الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أنا «كبش فداء» لكارثة بعثة الحج

أنا «كبش فداء» لكارثة بعثة الحج
أنا «كبش فداء» لكارثة بعثة الحج




حوار - محمود جودة

 

أصدر د. أحمد عماد وزير الصحة والسكان قرارا بإقصاء د. هشام إبراهيم سيد أحمد الشيحة من منصبه كملحق طبى بالمملكة العربية السعودية «الرياض» دون سبب أو سابق إنذار، مما دعا «الشيحة» لتوجيه مذكرة للرئيس عبدالفتاح السيسى يتظلم فيها من قرار الوزير، ويوضح فيها معلوماته عن بعثات الحج السابقة، والأخيرة التى وقع فيها عدد من الحوادث تسبب فى وفاة وإصابة وفقد المئات من المصريين، وأن ما يحدث معه ما هو إلا محاولة لإيجاد ضحية أو «كبش فداء» عما حدث فى المملكة.
 «روزاليوسف» التقت د. هشام الشيحة الملحق الطبى السابق بالرياض، والوزير المفوض الذى تم إقصاؤه من عمله بدعوى تقصيره فى بعثة الحج رغم عدم صلته بها من الأساس، وحاورناه حول الأزمة.


■ بداية ما نص قرار وزير الصحة والسكان الحالى بإعفائك من منصبك؟ وما رأى القانون فيه؟
- أصدر القرار رقم 676 لسنة 2015 فى 28 سبتمبر الماضى بإلغاء القرار الوزارى رقم 310 لسنة 2012 ويتضمن ندبى للعمل مستشارا طبيا بالمملكة العربية السعودية ولمدة 4 سنوات، وكان بالقرار 4 أخطاء وهى أنه كان يجب أن ينص على إنهاء ندبى وليس إلغائه، لأن ذلك يعد إلغاء للقرار من تاريخ صدوره، ولم يحدد تاريخ الإنهاء، ولم يمنحنى المدة القانونية المقررة بإبلاغى قبل تنفيذ القرار بـ3 شهور لإنهاء متعلقاتى بالخارج، والخطأ الأخير هو أن القرار كان يجب أن يتضمن عودتى لوظيفة بالداخل إما نفس وظيفتى القديمة، وإما أى وظيفة أخرى تعادلها أو أعلى منها.
■ هل تلك الأخطاء قانونية.. أم مجرد توقعات بأخطاء توقعتها بالقرار؟
- الأخطاء قانونية بالفعل.. سألت المستشار القانونى السابق للوزارة المستشار محمد محمود، وهو رجل موجود بالوزارة منذ 28 عاما، وهو من أكد وجود تلك الأخطاء والثغرات وأطلعنى عليها، إضافة إلى تأكيد خبراء آخرين فى القانون.
■ لماذا أصدر وزير الصحة قرارا بإقصائك من العمل كملحق طبى بالسعودية.. وكم عدد المصريين بالمملكة، وما درجتك الوظيفية وقتها؟
- لا أعلم لماذا اتخذ هذا القرار، فالمملكة بها 2 مليون مصرى، ويوجد هناك 120 ألف مصرى من العاملين بالقطاع الصحى بين طبيب وتمريض وصيدلى وأسنان وعلاج طبيعى وفنيين معمل وأشعة، وعدد الأطباء 65 ألف طبيب، و35 ألف صيدلي، والـ20 ألفاً الباقية لباقى المهن وأساتذة الجامعة، ودرجتى الوظيفية بالخارجية هى وزير مفوض لأننى سافرت على درجة وكيل أول وزارة ورئيس قطاع الطب العلاجى.
■ معنى ذلك أن عدد الأطباء المصريين بالسعودية أكبر من العدد الفعلى الموجود على رأس العمل فى مصر؟
- فى مصر مسجل 280 ألف طبيب وترك الكثير منهم المهنة، ويوجد على رأس العمل حسب آخر إحصائية 65 ألف طبيب.
■ كان هناك خطأ جسيم من قبل البعثة الرسمية للدولة وبعثاتها النوعية فيما يتعلق بالتجهيزات والتنسيق وغيره مما ضاعف من أزمة الحجاج.. فهل يقدمك وزيرا الصحة والأوقاف ككبش فداء لما حدث بعد تحويل الملف بالكامل للجهات الرقابية والسيادية بالدولة للتحقيق فيها؟
- أعتقد ذلك دون شك.. ولا يوجد تفسير للأمور غير ذلك، فهناك فرق بين مهام المستشار الطبى بالسفارة ورئيس البعثة الطبية للحج، وكان تاريخ إقصائى يوم 28 سبتمبر الماضى، وبعد حلف الوزير اليمين بـ9 أيام بينهما 5 أيام إجازة عيد الأضحى المبارك، واتخذ قراره فى أول يوم عمل بعد العيد.
 ■ رفعت شكوى للرئيس عبدالفتاح السيسى.. ماذا كان بها وكيف أرسلتها للرئاسة؟
- سلمتها باليد فى قصر عابدين يوم 13 أكتوبر الماضى، وتلقيت اتصالا هاتفيا من ديوان رئيس الجمهورية بأن المذكرة التى أرسلتها تخضع للفحص، وأكد لى أن رئاسة الجمهورية ليست لها علاقة بهذا القرار، وسألنى عمن أخبرنى بأن الرئاسة وجهت بذلك من مكتب الوزير، فأخبرته بأنه د. خالد الخطيب رئيس قطاع مكتب الوزير وقتها، وكان يقول كلاماً على لسان الوزير دون أن يحدث، وحاولت الاتصال بالخطيب لإخباره بمضمون المكالمة لكنه لم يرد، وبعدها بـ4 أيام تم إعفاؤه من منصبه.
■ هل تم إعفاؤه من منصبه لأنه أسند توجيهات لم تحدث لرئاسة الجمهورية على لسان وزير الصحة؟
- يسأل هو فى ذلك، كما يسأل وزير الصحة.
■ هل هذه أول مرة تصدر لك قرارات للعمل مستشاراً طبياً بالخارج، أم صدرت لك قرارات سابقة؟
- صدرت لى قرارات للعمل مستشارا طبيا لمصر بالخارج 3 مرات، منها اقرار 782 لسنة 2011 للعمل مستشارا طبيا بألمانيا، والقرار 310 فى 30 إبريل 2012 للعمل مستشارا طبيا بالسعودية لمدة 4 أعوام.
■ لماذا لم تنفذ قرار عملك كمستشار طبى بألمانيا؟
- صدر لى القرار لتنفيذه اعتبارا من 1 ديسمبر 2012، ولكننى لم أنفذه لتزامن تنفيذه مع مرض وزير الصحة د. فؤاد النواوى وقتها ودخوله المستشفى لإجراء جراحة كبرى، وكنت أشغل وقتها منصب المتحدث الرسمى للوزارة ورئيس القطاع العلاجى - أى الرجل الثانى فى الوزارة، وكنت أدير الوزارة، وأدبيا لا يصح أن أهرب من الميدان فضحيت بالسفر لألمانيا للصالح العام، والمرة الثالثة فى 2010 أصدر لى د. حاتم الجبلى وزير الصحة الأسبق قرارا للعمل مستشارا طبيا باليمن.
■ لماذا لم تنفذ هذا القرار أيضا؟
- لأن وقتها وقعت مشكلة قرارات العلاج على نفقة الدولة والتى تورط فيها نواب للبرلمان بالسرقة، وتوليت مسئولية المجالس الطبية المتخصصة.
■ هل كنت فعلا غير متعاون مع البعثة الطبية.. ولم تقم بأى إجراءات استباقية لها قبل موسم الحج؟
- بالطبع لا.. والإدعاء بعدم تعاونى يخالف الحقيقة لعدة أسباب هى أن دور المستشار الطبى فى الرياض يقتصر فقط على الإعداد للبعثة الطبية قبل حضورها، ثم تنتقل المسئولية كاملة لرئيس البعثة الطبية، ولم أتلق أى تكليفات كتابية أو شفهية من السلطة المختصة سواء من الوزير أو السفير المصرى بالرياض للانضمام للبعثة الطبية هذا العام، ورغم ذلك كنت على اتصال يومى برئيس البعثة الطبية، ولم يطلب منى أى مساعدات.
■ يتردد أن ذلك حدث بسبب تقييم سلبى صدر بشأنك من السفارة المصرية عن أدائك بالسعودية خلال الـ3 سنوات التى قضيتها بالمملكة.. فما تعقيبك؟
- لا بالعكس.. فقد تلقيت خطاب شكر من السفير المصرى بالسعودية وقتها السفير عفيفى عبدالوهاب فى 15 سبتمبر الماضى وقبل إعفائى من منصبى، حيث كان سينهى عمله بالسفارة ويعود للقاهرة، وشكرنى فى خطابه على الفترة التى عملت خلالها بالسفارة المصرية فى الرياض، وأننى كنت مثالا للانضباط والتفانى فى العمل، والتنسيق مع السفير فى كل ما يتعلق بدفع أوجه العلاقات بين مصر والمملكة فى القطاع الطبي، بما يصب فى مصلحة وطننا الغالى، إضافة إلى ما بذلته فى رعاية المواطنين المصريين الذين كانوا يريدون متابعة علاجهم بالسعودية أو استكمال علاجهم بمصر، وأننى نجحت فى تفعيل ذلك بالتعاون مع وزارة الصحة المصرية للسماح بعلاج المواطنين على أرض الوطن على نفقة الدولة.
■ كيف ومتى وصل قرار الوزير إليك؟
- وصل لى فى اليوم التالى لإصداره وتحديدا يوم 29 سبتمبر الماضي، عن طريق مدير عام علاج المواطنين وشئون السفر بوزارة الصحة.
■ ماذا كان رد فعلك وقتها؟
- أرسلت مذكرة للعرض على الوزير فى نفس اليوم على الفاكس ومكونة من 3 ورقات، وشرحت له أن المستشار الطبى ليست له علاقة بالبعثة الطبية، وأن رئيس البعثة هو المعنى بها، وكنت دائم الاتصال به يوميا للاطمئنان على أحوال البعثة وعما إذا كان يحتاج لمساعدات من عدمه، وأرسلت نسخة للسفير المصرى من تلك المذكرة للعلم والإحاطة فى 29 سبتمبر، خاصة أنه يستحيل تواجدى مع البعثة إلا بشكل رسمى بينما لم يصدر لى قرار من وزير الصحة بالانضمام للبعثة.
■ هذا يؤكد المؤامرة عليك بإقصائك لتحميلك نتيجة الإهمال الجسيم الذى شاب بعثة الحج؟
- بالفعل هذا حقيقى.. وكان يجب أن يخاطبنى الوزير بما حدث، لأرد عليه بالبراهين والوثائق.
■ ماذا فعلت بعد ذلك؟
- طلبت من رئيس قطاع مكتب وزير الصحة إطلاع الوزير على مذكرتي، واحتياطيا منى للشك فى أنه قد لا يعرضها عليه من الأساس، أرسلت نسخة منها فى الحقيبة الدبلوماسية التى توفد للخارجية وتذهب لوزير الصحة، وكتبت عليها «سرى وشخصى ولا تفتح إلا بمعرفة الوزير»، وذلك فى 1 أكتوبر الماضى.
■ وماذا كان رد فعل وزير الصحة؟
- يوم 25 أكتوبر الماضى هاتفنى مدير الشئون القانونية بالوزارة، وطلب منى الحضور للحصول على رأيى فى التظلم المرسل للوزير، فذهبت إليه ورأيت تأشيرة الوزير على المذكرة بأن «يحول الطبيب للشئون القانونية للتحقيق بإشراف المستشار القانونى للوزير»، بينما القانون يحتم التحقيق معى كوكيل أول وزارة من خلال المكتب الفنى لرئيس هيئة النيابة الإدارية، أى أن الوزير أخطأ فى تحويل المذكرة للشئون القانونية، وتم تحويلها للنيابة الإدارية بعد ذلك، حيث إن قرار الوزير معيب، وكان الأجدر به التوقيع بتحويل الأوراق للجنة فنية لفحص الأمر، حيث إنه لا توجد تهمة محددة موجهة لى.
■ ماذا كان رد فعلك؟
- بعد أن علمت بتحويل الملف للنيابة الإدارية أرسلت خطابا بالبريد السريع لوزير الصحة والسكان يوم 16 نوفمبر الماضي، حذرته فيه من أنه رغم تظلمى من قراره الوزارى الذى خلا من الإشارة لعودتى لعملى الأصلى أو وظيفة مماثلة لدرجتى الوظيفية وأننى كنت فى مهمة رسمية خارج البلاد، إلا أننى عدت لديوان الوزارة منذ شهر ونصف الشهر وقتها، وأرجو استصدار قرار وزارى لعودتى لعملى لأن عدم العودة يعتبر امتناعاً سلبياً عن تأدية العمل ما يعد مخالفة صريحة للقانون، ولن أسمح لنفسى فى وقت من الأوقات أن أذهب للوزارة ويمنعنى الأمن كما يفعل مع المواطنين الآن، وأنا كنت أدخل فى يوم من الأيام على الوزير دون إذن.
 ■ يتردد داخل الوزارة الآن أن وزير الصحة الحالى يتعامل مع العاملين بالوزارة وقياداتها بسياسة الجلاد.. ما تعقيبك؟
- لن ينجح فى ذلك، كما لم ينجح أى جلاد سابق.
 ■ بصفتك وزيراً مفوضاً سابقاً بالسفارة المصرية بالرياض.. ماذا كان رد فعل السفارة بالسعودية حول التنسيق بين البعثات المصرية فى الحج؟
- لا أعلم هل تم التنسيق بشكل كاف بين البعثات النوعية المصرية والرسمية أم لا، ولكن القنصل العام فى جدة عادل الألفى قال لى أثناء مهاتفتى له للتأكيد على مساعدة البعثة المصرية فى حالة الاحتياج لأى شىء بأن أداء البعثة لم يكن على القدر المطلوب.
■ ما قيمة ما يتقاضاه رئيس البعثة الطبية للحج من بدلات أو أجر لعمله أثناء السفر؟
- يتقاضى 150 دولاراً يوميا، وتنازلت عن هذا المقابل أثناء رسالتى للبعثة عام 2012، حيث كنت ملحقاً طبياً بالرياض، حتى لا أجمع بين الأجرين.
■ ما أهم التوصيات التى أرسلتها لوزراء الصحة السابقين أثناء عملك كملحق دبلوماسى؟
- من أهمها أنه يجب أن يكون هناك 60% من الأطباء الذين يلتحقون بالبعثات الطبية أعمارهم أقل من 45 سنة، و30% من أعضاء البعثة بالاختيار وليس بالقرعة، لأنها لا تفرز أفضل العناصر طول الوقت.
■ ولكن مسألة الاختيار هنا تثير تساؤلات حول فتح أبواب الوساطة والمحسوبية؟
- لا بالعكس.. لأن الاختيار يجب أن يكون بضوابط صارمة ومحددة، وذلك لاختيار كفاءات معاونة للبعثة.
■ فى النهاية لا يصح أن يتم تقديمك كضحية لما حدث فى بعثة الحج؟
- لو كانت الاتهامات صحيحة، فلماذا لم تسوق لها وزارة الصحة أو بعثة الحج إعلاميا لإثبات التهمة علىَّ، وهذا ما يحدث فى جميع الأزمات المماثلة، بأن يتم اللجوء للإعلام لتشويه الضحية، ولكن الحقيقة أن اسمى لم يذكر فى أى مناسبة بسوء.
■ الأهم الآن هو تقديمك كضحية أمام الجهات الرقابية وليس الرأى العام لكى يتم إخفاء الحقائق وأخطاء البعثة الرسمية أو البعثات النوعية للحج؟
- قبل عودتى للقاهرة، تلقيت اتصالا من اللواء أحمد المخزنجى المسئول بالرقابة الإدارية يسألنى فيه عما حدث، وأخبرنى بأن الملف تم تحويله للرقابة الإدارية، وأرسلت تلك المعلومات لوزير الصحة فى مذكرتى يوم 29 سبتمبر.
■ هل تواصلت مع الرقابة الإدارية ثانية خاصة بعد تلقيك قرار الإعفاء؟
- تواصلت مع اللواء المخزنجى، وسألته عن سبب القرار فأكد لى أنه لا يعلم عنه شيئا، وعرضت عليه التواصل مع السفير المصرى للوقوف على دورى بالمملكة فقال لى إنه يعلم أننى ليس لى أى دور فى البعثة الطبية وذلك بعد تحققه من الموضوع.
■ إذن بما تفسر الاستمرار فى عدم تبرئتك وتعمد إقصائك؟
- لا أعلم، وقد يكون وزير الصحة يريد أن يستبدلنى بأحد معارفه كما يفعل بالوزارة الآن، وأسند إدارة جميع القطاعات لمستشاريه الجدد.
■ هل هناك خلافات سابقة بينك وبين وزير الصحة د. أحمد عماد وبالتالى أقصاك من منصبك؟
- لا توجد علاقة سابقة بيننا، ولا أعلم هل يعرفنى أم لا.