الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

2015 أفضل عام مسرحى على الإطلاق

2015 أفضل عام مسرحى على الإطلاق
2015 أفضل عام مسرحى على الإطلاق




اعتدنا مع نهاية كل عام، التناول بالرصد والتحليل الحصاد الفنى له، وفيما يتعلق بالمسرح، كنا غالبا ما نتوجه بالنقد، اللاذع بسبب سوء الأعمال المقدمة، وعدم الاهتمام بالمحتوى الفنى لها، لكن بالطبع كانت لا تخلو الأعوام السابقة، من بعض العروض الجيدة، لكنها كانت حالات استثنائية، بينما هذا العام، كسر المسرح كل المقاييس، وخرق كل ما هو معتاد، سواء فيما يتعلق بالإقبال الجماهيرى على العروض، أو فى المستوى الفنى لها، فيعتبر عام 2015 من أفضل أعوام المسرح على الإطلاق، حيث شهد حالة من الزخم والتنوع، فى الأعمال المنتجة، لم يشهدها المسرح المصرى، منذ سنوات طويلة، مما وضع أصحاب هذه الأعمال فى حالة، من التنافس الشديد، خاصة أيام المهرجان القومى للمسرح، الذى انعقدت دورته خلال شهر سبتمبر الماضى، وحصد فيه شباب المسرحيون جوائزه بالكامل

 لم تكن بداية الموسم المسرحى لعام 2015 تبشر بعاما مسرحيا كبيرا، فبدأت عروض الموسم، بأعمال ضعيفة نسبيا، كان منها عروض «أكشن» للمسرح القومى للطفل إخراج عادل الكومى، «رجل بلا أجندة» على مسرح الطليعة إخراج أيمن عبد الرحمن، «بحيرة البجعة» القاهرة للعرائس إخراج شكرى عبد الله، «فتفوتة» المسرح القومى للطفل، «وداد» مسرح الشباب إخراج أسامة مجدى، أما مع بدء شهر مارس، وأواخر فبراير بدأت العروض المهمة، فى الانطلاق تدريجيا، وكانت البداية مع عرض «أنا الرئيس» على المسرح الكوميدى العائم بالمنيل إخراج محسن رزق وبطولة حنان مطاوع وسامح حسين، و»باب الفتوح» بالإسكندرية على مسرح بيرم التونسى إخراج فهمى الخولى وبطولة محمد رياض ويوسف شعبان، و«لو عرف الشباب» على مسرح ميامى إخراج روان الغابة، وبطولة شباب المعهد العالى للفنون المسرحية، وكان هذا العمل بداية تجارب انتاج عروض للشباب بالبيت الفنى، الذى شهد طفرة غير مسبوقة فى عروض الشباب هذا العام، وسواء اختلفنا أو اتفقنا مع مستوى اكتمال الجودة الفنية، لهذه العروض، إلا انها شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا، وحققت نجاحا طوال أيام عرضها، والتى بدأت بعرض «3.D» إخراج محمد علام وتأليف صفاء البيلى، وبطولة عدد كبير من الشباب منهم، ميدو عبد القادر، وإبراهيم سعيد، وهاجر عفيفى، وياسر فرج، وريهام أحمد، وبسمة شوقى، وكان هذا العمل بداية الإقبال على عروض الشباب بمسرح الطليعة، ثم تبعه عرض «شى كايرو» بمسرح الشباب إخراج مروة رضوان، وبطولة شريف نبيل، وألحان المهدى، وسارة سلام، وعرضى «سهرة ملوكي» إخراج خالد حسونة، و«قهوة بلدي» إخراج محمد عادل، و«حلم ليلة صيف» إخراج مازن الغرباوى، ثم بدأت العروض الأقوى بالموسم، وكان على رأسها عرض «روح» للمخرج باسم قناوى المأخوذ عن نص «الوردة والتاج»، ويعتبر من أهم وأفضل عروض هذا العام، وحصد العرض جوائز المهرجان القومى للمسرح، فحصل على جائزة أفضل ممثلة أولى، للفنانة فاطمة محمد على، وأفضل ممثلة ثانية لبنى ونس، وأفضل مخرج صاعد باسم قناوى، وأفضل ممثل أول ياسر عزت، وأفضل ممثل ثان أحمد الرافعي، وأفضل دراما تورج ياسر أبو العنين، وأفضل موسيقى حاتم عزت، وشهد هذا العمل اقبالا جماهيريا كبيرا وغير متوقع، بهذه القاعة الصغيرة «صلاح عبد الصبور»، فكان من أكثر الأعمال التى اجمع عليها، النقاد بإكتمال عناصره الفنية، من تمثيل وإخراج وإضاءة لأبوبكر الشريف، وديكور محمد جابر، كما حقق نفس النجاح عرض «سيد الوقت» بمسرح الغد للمخرج ناصر عبد المنعم، لكنه لم يأخذ حظه فى العرض، على المسرح لوقتا كاف، ولعب بطولته تامر نبيل، ووائل إبراهيم، وسامية عاطف، وحسن عبد الله، ومعتز السويفى، ومحمود الزيات وديكور وأزياء نادية المليجى، والعرض مأخوذ عن كتاب ليلة السهروردى الأخيرة، تأليف فريد أبو سعدة، وشهد هذا العمل نجاح جماهيرى، ونقدى كبير، لكنه حرم من المشاركة ضمن فعاليات المسابقة الرسمية للمهرجان القومى للمسرح، بسبب تولى ناصر عبد المنعم رئاسة المهرجان، وكذلك كان عرض «رجالة وستات» على مسرح أوبرا ملك وإخراج إسلام إمام، وبالتالى نافست هذه العروض الشبابية الصغيرة، ذات الجودة الفنية والفكرية العالية، عروض النجوم فى حجم الإقبال الجماهيرى، مثل عرض «أنا الرئيس» إخراج محسن رزق وبطولة سامح حسين، و«غيبوبة» إخراج شادى سرور وبطولة أحمد بدير، و«رئيس جمهورية نفسه» بطولة محمد رمضان، وإخراج سامح بسيونى، وبالطبع عرض النجم يحيى الفخرانى «ليلة من ألف ليلة» إخراج محسن حلمى، وكان من أكثر العروض التى حققت إيرادات، لهذا الموسم حيث وصلت إيراداته إلى 2 مليون جنيه، خلال شهرين، وهو رقم قياسى لم يتحقق بمسرح الدولة من قبل .
لم تقتصر المفاجأة هذا العام، على هذه العروض التى نجحت جماهيريا فقط، ولكن كانت هناك أعمال مسرحية تمتعت أيضا، بجودة فنية عالية، لكنها حرمت من الإقبال الجماهيرى، بسبب سوء الدعاية والتسويق لها، من هذه العروض «روميو وجوليت» إخراج محمد الصغير، وإنتاج مسرح الشباب، «الخادم الأخرس» إخراج أشرف سند، «شغل عيال» إخراج محمد مرسى وإنتاج مسرح الشباب، «وحيدا» إخراج رضا حسنين وإنتاج مسرح الشباب، «ظل الحمار» إخراج محمد جبر وإنتاج مسرح الشباب، «عشق» إخراج محمد متولى وإنتاج مسرح الغد، «هنا انتيجون» إخراج تامر كرم وإنتاج مسرح الطليعة، «الفنار» إخراج ماهر محمود وإنتاج مسرح الشباب، فللأسف بجانب العروض التى نجحت جماهيريا، بجهود صناعها الذاتية، امتلك البيت الفنى، ثروة مسرحية كبيرة هذا العام، لكنه لم يحسن استغلالها، لعدم وجود استراتيجية واضحة للدعاية، لهذه الأعمال المتميزة .
أما من عروض الشباب الهامة والقوية، والتى نافست وبقوة عروض البيت الفنى، فى حجم الإقبال الجماهيرى والمستوى الفنى، كان عرض «بعد الليل» للمخرج خالد جلال وبطولة الدفعة الأولى، من استوديو المواهب بمركز الإبداع، والذى احتفل جلال بتخرجهم هذا العام، وكذلك عرض «ماك ولي» الذى تمت إعادته بمسرح المركز إخراج مروة رضوان، وبطولة عدد من طلبة الدفعة الثالثة، بالاستوديو، وبالطبع لم يكتف جلال بنجاح «بعد الليل»، لكنه قدم عرض مسرحياً كبيراً، لطلبة جامعة المستقبل يرتقى لمنافسة أضخم عروض، البيت الفنى للمسرح، وهو عرض «هاملت المليون»، لكن للأسف برغم التفوق الفنى الذى خرج عليه هذا العمل، إلا أنه لم يعرض سوى ليلة واحدة، فى حفل نهاية العام لجامعة المستقبل، فلم يحالفه الحظ بالعرض موسما كاملا، حتى يأخذ حقه فى الإقبال الجماهيرى والعرض الفني، ولم نشاهده مرة ثانية سوى ضمن فعاليات المهرجان القومى للمسرح!!
أما فيما يتعلق بمسرح مركز الهناجر للفنون، ففى بداية العام، كان الهناجر ما زال مستسلما، لحالة الركود والتراجع الشديد، فى الإنتاج المسرحى، لكن فى أواخر العام وقبل أن تترك مديرته السابقة أمانى يوسف منصبها، أنتج الهناجر أولى عروضه المهمة، بعد فترة احتضار طويلة، وكان عرض المونودراما  «بارانويا»، بطولة  ريم حجاب وإخراج محسن حلمى، ثم تولى خالد جلال رئاسة قطاع الإنتاج الثقافى، ومنذ هذه الفترة، بدأت تدب الحياة فى بعض القطاعات الراكدة، كان من ضمنها الهناجر، بعد تولى مديره الحالى محمد دسوقى، وأنتج عرض «الشمال إجباري» إخراج محمد حبيب، ويستعد حاليا المسرح، لإستقبال خطة مسرحية دسمة، منها عرض «الزومبى والخطايا العشر» إخراج طارق الدويرى، «الخلطة السحرية للسعادة» إخراج شادى الدالى، «الجلسة» إخراج مناضل عنتر وعمر المعتز بالله، «صنع فى مصر» إخراج هانى عفيفى، كما بدأت القطاعات التابعة لقطاع الإنتاج الثقافى، فى انعاش أنشطتها الفنية، مثل المركز القومى للمسرح، بقيادة الشاعر مصطفى سليم،  والمركز القومى للسينما، برئاسة أحمد عواض، وكذلك مكتبة القاهرة برئاسة ياسر عثمان، والبيت الفنى للمسرح برئاسة فتوح أحمد، وقطاع الفنون الشعبية برئاسة هشام عطوة، ويستعد حاليا مسرح البالون للافتتاح، من جديد بعد انهاء أعمال التطوير به، وتوصل رؤساء هذه القطاعات فى اجتماعهم الأخير، بقطاع الإنتاج الثقافى برئاسة المخرج خالد جلال، إلى عمل صيغة تعاون تجمعهم الفترة المقبلة، وهى خطوة جديدة، لم ينتهجها قطاع الإنتاج بقطاعاته من قبل.
كانت أيضا من أبرز الأحداث المسرحية، هذا العام افتتاح المسرح القومى مرتين!!، الأولى بعرض «وبحلم يا مصر»، للمخرج عصام السيد وبطولة مروة ناجى وعلى الحجار، ولم يستمر العرض سوى شهر واحد، ثم أغلق المسرح للمرة الثانية، لاستكمال اجراءات الدفاع المدنى، وأعيد افتتاحه خلال شهر أغسطس الماضى، بعرض «ليلة من ألف ليلة» للمخرج محسن حلمى، وبطولة الفنان يحيى الفخرانى ولطفى لبيب وهبة مجدى ومحمد محسن وديكور محمد الغرباوى وأزياء نعيمة عجمى، كما افتتح أيضا مؤخرا مسرح السلام بعد إغلاقه عامين كاملين، بعرض «باب الفتوح « للمخرج فهمى لخولى، ثم تلاه عرض «غيبوية» إخراج شادى سرور على نفس المسرح ، وكذلك أعيد افتتاح مسرح أوبرا ملك بعد إغلاقه، لاستكمال اجراءات الصرف الصحى والدفاع المدنى، وواصل المسرح مشروعه فى رعاية تجارب الهواة، وشباب المسرحيين بقيادة مديره أحمد السيد.
لم تتوقف حالة الإنتعاش المسرحى، عند مسارح الدولة أو قطاعات وزارة الثقافة وحدها، بل شهد أيضا المسرح المستقل حالة انتعاش كبيرة، سواء من خلال المهرجانات التى ينظمها أحمد العطار التابعة لاستوديو، عماد الدين وكان منها مهرجانا «D-CAF» و«البقية تأتي»، أو مهرجان «الشوارع الخلفية»، الذى نظمه المخرج المسرحى محمود أبو دومة، تحت عنوان «مشروع البهجة» بمدينة الإسكندرية التابع لمؤسسة «I-act»، وتقدم هذه المهرجانات المستقلة نوع مختلف وغير تقليدى من العروض المسرحية، وبالتالى تجذب إليها أيضا نوعاً مختلفاً من الجمهور، والذى أقبل عليها بكثافة، كما قام أبو دومة هذا العام بإفتتاح «تياترو المعادى» بالقاهرة، والذى يحاكى تياترو الإسكندرية، وأصبح هذا المكان معنيا باحتضان التجارب المستقلة المختلفة، إلى جانب إقامة ندوات وحفلات فنية، وكان أيضا مركز «أزوريس» من الكيانات المستقلة الجديدة، الحاضنة لتجارب الفرق المستقلة، والذى أسسته فرقة تياترو للمسرح المستقل، بقيادة مديرها المخرج عمر المعتز بالله، ليس هذا فحسب بل توصل المستقلون أخيرا، هذا العام إلى صيغة اتفاق رسمية مع وزارة الثقافة، لإنشاء صندوق دعم المسرح المستقل، وخلال أيام سيتم وضع البنود الرئيسية لهذا الاتفاق، شهد أيضا مسرح القطاع الخاص تجربة متفردة وجديدة هذا العام تبشر بإحياء تجارب الفنان محمد صبحى، وهو تقديم مسرح فقير بأسعار رمزية، لكنه يحمل قيمة فنية وفكرية عالية، حقق هذه المعادلة الصعبة، عرض «1980 وانت طالع» للمخرج محمد جبر، وبطولة عدد من شباب جامعة عين شمس، ونظرا للنجاح الجماهيرى الكبير للعرض، تم تقديمه فى أكثر من نسخة مسرحية، مواكبة للأحداث الحالية، كما قدم الإبيارى تجربة مسرحية مع المخرج أشرف زكى، من خلال عرض «بابا جاب موز» بطولة إدوراد وطلعت زكريا ورانيا فريد شوقى، ثم نظم ما يسمى بمهرجان الضحك، وهو عبارة عن تصوير بعض مسرحيات والده القديمة أبوالسعود الإبيارى تليفزيونيا، بإعادة إخراجها، وقدم أكثر من مسرحية، كل من المخرج خالد جلال وأشرف زكى وهشام عطوة وإسلام إمام .
بجانب كل هذا الزخم المسرحى، كان لمكتبة الإسكندرية نشاطا ملحوظا، بالمسرح فى 2015، وذلك بعد تولى المايسترو هشام جبر مسئولية النشاط الفنى بها، فمع بداية العام بدأت المكتبة نشاطها، باستضافة عرض «هاملت» من مسرح الجلوب بإنجلترا، ولقى هذا العرض إقبالا كبيرا على مشاهدته، فبرغم سوء الأحوال الجوية وقتها، إلا أنه حرص الكثيرون على حجز تذاكر للعرض، والسفر إلى مدينة الإسكندرية، لمدة يوما واحدا لحضوره، كما نظمت المكتبة، خلال شهر إبريل الدورة الأولى من مهرجان الإسكندرية الدولى للمسرح المعاصر، وشارك ضمن فعالياته عدد لا بأس به من العروض العربية والأوربية، وبدأت المكتبة فى تنفيذ مشروع جديد، لإنتاج مشاريع مسرحية لشكسبير لشباب المسرحيين، عن طريق عمل مسابقة تم اختيار ثلاثة عروض من خلالها، منها «نساء شكسبير» إخراج محمد الطايع، «هاملت» إخراج مناضل عنتر، «حلم ليلة صيف» إخراج محمد مكى.