الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لم نتستر على متهم.. ونرفض شخصنة مؤسسات الدولة

لم نتستر على متهم.. ونرفض شخصنة مؤسسات الدولة
لم نتستر على متهم.. ونرفض شخصنة مؤسسات الدولة




حوار ـ ناهد سعد  - تصوير ـ مايسة عزت

كشف المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، عن أن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتعيين نائبين له لم يفجر أزمة من قريب أو من بعيد، نافيا أن كل ما رددته وسائل الإعلام بأن القرار بمثابة تقليم أظافر لرئيس الجهاز.
وقال جنينة فى حواره لـ«روزاليوسف»، إن ما رصده الجهاز من فساد منذ توليه رئاسته، تجاوز الـ600 مليار جنيه، مؤكدا عدم الإساءة لجميع أعضاء الجهاز بعد قضية رشوة وكيل الجهاز التى تم الكشف عنها مؤخرا، منوها إلى أن الصناديق الخاصة بوزارة الداخلية لا تزال ملفا شائكا لم نقترب منه حتى الآن.. وإلى تفاصيل الحوار..


■ بداية ما تعليقك على قيام الرئيس «السيسى» بتعيين نائبين لك بشكل مفاجىء مؤخرًا؟
- الموضوع أثار لغطًا كبيرًا فى الإعلام لا أساس له من الصحة، فالبعض قال إنها نهاية هشام جنينة، وهناك من قال تقليم أظافر، لكن بالعكس علاقتى بالنائبين جيدة جدا، خاصة أن النائب الأول «منى توحيد» تعمل بالجهاز منذ سنوات وليست جديدة علينا،  حيث إنها كانت تشغل منصب رئيس المكتب الفنى لرئيس الجهاز قبل أن تكون مستشارًا لرئيس الجهاز، أما الثانى «المستشار هشام بدوى» فعلى علاقة شخصية به منذ عشرات السنين، حيث تزاملنا فى نيابة أمن الدولة العليا، وفور تعيينه قدمت له التهنئة هاتفيا، وأوكد أن القرار حقًا أصيلا لرئيس الجمهورية، ولا يتوقف على مدى احتياج الجهاز لنواب من عدمه، والمؤسسات ليست قائمة على أشخاص وتفعيل دورها هو الأهم حتى ولو لزم الأمر لتداول المناصب القيادية داخلها، وأنا ضد شخصنة الأجهزة والمؤسسات بالدولة، وأشدد على أنه سيتم الكشف قريبًا عن قضايا فساد كبرى ردا على الأقاويل التى أثيرت مؤخرا حول تحجيم عمل الجهاز.
■ تم القبض مؤخرا على وكيل الجهاز أثناء تقاضيه رشوة.. ما تعليقك؟
- بالنسبة لتلك الواقعة تحديدا أقول إننا مثل أى فئة فى المجتمع بها الصالح والفاسد، لكن الأغلبية العظمى من العاملين بالجهاز شرفاء، لذلك نرفض الإساءة إلى الجميع لعدم هدم المؤسسة، خاصة أننا نطهر أنفسنا بأنفسنا فنحن لم نسانده أو نحميه من الملاحقة القانونية ورفضنا التستر على فساده، بل أرسل الجهاز أعضاء الشئون القانونية للاطلاع على ملف القضية المتهم فيها وكيل الجهاز للوقوف على حيثيات المحضر وتفاصيل القضية ودراستها حتى يتم اتخاذ موقف قانونى تجاه المتهم فى حال ثبوت التهمة، ناهيك أن وكيل الجهاز تم إيقافه عن العمل لحين الانتهاء من التحقيقات، رغم أن التهمة الموجهه له منفصلة تماما عن الجهاز وغير مرتبطة بصفته، إنما لكونه عضوا بجميعة إسكان وسهل الحصول على أرض تابعة للجمعية وليست للجهاز، وفى حال ثبوت التهمة عليه سيتم الإطاحة به من منصبه.
■ «الفساد» مصطلح يتردد كثيرا.. ما حجمه فى مصر؟
- حقيقة يصعب حصر حجم تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية، لأن هناك بعض الجهات فى الدولة لا تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، لكن من خلال التقارير الرقابية التى أعدها الجهاز وقدمها للمسئولين بالدولة بخصوص الفساد تجاوزت 600 مليار جنيه بكثير، فى حين لا يوجد حصر دقيق لثروات مصر المنهوبة نتيجة عدم وجود آلية دقيقة توضح حجم هذه الثروات التى لا تكون مالية فقط بل ثروات طبيعية أيضا، حيث إن سوء استغلال الموارد الطبيعية وإهدارها لصالح جهات أو أشخاص يعتبر نوعا من النهب، ناهيك أن هناك ثروة عينية تتمثل فى أراض أو مقومات أساسية فى الدولة، والغريب هنا أن هناك بعض الجهات تتعمد إخفاء بعض المستندات التى نحتاجها فى تقييم أدائها، الأمر الذى يجبر مفتشى الجهاز على تدوين «التقارير صدرت وفقا لما أتيح لنا من معلومات».
■ ما طبيعة المخالفات التى يكشف عنها الجهاز؟ وكيف يتم التعامل معها؟
- دور الجهاز ليس فقط رصد المخالفات ولن يقف عند ذلك الحد، لكن نوضح أسباب المخالفات إذا كان خطأ غير متعمد من المسئول، وقد تكون المخالفة بسبب ثغرات فى القانون أو فى لوائح المؤسسات الداخلية، وفى هذه الحالة نوصى بتعديلها، ودائما نحرص فى تقاريرنا على رفع أداء المؤسسات خاصة التى تعانى تراكم الديون، وفى خلال شهر من إخطار الجهة أو المؤسسة بالتوصيات أو الملاحظات التى رصدناها إذا لم يتم الاستجابة يتم رفع التقارير إلى النيابة الإدارية أو الجهة التى تعلو على المسئولين فى المؤسسة، وبالتالى فأعضاء الجهاز المركزى يتبادلون التقارير الرقابية على مدار السنة بينهم وبين المسئولين فى الجهات الحكومية، ولم يكتفوا برصد المخالفات سواء كانت تجاوزات مالية أو مخالفة للقانون بل يدونون عددا من الملحوظات والتوصيات ويتم إرسالها مرة أخرى للمؤسسات، وينتظرون الرد عليها، ثم يتم رفع جميع التقارير فى نهاية العام لرئاسة الجمهورية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المخالفين لإيقاف فسادهم بأقصى حد ممكن، وفى الغالب لا يتم إرسال التقارير إلى رئاسة الجمهورية إذا كان فساد للموظفين العاديين ونكتفى بمخاطبة الوزير، أما إذا كان الفساد يخص أحد الوزراء فيتم تقديمه إلى مؤسسة الرئاسة لأنه من غير المعقول أن يكون المتهم خصما وحكما فى ذات الوقت.
■ إذا ما طبيعة علاقتكم بمؤسسة الرئاسة فى التقارير التى يتم إعدادها؟
- رئاسة الجمهورية طوال العامين الماضيين لم تشرف على تقارير الجهار ولم يتم تعاون بيننا نظرا إلى أن الجهاز قد سبق أن طلب من الرئاسة الإشراف على الأمور المالية داخلها، لكن نتيجة تأخر التصاريح والموافقات الأمنية اللازمة للقيام بالاطلاع على المستندات لم نتمكن من الإشراف على الرئاسة خلال العامين الماضيين، خاصة أنها مؤسسة حساسة، وكان آخر تقرير تم منذ أن كان مرسى فى سدة الحكم، وبعد انتهاء حكم الإخوان كان هناك «سنتان ماليتان» نتيجة تأخر الحصول على التصاريح الأمنية، لكن مؤخراً منذ أيام منحت رئاسة الجمهورية تصاريح للجهاز بالرقابة ومن المقرر أن يبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة الموظفون فى فحص الملفات المالية لمؤسسة الرئاسة.
■ حدثنى عن التقارير التى أرسلتموها للرئاسة منذ تولى الرئيس السيسى حكم البلاد؟
- فى بداية تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئاسة الجمهورية، أعددنا تقارير عن منظومة «التعليم ـ الصحة ـ النقل ـ الطاقة»، حرصا منا على أن نضع الحقائق أمام الرئيس، خاصة أن تلك المنظومات حيوية وملتهبة يعانى منها جموع المواطنين.
■ ما الفارق بين طبيعة عمل الجهاز والرقابة الإدارية؟
عمل الرقابة الإدارية يختص بالكشف عن وقائع الرشوة المحددة، وهذا ليس دور الجهاز، ودورنا يكون تدقيقًا مستندى وفحص ملفات مالية لمؤسسات الدولة، وبالتالى فتقاريرنا تلقى الضوء على المسئول الفاسد، ومن ثم يتم تتبع ذلك الخيط من قبل الرقابة الإدارية حتى تصل إلى واقعة رشوة محددة للمسئول.
■ هل توجد قضايا فساد سيتم الكشف عنها قريبًا؟
- نحن بالفعل فى سبيلنا للكشف عن عدد كبير من قضايا الفساد الكبرى والتى يتم إعدادها الآن وسيتم الانتهاء منها خلال أيام، وتشمل التقارير أهم ما رصده الجهاز بمختلف قطاعات الدولة ومؤساستها.
■ لماذا تمتنعون عن إبراز تقاريركم فى وسائل الاعلام؟
- عرض التقارير السنوية يتم فى وجود البرلمان، ومع غيابه قمنا بعقد مؤتمر السنة الماضية وعرضنا فيه أهم التقارير، لأنه أصبح لزاما على الجهاز بمقتضى نصوص الدستور الجديد نشر تقارير الأجهزة الرقابية على الرأى العام وهو ما يطابق معايير الشفافية التى ننادى بها، لكننا وجدنا أنه حتى هذه اللحظة لم يصدر التشريع المنظم لنشر تقارير الأجهزة الرقابية.
■ هل ترى أن التشريعات الموجودة حاليا تكفى لاسترداد الأموال المنهوبة ولا تتطلب تشريعات جديدة؟
- نحن نحتاج إلى تطبيق للقوانين والدستور قبل إنشاء قوانين جديدة، فهناك قوانين كثيرة لم يتم تفعيلها حتى الآن، فنحن نحتاج ثورة تشريعية تضع فى اعتبارها تفعيل دور الأجهزة الرقابية، وليس بالنصوص وحدها سيتم تفعيل هذا الدور، فالعبرة ليست فى صياغة قوانين أو وضع مواد عقابية دون إرادة حقيقية أو رغبة مجتمعية فى إنفاذ حكم القانون، وأعتقد أن الأقاويل بتغليظ العقوبات هو نوع من امتصاص الغضب، ولو تم منذ البداية تطبيق القوانين تطبيقا أمينا لا يستثنى فيه أحد لما احتجنا لقوانين إضافية.
■ ما دوركم فى العملية الانتخابية؟
-دور الجهاز فى العملية الانتخابية كان الرقابة اللاحقة فيما يتعلق بمراقبة الإنفاق على الدعاية الانتخابية بعد انتهاء الانتخابات، ومراجعة ميزانية اللجنة العامة للانتخابات، لأنه يتم تخصيص مبالغ مالية لها من موازنة الدولة، وبالتالى فلم ترسل لنا اللجنة العليا للانتخابات أى كشوف مالية لها نظرا لأن كانت هناك دوائر مازالت تجرى بها الانتخابات حتى فترة ليست بالبعيدة، ومازالت العليا للانتخابات تجمع أوراقها وإجمالى المبالغ المالية التى تم إنفاقها على العملية الانتخابية، ناهيك أنه فى حالة ثبوت مخالفة مالية على أحد المرشحين سنخطر اللجنة العليا بهذا التجاوز لكن لا شأن لنا بما يحدث بعد ذلك.
■ ما التشريعات التى تأمل أن يقرها برلمان 2015؟
- وفقًا لقانون الجهاز، يتم رفع التقارير سنويا إلى 3 جهات وهى: «رئاسة الجمهورية ـ مجلس الوزراء ـ مجلس النواب»، وسيتم إرسال جميع النسخ إليه فور انعقاده، فالبرلمان المقبل أمامه الكثير من التحديات وأنا استبشر خيرا بالبرلمان الحالى وأتمنى أن يتم إقرار التشريعات المكملة للدستور، بالإضافة إلى التشريعات التى تنظم عمل الأجهزة الرقابية، وأيضا أتمنى أن يكون هناك تشريع خاص بالسلطة القضائية، ولا زلت أعتبر نفسى ابنا للقضاء ولم أنفصل عنه بتولى منصب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات.
■ مؤخرا ترددت أنباء داخل وزارة الداخلية حول عدم أحقية الجهاز فى الإشراف على صناديقهم الخاصة لكونها من الأموال الشخصية للضباط.. ما تعليقك؟
 - أزمة الصناديق مازالت معلقة ولم نقترب من ذلك الملف الشائك، لكن ردا على أحقية الجهاز فى متابعة الصناديق الخاصة بوزارة الداخلية فهذا حديث غير صحيح، لأن هناك صناديق تمول من الدولة، وهناك تغير فى نهج وزارة الداخلية فأصبحوا يوافونا بتقاريرهم وهناك تفهم من اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، لدور الجهاز، فنحن نتعامل كمؤسسات وليس كأشخاص ولابد من التعاون بين جميع المؤسسات للصالح العام، فالجهة التى تجد غضاضة من ممارسة الجهاز لدوره فى الرقابة طبقاً للقانون تسعى لتعديل القانون الذى ينص على رقابة الجهاز لها، وحينها سأحترم القانون، وعندما ينص القانون على أن وزارة الداخلية تخضع لمراقبة الجهاز فلابد من تمكين أعضاء الجهاز من الاطلاع على جميع الشئون المالية للوزارة إلا فيما يدخل فى نطاق سرية المعلومات والأمن القومى مثل صفقات التسليح والسياسة الاقتصادية والبنكية.
■ حدثنى عن علاقتك بمؤسسة الرئاسة بعد قرار خضوع رؤساء الأجهزة المستقلة لـ»لعزل»؟ وهل هناك غضاضة بينكم؟
 - كل التقدير والاحترام لشخص الرئيس وهو يمارس عمله وفقاً للقانون، فالجهاز بأعضائه كان لهم تحفظ على هذا القانون أبدوه فى غاية من الاحترام والتقدير، ورفعوا توصياتهم للرئيس معلنين تحفظهم عليه، ويجب أن تكون محل اعتبار لدى المسئولين فى الدولة، لأن تلك التحفظات الهدف منها الحفاظ على دور الجهاز فى ممارسة صلاحياته بحرية بهدف حماية المال العام، لكن فكرة تقليص أو ترهيب القائمين على كشف الفساد أو ملاحقتهم واستهدافهم بأى آلية تقلص من كفاءتهم وقدرتهم على العمل فى كشف الفساد، خاصة أن الفساد الأكبر لا يأتى من صغار موظفى الدولة بل من الكبار ولابد أن تكون هناك حماية لأعضاء الجهاز الذين يكشفون الفساد.
■ ماذا عن أفرع الجهاز الجديدة فى المحافظات؟
افتتحنا فرعًا بطنطا وفرعًا بالمنصورة، ومقرر إنشاء فرع بسوهاج، وهناك خطة توسعية بما يتلاءم مع الموظفيين الموجودين.
■ أنتم تراقبون جميع جهات الدولة.. من الرقيب عليكم؟
 - لا يوجد على الجهاز أية رقابة، سوى معايير «الانتوساى» الدولية التى تحكم الأجهزة الرقابية حول العالم، حيث إن تلك المعايير قضت بأنه لا يجوز لأى جهاز رقابى أن يخضع للرقابة من جهة يقوم هو بالإشراف عليها أو مراقبتها، علاوة على وجود جهاز تفتيش داخلى يراقب أعضاء المركزى للمحاسبات فى ممارستهم لعملهم وصلاحيتهم، وفى حال وجود أى شكوى أو خلل من قبل أى عضو يتم تحويله للتحقيق ومحاسبته.