الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع: سوء فَهم

واحة الإبداع: سوء فَهم
واحة الإبداع: سوء فَهم




كتبها -  محمد فرحات

اللوحات بريشة الفنان سامى أبوالعزم

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

مثل باقى السيدات.. ثلاث مرات تجوب طرقات هذه السوق ذهابًا وإيابًا وهى تبحث عن الطعام الطازج.. تورمت قدماها التى أثقلتهما الأملاح  قليلاً وأتعبتها، فوقفت على أحد رصيفى السوق المزدحمين وهى تفكر وقررت أن تدخل أحد متاجر هذه السوق لتُنهى تسوقها اليومي.. وفى متجر الطيور؛ ولأنها سيدة كبيرة أحضر لها صاحب المتجر كرسيًا بلاستيكيًّا أبيضَ لتجلس عليه.. حتى تقرر ما تريد أن تشترى.. دارت عيناها بين الطيور الكثيرة، فجذب انتباهها أرنبًا أبيضَ اللونِ كبيرًا يجلس منكمشًا  فى هدوء وسط قفص الأرانب.. وحتى لا يقول لها البائع إنها مُتعبة فى الاختيار كباقى السيدات قررت أن تشترى هذا الأرنب الأبيض.. وضعه البائع فى قفصٍ صغيرٍ وأعطاه لها وهو يُخبرها أنها أنثى وأنها ستلد قريبًا.. دفعت ثمنها، وعادا سويًا إلى البيت.. وأمام باب شقتها القريبة من السوق وضعت القفص وعاشت هذه الأرنبة على سُلّم السيدة فى أمانٍ وسكون.. مرّت أيام اعتناء السيدة بأرنبتها سريعًا، حتى وضعت الأرنبة البيضاء عددًا من الأرانب الصغيرة الملونة.. كانت تدور حولهم وكأنها تحميهم من شيء ما.. لا تراه السيدة.. ومرّت أيام أخرى وهؤلاء الصغار يكبرون شيئًا فشيئًا.. تلاحظهم السيدة جيدًا فترى أمهم ترعاهم وتلاعبهم وتعلمهم الحياة وكأنها معلمة فطرية.. لعب هؤلاء الصغار حولها بمرح ولعبت معهم، إلى أن نقص هذا اللعب فردًا بُنى اللون؛ فتحولت حياتهم إلى حزنٍ رهيبٍ يسوده الصمت والهدوء إلا من بعض حركات الصغار البسيطة.. كانت الأم تنظر عليه فى كل مكان وتحاول خائفة أن تحافظ على الباقين.. يقتلها بداية طعم الفراق.. والخوف، وينقش الحزن على جوانبها بمنقاره فتنكمش تاركةً له حالها.. وأصبحت مثل صاحبتها يزورها الهَم ضيفًا ثقيلاً مملاً.. وقع نظر السيدة على عينى الأم.. رأتها وكأنها تترجاها أن تبحث لها عنه.. وقررت ألا تُخيب رجائها.. علمت السيدة أن طفل جيرانها وجد هذا الأرنب البنى التائه وأعطاه لصديقه الأكبر منه سنًا الذى أعاده إلى متجر الطيور بالسوق ظنًا منهما أنه هرب من هناك.. وسريعًا ارتدت ملابسها وذهبت إلى المتجر فرأته بالفعل داخل أحد الأقفاص يحشر نفسه وسط من هم أكبر منه حجمًا، ودون أى جدالٍ طلبت معرفة ثمنه.. تعجب صاحب المتجر من كونها فى حاجةٍ لهذا الأرنب الصغير.. دفعت له جزءًا من ثمنه وخرجت من المتجر تُجزء نقودها كى تعطيه باقى الثمن.. وعادت إلى المتجر.. وانتظرت صاحبه قليلاً.. بعد دقائق جاءها صاحب المتجر يحمله بين يديه.. مذبوحًا ومُكيسًا.. وطلب منها باقى النقود.. أعطتْ له النقود.. وأخذته ورحلت.. ولم تستطع أن تخبره أنها كانت تريده حيًا.