الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الصحة النفسية فى مصر

الصحة النفسية فى مصر
الصحة النفسية فى مصر




على الشامى  يكتب

عبر سنوات طويلة ظل المرض النفسى وصمة وظل المرضى النفسيين يكابدون المعاناة، فى العصور القديمة، ظن الناس أن المريض النفسى ممسوس أو بداخله جن أو روح شريرة تستوجب الضرب والتعذيب والحرق والقتل وتدريجيا تطورت البشرية إلا أن الوصمة ظلت تطارد المرضى النفسيين وتقاوم بشدة التطور الهائل فى العلوم، حتى العلوم الطبية نفسها عندما تقدمت فى عصر الحديث ظل المرض النفسى أو الأبحاث الخاصة بالمرض النفسى فى ذيل القائمة بل وظلت بقايا قديمة من الخرافة والأسطورة عالقة بهذا المجال ساهم فى ذلك ربط المرض بالأساطير والدجل ومحاولة إخراجه من دائرة الطب إلى دائرة أخرى هى الشعوذة، بالطبع الشعوذة هذه مريحة لكثير من الناس خرافات تستند عليها عندما يعجزها التفسير وتنام قريرة العين أنه ولابد من عين ما أو مس ما أو روح شريرة هنا أو جن هناك يجوب أعضاء المريض.
تطور الطب النفسى ببطء لأن قاطرته كانت تختلف عن باقى فروع الطب كانت القاطرة تجر حملا ثقيلا وليست متخففة من أحمالها كباقى الفروع، إلا أنه خلال الفترة الأخيرة قفز الطب النفسى عبر الأبحاث الحديثة إلى درجات مطمئنة نسبيًا – وإن لم تصل إلى درجة كافية فى ظل التقدم الحادث فى مختلف العلوم.
 إذن فهذا المجال – أعنى الطب النفسى – عليه أن يحارب فى جبهتين الأولى هى المضى قدما فى توثيق الابحاث العلمية المستندة على دراسات وأبحاث أكاديمية من علماء مجتهدين وتطبيقات اكلينيكية فى الواقع المحيط مما يخدم المجتمع فى رفع مستوى الصحة النفسية به أما الجبهة الثانية فهى حرب شعواء على الجهل والخرافة والدجل الذى ما زال إلى الآن يسيطر على نسبة كبيرة من عقول البسطاء وهذه الحرب فى الحقيقة ليست حربًا علمية فحسب وإنما هى حرب ثقافية ومعرفية متكاملة الأركان ويشارك فيها قطاعات كثيرة كالثقافة والتعليم والفنون بأنواعها وغيرها من القطاعات التى تشتبك مع الواقع اليومى.
أقول هذا لأن المناخ المصرى الآن أصبح مؤهلا لذلك، فالقيادة السياسية ممثلة فى رئيس الجمهورية قد اختارت الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة العالم الكبير فى الطب النفسى ورئيس الجمعية العالمية للطب النفسى كأحد أعضاء اللجنة الاستشارية الرئاسية وهو اختيار مهم وله دلالاته القوية الواضحة، فالرئيس مهتم بالملف ومقدر لقيمة الصحة النفسية ودخول فكرة الفحص النفسى للمرشحين فى البرلمان وغيرهم من المناصب المهمة هى بمثابة أفكار جيدة تمنع شرورًا كثيرة وتخرج لنا مسئولين وصناع قرار أصحاء نفسيا فضلا عن الصحة البدنية وهو أمر غاية فى الأهمية والخطورة كما أن هذا الاختيار المهم لعالم بحجم الدكتور أحمد عكاشة سيغلق باب الاستناد إلى الخرافات والآراء المضللة سياسيًا ويفتح بابا جديدًا فى طبيعة تناول القضايا العامة من ناحية علمية وعلى أسس منهجية مستندة إلى البحث العلمى الجاد ويبقى أن الخطوة المهمة تلك ستلقى مقاومة من محبى الدجل ومدمنى الخرافة إلا أن الأرض تغيرت وأصبحت التجربة المصرية تبارى تجارب أخرى فى دول العالم لم يتبق إلا المضى قدما من منطلق وعى سياسى مدرك لقيمة الصحة النفسية لصناع القرار والمسئولين فضلا عن عموم الشعب وعلى يد عالم كبير وقيمة كبيرة مثل الدكتور أحمد عكاشة قادر على توجيه وjنفيذ خطة شاملة فى مجال الصحة النفسية التى هى بلا شك اللبنة الاساسية فى مجتمع قوى من أجل خلق مجتمع منتج مشرق ينظر إلى المستقبل سليم البدن والنفس.