الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

صم داعش

صم داعش
صم داعش




عبد الله يسرى  يكتب

«ثلاثة خيول سود يجرون عربة سوداء بسرعة هائلة، يشقون سماء القاهرة»..
حلم غريب قمت على أثره معتل المزاج، حائرًا.. كنت ليلتها قد أطلعت على كارثة حقيقية تستهدف الصم فى مصر، فيلم تسجيلى مدته 4 دقائق من إنتاج داعش اسمه «رسالة» وعنوانه الفرعى «ممن عذر الى من لم يعذر» يتحدث فيه البطلان ــ اللذان يظهران بزى داعش الأسود  المعروف وهم مدججون بالأسلحة والعبوات الناسفة ــ بلغة الإشارة الخاصة بالصم مع ترجمة نصية أسفل الكادر باللغة الإنجليزية والعربية.. مضمونه تجربة شخصية لاثنين من الصم فى العراق حضرا إليها والتحقا بداعش وعملا فى شرطة الموصل لتنظيم المرور.. ويوجهون وعيدهم إلى السعودية والأردن وأمريكا والدول الأوروبية وروسيا على ضرباتهم الجوية ضد داعش ومقارها.. ويدعون أحرار الصم الذين لم تنصفهم مجتمعاتهم ولم تعطهم حقوقهم أن يهاجروا وأن يأتوا إلى دولة  الخلافة الإسلامية.
فيلم إخراجه سهل ممتنع.. يقول كل شىء ببساطة ويستهدف فئة لم تكن فى الحسبان أن يتم اختراقها وما يمكن أن يحدثوه من كارثة إذا تم بالفعل اختراقهم من لدن الجماعات الإرهابية ومحاولة تجنيدهم أو استمالتهم.. وقد حاول الإخوان فى سنتهم النحسة التى حكموا فيها مصر احتواءهم وأدلجتهم واستخدامهم على الأقل كقوة ناخبة وحاسمة فى الانتخابات المختلفة.
دعونى أزف هذه الكارثة إلى المؤسسات المعنية فى مصر إذا لم تكن تعلم، أن هذا الفيلم تداول على أجهزة المحمول لعدد من الصم وأن هناك من اعتنق أفكارهم ويتواصل مع غيره لمحاولة تجنيده وأنهم على اتصال بعناصر تعدهم برغد العيش وبرواتب مجزية تتجاوز الـ300 دولار شهريًا إذا ما سافروا إلى هناك وانضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية وناصروا إخوانهم وستتأكد حلقة الوصل هذه إذا ما عرفنا أن بعض شركات المحمول تضع ميزة للصم فى خاصية الاتصال بـVideo call وحسابها بـ30 قرشًا فقط وبالتالى لغة الإشارة متاحة ولا رقيب عليها بين داعش والصم.
لقد فطنت داعش لهذه الفئة شبه المهمشة والتى لم تنصفها بعد القوانين لدمجهم فى المجتمع.. وإذا وقفنا أمام الأرقام والنسب الخاصة بالصم فستبدأ المعاناة والقلق.. حيث لا أرقام ولا نسب حديثة وانية عن عددهم.
إذا كان فى موضوع الصم أى نقطة مضيئة ففى مصر مثلاً احتفال التليفزيون هذا العام عبر قناته الخامسة بمرور 25 عامًا على أول برنامج خاص بالصم 1990 فى مصر تقدمه  الدكتورة هالة محفوظ، مذيعة لغة الإشارة، وهى أول مذيعة لغة إشارة فى مصر والعالم العربى أجمع..والنقطة الثانية المضيئة أيضًا أنه وأخيرًا سمحت كلية التربية النوعية للصم بالالتحاق للدراسة بها، حيث كان فى السابق أقصى درجة علمية متاحة لهؤلاء دبلوم فنى للذكور فى النجارة والزخرفة أو للإناث فى التريكو والخياطة.
أما إذا عدنا إلى مأساة هؤلاء فستتجلى فى نواح شتى بدءًا من إجراءات التقاضى والبحث عن محام يجيد لغة الإشارة مرورًا بحضوره وترجمته لجلسات التحقيق مع الأصم سواء كان جانيًا أو مجنيًا عليه.. مع علمى بوجود من يقوم بهذه الترجمة بشكل علمى ولوجه الله تعالى من مذيعى لغة الإشارة فى التليفزيون المصرى.
أما عن مأساة تعليمهم فحدث ولا حرج، فعدد المدارس المخصصة لهؤلاء لا يتجاوز الـ300 مدرسة تقريبًا.
وليس من نافلة القول أن أؤكد لكل من يهمه الأمر أن الجماعات الإرهابية وداعش باستهدافهم لهذه  الفئة ومغازلتها لهم عبر لغة الإشارة يعبر عن ذهنية متطورة جدًا فى الشر، تبنى خططها على معلومات وثغرات فى المجتمع..ألا فالتحذر العيون الساهرة على أمن هذا الوطن من هذا الأمر وليتحرك البرلمان المصرى الوليد لسن قوانين أكثر نضجًا لهؤلاء لإدماجهم فى المجتمع، كما أهيب بالإدارات المعنية بالاهتمام بلغة الإشارة وترجمة كل المضامين والمواد المقدمة إعلاميًا بترجمتها إلى هذه اللغة وعمل تواصل مباشر مع هذه الفئة فى المجتمع والتى باتت مستهدفة من أعدائنا.