الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رسالة الرب

رسالة الرب
رسالة الرب




د. على الشامى  يكتب:

يقول السيد المسيح عليه السلام: «متى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. لكى تكون صدقتك فى الخفاء. فأبوك الذى يرى فى الخفاء هو يجازيك علانية». ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى حديثه عن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله: «رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما انفقت يمينه».
الكلمات تكاد تكون متطابقة لولا هنات الترجمة وليست الكلمات فقط وإنما الروح أيضًا، وهذه الكلمات هى التى تستطيع أن تبقى المصريين وغيرهم من شعوب الأرض على فضيلة السلام والمحبة والتسامح، وأن تبعدهم عن الغلو والتطرف وتجعلهم يفرون منه فرارهم من المجذوم وليس مجرد تبويس اللحى وعناقات فارغة المعنى وسقيمة الروح، الأمر ببساطة رغم الدلالات التى يحملها كون العيدين، مولد النبى وميلاد المسيح، قد أتيا فى يوم واحد هو أعمق من مجرد الصدفة، الأمر يكمن فى تعاليم تخرج من مشكاة واحدة لونتها الظروف والأزمان وطبائع البشر واختلاف تأويلاتهم إلا أن المعنى بقى تحت السطور ينتظر من يخرج به إلى هذا الواقع الذى نحياه.
السيدة عائشة (رضى الله عنها) كانت تصف الرسول بأنه قرآن يمشى على الأرض، وكان المسيح هو كلمة الله وروحه. ويقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): «إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق» ويقول المسيح عليه السلام: «اذا ضربك أحدهم على خدك الأيمن فادر له خدك الأيسر». لا معنى أبدا أن تلهج قلوب أصحاب الرسالات بالحب، ولا يتورع من يدعى الانتماء إلى أى دين أن يملأ قلبه بالكراهية باسم ذلك الدين لا معنى لذلك أبدا فهذا محض عبث سخيف بلا شك.
ميلاد المسيح ومولد الرسول جاءا هذا العام كرسالة محبة مشتركة والعالم يشتعل بالبغضاء والكراهية لعل العالم هذا يعى الدرس أن الجيوش المتحاربة والصواريخ والرصاص والقتل والدماء تتنافى مع هذا المعنى الواحد المبعوث من قبل السماء إلى الأرض وكأن السماء تصرخ صرخة واحدة بكل اللغات وعبر كل الرسالات وكأنها موجات راديو موحدة تبث كلمة واحدة ولكن ترى هل يستقبل المهووسون بالدماء هذا البث المقدس؟ هل يفهم محترفو القتل هذه اللغة السماوية؟ هل يعى شياطين الإنس، المدعون على الله كذبا على طرفى المعركة، أن الله عز وجل لم يرسل أبدًا رسالاته من أجل القتل والتخريب والدمار وإنما على العكس تماما لعبادته وإعمار الكون؟ هل يفهم ذوو العقول المريضة والأفق الضيق أنه من المستحيل أن الله الذى وسعت رحمته كل شيء يكلف بشرا بقتل أو بسفك دم بشر آخرين؟ يقول تعالى: «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» صدق الله العظيم.
لا نملك فى هذه الأيام المباركة إلا أن نصلى جميعا من أجل مستقبل أقل هوسا، أكثر استقرارًا، وأكثر فهمًا لرسائل الرب الموحدة عبر أثير السلام.
كل عام وأنتم جميعا بخير، وبلدنا فى أمان وفى رباط إلى يوم القيامة، تحيا مصر.