الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

باحثون لـ «زيدان»: هيكل سليمان ليس مقدسا فى اليهودية

باحثون لـ «زيدان»: هيكل سليمان ليس مقدسا فى اليهودية
باحثون لـ «زيدان»: هيكل سليمان ليس مقدسا فى اليهودية




تحقيق - نسرين عبدالرحيم

خرج الدكتور يوسف زيدان بتصريحات نفى فيها قدسية المسجد الأقصى وأنكر وقائع الإسراء والمعراج، لافتًا إلى أن الرسول لم يصعد إلى السماء ويتجه للمسجد الأقصى بل ذهب لمسجد بالطائف مدللا على حديثه بأن الأقصى أهمل على مر العصور الاسلامية، وأن القائد صلاح الدين لم يقم بإنشاء أى جامعات أو تعمير بالمنطقة وقد كان هناك رد من بعض أئمة المسلمين عليه إلا أنه لأهمية تلك التصريحات وخطورتها التقت «روزاليوسف» عدداً من المتخصصين فى التاريخ الإسلامى والآثار.
 قال: الدكتور عبدالعزيز الفضالى مؤرخ وباحث فى التراث وخبير الآثار الإسلامية أحب أن أذكر أن كل من ينكر وقائع الإسراء والمعراج وكذلك قدسية المسجد الأقصى و«الصخرة المباركة» مشكوك فى دينه.
وأضاف: يعتقد أغلب العلماء أن الملائكة أو آدم عليه السلام هو الذى بنى المسجد الأقصى، بعد أن بنى المسجد الحرام بأربعين سنة، ففى الصحيحين من حديث أبى ذر الغفارى (رضى الله عنه) قال: «قلت يا رسول الله: أى مسجد وُضِع فى الأرض أولا؟ قال المسجد الحرام، قلت: ثم أى؟ قال: المسجد الأقصى، قلت كم بينهما؟ قال: أربعون سنة» [البخارى ومسلم]، وبعد الطوفان الذى غمر الأرض فى عهد نوح عليه السلام، لم يبق لبناء آدم أثر.
وأضاف: قد أتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق وهى الدابة التى كانت تحمل الأنبياء قبله، فركبها ثم خرج به صاحبه يريه من الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى فى نفر من الأنبياء عليهم جميعا السلام، قد جُمعوا له فصلى بهم بعد أن ربط دابته، ثم صُعِد به عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلا، وقد كان المكان الذى صعد منه النبى صلى الله عليه وسلم خاليا وأقام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مكانه المسجد الأقصى، وفى عهد الخلفاء الراشدين  دخل عمر بن الخطاب رضى الله عنه القدس من جهة جبل المُكَبِّر، الذى سمى بذلك لأنه عندما وقف عليه كبر وكبر المسلمون من خلفه، ويروى المؤرخون أنه بعد أن كتب العهدة العمرية، قال لصفرونيوس، كبير أساقفة النصارى: أرنى موضعا أبنى فيه مسجدًا فقال: على الصخرة التى كلم الله عليها يعقوب، ووجد عليها ردمًا كثيرًا حيث كانت الإمبراطورة هيلانة قد أمرت بتدنيسها نكاية فى اليهود، فشرع فى إزالته، وتناوله بيده يرفعة فى ثوبه، واقتدى به المسلمون جميع حتى أزالوه، وأمر ببناء المسجد، وجعل الصخرة فى مؤخرته، وقيل إن الذى دله على موضع بناء المسجد، هو كعب الأحبار، أحد كبار علماء اليهود الذين أسلموا وآمنوا بالنبى صلى الله عليه وسلم، وفى عصر الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان بدأ تعمير بيت المقدس، فأمر ببناء قبة الصخرة المشرفة، وأوصى ابنه الوليد بن عبد الملك، الذى امتاز عهده بالرخاء وكثرة البناء، بإكمال البناء فقام ببناء المسجد الأقصى ودار الإمارة، وعلى الرغم من أن المصادر التاريخية لم تذكر وصف المسجد الأقصى فى الفترة الأموية، إلا أنها أجمعت على أن الخليفة الأموى الذى بنى المسجد الأقصى، هو الخليفة عبد الملك، أو ابنه الوليد، ولقد كانت مساحة المسجد الأقصى المبارك فى العهد الأموى أكبر بكثير مما هى عليه الآن، وظل المسجد قائما بتخطيطه الأصلى الأموى حتى سنة 130 هجرية - 746 ميلادية، حيث تهدم جانباه الغربى والشرقى جراء الهزة الأرضية التى حدثت فى تلك السنة.
وتم الفراغ من بناء قبة الصخرة المشرفة عام 76 هجرية - 691 ميلادية أى فى فترة الخليفة
الأموى عبد الملك بن مروان (65-68 هجرية - 684-705 ميلادية)، وذلك حسب النقش التذكارى المصنوع من الفسيفساء المذهبة بالخط الكوفى الأموى والموجود أعلى التثمينة الداخلية للقبة فى الجهة الشرقية الجنوبية منها،
وبناء قبة الصخرة بهذه الفخامة والعظمة، فمما لا شك فيه أن السبب المباشر فى بناء هذه القبة هو السبب الدينى حيث لولا وجود «الصخرة» بالتحديد التى عرج عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسب ما هو مثبت فى العقيدة الإسلامية لما ورد فى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والروايات التاريخية المنقحة فلولا وجود هذه الصخرة كرمز دينى إسلامى ارتبطت بمعجزة الإسراء والمعراج لما قدم الخليفة عبد الملك بن مروان ليشيد هذه القبة فوقها، وهذا يجعلنا نستبعد التبرير السياسى الذى أورده اليعقوبى واعتمد عليه د. يوسف زيدان  واتّهم فيه الخليفة الأموى عبدالملك بن مروان بنية تحويل قبلة الحجاج عن الكعبة المشرفة فى مكة المكرمة إلى الصخرة فى بيت المقدس مانعا فى ذلك مبايعة الحجاج لعبد الله بن الزبير فى مكة، إذ لا يخفى عن بال كل فطين شيعية المؤرخ اليعقوبى ومدى معارضته للخلافة الأموية.
 وقد رمم العباسيون المسجد الأقصى اكثر من مرة حسب ما اورده المقدسى، وضرب  المأمون فلسا يحمل اسم القدس لأول مرة فى تاريخ مدينة القدس وذلك فى سنة 217 هجرية كذكرى لإنجاز ترميماته فيها.
ولما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 492 هجرية - 1099ميلادية، قاموا بتغيير معالم المسجد الأقصى والذى استخدموه لأغراضهم الخاصة، منتهكين فى ذلك حرمته الدينية، فقاموا بتحويل قسم منه إلى كنيسة والقسم الآخر مساكن لفرسان الهيكل، كما أضافوا إليه من الناحية الغربية بناء استخدموه مستودعا لذخائرهم، وقد زاد استهتارهم وانتهاكهم لقدسية المسجد الأقصى عندما استخدموا الأروقة الواقعة أسفل المسجد الأقصى كإسطبلات لخيولهم، والتى عرفت منذ تلك اللحظة بإسطبل أو إسطبلات سليمان،
كما عانت قبة الصخرة كثيرًا مثلما عانت معظم المساجد الإسلامية فى فلسطين من الاحتلال الصليبى، فعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 493 هجرية - 1099 ميلادية، قاموا بتحويل مسجد قبه الصخرة إلى كنيسة عرفت بذلك الوقت باسم «هيكل السيد العظيم»، فانتهكوا قدسيتها وبنوا فوق الصخرة مذبحًا ووضعوا فيها الصور والتماثيل، ومن الطريف بالأمر أن قساوسة ذلك الوقت اعتادوا على المتاجرة بأجزاء من الصخرة، كانوا يقتطعونها من الصخرة ليبيعوها للحجاج والزوار بوزنها ذهبا، الأمر الذى حدا بملوك الفرنجة إلى كسوة الصخرة بالرخام وإحاطتها بحاجز حديدى مشبك لحمايتها والإبقاء عليها خوفا من زوالها إذا استمر القساوسة بهذه التجارة.
وفى سنة 583 هجرية - 1187 ميلادية، فتح الله على القائد صلاح الدين (564-589 هجرية  -  1169-1193ميلادية) باسترداد بيت المقدس وأمر صلاح الدين بتطهير المسجد والصخرة من الأقذار فطهرا، ثم صلى المسلمون الجمعة الأخرى فى قبه الصخرة، وأمر بعمل المنبر له فتحدثوا عنده بأن نور الدين محمود اتخذ له منبرًا منذ عشرين سنة، وجمع الصناع بحلب فأحسنوا صنعته فى عدد سنين فأمر بحمله ونصبه بالمسجد الأقصى،
وظل هذا المنبر قائما فيه حتى تاريخ 21  - 8 -  1969م،
بينما أكد دكتور جمال الوكيل مدرس تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب جامعة قناة السويس، أن بيت المقدس له أهمية كبيرة عند المسلمين والمسيحيين فبالنسبة للمسلمين هو أولى القبلتين وثالث الحرمين وقال هناك خلاف بين المؤرخين حول قصة بناء المسجد الأقصى فهناك فريق يقول إن من بنى المسجد الأقصى سيدنا آدم والبعض يقول إن الملائكة هم من بنوا المسجد الأقصى لكن الأكثر صحة فى هذه الآراء أن سيدنا آدم هو اول من خطى حدود المسجد الأقصى وأكد ذلك كتاب فتح البارى لابن الحجر العسقلانى والتيجان فى ملوك حمير الجزء الاول فقد أكدا أن آدم عليه السلام هو أول من خطى حدود المسجد الأقصى وتم بناؤه بعد الكعبة بأربعين سنة من بعده كثير من الانبياء عمروه وكبروه مثل سيدنا ابراهيم وسيدنا اسحاق ويعقوب وسليمان وعمر ابن الخطاب له دور فى توسعة المسجد الأقصى لكن اكبر حركة تعميرية فى المسجد كانت فى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان الأموى الدليل أنه تم بناؤه منذ عهد سيدنا آدمبنى بعد الكعبة باربعين عاما وهذا الثابت تاريخيا.
وأضاف عندما يتحدث زيدان عن أن صلاح الدين الأيوبى لم يعمر بيت المقدس فهذا غير صحيح، أولا صلاح الدين بعد فتح بيت المقدس أنشأ مايسمى بالمدرسة الصلاحية مكان كنيسة القديسة حنا وهناك اثنان من المؤرخين قالا هذا الحديث احدهما يسمى ابن واصل والآخر ابن خلكان وقد خصصت للمذهب الشافعى وكان اول معهد علمى فى القدس يدرس فيه تجويد القرآن والعبادات واللغات الشرقية والقرآن والطالب يختار يدرس لغة شرقية أم عربية ودرس علم المنطق والرياضيات وأنشأ مايسمى بالخانقاة الصلاحية مكان مخصص للمتصوفين انشاء قرب كنيسة القيامة مكان آخر يسمى الزاوية الختنية بجوار المسجد الأقصى ولعب دورًا كبيرًا جدًا فى الحركة الفكرية لبيت المقدس بعدما استرده من الصليبيين فى موقعة حطين 583 هجريا 1187 م.
فى العصور الوسطى ظهر ما يسمى بالحروب الصليبية السبب الأساسى فى ظهور الحروب الصليبية بين المسلمين والمسيحيين أوالصليبيين الذين اتخذوا من الصليب شعارًا لهم هو الاستيلاء على بيت المقدس بما فيه.
قبل ما يتم احتلال إسرائيل لفلسطين سنة 48 كان هناك بعض المسلمين يذهبون للمسجد الأقصى ويعلنون نية الاحرام إلى المسجد الحرام.
وتابع دكتور يوسف زيدان أن الرسول ذهب إلى الطائف ولم يسر به ولم يعرج إلى المسجد الأقصى الطائف فى ذلك الوقت لم يكن بها مسجد فى ذلك الوقت وليس من المعقول أن الآيات تتحدث عن الإسراء داخل الطائف.
أكد دكتور مختار الكسبانى متخصص فى الدراسات الإسلامية والتاريخية أن الجغرافيا والتاريخ ليسا وجهات نظر واذا لم يكن دكتور يوسف زيدان يعرف ذلك جيدا فعليه أن يقرأ معجم رحلة البلدان وهو لمؤرخ ينتمى لمدينة القدس وأول ما بدء بالمدينة التى ينتمى إليها وجاء بأصلها وفصلها وان يقرأ موسوعات بلاد العرب قبل الاسلام ويقرأ توزيع القبائل العربية فى ارض كنعان والقحطانية والكنعانية.
أضاف: لم يجرؤ اليهود انفسهم على أن  يقولوا هذا الكلام الذى يقوله زيدان، لافتا إلى أن الحديث عن أن الأمويين هدموا الكعبة نوع من التخريف حيث يستند إلى أن الأمويين حاربو عبدالله بن الزبير فى مكة هم حاربوه بالفعل حيث حدث حرب بالكعبة ولجأ إليها عبدالله بن الزبير وقتل فى داخل المطاف ولكن لم تهدم الكعبة قتلوه عند حرم الكعبة ولكنهم لم يهدموا الكعبة.
كذلك أريد أن أوضح لزيدان أن هيكل سليمان لايشكل أى قدسية لأبناء الديانة اليهودية لأنهم لايعترفون بالنبى سليمان صاحب الهيكل انه يهودى كامل اليهودية وذلك لكونه ابن لسيدنا داود من زوجته العربية اليبوسية ولايعترف اليهود بيهودى إلا إذا كانت أمه يهودية وعلى ذلك فإن ادعاء بعض اليهود أحقيتهم فى المسجد الأقصى ما هو إلا ادعاء سياسى ودنيوى مغلف بغطاء الدين.
واليهودى يعتقد وفقًا لعقيدته أن القدس أو اورشاليم ماهو إلا مكان شهد مراحل إذلال اليهود على مر التاريخ من نبوخز مصر من ناحية أباترة البيزنطيين لهم من ناحية أخرى وحسب كتابهم ستشهد القدس نهاية اليهود على يد المسيح، وتأكيد لعدم وجود أى إرث يهودى بالقدس فإن الحفريات التى اجريت فى القدس وبالتحديد اسفل المسجد الأقصى لم تسفر عن وجود أى قطعة أثرية من التراث اليهودى وإنما جاءت نتائج الحفريات لتأكد الطابع الإسلامى للمدينة القديمة يسبقه الطابع الرومانى أما عن ادعاء اليهود ملكيتهم للمدينة بسبب تواجدهم فيها لفترة زمنية فهو ادعاء مردود عليه لأن التواجد فى مكان معين لايعنى أن هذا المكان أصبح ملكا للقاطن فيه أو أنه أصبح وكرًا له وحوادث التاريخ مليئة بذلك فقد استقر المصريون بالشام واستقر العرب المسلمون بالأندلس لأكثر من 800 سنة وليس أربعين عامًا كما مكث اليهود بالقدس.