الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

زيارة « بارزانى» لأنقرة تثير الجدل حول مشروع «كردستان الكبرى» المحتمل بالشرق الأوسط

زيارة « بارزانى» لأنقرة تثير الجدل حول مشروع «كردستان الكبرى» المحتمل بالشرق الأوسط
زيارة « بارزانى» لأنقرة تثير الجدل حول مشروع «كردستان الكبرى» المحتمل بالشرق الأوسط




لا تزال زيارة رئيس إقليم كردستان العراقى مسعود بارزانى الرسمية لأنقرة، تثير الجدل وعلامات استفهام كبرى وثيقة الصلة بمستقبل القضية الكردية برمتها وبداية سايكس بيكو محتمل الذى قد يتمثل فى إحياء مشروع «كردستان الكبرى» بالشرق الأوسط، خاصة بعد أن تم رفع العلم الكردى لأول مرة فى تركيا أثناء استقبال وكيل وزير الخارجية التركى فريدون أغلو، لبارزانى بمطار أنقرة يوم الأربعاء 9 ديسمبر 2015.
وبالرغم من أن زيارة مسعود بارزانى لتركيا جاءت على خلفية بدت متمثلة فى أزمة بين بغداد وأنقرة تأججت بعد نشر الأخيرة قوات بالقرب من المنطقة التى يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» شمال العراق، إلا أن السلطات التركية لم تصدر بيانا رسميا حول فحوى الاجتماع بين بارزانى والرئيس التركى رجب طيب أوردغان.
واكتفى رئيس الوزراء التركى أحمد داود أغلو بتصريح مقتضب فى ختام اجتماعه مع زعيم إقليم كردستان العراقى مسعود بارزانى، قال فيه: «إن نشر هؤلاء الجنود ليس عملا عدوانيا، بل بادرة تضامن وإن هدف أنقرة تدريب سكان الموصل على قتال داعش».
إن رفع العلم الكردى أثناء زيارة مسعود بارزانى الرسمية لتركيا، دفع كثيرًا من المتابعين والمحللين السياسيين إلى حتمية التنبيه ودق أجراس الخطر حول إمكانية استخدام أكراد العراق، سوريا، تركيا وإيران لإحداث اضطرابات محتملة وثيقة الصلة بإعادة تقسيم الشرق الأوسط، خاصة فى ظل تصاعد الحديث خلال السنوات القليلة الماضية عما أطلق عليه أحقية الأكراد بتلك الدول فى الحصول على الاستقلال لتصبح دولا يحتمل إعلانها بالمنطقة وفقا لما تم رصده من تصريحات موثقة حول ذات الشأن لـ «بارزانى».
وهذا ما دفع المراقبون إلى التأكيد على أن الحديث والتحضير لإعلان المؤتمر القومى الكردى الأول «كردستان الكبرى» خلال شهر سبتمبر عام 2013 والذى يشمل أكراد دول (العراق، سوريا، تركيا، إيران)، لم يكن عملا عشوائيا أو عبثيا على وجه الإطلاق.
ولاتزال تنطلق الدعوات وتتجدد بشكل دورى للعام الثالث على التوالى وحتى تاريخه من أجل عقد المؤتمر الكردى الأول خاصة بعد انعقاد أول اجتماع دولى للأحزاب الكردية بزعامة حزب العمال الكردستانى «بى كى كى» فى أنقرة وذلك فى إطار التحضير لانعقاد هذا المؤتمر حينئذ فى منتصف شهر نوفمبر 2013 تحت عنوان «الأكراد يناقشون السلام والديمقراطية ونماذج الحل».
إلا أن المؤتمر القومى الكردى لا يزال يتم تأجيل انعقاده سنويا ولأجل غير محدد، ربما يكون قد اقترب بعد أن تم التوصل إلى أن يكون رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزانى أول رئيس للمؤتمر لما يتمتع به من علاقات دولية تساعد فى توصيل فكرة الحق الكردى فى تقرير المصير وتشكيل دولتهم الكبرى حيث يتوزع الأكراد بحكم اتفاقية «سايكس بيكو» التى رسمت حدود منطقة الشرق الأوسط قبل أكثر من قرن – وذلك حسب ما تم إعلانه من تصريحات لمصادر كردية.
ويبدو أن الحديث عما أطلق عليه دولة «كردستان الكبرى» وبداية سايكس بيكو محتمل بالشرق الأوسط، ليس عملاً عشوائيًا على وجه الإطلاق، فقد نشرت صحيفة «ينى جاغ» التركية فى 30 يونيو عام 2014 تقريرًا خطيرًا أكدت فيه أن الإعلان عن حدود «كردستان الكبرى»، التى ستشمل «الأجزاء الكردستانية الأربعة»، سيكون بالتزامن مع التحضيرات للمؤتمر القومى الكردى الذى كان من المزمع انعقاده للمرة الثانية فى (أرابيل) منتصف شهر نوفمبر 2014.
وكشف التقرير أن الحدود التى سيتم تثبيتها لـ«كردستان الكبرى» ستكون مصدر توافق بين مختلف الكرد، كون الولايات المتحدة الأمريكية وافقت عليه ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير وأن إعلان حدود «كردستان الكبرى» يأتى فى الوقت الذى يتم فيه تنفيذ مراحل عملية السلام المتفق عليه بين حزب العمال الكردستانى وحكومة أنقرة.
وفى مقابلة مع قناة «روسيا 24» نشرت السبت 12 سبتمبر 2015، قال مسعود بارزانى  من حق «الأمة الكردية» أن تخطو الخطوة الحاسمة فى الحصول على استقلالها، لكن الظروف الحالية لن تسمح لها بضمان هذا الاستقلال ــ على حد قوله.
وأكد بارزانى التزام العراق بحل هذه المسألة سلميًا وبخوض حوار مع بغداد حولها، لكن بغداد نفسها تواجه مشاكل كثيرة عدا   المشاكل القائمة بينها وبين الإقليم.
وقال رئيس إقليم كردستان العراق إنه ينظر إلى عملية انفصال الإقليم عن سائر العراق على أنها عملية ديمقراطية عادية تتم عبر تعبير المواطنين عن إرادتهم، مشيرًا إلى أن الأكراد سعوا دائمًا إلى بناء دولة فيدرالية ديمقراطية ــ على حد وصفه.
واعتبر البارزانى أن «كل تقسيم قسرى لا يمكن أن يدوم إلى ما لا نهاية، والحدود الجديدة هى حدود رسمت بالدم فى المنطقة بدلاً من حدود سايكس ــ بيكو»، مضيفًا فى حوار له مع صحيفة «الحياة» اللندنية فى 7 فبراير 2015 أنه «لابد من صياغة عراق جديد، لأن العراق السابق فشل «على حد قوله».
وأشار بارزانى إلى أن كردستان العراق تحولت إلى ملاذ آمن لأبناء المكونات الأخرى من مسيحيين وتركمان وعرب وأن الإقليم يحتضن اليوم مليونا ونصف المليون نازح من العراقيين، فضلاً عن 250 ألف نازح من سوريا.
وذكرت تقارير صحفية عالمية أن المستشرق الروسى المعروف ستانيسلاف تاراسوف، قد أفصح فى وقت سابق عن قرب الإعلان عن دولة كردستان، فى حين أشارت تسريبات إعلامية تركية إلى أن الناتو يرغب فى نشوء كيان كردى وتمارس ضغوطات كبيرة على الدولة التركية لتحقيق ذلك.
ويعد أول من استخدم مصطلح «الشرق الأوسط الجديد» وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، وذلك فى إسرائيل وتحديدًا فى يونيو 2006، بدلاً من المصطلح القديم «الشرق الأوسط الكبير»، حيث قامت بالاشتراك مع رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت، بالترويج لمصطلح ومفهوم «الشرق الأوسط الجديد» أثناء الحصار الإسرائيلى للبنان.
ويرى كثير من الخبراء الاستراتيجيين أن الإعلان عن إعادة تقسيم الشرق الأوسط الجديد أو «المحتمل» يعد بمثابة مشروع أو مسودة «خارطة الطريق» للشرق الأوسط بالاتفاق بين الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، يهدف إلى خلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى الخلاقة، تمتد من لبنان وفلسطين وسوريا واليمن إلى العراق ودول الخليج وحتى إيران وأفغانستان.
وقد قدمت واشنطن وإسرائيل مشروع «الشرق الأوسط الجديد» علنا، مستخدمين الوضع فى لبنان كأداة ضغط لإعادة تنظيم المنطقة، وبالتالى إطلاق العنان لقوى «الفوضى البناءة» التى تؤدى إلى انتشار العنف فى جميع أنحاء المنطقة لتمكن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل من إعادة ترسيم خريطة الشرق الأوسط وفقها لأهدافها الجيوستراتيجية - بحسب تقارير عالمية.
ويبدو أن العراق المتحل، خاصة (كردستان) العراق كان الأرض التحضيرية لمشروع (تقسيم) الشرق الأوسط فى ظل معلومات لا تزال تتكشف حول عمليات التخطيط لتقسيم العراق إلى ثلاثة أجزاء عن طريق مجلس النواب العراقى وباسم الفيدرالية العراقية، فلطالما قامت الولايات المتحدة وبريطانيا باستغلال التقسيم الطائفى والتوتر العرقى فى مختلف أنحاء العالم بما فى ذلك الشرق الأوسط، وما العراق إلا أحد الأمثلة على هذه الاستراتجية.
وتعد أفغانستان وباكستان نقاط انطلاق لتوسيع نفوذ الولايات المتحدة فى الجمهوريات السوفيتية السابقة فى آسيا الوسطى، لذلك يرى العديد من علماء روسيا وآسيا الوسطى والخبراء العسكريين أن منطقة آسيا الوسطى ضعف الاتحاد الروسى.
وفى هذا الصدد، وثق مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق زبيجنيو بريجنسكى فى كتابه «رقعة الشطرنج الكبرى» حقيقة استخدام «الشرق الأوسط الجديد»، كأداة للسيطرة على المنطقة التى أسماها «البلقان الأورو - آسيوية» والتى تتكون من القوقاز (جورجيا وجمهورية أذربيجان وأرمينيا) وآسيا الوسطى (كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأفغانستان).
على الرغم من أن هذه الخريطة لا تعكس عقيدة البنتاجون رسميا، إلا أنها استخدمت فى برنامج تدريبى ضم مؤسسات تابعة لحلف الناتو، واعترف بهذا الجنرال الأمريكى المتقاعد رالف بيترز، فى كتابه «لا تترك المعركة» وذلك ضم مسلسل الإعلان التدريجى عما أطلق عليه الخبراء «سايكس بيكو محتمل» بالشرق الأوسط.
يذكر أن كردستان تتوزع بصورة رئيسية فى (العراق، سوريا، تركيا، إيران) وتختلف التقديرات بشأن عدد الأكراد ما بين 30 إلى 35 مليونًا، يتوزعون بنسبة 20٪ فى تركيا (15 مليون)، 15٪ فى إيران (10 ملايين)، 20٪ فى العراق (6 ملايين) و5٪ فى سوريا، و(2 مليون) فى أرمينيا.