السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الناقد محمد مندور.. الإصلاحى الكبير

الناقد محمد مندور.. الإصلاحى الكبير
الناقد محمد مندور.. الإصلاحى الكبير




يكتب: د.حسام عطا
بمناسبة مرور 50 عاماً على رحيل الناقد الكبير محمد مندور أقام المجلس الأعلى للثقافة منذ أيام احتفالية محمد مندور بين الفكر الأدبى والفكر السياسى مما يعيد مرة أخرى طرح السؤال المهم عن دور المثقف فى علاقته بوطنه ومجتمعه وحسناً أرادت د. أمل الصبان أن تستهل عملها فى أمانة المجلس بهذه الاحتفالية التى تجعلنا نعيد تأمل محمد مندور الموقف والاختيارات، لأن استعادة تأمل مندور هى بمثابة إضاءة للواقع وقراءة للمستقبل، وفى هذا السياق يبقى أمر مهم حول ضرورة فك الاشتباك التاريخى بين قناعات مندور السياسية ومشاركته فى الحياة العامة التى جعلته عضوا بالبرلمان 1950 واعتقاله عام 1947 سياسياً بتهمة باطلة هى كونه شيوعياً، بينما فى حقيقة الأمر أنه كان يطابق بين فكره ودوره كمثقف يدافع عن الفقراء والكادحين من عموم الشعب المصرى، لم يكن مندور شيوعيا بالتأكيد بل كان له ميل طبيعى ككل مثقفى زمانه للعدالة الاجتماعية كجوهر فكر الاشتراكية، أما اقترابه من تصور الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر عن الالتزام فهو أمر جوهره الحرية المطلقة للفرد المثقف مع التزامه بالدفاع عن حقوق البشر الضرورية، ولذلك فإن مندور كانت الحرية هى اعتقاده ولا يمكن تفسير انحيازه اليسارى بمعناه العام للفقراء والكادحين إلا فى ضوء فكرتى الالتزام والحرية.
ولذلك فإن قراءة إنجاز مندور الموسوعى فى النقد والترجمة يجب تحريره تماما من النظرة الضيقة التى تحسبه يصدر عن اليسار التقليدي، لأن الأداء النقدى لمندور فى مقالاته التطبيقية عن الشعر والمسرح وفنون السرد يحتوى على إدراك واضح لعلم اللسانيات وهو إدراك مبكر لعلم الدلالة فى بذوره العربية عند الجرجانى، متأثرًا بفترة تكوينه الليبرالية الأولى فى ما قبل ثورة 1923، وهى الفترة التى حكمت سلوكه كله بداية من الانحياز للجماعة الوطنية والبقاء طوال الوقت خارج مؤسسات الدولة مع الانتماء لها ونقدها ودعمها والخلاف معها حتى سلوكه الإنسانى الرفيع المستوى الذى يؤمن بالحريات الشخصية إلى أقصى مدى وهو ما يمكن ملاحظته فى كتابه نماذج بشرية، أن الأيديولوجيا عند مندور لا يمكن فهمها دون تأمل تحليله للعناصر الجمالية فالفن عنده موقف من الحياة وأسلوب أصيل والنقد عنده حرية إبداعية تقوم على التحليل والتفسير والتقييم.
لاشك أن المثقف العام عند مندور قد صبغ دوره كمثقف اختصاصى بصبغة سياسية ولكن تحرير عمله النقدى العلمى رفيع المستوى شديد الموسوعية فى ظله السياسى العام ضرورة معاصرة لتأمله وفهمه.