السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«جوق العميين» الفيلم الفائز بالتانيت الذهبى

«جوق العميين» الفيلم الفائز بالتانيت الذهبى
«جوق العميين» الفيلم الفائز بالتانيت الذهبى




التانيت الذهبى هى الجائزة الكبرى التى حصدها الفيلم المغربى «جوق العميين» للمخرج محمد مفتكر، فى الدورة السادسة والعشرين من أيام قرطاج السينمائية. وهو ثانى أفلامه الروائية الطويلة بعد فيلمه الأول «البراق».
يتعامل المخرج المغربى «محمد مفتكر» مع السينما كأداة تلمس الروح والعقل، السينما والكتابة بالنسبة له مثل الغرفة الواسعة المليئة باللوحات والموسيقى التى يريد أن يحكى من خلالها عن ذاته وعالمه الخاص.
لسنوات طويلة ظلت فكرة فيلم «جوق العميين» ترواد مفتكر، لكنه رفض أن يكون فيلمه الأول شخصياً، لكن الآن كان فيلمه الأخير هو البذرة التى صنعت كل أفلامه السابقة، (أول فيلم قصير «ظل الموت» عام ٢٠٠٣، و«رقصة الجنين» ٢٠٠٥، «آخر الشهر» ٢٠٠٧، وآخر فيلم قصير «نشيد الجنازة» ٢٠٠٨،  ثم فيلم «البراق» أول فيلم طويل).
فيلم «جوق العميين»  هو الذاكرة الخاصة لمخرجه محمد مفتكر، وكما أخبرنى من قبل أنها سيرة ذاتية متخيلة، ينفتح برؤيته العميقة حول الماضى والحاضر، حول ما وقع وما كان يمكن أن يقع، ويقول: كل ما تمنيته أن يقع فى المستقبل حققته سينمائياً. يرى مفتكر أنه من خلال هذا الفيلم استطاع أن يحقق أشياء لم يستطع تحقيقها كطفل، فالسينما من وجهة نظره هى الانفتاح حول الممكن، هو ما يجعله يحب الفيلم طالما خاطبه بشكل مختلف.
ينشغل محمد مفتكر بالماضى والحاضر، فهو لا يريد من خلال أفلامه محاسبة الماضي، بل يحاول سرد أحداث متخيلة لها علاقة بمجتمعه وذاكرته، أيضا فصورة الأب - على سبيل المثال- نراها واضحة فى أفلامه، وربما بصورة غير مباشرة، لكن فى فيلمه الأخير «جوق العميين» حاول أن يعبر عن الماضى من نظرة الطفل «ميمو» والذى يشبهه عندما كان طفلاً، فى فيلمه، كبر مفتكر فى جو الموسيقى التى كانت حاضرة فيه نوعاً ما، والده كان موسيقياً، ورئيس فرقة موسيقية أو جوق كانت تعمل فى الأعراس، والحفلات فى فترة السبعينيات، وكان لأحيان كثيرة، هو وفرقته، وأحياناً كانوا يضطرون لتقمص شخصيات غير المبصرين، للعمل فى بعض الأعراس لدى العائلات التقليديات الذين كانوا يرفضون الاختلاط، هذه المسألة كانت بالنسبة لنا عادية، وتذهب أكثر إلى التلاعب.
صورة الأب دائماً حاضرة فى أفلام محمد مفتكر، لكن بطريقة غير مباشرة، وقد تظهر تلقائياً وبدون إدراك عندما يبدأ فى أى عمل سينمائى، لذا تنطلق صورة الأب فى أفلامه وحدها، دون مخطط سينمائى  أو درامى مسبق.
 الحنين أو ما نسميه فى بعض الأحيان «النوستالجيا»، لعبها «مفتكر» فى فيلمه بذكاء شديد، فاستطاع من خلال كتابته السينمائية، الشعرية، التعبير عن الحنين، الذى يملأنا جميعاً، الممزوج بالشجن والفرح، بصورته السينمائية الساحرة.
الرجوع إلى الماضى كان الخيط السحرى الذى مسكه «مفتكر» فى فيلمه كمحاولة للفهم، فالنوستالجيا هى حنين - والكتابة بالنوستالجيا هى ليست فقط كتابة سينمائية، بل كتابة بالإيقاع والموسيقى مع الشخصيات بالصورة، حاول فى فيلمه العمل على التيمات الكونية -كما يراها- مثل الحب والكراهية، فنظرة الطفل إلى هذا المجتمع الذى صنعه هى نظرة الإنسان الذى يحاول أن يسترجع ذلك الماضى لأنه يحبه فقط، وصناعته لذلك الماضى، لا لكى ينظر اليه نظرة الحكم او القاضى للتقييم. الفيلم فقط يتصالح مع الماضى، يتعامل مفتكر مع فيلمه كإيقاع موسيقى.