الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حريتى وحريتك فى الأحلام!

حريتى وحريتك فى الأحلام!
حريتى وحريتك فى الأحلام!




سوزى شكرى  تكتب

- من أنت؟
- أنا كنت الحرية... ولكنى اليوم صعبة المنال، ومَن يحاول الوصول إليَّ فقد يدفع حياته ثمناً، كم من الثورات فى العالم قامت باسمى وسجلها التاريخ، وأنتم يا بشر مَن وضعتوا القيود فى يدى.
- لا..لأ.. يا حرية، لست أنا، أنا من المحظوظين بكِ، وأمتلك حريتى الكاملة فى أحلامى فقط! احلامى بلا رقيب، أحلامى بلا حدود، ولكن حين تخطو أحلامى خطواتها الأولى تصدم بمن يعارضها، هل تعلمى يا حرية لماذا يعارض الآخرون أحلامنا؟ يعارضونها لانها ضد مصالحهم الخاصة فيتهموننا بالكفر والالحاد كما فعلوا مع كثيرين، ويدّعون أننا خرجنا عن الأصول والقيم، وضعوا للحرية عناوين أخرى وكأن أحلامنا مسيئة للحياة، وصنعوا شعارات مثل «الحرية المنضبطة» و«الحرية المسئولة» و«حرية بلا سقف فوضوى»، فوضوى!، وما علاقة الفوضى بأحلامنا؟ وسقف للحرية! ما ارتفاع هذا السقف؟ مَن هؤلاء؟ هل هم اشخاص يعملون فى منصب جديد هو «الرقابة على أحلامنا»؟ أم نحن مَن نضع القيود لأنفسنا؟
دون أن ندرى أصبح بداخلنا رقيب يراقبنا ويحاسبنا، يا حرية من يقف بيننا وبينك؟ أم أنك مجرد كلمة ابتدعها الحالمون بعالم حر؟ أجيبينى يا حرية: هل تعرف أول مَن وضع القيود فى يديك؟ فلنذهب إليه وندعوه ليفك القيد ويحررنا جميعاً.
- نعم أعرفه، لكنه قيد أزلى قبل الزمان بزمان، اقرئى التاريخ ستعرفين أن الصراع ما زال مستمرًا، منعوا المعرفة ويدعون أن للمعرفة حدود، ورسخوا لكم الممنوع والمسموح بقوانين ذاتية لا تناسب زمانكم، لا تظنى أنكِ وحدك تعان من افتقادى، البشرية كادت أن تفقد حريتها، أنظرى لشعوب حولك دمرت باسمى وأنا بريئة من شعاراتهم، كم من مبدع وحالم وروائى راح ضحية أحلامه، ومنعت حروفه وكلماته، ولولا احفاد الحرية ما عادت أوراقه إلينا، المعرفة لا تموت، وكم من شاعر أعدم، وكم من رسام ذبح، وكم من نحات حطمت رأسه ورأس منحوته باسم الدين، وكاذب من يظن أن بيده الإفراج عنى بل واهم،  فقد مضى على زمن طويل وأنا مسجونة فى سجن العقول العقيمة وفى ملفات القضاء، هل تعلمين أنى يوما ما تحاورت مع السجان وعرّفته بنفسى، لعله يكون مخطئًا فى سجنى، قلت له: «انظر إلى وجهى، طالع ملامحى، أنا الحرية، ألم تطلب من الحياة شىء باسمى؟ أنا الحرية يا سجان، سمعتك يومًا تطالب بالعدالة بينك وبين سجان آخر...» لكن كان حوار دون جدوى، طالبنى السجان بالصمت مدى الحياة أو الاعدام شنقاً، ونسى أنى قيد الانجاب، وأحفادى يكملون طريقى «طريق الحرية» .
- كفى كلاماً.. ظننتك تبشريننى بأنك حرة يا حرية! يا له من قدر! حريتى مسجونة أبحث عنك وأخوض من أجلك المعارك والصراعات!  ماذا أفعل؟ أقتل أحلامى بيدى؟ أم انتظر أحفادك؟ وإذا كنت لم أقابلك يوماً لو بالصدفة، فكيف لى أن أعرف ملامح أحفادك؟
سأعود إلى حريتى فى أحلامى.