الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى أول عودة مسرحية للهناجر: قضايا اجتماعية وإنسانية شائكة فى «الشمال إجبارى»

فى أول عودة مسرحية للهناجر: قضايا اجتماعية وإنسانية شائكة فى «الشمال إجبارى»
فى أول عودة مسرحية للهناجر: قضايا اجتماعية وإنسانية شائكة فى «الشمال إجبارى»




افتتح مركز الهناجر يوم الثلاثاء الماضى، أولى عروض انتاجه الفنى «الشمال إجباري» للمخرج محمد حبيب، ويبدو أن العمل سيكون انطلاقة حقيقية، لبدء موسم مسرحى مختلف ومهم، كما سبق وأن أكد مدير المركز محمد دسوقى، ورئيس قطاع الإنتاج الثقافى المخرج خالد جلال.
«الشمال إجباري» عمل مسرحى بسيط فنيا، لكنه يحمل قيما إنسانية رفيعة، تمس نسيج المجتمع من الداخل، وعلى رأس هذه القيم، والتى يحملها العرض بدءا من اسمه، وإسقاطه على فكرة أننا دائما مجبرين ومكرهين، على اتباع كل ما هو عكس أحلامنا وطموحتنا فى الحياة، ويتمثل ذلك من خلال العلاقة الشائكة بين الآباء والأبناء، والتى استعرضها فى أكثر من لوحة مسرحية مختلفة، وتدرج التركيز على هذه العلاقة، بدءا من فكرة غياب المشاعر العاطفية بين الأب وابنه، وتركيز الأب دائما على العلاقة المادية فقط، مما قد يتسبب فى انتاج أطفال مشوهين نفسيا، ثم العلاقة التقليدية، وهى اتباع منهج الإكراه والإذعان لقرارات الوالدين، حتى ولو كانت هذه القرارات مصيرية، فى حياة أبنائهم، وتطرق العرض أيضا إلى قضية أخرى، فى غاية الأهمية، وربما استعرضها بشكل مختلف وجديد، من خلال فتاة أصبحت مريضة بالضحك، بدلا من استسلامها للبكاء، وقدمته الممثلة الشابة نورا عصمت، والتى جاء على لسانها، أن هذه الفتاة أصبحت ترى أنها السبب، فى استمرار فشل حياة أمها وأبيها، فهما اضطرا للاستمرار معا وتعذيبها نفسيا من أجلها فقط، قدمت نورا هذه الحالة النفسية الفريدة، التى تعانى منها فتاة معذبة، بمهارة ممثلة محترفة فى تقديم الأدوار المعقدة نفسيا، وكذلك فى لعبها لدور الأم العنيدة والمتمردة، والتى تسببت فى أذى ابنها الوحيد، باختفائه من حياتها تماما، حتى أصبحت تتحدث إليه وكأنه موجودا بالفعل.
لم يقتصر العرض على التنوع فى تناول أزمة العلاقة بين الأباء والأبناء، لكنه أيضا تناول أفكارا وقضايا أخرى، تتعلق بالمجتمع نفسه مثل أزمة العنوسة والبطالة، والتحرش، لكن كان تناوله لفكرة التحرش جديدة للغاية، فلم يكتف المخرج بعرض قضية فتاة تم التحرش بها، أو عرض قصص مثيرة عن التحرش، لكنه قدم عكس ما اعتدنا رؤيته، فى الأعمال المسرحية، وتناوله من زاوية أخرى تماما، فكما يتم التحرش بالفتيات، طرح فكرة أن الشباب قد يتعرضون للتحرش أيضا، من قبل الفتيات، واستعرض هذه القضية بشكل كوميدى ساخر، من خلال برنامج لثلاث فتيات يناقشن الموضوع، فى برنامج تليفزيونى، ويتسبب فى خلاف ظاهرى بينهن إلا أنهم اتفقن على الفكرة من وراء الكواليس!!
اعتمد «الشمال إجباري» فى استعراض قضاياه المتعددة، على الأداء الحركى الراقص، فى بعض الأحيان، والذى قدمه المخرج مع الممثلين، بشكل متقن ومعبر، عن قضية كل مشهد ولوحة، كما استخدم مقاطع موسيقية مصاحبة لبعض المشاهد، تم اختيارها وتوظيفها جيدا داخل العرض، ونقلت بدقة احساس كل حالة يعيشها أبطال العمل، إلى جانب اعتماده على العمل الجماعى والمشاهد الجماعية، أكثر من المشاهد الفردية، مما ساهم فى اخفاء عيوب ضعف الأداء التمثيلى، عند بعض الممثلين، كما استغنى المخرج عن الديكور تماما، واعتمد فقط على سينوغرافيا المكان والإضاءة، مستغلا مساحة المسرح كاملة لحركة الممثلين، وبالرغم من أن العمل يتناول قضايا اجتماعية وإنسانية، سبق وأن تم تناولها فى أعمال أخرى، إلا أن كتابة المشاهد هنا كانت أكثر حساسية وعمقا، فى التعبير عن المعاناة النفسية، التى يتعرض لها صاحب كل قضية، شارك فى بطولة العرض كل من نورا عصمت، أحمد يحيى، محمد عدسى، مهند محمود المليجى، فريدة عاطف، محمد محمود هاشم، نسمة أبو العز، هبة محمد إمام، محمد عسكر، سيد محمد، حسين سيد، محمد جاد، بيريهان رأفت، كريم أشرف، صياغة مسرحية محمد حبيب وإعداد موسيقى محمد حجازى، وإضاءة محمد حبيب أزياء اسماء عبد الشافى.
يعتبر عرض «الشمال إجباري» أولى العروض التى تم انتاجها فى عهد مديره الحالى محمد دسوقى، وبعد تولى المخرج خالد جلال رئاسة قطاع الإنتاج الثقافى، حيث أكد الإثنان أنهما يأخذان على عاتقهما، خلال هذه الفترة إعادة مركز الهناجر، إلى هيبته ومكانته السابقة، فى إنتاج أعمال مسرحية متميزة لمجموعة، من الشباب الموهوبين، وبالفعل بدأت هذه العروض «بالشمال إجباري» ومن المقرر أن يقدم المسرح خلال الفترة المقبلة أعمال مسرحية أخرى، ربما يأتى على رأسها عرض «الزومبى والخطايا العشر» للمخرج طارق الدويرى، والذى يقوم ببروفاته حاليا، على قدم وساق استعدادا لإفتتاحه مع بدء العام الجديد، وكذلك عرض «الخطلة السحرية للسعادة» إخراج شادى الدالى، و»الجلسة» إخراج عمر المعتز بالله ومناضل عنتر، و»صنع فى مصر» تأليف رشا عبد المنعم وإخراج هانى عفيفى.