الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع : إلى جدتى

واحة الإبداع : إلى جدتى
واحة الإبداع : إلى جدتى




كتبتها - ايمان أبو أحمد
يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

اللوحات بريشة الفنان فريد فاضل

صباح الخير ياجدتى العزيزة.. هاهو الشتاء قد أقبل، اعلم جيدا انك لم تكونى تحبيه فهو يجلب لك آلام المفاصل والروماتيزم، ولكنى أود أن أخبرك أن الشتاء تغير لم يعد كما تركتيه فنحن فى أواخر أكتوبر ولازالت هناك أيام وليالى تشبه أيام وليالى أغسطس أو تعلمين أن الشتاء أصبحت أيامه قليلة و معدودة، وعلى قلة أيامه يأتى قاسى وعنيف، سريع وخاطف ولكن غاضب ومخيف.. أتذكرين الشتاء ياجدتى كيف كان، كان طويلا ولطيف، كان طيب مثلك.. إننى أذكر الشتاء ولياليه معك وأذكر طقوسه كاملةً، شكل الستائر الملونة والمزركشة بالورود التى تغسلينها وتعلقينها، أذكر رائحة النظافة بها، وشكل البطاطين الخفيفة التى كنت تفرشينها على الأسرة لتدفئ المكان، وفرش الكنب كما كنت تسميها فلم يكن لديك أنتريه حديث، ولكن كنباتك البلدى كانت مريحة ولطيفة، كنا نستخدمها لاستقبال الضيوف ثم نسهر عليها وعندما تطول السهرة ننام عليها، أو تعلمين أنك كنت أغنى منا الآن، فأنت كنت تغيرين الستائر كل عيد وتشترين أطقم السرير جديدة، وتشترين القماش لعمل غيارات وكسوة للكنب فى كل عيد، نحن لا نستطيع فعل ذلك الآن فالحياة أصبحت معقدة أكثر، والأشياء أغلى، وأصبح تغيير هذه الأشياء أو جلب الجديد منها أمر مكلف وأصبحت البيوت على شكلها الممل الرتيب لا تتغير.
أذكر أيضا شكل الأكلمة الصوف المغسولة، المزركشة بالرسم العربى، أذكر حرصك عليها وفرش ملائات قديمة عليها لحمايتها وحفظها نظيفة أطول وقت ممكن، كم كنت أكره هذه الملاية وأرفضها وكم كنت تصرين على وجودها، كانت كلما اتسخت كنت تأمرينا بحملها ونفض ماعليها ثم إعادة فرشها مرة أخرى، أووووووف.. كم كان عملا مرهقا وبغيضا، أنا الآن أضحك منها كم كنت صغيرة أحب وأكره أشياء بسيطة وصغيرة.
أذكر حرصك على شراء مشروبات الشتاء كما كنت تسمينها الحلبة الموغات والقرفة والسحلب، كنت تذهبين للعطار بنفسك لشرائها حتى لا تكون مغشوشة.
إننى ياجدتى أشم رائحة البيت إلى الأن فالبيوت فى الشتاء كانت لها رائحة مميزة، كنت أعرف من وأنا على السلم، ماذا سنأكل اليوم وما الجديد فى البيت، أوقات كنت أشم رائحة البطاطا المشوية وأحيانا رائحة العدس وفتة العدس والبصل الأخضر.
أسمع صوتك وانت تحسبين للشتاء أيامه وكم مضى وكم تبقى، كنت تحسبينه بالتقويم القبطى، عرفت منك الشهور القبطية والأمثال المرتبطة بها: طوبة تخلى الشابة كركوبة، كياك قوم من نومك حضر عشاك، برمهات روح الغيط وهات، عامل زى زعابيب أمشير.
آه ياحبيبتى.. أيام جميلة هادئة وطيبة، أسمعك الآن تحمدين الله أنك لم تقابليه، أطلت عليك إنما أردت ان احكى معك.. والآن سلام.. ولكن سأعود لأحكى لك عن أشياء جديدة تغيرت واختلفت عما تركتيه.