الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«اليوان» فى سلة العملات العالمية

«اليوان» فى سلة العملات العالمية
«اليوان» فى سلة العملات العالمية




أحمد عبده طرابيك يكتب


أقر صندوق النقد الدولى مؤخراً ضم العملة المحلية الصينية «اليوان» إلى سلة العملات العالمية اعتباراً من بداية شهر يناير 2016، لتكون إلى جانب الدولار الأمريكي، واليورو، والين اليابانى، والجنيه الاسترلينى، الأمر الذى يعبر عن الطفرة الاقتصادية الهائلة التى تشهدها الصين عقب سياسة الانفتاح، والتى بدأها دينج شياو بنج رائد عملية الإصلاح والتحديث فى الصين منذ عام 1978، والتى تجنى الصين ثمارها الآن بما حققته بوصولها إلى تلك المكانة الاقتصادية على المستوى العالمى.
 كان صندوق النقد الدولى قد استحدث نظام حقوق السحب الخاصة عام 1969، ليكون مكملاً للأصول الرسمية الخاصة بالدول الأعضاء فى صندوق النقد الدولي، والتى يتم تحديدها - أى حقوق السحب الخاصة - بناء على سلة العملات العالمية، ولا يعتبر صندوق النقد الدولى حقوق السحب الخاصة عملة عادية يمكن استخدامها من قبل المؤسسات المالية والشركات أو حتى الأفراد، ولكن يتم استخدامها كعملة افتراضية، أو وحدة قياس فى معاملات صندوق النقد الدولى مع الدول الأعضاء.
 حقق الاقتصاد الصينى طفرة كبيرة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حيث حقق الناتج المحلى الصينى فى عام 2014 نمواً بلغ 7.4%، على الرغم من تراجعه مقارنة بعام 2013، والذى حقق فيه معدلات نمو بلغت 9.5%، ورغم هذا التراجع فى النمو الاقتصادى الصينى إلا أنه ظل من أقوى الاقتصادات العالمية، وقد شكلت هذه الطفرة الاقتصادية الصينية سمة بارزة فى الاقتصاد العالمى.
 يستخدم 38 من البنوك المركزية فى العالم العملة الصينية «اليوان» ضمن أحد أصول احتياطى النقد الأجنبى، الأمر الذى يعزز من قدرة اليوان على الانضمام إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة، والتى من المقرر حسب قرار صندوق النقد الدولى أن يمثل 11% من سلة العملات الأجنبية، بينما يكون مساهمة الدولار 42%، واليورو 31%، بينما تكون مساهمة كل من الين اليابانى والجنيه الاسترلينى 8% لكل منهما، ومن ثم سيحتل اليوان المرتبة الثالثة فى سلة العملات العالمية.
 يشترط صندوق النقد الدولى على توفر بعض المعايير والشروط فى الدولة التى يجب ضم عملتها المحلية ضمن سلة العملات العالمية، وأهم تلك المعايير والشروط هو نمو حجم الصادرات بالنسبة للدولة بما يؤثر بشكل حيوى فى الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى قابلية العملة المحلية للدولة للاستخدام الحر، بما يمكن المعاملات التجارية الدولية أن تتم بسهولة ويسر، إلى جانب انتشار استخدام العملة فى البورصات وأسواق المال العالمية، بما يسمح للدول الأعضاء فى صندوق النقد الدولى اتمام المعاملات المالية فى التعامل باستخدام حقوق السحب الخاصة، أو تحويل تلك العملة لأى من العملات فى سلة العملات العالمية، ولذلك يأتى قرار صندوق النقد الدولى متسقاً مع اليوان الصينى بما توفر لدى الصين من مقومات اقتصادية جعلتها تحتل المركز الثانى عالمياً من حيث الحجم الاقتصادي، والثالث عالمياً من حيث حجم الصادرات.
 إضافة اليوان إلى سلة العملات العالمية سوف ينعكس بشكل إيجابى كبير ليس على الصين وحسب، والتى يجب عليها أن تسير فى طريق طويل وشاق من أجل أن تثبت للعالم أن اليوان عملة عالمية، ولكن سوف تكون مصر والدول الساعية نحو التقدم هى أيضاً من الدول المستفيدة من ذلك القرار، خاصة مع وجود تعاملات اقتصادية وتجارية كبيرة بين البلدين، حيث بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين فى عام 2014 نحو 11.6 مليار دولار، الأمر الذى جعل الصين أكبر شريك تجارى لمصر فى العالم، ولذلك يمكن لمصر أن تخفف من الاعتماد على الدولار الذى يتحكم بشكل كبير فى حجم التعاملات الاقتصادية والتجارية مع العالم الخارجى.
 بالنسبة للصين فإن مصر تقع فى مكانة متميزة فى القارتين الأفريقية والآسيوية، ومن المتوقع لها أن تلعب دوراً مهماً فى المرحلة المقبلة، ولذلك فهى تمثل سوقاً كبيراً للتعاملات الاقتصادية سواء التجارية أو الاستثمارية مع الصين فى مجالات عديدة كالطاقة، وخاصة الطاقة النووية، وصناعة الفضاء، والبنية التحتية والكهرباء والأسمنت والغاز الطبيعي، والمنتجات الاستهلاكية والسكك الحديدية والتقنيات الزراعية، على اعتبار أن ذلك التعاون يسير ضمن المشروع الاستراتيجى الدولى «طريق الحرير الجديد»، الذى تهتم به الصين اهتماماً كبيراً، وأنشأت من أجله «البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية» والتى كانت مصر من الأعضاء المؤسسة له.