الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع: تأريخ الشجار

واحة الإبداع: تأريخ الشجار
واحة الإبداع: تأريخ الشجار





يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    


[email protected]
اللوحات بريشة الفنان إبراهيم عبدالملاك

 


كمال تاجا


لا أعرف بالضبط من هو البادئ بالضرب
ولا من حمل الراية لتأجيج حدة الصراع
ولا من الذي يدعو للحرب
ولا نوه إليّ كيف طاشت أول رمية من سهم
حتى سقط أول ضحية
ولا أدري كيف ابتدأ النزال
ولا لماذا اتسعت حومة وغى القتال
ولا إلى أي حد وصلت حدة هذا العراك
كانوا يبدلون الأمكنة الدفاعية
من هنا وإلى هناك وينفرون ومن خلف
ليباغتوا خصومهم بضربة عاجلة
ويغيرون الأدوار الهجومية
فيما بينهم بين كر وفر واشتباك
وأخذ وعلى حين غرة
لم أستطع أن أميز أحدهم
عن الآخر فى ظلام هذا الاحتدام
للأسف كانوا نسخا متطابقة
عن بعضهم البعض يصعب التفريق بينهم
في البدء كانوا يتبادلون الصفعات
اللكمات والركلات فى منازلة واشتباكات
صياحهم زعيق يصم الآذان
ومن ثم كالوا لبعضهم الشتائم
وبسلاطة كل لسان بذيء
و بالاتهامات الملفقة على طعن سابق
إلى أن تماسكوا بالأيدى وتراشقوا بالحجارة
وألقوا فوق رؤوس بعضهن البعض
بكل ما في بمتناول أيديهم
من حجارة عتاد وحصى مقلاع
ورجم بالحجر وباستخدام كل سلاح فردى
كان بمتناول اليد في كل هجوم عدوان
ومن ثم تصادموا
وانهالوا على رؤوس بعضهم البعض
بالعصي والهراوات
وتشابكوا بالأيدى وتضاربوا بالأرجل
وكشفوا عن النوايا السيئة
وهم يشهرون السلاح الأبيض الخفيف
ومن تحت آباطهم ويتركون إصابات خفيفة
على أجساد خصومهم
 وبشطب وجوه بعضهم بعضا
وبما يجب للدفاع
عن مبادئهم هاجوا وماجو وطاش صوابهم
وانهمكوا في حومة وغى متهالكة
كانوا بين الفينة والفينة
يتوقفون قليلا ليلتقطوا أنفاسهم
فقط لكي يعدَّوا لخصومهم
النوايا والهجمات
و ما لبث أن تحولت عصيهم
إلى رماح طويلة
وهراواتهم إلى سيوف مسلولة
وحجارتهم إلى نبال مقذوفه
وهكذا استمرت حربهم البسيطة هذه
آلافا مؤلفة من السنين
لعبا معقولا بكدمات
مما خلف كسورا بسيطة
وجراحات وفي قلع أعين
وبإصابات طفيفة
يسكت على جروحها
قدر الإمكان
لكنني لست أدري كيف استطاعوا أخيرا
أن يلقوا فوق مدينة آهلة بالسكان
بقنبلة ذرية أثمه
ليقترفوا الذنب الذي لا يغتفر
ويرتكبوا الجريمة الكاملة النكراء
دون أي شعور بالذنب
وبلا تأنيب الضمير
وسفكوا دماء آلاف مؤلفة
من الأبرياء ولن أنسى البتة
كيف صاروا يتراشقون
بالدمار والفناء الشامل
وفي إسالة المزيد من الدماء
وفي سفك الكثير من الأروح البريئة
فوق ساحات الخلاف
حتى أصبحت اللعبة خطيرة جدا
والحرب قذرة والتأثير شاملا
هذا ..وما يزال الشجار مستمرا
و النزاع لم يفض بعد
ومنذ الأزل وحتى الآن