الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أهالى «تل العقارب» و«جبل عز» للحكومة: «إنقذونا»

أهالى «تل العقارب»  و«جبل عز» للحكومة: «إنقذونا»
أهالى «تل العقارب» و«جبل عز» للحكومة: «إنقذونا»




تحقيق وتصوير - دعاء محمد

«نخطركم بضرورة الإخلاء الفورى نظرا للخطورة الداهمة على حياتكم، مع التأكيد أن هذا الإجراء وقتيا للحفاظ على أرواحكم، لتطوير منطقتى «تل العقارب» و«جبل عز» حيث يتم نقل السكان مؤقتا لمدينتى بدر و6 أكتوبر أو الحصول على قيمة إيجار 500 جنيه لتوفير سكن بديل، جاء ذلك وفقا لنص إقرار الحصر الذى تم خلال الأيام الماضية والصادر من حى السيدة زينب بخصوص منطقتى تل العقارب وجبل عز التابعة لها.
ويأتى هذا الإقرار نتيجة سوء أحوال جيران مقام «السيدة زينب» أهل منطقتى تل العقارب وجبل عز، من حياة غير آدمية نشأوا وترعرعوا وتزوجوا وأنجبوا أطفالهم بها، وسط بيئة مغلقة، يعيش فيها العقارب ولا تعرف بالعز كما يطلق عليها.
فمعظم سكان هذه المناطق تعرضوا للدغات العقارب عدة مرات، وتعود تسمية جبل عز بهذا الاسم لسيدة تدعى «أم زينهم عز» وهى أول من سكنت هذه المنطقة، وأقيمت البيوت هناك بعدها، وأصبحت تحت يدها، تجمع الإيجار من سكان المنطقة قبل وفاتها، أما حاليا فيسيطر عليها أبناؤها.
فبيئتهم العشوائية التى يعيشون فيها انعكست على حياتهم، نظرا لتدهور أحوالهم المادية والاجتماعية التى لا تعرف الوعي، فالأطفال يفتحون أعينهم على مشقة العمل وقسوة المعيشة، وعلى أناس يتلفظون أسوأ الألفاظ دون علم بما سيمتص كل هذه السلوكيات فى النهاية.
فالغالبية العظمى تسربت من التعليم، وبينهم من لا يعرف للتعليم طريقا، من أجل العمل ومساعدة أهاليهم، نظرا لصعوبة ظروف معيشتهم المادية والحياتية التى لم تلفت أنظار المسئولين لسنوات طويلة.
تنحصر معاناة أهالى منطقتى تل العقارب وجبل عز فى أن أفراد كل أسرة نهارا ينتشرون صباح كل يوم باحثين عن لقمة العيش، ويتجمعون ليلاً فى غرفة لا تتعدى بضعة أمتار بأبنية لا تصل الطابقين، منها الآيل للسقوط ومنها المهدم بالفعل، يعيش بها أناس مغلوبون على أمرهم، ويستخدمون دورات مياه مشتركة لا تتعد مساحاتها «متر × متر» وتستتر بباب خشبى غير محكم للغلق، ويتم كسح الطرنشات التقليدية من حين لآخر لعدم وجود صرف صحى بالمنطقتين.
ولحصولهم على المياه لقضاء احتياجاتهم فإن الأهالى يحملون المياه على رءوسهم فى الأوانى من صنبور مياه وحيد بالمنطقة، يعيش منه جميع السكان منذ سنوات طويلة، ويعيشون على أرض منحدرة ترابية من أعلى لأسفل، فمع دخول الشتاء وسقوط الأمطار فإنها تتحول إلى وحش يفترس البيوت، وسكانها حيث يصعب السيطرة عليها لعدم وجود امكانيات.
كل هذا وأكثر يعانى منه أهالى «تل العقارب» و«جبل عز» منتظرين يد العون لإنقاذهم من الحياة التى ألقتهم الظروف بهم فيها، فعبرت ندا صابر ـ 14عاماً ـ عن أمنيتها فى أن يكون هذا الحصر «حيث أفهمها أهلها لمعناه» حقيقيا وليس لعباً بحياتهم لنقلهم من مساكن ملائمة للعيش بها، فالغرفة التى تسكن فيها مع إخواتها وأمها تعد مكان النوم ومطبخاً ومكاناً لباقى متعلقاتهم.
فهى ترغب فى ترك هذه المنطقة التى تسكن بها فى جبل عز، لصعوبة المعيشة بها لعدم وجود إمكانيات، فالشباب يتناولون المخدرات أمام الناس دون عمل حساب لأى شخص، وبالليل تتحول المنطقة إلى ظلام دامس لعدم وجود منافذ ضوء كافية، معبرة عن نفورها من نقل مياه الشرب على رءوسهم يوميا.
رأفت محمد ـ 45 عاماً من الأهالى  وصف أهل منطقته بالغلابة بمن فيهم البلطجية، فهم حسب وصفه ـ «بيطلعوا همومهم فى بعض» نظرا لصعوبة المعيشة، فجميع البيوت ليست بها إمكانيات، كما أن عدم وجود صرف صحى يحول حياتهم لجحيم، ويتم التخلص من المياه غير النظيفة لتنظيف الاوانى والملابس مثلا بعد تخزينها فى الأوانى وحملها على الرءوس، والتخلص منها فى  بلاعة الصرف الصحى التى تجاور صنبور المياه الذى نعيش منه، بالإضافة إلى دورات المياه المعتمدة على «الطرانشات» وكسحها من حين لآخر علما بمساعدة إحدى الجمعيات الخيرية لهم بترميم البيوت المتهالكة الآيلة للسقوط، وحاولوا إنشاء صنبور مياه فى أحد البيوت، لكنهم اكتشفوا أن المياه بها صرف صحى بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالمنطقة.
وقالت جيهان حمدى  25 عاماً ـ إنها على وشك الفصل من عملها لعدم الذهاب إليه عدة أيام منتظرة موظف الحى ليأخذ بياناتها ضمن عملية الحصر ولكنه لم يأت وأكملت: كل يوم يقول هاجى ومبيجيش، وفى حال ذهابه المنطقة فى عدم وجودى هيروح عليا تسجيل اسمى ضمن الساكنين فيها، وعند ذهابها للحى صباحا قبل مواعيد عملها يطلب منها الموظف الانتظار لحين نزوله للمنطقة، وأشارت إلى غير راغبة فى ترك منطقتها لبعد المساكن التى سينقلون إليها عن مقر عملها.
 وأضافت أم عبده ـ 40 عاماً ـ أنها تتمنى النقل للمساكن الجديدة قبل الدخول فى فترة الشتاء فوفقا لطبيعة الأرض الترابية وسقوط الأمطار تصبح الأرض طينية ويصعب عليهم التنقل أو توفير مياه الشرب للأهالى.
وأشارت إلى أن هناك أشخاصاً يدفعون مبالغ تتراوح بين 5 و10 آلاف جنية لملاك العقارات من أجل تأجير غرفة واحدة فقط والإقامة بها، كى يشملهم الحصر من أجل الحصول على شقة، وأن إيجار هذه الغرف فى الشهر يصل إلى 100 و150جنيهاً، وقد يتم تأجير الغرفة الواحدة لأكثر من شخص، وفى كل مرة يتم فيها الحصر يحضر غرباء عن المنطقة لبناء غرف لهم من الطوب أو الخشب على مساحات من الشوارع يضعون يدهم عليها من أجل الحصول على شقة، حتى امتلأت المنطقة بالعشش.
وأوضح خالد مصطفى ـ مدير العلاقات العامة بمحافظة القاهرة ـ  أنه تم الانتهاء من الحصر فى منطقتى تل العقارب وجبل عز، وأن مساحة المسكن الجديد الذى سينقلون إليه بمدينة بدر هى 65 مترا للوحدة السكنية وتتكون من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام ونصف تشطيب.
ومتوافر فى المنطقة الجديدة منافذ بيع للسلع الغذائية ومكتب صحة ومواصلات عامة ومدارس، وأشار إلى أنه سيتم نقل الأسر إلى المساكن لمدة عام لحين الانتهاء من التخطيط وتنفيذ خطة تطوير منطقتى تل العقارب وجبل عز وإعادتهم لمنطقتهم مرة أخرى.
وقال خليل شعث ـ مستشار محافظ القاهرة لتطوير العشوائيات ـ إن مخطط تطوير المنطقة سيكون كاملا قبل نهاية العام الجاري، وسيكون على طراز معمارى مختلف، وتتحمل وزارة الإسكان تكاليف هذا المشروع، ولكنه لا يعلم تكلفة هذا المشروع ولا عدد الأسر التى سيتم نقلها، علما بأن جميع إجراءات النقل لم تنته بعد حتى يتم التأكد من المواطنين المستحقين وغير المستحقين من خلال حى السيدة زينب.
وهو ما دعانا للجوء لـرئيس حى السيدة زينب حسام رأفت الذى أكد هو الآخر أنه لا يعلم شيئا عن المساكن الجديدة التى سينقل إليها الأهالى ولم يرها من قبل، مشيرا إلى أن أى مكان سيكون أفضل من العشش التى يسكنها الأهالى فى تل العقارب وجبل عز، وأن عملية النقل ستكون خلال شهر أو شهر ونصف الشهر لحين انتهاء الخطط فى وزارة الإسكان، ورفض الإفصاح عن أى تفاصيل أخرى تخص المشروع.