الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إنسانية الموسيقى وحكى الأوركسترا

إنسانية الموسيقى وحكى الأوركسترا
إنسانية الموسيقى وحكى الأوركسترا




 يكتب: د.حسام عطا

إنها الموسيقى إذن سر السحر الإنسانى لإسعاد البشر ولصناعة الألفة بين الكائنات، كلما تحدثنا عن واقعها الآن، أتذكر مشهد أوركسترا القاهرة السيمفونى فى أوائل الثمانينات والصالة كاملة العدد فى قصر ثقافة أسيوط، عندما كان يحرص على جولاته المنتظمة فى كل ربوع مصر، آنذاك لم يكن مشهد جمهور أم كلثوم الكبير المنسجم فى ملابس السهرة، الأنيق للغاية فى جلسة استماعه لكوكب الشرق مشهداً بعيداً عن العين، وهو المشهد الذى كلما أطل من الشاشات مجدداً يعيد لذاكرتنا الجمهور الكبير الحريص على متابعة الفنون الجميلة، كان لهؤلاء فائض من الوقت والمال وملابس السهرة ولم يكونوا من الأثرياء، ولكنهم كانوا أغنياء بعاداتهم الاجتماعية واختياراتهم للمتعة اليومية، وهكذا يعود الأمل مجدداً مع محاولات أوركسترا القاهرة السيمفونى فى موسمه الحالى الذى يختار صياغة موسيقية هذا العام، لاحظت تكرارها ألا وهى الجمع بين الحكى والموسيقى، فى بحث متكرر عن المصنفات الموسيقية المكتوبة خصيصاً فى هذا الإطار لأنه يبدو أن المزج بين الحكى والموسيقى احتياج إنسانى أدركه المؤلفون للموسيقى السيمفونية، فى إطار البحث عن معنى فلسفى للموسيقى أو صلة ما مع الحكايات والأمثولات الشعبية.
وفى هذا الإطار قدم أوركسترا القاهرة منذ أيام واحداً من أشهر أعمال سترافسكى الموسيقية القائم على نص للشاعر السويسرى تشارليز راموز المأخوذ عن حكاية شعبية من الفلكلور الأسبانى بعنوان قصة جندى من إخراج عبدالله سعد وحكى محمد عبد المعطي، وهو عمل يحتوى على صياغات إيقاعية مبتكرة وألحان بسيطة تلائم الحركة والعالم السحرى لحكاية الجندى جوزيف العائد لبلدته، وبينما يستريح قليلاً فى الطريق يخرج من حقيبته كل ما يملك ميداليته ومرآة يرى فيها وجهه وصورة لحبيبته وآلة الكمان، أنه سعيد بكل ما يملك من دفء إنسانيته.
لكن الشيطان يظهر له ليخدعه ويبيع له كتاب المستقبل ويمنحه ثروة مقابل أن يحصل على تذكاره البسيط الميدالية وصورة حبيبته وآلة الكمان، وبعد رحلة ينكره فيها الناس ولا تمنحه الثروة الشيطانية السعادة، ينتصر على الشيطان ويستعيد آلته الموسيقية، وينقذ الأميرة من الاكتئاب بموسيقاه الجميلة فتحبه ويتزوجها بما يملك من إنسانية الموسيقى.
جدير بالذكر أن ما قدمه الأوركسترا فى أول موسمه الحالى من حكى موسيقى مشابه للأطفال، يمكن مع الموسيقى والحكى للكبار أن يساهما مع تكرارهما وخروجهما فى جولات خارج دار الأوبرا فى الإسهام فى تجديد الذوق الفنى العام لأن الحكى يبسط الموسيقى ويشرحها وهو ضرورة لعودة التعليم الموسيقى العام.