه قد لفت نظرى تغريدات عديدة على التويتر كانت جادة فى رفض ما يحدث ومنها من كتب يقول « بدل ما تروح تنزع علم أمريكا من على السفارة انزعه من على سطح القمر» وهو واقع، الحقيقة أن صناع الفيلم ليسوا فوق الشبهات لكن ليس معنى ذلك أن يظهر عندنا شيوخ يسبون المسيحية وينسون الآية الكريمة التى توضح أنه لا تزر وازرة وزر أخرى! ويتصرفون بشكل مناقض للإسلام تماما، وأريد أن أسأل هل الإسلام بالهشاشة التى يؤثر فيها مثل هذا الفيلم؟..هل لو أنتجت عشرات الأفلام ضد رسولنا الكريم سنكفر به وبالإسلام؟..أيضا لماذا والمملكة السعودية الدولة الحاضنة للحرم المكى والمسجد الحرام لم تقم بها مظاهرة واحدة؟!..هل المراد من ذلك تفتيت مصر بفعل الفتنة الطائفية؟..أنا حزينة جدا حقيقة وأدعو الله أن ينجينا من شيوخ الفضائيات الذين لا نعرف من أين أتوا ويرحمنا من تصريحات وجدى غنيم التى لابد من محاسبته عليها رسميا لأنها مرفوضة تماما وتدعو للفتنة.
أما الكاتب أحمد الخميسى فيقول: أولا الفيلم مسىء ومنحط طبعا لا جدال فى ذلك، لكن المشكلة أن ردود الأفعال غير مدروسة بمعنى أنها تمثل حالة من الغضب العشوائي، فأنا أفهم أن يطالبوا بمقاطعة الأفلام الأمريكية أو السلع لكن لايوجد مطالب محددة وواضحة وهناك حالة من الخلط الشديد ما بين السفارة الأمريكية وأن هناك بأمريكا حرية للإبداع خاصة وأن هناك أفلاماً ينتجونها لنقد المسيح ايضا! فهذه هى ثقافتهم فأنا لا أعرف ما علاقة السفارة بالفيلم، فلم أر مطلباً واحد فى هذه الحركة الغاضبة، فى نفس الوقت هذا الخلط ما بين شخص ما مثل موريس صادق وبين الأقباط المصريين وبينه وبين كهانة العقيدة المسيحية! فهل هذا هو الرد الصحيح؟! ام أن الرد هو المطالبة بتجريم إهانة الأديان؟ .. علما بأن الممثل الرئيسى بهذا الفيلم هو ابن حسن يوسف أحد القادة بحركة حماس وكان أبوه قد تبرأ منه وقيل أنه عميل بالمخابرات الأمريكية، إذن فالفيلم من إنتاج مسيحى ويمثله مسلم فلماذا الهجوم على المسيحيين فقط؟!...فهذا غضب بلا عقل ومشهد غير مبهج إطلاقا.
وأفصح النائب مجدى المعصراوى عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى عن استيائه من ردود الفعل لأن الرسول أكبر من أن ينال منه أحد، وأردف: فماذا لو أن أحد السفهاء يصنع مثل هذا الفيلم للتشويه والفتنة هناك طرق أخرى غير ذلك من مهاجمة السفارات وإحراقها بطرق اكثر تحضرا وفعالية، فلا أعرف ما نسميه سوى أنه إسفاف!..فلماذا يصل التظاهر السلمى لهذا الوضع وإصابة ابرياء مدنيين وأفراد الشرطة فما ذنبهم ؟! .. فمن المفترض أن يكون هناك اجتماع طارئ للحكام العرب أو منظمة المؤتمر الإسلامى لتقديم قرار ملزم وميثاق لعدم ازدراء الأديان ليتم معاقبة من يقومون بذلك، لكن أن نظل هكذا فى موضع رد الفعل طوال الوقت.
 
فى السياق علق الكاتب والباحث هانى لبيب قائلا: أولا هذه الأشياء غير جديدة فهناك الكثير من الإساءات التى حدثت عند الغرب من الإساءة للمسيح والعذراء أيضا، لكن ما هو خطير أنه فى حالة أن يصنع شخص مثل هذه الإساءة فلا يجب أن أدين بشكل جماعي! فردود الفعل جاءت غير منضبطة بمعنى أنه إذا كان مسيحيو مصر شاركوا المصريين لكن أن يظهر وجدى غنيم ويسب المسيحية ويظهر أبوإسلام أحمد عبدالله ليحرق الإنجيل هو نوع من التصعيد وليس الحل، والمشكلة الأكبر أنه لا يوجد قانون لتجريم ازدراء الأديان بمصر.
فإذا كنت أنا كمواطن مسيحى مصرى قد أدنت ما حدث عبر قناة الجزيرة أثناء وجودى خارج مصر فى مؤتمر «الإسلاميون وثورات العرب» بقطر بحكم الالتزام والانتماء، فلا يوجد أى مواطن مسلم أدان كلام أبوإسلام أحمد عبدالله، فى المقابل لا أستطيع أن أحمل المؤسسة الدينية الأخطاء التى حدثت فلا بد أن يكون هناك موقف قانونى تجاه ازدراء الأديان، فهناك أفلام ظهرت ضد المسيح فى الغرب فهل قللت من قدره؟! بالتأكيد لا فهذه الأفلام لا تقلل من شأن الدين أو الرسل، الجديد الذى يحدث فى مصر هو حالة الفوضى والعشوائية فى السجال الدينى الذى غاب فيه العقل وتحكيمه للوصول إلى حلول فعلية..أنا خايف فى الفترة القادمة وأحذر من أن تحدث حالة من العقاب الجماعى للمسيحيين فى مصر التى من الممكن ألا تحدث على مستوى الشارع إنما على المستوى الاجتماعى خاصة بعد وصول د.مرسى للحكم ومعاملة المسيحيين أنهم من أنصار الفريق شفيق ومن ناخبيه، الحالة الثانية ما حدث فى الدول المجاورة من تورط الجيش فى أحداث عنف للشعوب لم يحدث ولم ينجح فى مصر، لكن هناك مدخلاً آخر وهو الأكثر نجاحا إثارة المشاكل بين المسيحيين والمسلمين فى ظل وجود التشدد والأصولية الدينية.
 
قال الدكتور صلاح هاشم المفكر السياسي: أتصور أن هناك مؤامرة كبيرة جدا لتفكيك الوحدة العربية والإسلامية وأن هذا الفيلم جاء جسا لنبض الشارع المصرى والعربى وقياسا لنخوة الحكام الجدد الذين جاءوا بإرادة منتخبة، وهو من افتعال الفكر الصهيونى بالتعاون مع الأقباط المتشددين فى أمريكا بالإضافة إلى بعض رجال الأعمال اليهود الذين أرادوا تحقيق مكاسب مادية سريعة لإنتاج هذا الفيلم الذين تبرعوا بخمسة ملايين دولار لإنتاج هذه المشاهد الهزلية التى تتضمن مغالطات تاريخية أريد بها تشويه الرسول الكريم ونظرته لبعض القضايا خاصة المرأة، كما أننى اتصور أن هذا الفيلم ليس بعيدا عن السياسة الأمريكية التى أعتقد أنها الراعى الأول لهذا الفيلم، فليس من المنطق أن يخرج هذا الفيلم فى ظل ظروف تصاعد التيار الإسلامى بقوة فى مقابل رغبة أمريكا فى تحسين علاقاتها مع البلدان العربية والشرق الأوسط، وأتساءل هل من المنطق أن يتم إنتاج هذا الفيلم بعيدا عن الإرادة السياسية الأمريكية ورغبتها فى توطيد علاقتها بالأنظمة العربية الجديدة؟... أيضا ما علاقة هذا الفيلم بقرب انتخابات أوباما وحملات التحريض التى تقودها إيلينا روس عضوة الكونجرس عن الحزب الجمهورى لتشويه إدارة أوباما التى فى نظرها لا تخدم الجانب الإسرائيلي؟... ماعلاقة هذا الفيلم بالمركز القومى الأمريكى للمرأة الزنجية الذى يعمل فى النوبة منذ سنوات ويسعى مستهدفا فصل الشمال المصرى عن جنوبه، علما بأن هذا المركز قد عمل سنوات بالسودان ولم يخرج إلا بعد الانفصال... وهل هناك علاقة بين هذا المركز وبين القبطى موريس صادق الذى أعلن منذ اربعة أشهر أنه رئيس الدولة القبطية المصرية وايده فى ذلك جنوب السودان؟..هل استهدف هذا الفيلم إحداث حالة من الانفلات الأمنى بالشارع المصرى التى ربما تخدم إسرائيل حسب اتفاقية السلام؟.. حيث تضمنت الاتفاقية أن إسرائيل ممكن أن تحتل سيناء إذا كانت الحالة الأمنية فى مصر غير مواتية لأمن إسرائيل!
 
هل هذا الفيلم جاء للكشف عن وجود أياد لتنظيم القاعدة فى مصر خاصة أنه تم التلميح عن وجود القاعدة منذ قيام الثورة من خلال نسب كل الجرائم التى ترتكب فى سيناء إلى تنظيم جلجلة التابع لتنظيم القاعدة كما أنه تم رفع الأعلام السوداء أمام السفارة الأمريكية وكأن أمريكا وإسرائيل أرادا جعل مصر نموذجا أفغانستانيا جديدا أو عراقيا جديدا، أم أن هذا الفيلم جاء موازيا للقرار الأمريكى بمنح مصر قرابة المليار دولار ومن ثم فقد أراد الجانب الأمريكى اختبار الولاء المصرى والعربى أم أنه أراد بمعوناته إخماد الصوت المصرى الذى إن سكت سكتت معه كل الأصوات العربية؟!.. أتصور أن الإجابة على هذه التساؤلات مطلوبة للغاية وأننا بحاجة لدراسات متعمقة لفهم كواليس إنتاج هذا الفيلم وعلاقته بالاستخبارات الأمريكية ومن المتورط والمستفيد من هذا الفيلم ومن العبث أن ننظر إليه على أنه عمل هزلى جنونى يستهدف ازدراء الأديان بل فى تصورى هو عمل فيه منظومة سياسية يقودها الصهيون معتمدا على دمج القبط والديانات فى أمريكا.