الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مأزق الحيران بين المستشارة والجنرال‎

مأزق الحيران بين المستشارة والجنرال‎
مأزق الحيران بين المستشارة والجنرال‎




ياسر شورى يكتب

يقينا لم تتدخل الدولة فى المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية، وقفت على الحياد، صحيح قائمة «فى حب مصر» حصدت مقاعد القائمتين فى تلك المرحلة - وهى المحسوبة على الدولة - ولكنها بشهادة المراقبين لم تصل إلى هذا الفوز بالتزوير، أو مساعدة الأجهزة.
فى المرحلة الثانية الامر مختلف، فيما مضى من الانتخابات لم تكن هناك منافسة تذكر من القوائم الإخرى، فى معظمها كانت من منافسة خجولة وفى الغالب كانت تلك القوائم ضعيفة للغاية، باستثناء بعض المزاحمة من قائمة حزب النور فى الإسكندرية، وقائمة الجبهة المصرية فى الصعيد، وفى الحالتين فازت «فى حب مصر» بدون إعادة، فى المرحلة الثانية مفاجأة للقائمة المحظوظة التى يقودها الجنرال المتقاعد سامح سيف اليزل، تتمثل فى قائمة قادرة على المنافسة والإزاحة من قائمة «التحالف الجمهورى» التى تقودها المستشارة تهانى الجبالى، شراسة المنافسة تكمن فى تطابق برامج القائمتين، واللعب على نفس الكتلة التصويتية المتمثلة فى جمهور ٣٠ يونيو، أضف إلى ما سبق شخصية الجبالى نفسها، تلك السيدة التى كانت فى طليعة الثورة على الإخوان وقفت فى وجههم وخسرت مقعدها المرموق فى المحكمة الدستورية، وتحملت شتائم لا حصر لها من منصات الإخوان وما زالت.
الناخب سيجد نفسه فى حيرة كبيرة بين المستشارة والجنرال، كلاهما يدعو للدولة المدنية، «اليزل» يحاول إقناع الناس بأن الخلفية العسكرية تحسب له لا عليه، ولكنه لم يستطع التخلص من الصورة الذهنية التى تعلق بثوبه من أنه رجل النظام ولن يستطيع معارضته، وأنه خاض السباق لدور يؤديه، وهنا مصدر قوته وضعفه معًا، فالناس تحب الرئيس ولا تريد معارضة تعيقه، ولكنهم فى الوقت نفسه يعرفون تماما أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقه، وبالتأكيد لا يريدون رئيس تفسده السلطة، جمهور عريض من المصريين لا تنطلى عليهم مسألة دعم الرئيس وبعض من دخلوا إلى القائمة المسماة بالوطنية عليهم ملاحظات.
«اليزل» لن يسلم بسهولة لتلك التحليلات، فقائمة القاهرة لو فقده فقد معها مشروعه بالكامل، ويكفى أنها تضم الشخصيات الأبرز وعلى رأسها سيف اليزل نفسه، والعديد من رموز أعدت نفسها ليس للنجاح فقط وانما لرئاسة اللجان المهمة بمجلس النواب، أما المستشارة تهانى الجبالى فتعرف أن طريقها إلى البرلمان الذى تطمح لرئاسته لن تكون مفروشة بالورود، فالحرب عليه بدأت مبكرا، وهاجمها بعض المحسوبين على قائمة «فى حب مصر» هجوما قاسيا، فى محاولة لإزاحتها من الساحة.
الناخب تنتابه الحيرة يتأرجح بين الاثنين، وهذا مكسب للجبالى، لأن قائمتها نجحت فى أن تكون بديلا، تحاول المستشارة حسم المعركة بالوصول للناخبين من باب أنها ستعارض النظام وتقف مع الدولة الوطنية فى مواجهة أى مشروع آخر، هل ستنجح؟ربما، تحاول، اعترضت على بعض الأشخاص من قبل وخرجت من حب مصر واختارت بعض الشخصيات المرموقة على رأسهم  اللواء حسام خير الله، مرشح الرئاسة السابق فى انتخابات مرسى وشفيق.
قائمة «فى حب مصر» فى المقابل، بدأت فى حملة دعاية غير مسبوقة، شاهد أهم مكان فى مصر تكسوه صور مرشحى القائمة من كل اتجاه، فى الوقت الذى لا تجد دعاية بنفس القدر لقائمة المستشارة، وهذا كارت آخر لايستهان به لقائمة «اليزل» فالدعاية الكثيفة لها تأثير السحر، والصوت دائما يصل لمن يعرفه، مأزق حقيقى يعيشه الناخب فى المرحلة الثانية، خاصة كما قلنا فى القاهرة ووسط الدلتا، فمن سيختار؟ كلاهما، «اليزل» و»الجبالى» لديهما فرصا متساوية وعوامل ضعف وقوة، والمعركة على أشدها فمن سيفوز بأصوات الناس؟. سؤال تجيب عنه الأيام القادمة وستحسمه قدرة أحد الأطراف على الحسم من الجولة الأولى أو حتى الانتظار للإعادة.
ويبقى السؤال الأهم: الدولة قلبها مع من؟ هل ستترك «اليزل» يسقط فى أهم قائمة؟ نعم لا تتدخل، ولكن المثير للفضول دائما هو معرفة التوجه وإذا كانت تميل إلى «اليزل»، فما هو انطباعها إذا فازت «الجبالى»؟ أما الناخب المحب لثورة ٣٠ يونيو فهو الحائر والمحير، فحتى اللحظة لايوجد استطلاع للرأى يقول لنا هذا الناخب مع مَن؟ ومَن من القائمتين يرى فى نجاحها انتصارا لثورته.
لا نزال حائرين معه وعلينا أن ننتظر لنرى.