الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العيار «اللى ما يصبش»!

العيار «اللى ما يصبش»!
العيار «اللى ما يصبش»!




وليد طوغان  يكتب

حتى وقت قريب كانت وزارة البترول المصرية تنفى علاقتها بأى شركات تسعى لاستيراد الغاز من إسرائيل، اليومين دول، تناقلت الأخبار تفاصيل سعى أكثر من أربع شركات مصرية للتوقيع على اتفاقيات استيراد، بعض الشركات وقع فعلا مع تل ابيب، شركة دولفينوس مثلا، وقعت مع حقل لوياثان بروتوكول استيراد مع بدء الحقل العمل عام 2020.
لوياثان حقل إسرائيلى فى شرق المتوسط. صحيح لم يبدأ العمل بعد، لكن الأخبار تقول إن الاتفاقات تتم الآن على تقسيم العمل، وآلياته، وطرق التدفق، ومواعيد بدء الضخ.
الأسبوع الماضى عادت وزارة البترول للحديث فى الموضوع، على استحياء، قالت أنه ليس لديها أى موانع من استيراد الغاز الإسرائيلى، بشرط مساهمة الكميات المستوردة فى دعم الاقتصاد المصرى!
شددت البترول للمرة المليون على أنها ليس لها دخل فى تلك الصفقات، فى نفس الوقت الذى قالت فيه إن تلك الصفقات سوف تساهم فى تسهيل قضايا التحكيم المرفوعة من الجانب الإسرائيلى بعد وقف ضخ الغاز المصرى إلى هناك!
إذا كانت وزارة البترول ليس لها دخل رسمى بعقود الاستيراد، فكيف تساهم تلك الاتفاقات فى تسويات بقضية تحكيم دولى مرفوعة من الشركات الإسرائيلية ضد الوزارة المصرية؟
تفاصيل الغاز المصرى من وإلى إسرائيل تتعقد من آن لآخر، الأخبار تتناثر هنا وهناك، والمعلومات قليلة، والحكايات متضاربة، وكما يبدو ليس كثيراً من يعلمون عن الحقائق شيئا.
حتى شهور مضت، كانت ملابسات تصدير الغاز إلى إسرائيل مبهمة، أسباب وقف التصدير كانت مبهمة، وتفاصيل قضايا التحكيم المرفوعة من إسرائيل كانت مبهمة أيضا.
مؤخرا أضيفت مزيد من علامات الاستفهام، وأضيفت مزيد من التفاصيل المبهمة أيضا.
فإذا كنا قد اوقفنا تصدير غاز القاهرة إلى تل أبيب لأن سعر الاتفاقات كانت «بخسة» واقل من الأسعار العالمية، فكيف نعود للاستيراد اليوم، ثم تقول وزارة البترول إنها ليس لها دخل؟ وإذا كان فائض الغاز، قبل سنوات قليلة، هو الذى سهل لنا القدرة على الضخ شرقا، فما الذى جعل الضخ ينعكس من الشرق للغرب، فى فرص تقول وزارة البترول أنها ستساهم فى تحسين سوق الغاز المصرية؟
إذا كانت الاحصائيات الحكومية تقول إن احتياطى الغاز المصرى فى مراتب جيدة، وأن حقل شركة ينى الإيطالية الذى أعُلن عنه فى المتوسط سيضيف الى احتياطينا رصيدا جديدا، فما الذى يدعوا الشركات المصرية إلى الاستيراد، ومن إسرائيل؟
يوم أعلنت الشركة الإيطالية اكتشاف حقلها الجديد، تهاوت أسهم شركات الغاز فى البورصات العالمية، خصوصا أسهم حقل لوياثان الإسرائيلى، قال الخبراء وقتها إن الاكتشاف الإيطالى سيقلب ليس فقط أسعار الغاز فى شرق المتوسط، إنما خريطة التحكمات فى المنطقة، وخرائط التدفقات.
طيب.. كيف يمكن والحال كذلك، أن تعود وزارة البترول لتقول إنها تدرس طلبات الشركات المصرية التى ترغب فى الاستيراد، فى الوقت الذى وافقت فيه على طلب أو اثنين توقعت بهما اتفاقيات فعلا؟
الشفافية كانت غائبة فى موضوع الغاز إلى إسرائيل والآن الشفافية معدومة فى موضوع الغاز إلى هناك لا أحد يعلم إذا كان الكلام الذى تتناقله الصحف هو الصحيح، أم أن الكلام الذى تتناقله مواقع التواصل الاجتماعى هو الأصح، الحكومة لا تتكلم، وغالب بيانات وزارة البترول تحوى كثيرا من التفاصيل والأرقام والإحصائيات والرسومات البيانية التى لا تفيد ولا تغنى.
على مواقع التواصل يتكلمون عن أن هناك رغبة فى تسويات مع الشرق، على أن يكون نقل الغاز الإسرائيلى إلى مصر، تعويضا للخسائر التى ترتبت على وقف الغاز المصرى إلى هناك.
كلام ليس منطقيا.. لكن وسط الصمت الحكومى المطبق، العيار الذى لا يصيب يدوش ونحن كفانا دوشة.