الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ناجى شاكر: «ريحانة» قصة حبى الأولى بعالم العرائس ووضعت كأيقونة للملتقى

ناجى شاكر: «ريحانة» قصة حبى الأولى بعالم العرائس ووضعت كأيقونة للملتقى
ناجى شاكر: «ريحانة» قصة حبى الأولى بعالم العرائس ووضعت كأيقونة للملتقى




دأب الدكتور ناجى شاكر، على صناعة البهجة والمتعة بعرائسه المارينوت، التى سبق وأن صممها، على مدار أعماله المسرحية المتعددة، سواء فى مصر أو الخارج، وأصبح من رواد فن العرائس بمصر والوطن العربى، كرمته الهيئة العربية للمسرح فى الدورة الثانية، للملتقى العربى، لفنون الدمى، وخيال الظل عام 2014 بتونس، وخلال دورته هذا العام بالقاهرة، كان شاكر ضيفا رئيسيا، طوال فعاليات الملتقى، والتى أقيمت فى الفترة من 29 أكتوبر إلى 4 نوفمبر الجارى، حتى أن المعرض الذى أقيم على هامشه، احتوى أعماله المسرحية كاملة، إلى جانب صور من بعض عروضه القديمة. وكانت «ريحانة» قصة حب شاكر الأولى، على رأس الحاضرين بالمعرض والملتقى، فكانت أيقونة المهرجان، ووزعت العروسة كهدية رمزية فى حفل الختام، على جميع الضيوف والمشاركين ضمن فعالياته، وعن الملتقى وقصة عشقه الأولى «ريحانة» قال شاكر فى هذا الحوار:

■ فى رأيك لماذا لم تنفرد مصر منذ سنوات طويلة  بتنظيم مهرجان للعرائس؟
ــ الشارقة مهمومون بالمسرح وفن العرائس، وكل الفنون المجاورة ومنذ ثلاث سنوات، قاموا بتنظيم هذا الملتقى، لتشجيع فنانى العرائس، وفتحوا لهم المجال للتدريب والتعليم، وقدموا دراسات، وفى الحقيقة هم قادرون على ذلك، لأن كل هذه الأنشطة مكلفة للغاية، وتحتاج إلى ميزاينات ضخمة، لذلك أعتقد ان حظنا جيد، لأن هناك مجالاً فى الشارقة للاهتمام، بهذا النوع من الفنون بشكل قوى، ففى هذا الملتقى قدموا دعوة ل 50 شابًا، من مختلف الدول العربية، للتدريب فى مصر، وأعتقد أن هذا تشجيع قوى، سيؤدى إلى نتائج إيجابية وملموسة، وبالطبع أتمنى أن نقوم، بهذه الأفكار فى مصر، وكانت هناك أفكار وأحلام من قبل لكن لم نتمكن من تحقيقها.
■ لماذا؟!
ـــ لأننا منذ أن بدأنا فى عام 1958، وحتى الآن لم نتمكن، من تأسيس معهد، لتخريج كوادر حقيقية فى هذا الفن، لأنه فى النهاية علم، وحظنا كان جيدا كجيل تربى على أيدى خبراء جاءوا من الخارج، وقاموا بتدريبنا، كما أن أغلبنا سافر فى بعثات للخارج، وتلقى تدريبات مختلفة، وبالتالى كانت هناك مجموعة مدربة ومتعلمة، ومسرح العرائس فى مصر كان مركز اشعاع، على المستوى المحلى والعربى، واصبح مدرسة كانوا يأتون من الأقاليم للتعلم بها، وكان هناك من يأتى من تونس والجزائر للتعلم على أيدى فنانى مسرح العرائس بمصر، لكن الأوائل انتهوا، والأجيال الثانية، لم تتلقى نفس مستوى الإعداد والإهتمام، لذلك لم يستمر فن العرائس بنفس القوة، والتألق، وخسرنا الكثير.
■ لماذا فشلنا فى تأسيس معهد لمسرح العرائس؟
ــ أذكر أننا فى السبعينيات ذهبنا إلى معهد فنون مسرحية، وقمنا بعمل منهج، ودراسات لمدة سنة كاملة حتى يقام المعهد، وحددنا المواد، التى من المفترض، أن يتم تدريسها فى هذا المجال، لكن للأسف، كل هذه المشاريع وضعت، لكنها ظلت حبيسة بالأدراج، ففى النهاية مهمتى توقفت عند الاقتراح فقط، لأننى لا أملك التنفيذ، لكن فى المقابل أذكر أنه، فى وقت من الأوقات، وعندما كان هناك اهتمام حقيقى، اقمنا مسرحا للعرائس، أيام الدكتور ثروت عكاشة، فبعد نجاح عرض «الليلة الكبيرة» بأحد المهرجانات فى رومانيا ببوخارست، التى تمتلك ثلاث مسارح للعرائس، ويعملون فى ثلاث حفلات يومية، جئت إلى مصر وطالبت من صلاح السقا، أن نقيم مسرحًا فى مصر، لأننا كنا نعمل فى ظروف صعبة للغاية، فكنا نقدم «الليلة الكبيرة» وقتها بجنينة معهد الموسيقى، واقترحنا الموضوع على ثروت عكاشة، وقدمنا له ورقة ومذكرة بفكرة إقامة مسرح عرائس، وبعد أسبوعين شكل لجنة لدراسة الموضوع، وجلسنا معهم، شرحنا الفكرة للوزير، ثم طلب مشروعًا متكاملاً فى 1961، ووقتها جاءت لى منحة للخارج، ولم اتواصل مع المشروع ، لكننى عدت فى 63، ووجدت المسرح، تم بناؤه بالفعل، فهذا مثال بسيط لمسئول مهتم، وفاهم قام بالتنفيذ مباشرة، رغم أنه أيام عبد الناصر، لم تكن البلد منتعشة اقتصاديا، فى حين أن تكلفة بناء المسرح وصلت إلى 100 الف جنيه، وهذا هو المنطق فى النهوض بالأنشطة الثقافية الاهتمام والوعى، وكان كذلك الدكتور على الراعى الذى تبنى المشروع وحققه، بصفته رئيسا البيت الفنى للمسرح وقتها، ويحيى حقى هؤلاء كانوا مهمومين بالثقافة وتطوير الفن المصرى.
■ هل اختفاء هذه النوعية من المسئولين تسبب فى تراجعنا؟
ــ وزير الثقافة يتغير بسرعة غريبة، وبالتالى من الصعب أن تحدث تنمية ثقافية ،وليس هناك حالة من الاستقرار، كما أن البلد غير مهتمة بالتنمية الثقافية بشكل عام، وعلى مستوى فن العرائس يكفى أن مصر لا تمتلك معهدا حتى اليوم، فى حين أن دولة مثل تونس قامت بتأسسيه منذ الثمانينيات، مع العلم أنهم جاءوا فى البدايات، للتعلم بمصر، لكنهم يمتلكون اليوم معهدًا نشطًا جدا، ورأيت إنتاجهم بنفسى، شىء مبهر، واتمنى أن نفيق ونقوم بتقليدهم.
■ هل سيأتى وقت ويتراجع فن العرائس خاصة مع التطور التكنولوجي؟
ـــ العرائس أصبحت قاسمًا مشتركًا، فى كل العروض، لأن العروسة لها سحر، وعندما توضع فى اى عرض، يكون لها سحر وجاذبية خاصة، تجذب المتلقى، أكثر من الممثل، لأن لها قوة ومغناطيسية، وفى القرن العشرين، بدأت الناس تنتبه لأهمية هذا الفن، وبدأوا فى تسخيره لفنونهم بشكل عام، إلى جانب أن الإقبال على عروض العرائس، أصبح كبير، فى كل العالم لأنها تقوم بدور فنى مهم، واليوم تنظم مهرجانات عالمية للعرائس، وتشارك بها فرق مختلفة، لأنه فن جميل ورائع يصل إلى الناس بسرعة ويوصل رسالته بسهولة، فهناك 40 مهرجانًا لفن العرائس، فى الهند والصين وأمريكا، والاتحاد الدولى للعرائس، يشجعه عن طريق اقامة مؤتمرات، وإصدار كتب، فهناك اهتمام بالتنظير والتثقيف وبالعلوم المسرحية العرائسية، هذا يساهم فى الارتقاء بالعرائس، وهناك اليوم مخرجون كبار يهتمون، بهذا الفن فى عروضهم، مثل أعمال برودواى، «لاين كينج» كان العمل مزج بين الغناء والرقص، والعرائس تحتل 80% من العرض شيء مبهر للغاية، لذلك لا أتصور أنه سيختفى على العكس، خاصة أننى اليوم، ومن خلال تدريسى لهذا الفن، لأجيال مختلفة، وجدت جيلاً، خرج شيطانيًا وبشكل مفاجئ، بدءًا من سنة 2000، هذا الجيل تمتع بعدد كبير من الموهوبين، ووجدت دفعة غريبة، عملت معهم، بجهد قوى وأخرجنا نتائج مبهرة، معظمهم لديه موهبة خرافية، حتى اننى اقمت لهم معرضا يحتوى على 600 لوحة، وتكررت المسألة، واكتشفت أن هؤلاء منذ عقدهم الخامس، وهم يلعبون على أجهزة الكمبيوتر، فتكون لديهم رصيد معرفى وخبرة بصرية، أنتجت هذه الموهبة .
■ حدثنا أكثر عن مراحل صناعة العروسة؟
ـــ صناعة العرائس تطورت بشكل كبير، لأنه فن ليس له حدود فهو فن حر، وكانت فى البدايات تأخذ العروسة أشكال تقليدية، لكن اليوم الفن يسير بسرعة مع التطور، ولا يتوقف عند شكل محدد، وفنان العرائس أصبح يطور ويخترع بتقنياته الخاصة جدا، وأذكر عرضًا إسبانيًا شاهدته بدار الأوبرا من قريب، قدم العرض بفرقة موسيقية تحتوى على 70 عازفًا يعزفون على المسرح، وأمامهم عرض عرائس، وكانت مسرحية «حلم ليلة صيف» لوليم شكسبير، وكان مبهرا، لذلك هذا الفن ليس له حدود، لأنه بقطعة قماش أو خشبة أو ورقة، من الممكن أن يقدم عملاً فنيًا كبيرًا، لأن العروسة عبارة عن ورقة وقطعة خشب، فهى لا تحتاج إلى امكانيات ضخمة .
■ ما مدى الوقت الذى تستغرقه فى صناعة وتركيب العروسة؟
ـــ من الممكن أن تستغرق عروسة فى صناعتها شهرًا أو يومًا، على حسب العروسة نفسها، وأذكر أن تصميم عرائس عرض «الليلة الكبيرة»، وكان عددهم 45 عروسة استغرقوا ثلاثة أشهر، لكن كان معى مساعدون، أما أكثر عروسة عذبتنى فى تصميمها وضبط حركتها، كانت الراقصة، لأن صلاح جاهين كتب كلامًا للرقص عليه.. «طار فى الهوى شاشى وانت متدارشي» وسيد مكاوى «دلعها جدا» فى اللحن، فكيف أصمم عروسة تؤدى روح صلاح وسيد معا، لأن كل عروسة تصمم بمكانيزم معين من الداخل، كى تؤدى الحركة المطلوبة منها، فليست كل العرائس شبيه ببعضها، فقمت بعمل ميكانيزم لها فى البداية، على قدر تصورى وإمكانايتى، لكننى وجدتها «متخشبة»، لا تسير على اللحن والكلام، فإلغيتها وصممت أخرى، ولم يحدث تغيير ثم حاولت إصلاحها، واكتشفت حتى تؤدى الحركة التى أريدها، لابد أن يحركها ثلاث ممثلين معا فى وقت واحد.
■ هل تكررت معك نفس الأزمة فى عروسة أخرى ؟
ــ «ريحانة».. حبى الأول، والذى اعترف به اليوم رسميا للمرة الأولى.. فعندما ذهبت إلى البعثة فى ألمانيا، وبعد نجاح «الليلة الكبيرة»، وجدت مدير المسرح يطلب منى أن أقدم عملاً جديدًا، حتى استكمل ما قدمته بالمسرح، لكن تعذرت فكرة قدومى إلى مصر وقتها فأرسلوا لى سيناريو «حمار شهاب الدين» تأليف صلاح جاهين أيضا وألحان سيد مكاوى، وبالطبع كان لدى حنين لتكرار التجربة معهما، فقرأت السيناريو وأحببت «ريحانة» جدا، لأنها كانت بالنسبة لى، تمثل مصر، خاصة وأنا كنت وقتها اعيش فى الغربة، فصممتها ووضعت، بها كل عشقى وحنينى لمصر، وكنت اداعبها يوميا واتحدث معها، لمدة ثلاثة أشهر بألمانيا قبل نزولى لمصر، فنشأت بيننا علاقة عشق، حتى اكتملت العروسة، وأخرجت المسرحية، وكنت اتخيلها بشكل معين، فلم أقبل بسهولة اى صوت، كى يركب عليها، وعرضوا على أكثر من ممثلة، حتى جاءوا ب «عصمت محمود» وكانت تعمل فى الإذاعة وقتها، فقلت لها انتى «ريحانة» وسيد مكاوى اتى بسعاد مكاوى كى تقدم صوتها الغنائى، فهى لم تعذبنى، بل طاوعتنى جدا، لكن اخذت وقتا طويلا، فى التفاهم حتى تخرج بهذا الشكل فيجب أن تحدث قصة مع العروسة.
■ هل تتلبس العروسة روح من صممها؟
ـــ بالتأكيد لأن المصمم، يبتكر شخصية حية لها تاريخ، وروح ودور، وهناك علاقة تنشأ بينه وبين عروسته، وكان من أكثر الأشياء التى تثير غيظى، بعد تنفيذى للعروسة خلال شهرين، يأتى الممثل، ويأخذها منى، كى يتحكم بها، وهذا ما كان يثير غيرتى دائما .
■ إذن كيف كنت ترى فكرة التعامل مع مخرج للعمل؟
ــ عندما عملت بفن العرائس، اشترطت أنه لا يمكن، أن أقبل فكرة تصميم العروسة، دون أن أكون المخرج، وأصررت، على ذلك حتى أننى درست إخراجًا مسرحيًا أثناء بعثتى بألمانيا، كى اتحكم فى شخصياتى، لكن الشىء الوحيد الذى كنت لا استطيع التحكم به، هو الممثل أو من سيقوم بتحريكها، لكن بالتفاهم والتدريب نتوصل إلى وجهة نظر نقترب فيها من خيال بعضنا البعض، لكن بالطبع من الصعب خروج خيالى بالكامل فى العمل.