الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الشاعر إسماعيل عقاب: الشعر يمر بأزمة خطيرة

الشاعر إسماعيل عقاب: الشعر يمر بأزمة خطيرة
الشاعر إسماعيل عقاب: الشعر يمر بأزمة خطيرة




حوار – خالد بيومى

قال عنه الشاعر فاروق شوشة وهو يقدمه فى برنامجه التلفزيونى «أمسية ثقافية»: إن الشاعر إسماعيل عقاب لا يعيش فى القاهرة أو الإسكندرية، إنه يعيش فى مرسى مطروح، وهو رمز ناجح لشعرائنا الذين يعيشون بعيداً عن الضوء والمنابر الثقافية. وقد ولد الشاعر إسماعيل عقاب فى قرية محلة بشر فى محافظة البحيرة منتمياً لأسرة متوسطة، أمضى تعليمه الابتدائى والإعدادى والثانوى بالقرية ثم اكمل تعليمه الجامعى بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية وبعد تخرجه التحق بالخدمة العسكرية بمرسى مطروح واستمر بها ليعمل مهندساً مدنياً بمديرية الإسكان وكما يقول الشاعر: رحلة لم يكن بها ما يبشر بظهور شاعر أو مبدع فى أى مجال. ليس هناك أى مصدر للمعرفة أيا كانت وسيلته وحتى تخرجه عام 1972 لم يكن قد قرأ أى نص شعرى فى ديوان أو مجلة أو ودورية باستثناء النصوص المقررة فى مراحل الدراسة، لكنه كان يكتب ويعبر عن مشاعره لكن ما هو نوع الكتابة؟


شخص هذه رحلته كيف استطاع وهو يقيم فى منطقة نائية فقيرة ثقافيا وإبداعياً أن يؤكد وجوده بقوة ثقافيا وشعرياً فى المشهد الشعرى المصرى والعربى وينال جوائز من خارج مصر؟
كنت أعبر عن تجاربى الشعورية بالكتابة وأسمع برنامج «شعر وموسيقى» الذى كانت تقدمه الإذاعية الشهيرة حكمت الشربينى ومحمد علوان وكانت حكمت ملهمة لى من خلال صوتها وأدائها. ثم تعرفت فى مرسى مطروح على الشاعر فؤاد بدوى قرأت له ن ثم صدافتنى أشعار صلاح عبدالصبور. ثم تعرفت وأنا بالجيش على مجموعة من شعراء مطروح يكتبون لانفسهم وبمعزل عن الحراك الشعرى خارج مطروح مثل شاعرى الفصحى إبراهيم عبدالسميع وإبراهيم خليل وفى العامية إبراهيم غراب ومحمد عزيز والزّجال حسين عبد الجواد.
ورغم أنهم يمثلون جيل الرواد بالنسبة لى، لكن أحدا منهم لم يؤثر فى دواوينى أو فى الذاكرة النقدية. كانت ترضينا أشعار المناسبات المحلية والوطنية وتصفيق الحضور وتشريف المحافظ والمسؤلين. لم استفد إلا تصحيح خطأ لغوى أو عروضى.  وشعرت أن المكان والوسط يضيقان بى. وأنا بحاجة إلى وسط أرحب وتوجيه ورعاية فنية. ومتلق مغاير وناقد وشعراء كبار أستفيد منهم وكان أن التقيت بالشاعر السكندرى عبد المنعم الأنصارى، كان معلماً مخلصاً وكنت تلميذاً راغباً فى التعليم. واعتبرالأنصارى شاعرى وأستاذى. لم أتمثله فى الأسلوب والتجربة ولم يؤثر شعره أو تجاربه فيما كنت أكتب ولكنى تعلمت منه أشياء لا يقولها النقاد: الاستهلال.. الأسلوب والألفاظ وتناسبها مع الموضوع، أهمية القافية فى بنية الجملة معنى أو صورة. عدم الاكتراث بالهواجس والخواطر الشعورية الطارئة. القصيدة موضع شعورى وغير ذلك يسميها حملاً كاذبًا.
■ كيف خرجت للقاهرة والمحافظات والمدن والعواصم خارج مصر ؟
- رعاية الأنصارى كان لها وسائل أخرى  مثل دعوتى بشكل دائم إلى الإسكندرية، وتعرفت إلى جانب شعرائها ونقادها إلى الضيوف من القاهرة: شعراء ونقاد وإعلاميون وصحفيون وترشيحى لمناسبات شعرية فى الجامعات والمحافظات والمؤسسات الثقافية فى القاهرة وكذلك ترشيح قصائد للنشر فى صحف ودوريات.
■ لماذا تخاصمك جوائز الدولة؟
- دون الدخول فى أسلوب الاختيار، فقد رضيت تماماً بمجموعة من التكريمات وفى وقت مبكر، حصلت على جائزة أفضل ديوان شعر من مؤسسة البابطين وتقديرية لجنة الشاعر اليونانى الأصل السكندرى المولد كفافيس فى شهر واحد.وحفل تكريم بالإسكندرية بحضور وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى وأقامت محافظة مطروح مؤتمر علمى باسمى وإطلاق اسمى على الشارع الذى أقيم فيه بمدينة مرسى مطروح، إلى جانب عشرات الدراسات النقدية لكبار النقاد المصريين والعرب والتى ضمها كتاب «إسماعيل عقاب.. رحلة شاعر» والصادر عن قصور الثقافة.وأذكر انه فى حفل تكريم لى بكرمة ابن هانيء وجدت جمهوراً كبيراً إلى جانب شعراء ونقاد كبار وفنانين وإعلاميين وشارك بإلقاء قصائدى الفنان عادل هاشم والإذاعيتان المنتسبتان للشعر حكمت الشربينى وسلوان محمود والجميع صدروا كلماتهم: إسماعيل عقاب الصديق والإنسان وهو وسام كبير تقلدته تلك الليلة.
■ ماذا عن الأجناس الأدبية الأخرى؟
- كتب مسرحيات بالعامية منها: «حكاية العزيزة» والتى قدمت بالعريش عام 1982 من إخراج فهمى الخولى، وهناك مسرحيتان شعريتان: محاكمة المغنى، و تأشيرة خروج. صدرتا عن سلسلة المسرح الشعرى بهيئة الكتاب. ومن دراساتى النقدية: «هكذا يغنى طائر الأرز» عن تجربة الشاعرة اللبنانية هدى ميقاتى عن هيئة قصور الثقافة.
■ كيف تقيم المشهد الشعرى فى مصر اليوم؟
- الشعر الآن يمر بأزمة خطيرة. فالشعر من خلال تجربتى وخبرتى وتأملاتى وقراءتى هو فعل شعورى يقوم به الشاعر مستهدفاً شعور المتلقى لكى يولد بداخله هذا الشعور.. حزنا.. حبا.. كرها.. تمرداً.. يأساً.. إلخ. وبقدر المهارات والقدرات المؤثرة فيه قد يتحول الشعور عند المتلقى إلى فعل سلوكى منتجاً حدثاً واقعياً. فالشعر التحريضى الثورى قد يتحول من رغبة فى الثورة إلى فعل الثورة. ناهيك عن أزمة التعليم والظروف الحياتية التى يعيشها محبو الشعر كما ظهرت وسائل أخرى استقطبت شعور ووجدان المتلقى. سألنى أحد الصحفيين: ماذا كتبت عن الشهيد الفلسطينى محمد الدرة؟ فقلت لم أكتب. فأدهشه ردى، سألنى لماذا؟ قلت: إن المشهد الذى بثته الفضائيات أعنف تأثيراً على الشعور من الشعر.
■ ما رأيك فى مقولة: زمن الرواية وأن الشعر قد مات؟
- ترددت هذه المقولة منذ أكثر من عقد، وكان للناقد الكبير الراحل عبد القادر القط رأى آخر، وهو أننا نعيش زمن الدراما التليفزيونية وأنا أتفق معه. وقد قيل أيضاً إن الشعر لم يعد ديوان العرب وأصبحت الرواية ديوان العرب. وهذه مقولة مغلوطة أيضاً، لأن الديوان سجل للأحداث والأشخاص، والأحداث تتفاوت ما بين الجزئية والكلية والشخصيات تظهر وتختفى متفاوتة الزمن، والشعر بطبيعته قادر على تسجيل ذلك. أما الرواية تتعدد فيها الأزمنة والأماكن وتتصاعد الأحداث وتتطور، كما تتغير الشخصيات طبقا للمواقف والمرحلة العمرية.لذلك سيظل الشعر ديوان العرب وقد تتطور القصة القصيدة لتقوم بهذا الدور.
■ يرى البعض أن الشعر كان له دور فى تفجر ثورة يناير؟
- الشعر لم يقم بأى دور فى هذه الثورة، فلم تكن هناك حركة شعرية تحريضية تثويرية تحفز وتنتج حركة شعبية ضد سلطة الحكم.وكانت هناك قصائد تتناول الهموم العامة وتهاجم سياسة الحكم.. أشعار غاضبة تتمرغ فى المنطقة الرمادية. بين الصمت والمنطقة المحرمة بخطوط حمراء.
وقد هاجمت نظام مبارك قبل سقوطه بعشر سنوات فقلت:
أيها الراعى الذى أعى خرافه/ كل ما قلت عن العشب خرافة/ جانب الغيث الروابى وسرت/ فى بقايا نبتها المصفر آفة / غالنا الجوع وحانت حولنا/ ألف ناب تتحدى فى صلافة/ رب جيل يفتديه جيلنا/ رب جيل كان أولى بالخلافة.
■ ماذا عن شعرك بعد ثورة يناير؟
- لقد كتبت قصيدة أخاطب فيها الرئيس السيسى عندما كان وزيراً للدفاع، بأنه أمل مصر القادم والذى سيخلصها من حكم الإخوان المستبد ونشرت عام 2013 فى صحيفتى المصرى اليوم والأهالى أقول فيها: ليلاه.. قولى أين كنت تخبئينه/ هل كان يدرى أنه من تقصدينه/ وأحس أنك تجرعين مهانة/ وبأن نهرك قد سرت فيه العفونة/ فاجأر بصوتك تشرئب لك المدينة/ أكمل جميلك.. واحتضن قلع السفينة.